فإن كان الأول - وهو: أن المراد به جميع المسلمين - فهو
صحيح؛ لأن الأُمَّة لا تجتمع على حسن شيء إلا عن دليل،
والإجماع حُجَّة، وهذا لا يخالف فيه أحد.
وإن أراد به الآحاد من المسلمين لزم منه استحسان العوام والصبيان،
وهذا لا يمكن.
فإن قال قائل - معترضا -: إنا نقصد استحسان من هو أهل
للنظر في الأدلة الشرعية، أما من ليس أهلاً للنظر كالصبيان والعوام
فلا يقبل استحسانهم.
فإنا نقول - في الجواب عنه -: إن المجتهد إذا استحسن الشيء
وحكم به بعقله دون النظر إلى الأدلة الشرعية، فلا فائدة في اشتراط
أهلية النظر في الأدلة؛ لأن الذي عنده الأهلية للنظر في الأدلة،
ولكنه لا ينظر هو مثل العامي والصبي الذي لا أهلية له أصلا في
النظر فيها سواء بسواء، فلا فرق بينهما، والجامع: الاستحسان
بالعقل المجرد دون النظر في الأدلة الشرعية.
الدليل الثالث: أن الأُمَّة قد استحسنت دخول الحمام من غير
تقدير أجرة، ولا تقدير للماء المصبوب، ولا تقدير لمدة اللبث في
الحمام، واستحسنت - أيضا - شرب الماء من أيدي السقائين من غير
تقدير العوض، ولا سبب لعدم تقدير ذلك إلا أن التقدير في مثل
هذه الأمور قبيح في العادة، فاستحسن الناس تركه، ووقع هذا
دليل على جوازه.
جوابه:
يجاب عنه: بأن عدم تقدير أجرة دخول الحمام، وعدم تقدير