والصبيان، فيلزم من ذلك اتباع استحسانهم، وهذا باطل، ولا
يقوله أحد، إذن الآيتان لا تصلحان للاستدلال بهما على حجية
الاستحسان.
الجواب الثاني: أن اتباع أحسن ما أنزل إلينا هو اتباع الأدلة،
وهذا واجب، فبينوا أولاً أن هذا مما أنزل إلينا فضلاً عن أن يكون من
أحسنه.
الجواب الثالث: أنا نستحسن إبطال الاستحسان، وأن لا يكون
لنا شرع سوى المصدق بالمعجزة، فليكن هذا حُجَّة عليهم.
الدليل الثاني: أنه روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
" ما رآه المسلمون حسنا فهو عند اللَّه حسن ".
وجه الدلالة: أن هذا يدل على أن ما رآه الناس في عاداتهم ونظر
عقولهم مستحسنا فهو حق؛ لأن الذي ليس بحق فليس بحسن عند
الله تعالى، وما هو حق وحسن عند اللَّه فهو حُجَّة، ولولا أنه حُجَّة
لما كان عند اللَّه حسنا.
جوابه:
يجاب عنه بأجوبة:
الجواب الأول: أنا لا نُسَلِّمُ أن هذا الخبر مرفوع، بل هو موقوف
على ابن مسعود كما قال الزيلعي في " نصب الراية "، والسخاوي
في " المقاصد الحسنة "، وغيرهما.
الجواب الثاني: على فرض أن الحديث مرفوع، فإنه خبر واحد،
وخبر الواحد لا تثبت به قاعدة أصولية مثل " حجية الاستحسان ".
الجواب الثالث: أن المراد به ما رآه جميع المسلمين؛ لأنه لا
يخلو: إما أن يريد به جميع المسلمين، أو يريد به آحادهم.