وهو مذهب بعض الشافعية، وبعض الحنابلة، وبعض المتكلمين.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: أن المصالح إما أن تكون معتبرة، وإما أن تكون
ملغاة، والمصلحة المرسلة مترددة بينهما، وليس جعلها مع المعتبر
بأوْلى من جعلها مع الملغى، فيمتنع الاحتجاج بها حتى يشهد لها
شاهد يدل على أنها من قبيل المعتبر.
جوابه:
أنا لم نجعل المصلحة المرسلة مع المصالح المعتبرة مطلقا، وبدون
أدلة، بل جعلناها مع المصالح المعتبرة وأنه يحتج بها بأدلة وبشروط
قد رجحت اعتبارها على إلغائها، فيكون الاعتبار مظنونا، والعمل
بالظن واجب.
الدليل الثاني: أنا لم نعلم أن الشارع قد حافظ على تحصيل
المصلحة بأبلغ الطرق، فلم تشرع المثلة في القاتل عمداً وعدوانا مع
أن المصلحة تقتضيها؛ لأنها أبلغ في الزجر عن القتل ولم يشرع القتل
في السرقة، وشرب الخمر والقذف مع أن المصلحة تقتضيه؛ لأنه
أبلغ في الزجر عن العود لمثله.
فلو كانت المصلحة حجَّة لحافظ الشرع على تحصيلها بأبلغ الطرق،
ولكن لم يفعل شيئاً من ذلك، فلا تكون حجَّة.
جوابه:
إن المصلحة حُجَّة بالشروط والقيود السابقة الذكر في مذهبنا
الأول، وما ذكرتم من الأمثلة وما بينتم فيها أن الشارع لم يحافظ
عليها مع أنها أبلغ هذا لا يدخل في المصلحة المرسلة، بل إن كل ما