غَيْرِ مُنْحَصِرَةٍ نَحْوُ لَمْ يُطَلِّقْ زَيْدٌ امْرَأَتَهُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ فَهَذَا هُوَ الْمَرْدُودُ، وَكَلَامُ ابْنِ جِنِّي مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ شَدِيدُ الِاطِّلَاعِ عَلَى لِسَانِ الْعَرَبِ وَسَيَحْكِي الْمُصَنِّفُ إنْكَارَهُ أَيْضًا عَنْ مُحَقِّقِي الْعَرَبِيَّةِ وَأَنَّ الْبَاءَ فِي هَذَا زَائِدَةٌ، وَأَنَّ زِيَادَتَهَا اسْتِعْمَالٌ كَثِيرُ مُتَحَقِّقٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ: وَالْأَجْوَدُ تَضْمِينُ شَرِبْنَ مَعْنَى رَوَيْنَ (وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ) أَيْ كَوْنَهَا لِلتَّبْعِيضِ (ضَعِيفٌ لِلْخِلَافِ الْقَوِيِّ) فِي كَوْنِهَا لَهُ (وَلِأَنَّ الْإِلْصَاقَ مَعْنَاهَا) وَالْأَحْسَنُ وَلِأَنَّ مَعْنَاهَا الْإِلْصَاقُ (الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ لَهَا مُمْكِنٌ) كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ الْمَعْنَى: أَلْصَقُوا الْمَسْحَ بِالرَّأْسِ (فَيَلْزَمُ) كَوْنُهُ الْمُرَادَ بِهَا هُنَا (وَيَثْبُتُ التَّبْعِيضُ اتِّفَاقِيًّا لِعَدَمِ اسْتِيعَابِ الْمُلْصَقِ) الَّذِي هُوَ آلَةُ الْمَسْحِ عَادَةً، وَهِيَ الْيَدُ الْمُلْصَقَ بِهِ وَهُوَ الرَّأْسُ كَمَا يَأْتِي مَزِيدُ إيضَاحِهِ (لَا) أَنَّ التَّبْعِيضَ يَثْبُتُ لَهَا (مَدْلُولًا وَجْهُ الْإِجْمَالِ أَنَّ الْبَاءَ إذَا دَخَلَتْ فِي الْآلَةِ تُعِدِّي الْفِعْلَ إلَى الْمَحَلِّ فَيَسْتَوْعِبُهُ) أَيْ الْفِعْلُ الْمَحَلَّ (كَمَسَحْت يَدِي بِالْمِنْدِيلِ) فَالْيَدُ كُلُّهَا مَمْسُوحَةٌ (وَفِي قَلْبِهِ) أَيْ إذَا دَخَلَتْ فِي الْمَحَلِّ (يَتَعَدَّى) الْفِعْلُ (إلَى الْآلَةِ فَيَسْتَوْعِبُهَا) أَيْ الْفِعْلُ الْآلَةَ (وَخُصُوصُ الْمَحَلِّ هُنَا) وَهُوَ الرَّأْسُ (لَا يُسَاوِيهَا) أَيْ الْآلَةَ الَّتِي هِيَ الْيَدُ (فَلَزِمَ تَبْعِيضُهُ) أَيْ الْمَحَلِّ ضَرُورَةَ نُقْصَانِهَا عَنْهُ فِي الْمِقْدَارِ (ثُمَّ مُطْلَقُهُ) أَيْ التَّبْعِيضِ (لَيْسَ بِمُرَادٍ وَإِلَّا اُجْتُزِئَ) أَيْ: اُكْتُفِيَ (بِالْحَاصِلِ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ عِنْدَ مَنْ لَا يَشْرُطُ التَّرْتِيبَ وَالْكُلُّ) يَعْنِي مَنْ شَرَطَ التَّرْتِيبَ وَمَنْ لَمْ يَشْرُطْهُ (عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ الِاجْتِزَاءِ بِذَلِكَ (فَلَزِمَ كَوْنُهُ) أَيْ الْبَعْضِ (مِقْدَارًا، وَلَا مُعَيَّنَ) لِكَمْيَّتِهِ.
