الماء واللبث، وعدم تقدير العوض لمن شرب من أيدي السقائين
يحتمل احتمالين:
الاحتمال الأول: أنه يحتمل أن يكون سند ذلك السنة التقريرية؛
حيث إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرى الصحابة يفعلون ذلك ولا ينكر عليهم، وهذا من رخص الإسلام، وسبب هذه الرخصة هو: المشقة في تقدير الماء، والعوض؛ حيث إن الناس يختلفون في كمية الماء
المستعمل، وفي الوقت الذي يمكثون فيه بالحمام، ويختلفون في
كمية الماء المشروب.
الاحتمال الثاني: أنه يحتمل أن يكون سند ذلك: القياس؛ حيث
إن داخل الحمام مستبيح، فإذا أتلف ماء حمامي فعليه ثمن المثل،
وذلك لأن قرينة حاله تدل على طلب العوض فيما يبذله في الغالب،
وما يبذله يكون ثمن المثل فيقبله الحمامي إن رضي به، وإن لم يرض
به: طالبه بالمزيد إن شاء، فليس هذا أمرا جديدا، ولكنه مقاس،
والقياس حُجَّة.
وكذلك يقال في شارب الماء من السقاء، فإن عليه ثمن المثل،
فإن رضي السقاء، وإلا طالبه بالمزيد إن شاء.
فثبت إن عدم تقدير الماء والأجرة يثبت عن طريق السنة، أو
القياس، فقولكم: إنه ثبت عن طريق الاستحسان تحكم لا دليل
عليه.
التعريف الثالث للاستحسان: أنه دليل ينقدح في نفس المجتهد