الدليل الثالث: أن الاستحسان بالتعريف الثاني - وهو: ما
يستحسنه المجتهد بعقله - لو كان يصلح طريقا لإثبات الأحكام
الشرعية لما احتيج إلى الأدلة الشرعية، وحفظها، والاهتمام بها،
والحرص عنى دراستها دراسة دقيقة متانية من الكتاب والسُّنَّة، ولما
كان هناك فرق بين المجتهد العارف بتلك الأدلة، والعامي العاقل
الذي لا يعرف شيئاً عن تلك الأدلة، ويلزم منه أيضا: عدم اشتراط
أهلية النظر.
المذهب الثاني: أن الاستحسان بالتعريف الثاني حُجَّة.
وهو مذهب أبي حنيفة، وتبعه أكثر الحنفية.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: قوله تعالى: (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) .
وجه الدلالة: أن الآية وردت في معرض الثناء والمدح لمتبع أحسن
القول، والقرآن كله حسن، ثم أمر باتباع الأحسن، ولولا أن
الاستحسان حُجَّة لما أورد ذلك.
وكذلك قوله تعالى: (واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم) .
وجه الدلالة: أن اللَّه أمر باتباع أحسن مأ أنزل، فدل على ترك
بعض، واتباع بعض بمجرد كونه أحسن، وهو: معنى الاستحسان،
فدل على أن الاستحسان حُجَّة.
جوابه:
يجاب عنه باجوبة:
الجواب الأول: أن اللفظ عام فيدخل "فيه استحسان - العوام