(فَكَانَ) الْبَعْضُ (مُجْمَلًا فِي الْكَمْيَّةِ الْخَاصَّةِ، وَقَدْ يُقَالُ: عَدَمُ الِاجْتِزَاءِ لِحُصُولِهِ) أَيْ ذَلِكَ الْبَعْضِ (تَبَعًا لِتَحْقِيقِ غَسْلِ الْوَجْهِ لَا يُوجِبُ نَفْيَ الْإِطْلَاقِ اللَّازِمِ) لِلْإِلْصَاقِ فَلَا إجْمَالَ (وَالْحَقُّ أَنَّ التَّبْعِيضَ اللَّازِمَ) لِلْإِلْصَاقِ (مَا بِقَدْرِ الْآلَةِ) لِلْمَسْحِ الَّتِي هِيَ الْيَدُ (لِأَنَّهُ) أَيْ التَّبْعِيضَ (جَاءَ ضَرُورَةَ اسْتِيعَابِهَا) أَيْ الْآلَةِ (وَهِيَ) أَيْ الْآلَةُ (غَالِبًا كَالرُّبْعِ فَلَزِمَ) الرُّبْعُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا الْإِجْمَالُ، وَلَا الْإِطْلَاقُ مُطْلَقًا (وَكَوْنُهُ) أَيْ الرُّبْعِ (النَّاصِيَةَ) وَهِيَ الْمُقَدَّمُ مِنْ الرَّأْسِ (أَفْضَلُ لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَاءِ
(الثَّالِثَةُ لَا إجْمَالَ فِي نَحْوِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ» ) الْحَدِيثَ، وَتَقَدَّمَ تَخْرِيجُهُ بِمَعْنَاهُ خِلَافًا لَلْبَصْرِيِّينَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي الْحُسَيْنِ (لِأَنَّ الْعُرْفَ فِي مِثْلِهِ) أَيْ هَذَا التَّرْكِيبِ (قَبْلَ الشَّرْعِ رَفْعُ الْعُقُوبَةِ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى إرَادَتِهِ) أَيْ رَفْعَهَا (شَرْعًا) فَإِنْ قِيلَ فَيَجِبُ أَنْ يَسْقُطَ عَنْهُ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَ مِنْ مَالِ الْغَيْرِ لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ الْعِقَابِ وَقَدْ رُفِعَ قُلْنَا لَا (وَلَيْسَ الضَّمَانُ عُقُوبَةً) إذْ يُفْهَمُ مِنْ الْعِقَابِ مَا يُقْصَدُ بِهِ الْإِيذَاءُ وَالزَّجْرُ، وَالضَّمَانُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ (بَلْ) يَجِبُ (جَبْرُ الْحَالِ الْمَغْبُونِ) الْمُتْلَفِ عَلَيْهِ (قَالُوا) أَيْ الْمُجْمِلُونَ الْمَفْهُومُونَ مِمَّا تَقَدَّمَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَقَدْ كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُمْ فِي هَذِهِ أَوَّلًا وَلَوْ عَلَى سَبِيلِ الْإِبْهَامِ كَمَا فِي غَيْرِهَا (الْإِضْمَارُ) لِمُتَعَلِّقِ الرَّفْعِ (مُتَعَيِّنٌ) كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مُتَعَدِّدٌ وَلَا مُوجِبَ لِجَمِيعِهِ (وَلَا مُعَيَّنَ) لِبَعْضٍ بِخُصُوصِهِ فَلَزِمَ الْإِجْمَالُ (أُجِيبَ عَيَّنَهُ) أَيْ الْبَعْضَ بِخُصُوصِهِ وَهُوَ رَفْعُ الْعُقُوبَةِ (الْعُرْفُ الْمَذْكُورُ)
(الرَّابِعَةُ لَا إجْمَالَ فِيمَا يُنْفَى مِنْ الْأَفْعَالِ الشَّرْعِيَّةِ مَحْذُوفَةَ الْخَبَرِ كَ «لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» ) فَمَا زَادَ أَخْرَجَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْحَاكِمُ وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ (إلَّا بِطَهُورٍ) وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَاَلَّذِي فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ لِابْنِ السَّكَنِ «أَلَا لَا صَلَاةَ إلَّا بِوُضُوءٍ» (خِلَافًا لِلْقَاضِي) أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ (لَنَا أَنْ ثَبَتَ) أَنَّ الصِّحَّةَ جُزْءٌ مَفْهُومٌ (الِاسْمُ الشَّرْعِيُّ) وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (وَلَا عُرْفَ) لِلشَّارِعِ (يَصْرِفُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ كَوْنِ الْمُرَادِ الْمَفْهُومَ الشَّرْعِيَّ (لَزِمَ تَقْدِيرُ الْوُجُودِ) لِأَنَّ عَدَمَ الْوُجُودِ الشَّرْعِيِّ هُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ الشَّرْعِيَّةِ كَمَا فِي «لَا صَلَاةَ إلَّا بِطُهُورٍ» (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُ الصِّحَّةِ جُزْءَ مَفْهُومِ الِاسْمِ الشَّرْعِيِّ (فَإِنْ تُعُورِفَ صَرْفُهُ) أَيْ النَّفْيِ شَرْعًا فِي مِثْلِ ذَلِكَ (إلَى الْكَمَالِ لَزِمَ) تَقْدِيرُهُ كَمَا فِي «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ» أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَسَكَتَ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: هُوَ صَحِيحٌ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُتَعَارَفْ صَرْفُهُ شَرْعًا فِي مِثْلِ ذَلِكَ إلَى الْكَمَالِ (لَزِمَ تَقْدِيرُ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute