لكن هذه المصلحة ملغاة؛ لأنها معارضة للنص الشرعي، وهو
حديث الأعرابي؛ حيث إن الكفارة مرتبة على حسب الاستطاعة:
فيجب عليه أولاً العتق، فإن لم يستطع فعليه صيام ستين يوماً، فإن
لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكينا.
القسم الثالث: المصالح المرسلة، وهي المطلقة التي لم يقيدها
الشارع باعتبار، ولا بإلغاء، وهذا القسم هو المراد بالمصلحة المرسلة
اصطلاحا، وقد عرفنا ذلك.
حجية المصلحة المرسلة:
لقد بيَّنا أن المصلحة التي شهد لها الشرع بالاعتبار حُجَّة بالاتفاق؛
وأن المصلحة التي شهد لها الشرع بالإلغاء ليست بحُجَّة بالاتفاق،
وأن المصلحة الحاجية والتحسينية لا يمكن أن يتمسك بها في إثبات
حكم إلا إذا كانت مستندة إلى دليل وأصل شرعي من الأصول المعتبرة
وهذا بالإجماع أيضا.
أما ما عدا ذلك وهي: المصلحة التي يراها المجتهد، ولم يرد
دليل من أدلة الشرع يشهد لها، ولا دليل منه يلغيها، فهذه التي
اختلف العلماء هل هي حُجَّة أو لا: على مذاهب:
المذهب الأول: أن المصلحة المرسلة حُجَّة بشروط هي كما يلي:
الشرط الأول: أن تكون المصلحة المرسلة ضرورية، وهو: ما
يكون من الضروريات الخمس التي يجزم بحصول المنفعة منها.
الشرط الثاني: أن تكون المصلحة كلية عامة حتى تعم الفائدة
جميع المسلمين.
الشرط الثالث: أن تلاءم تلك المصلحة مقاصد الشرع في الجملة،
فلا تكون غريبة.