للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالْإِطْلَاقُ) الْمَذْكُورُ فِي نَقْلِ مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ كَمَا نَقَلَهُ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ (قَبُولُ) الزِّيَادَةِ (الْمُعَارِضَةِ) مُطْلَقًا وَإِنْ تَعَذَّرَ الْجَمْعُ (أَوْ يُسْلَكُ التَّرْجِيحُ) أَمَّا كَوْنُ هَذَا مُقْتَضَى الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ فَظَاهِرٌ إذْ لَا شَكَّ فِي أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْمُعَارِضَةَ وَغَيْرَهَا وَأَمَّا أَنَّهُ مُقْتَضَى إطْلَاقِ نَقْلِ هَذَا الْمَذْهَبِ فَكَذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَهُ ثُمَّ لَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ قَبُولِهَا عَدَمُ الْعَمَلِ بِمَا يَتَرَجَّحُ ظَنُّ خِلَافِهِ لِمُعَارَضَةِ الثِّقَاتِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ لَوْ الْتَزَمْنَا مِنْ قَبُولِهَا الْعَمَلُ بِهَا لَكِنَّا أَنْزَلْنَاهَا حَدِيثًا مُعَارِضًا لِغَيْرِهِ فَيُطْلَبُ التَّرْجِيحُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَدْنَاهَا فَإِنَّا حِينَئِذٍ لَا نَطْلُبُ تَرْجِيحًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا عَارَضَتْهُ فَكَانَ الْوَجْهُ الْقَبُولَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ ثُمَّ النَّظَرُ فِي التَّرْجِيحِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمِنْهُ) أَيْ الْمَزِيدِ الْمُعَارِضِ الزِّيَادَةُ (الْمُوجِبَةُ نَقْصًا مِثْلُ) رِوَايَةِ «وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» ) بَعْدَ قَوْلِهِ «وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا» بَدَلَ قَوْلِهِ وَطَهُورًا وَتَقَدَّمَ تَخْرِيجُ الْحَدِيثِ فِي مَسْأَلَةِ إفْرَادِ فَرْدٍ مِنْ الْعَامِّ بِحُكْمِ الْعَامِّ لَا يُخَصِّصُهُ ثُمَّ لِمَا تَوَجَّهَ أَنْ يُقَالَ فَلَا يُرَدُّ الشَّاذُّ الْمُخَالِفُ لِمَا رَوَتْهُ الثِّقَاتُ الْتَزَمَهُ

وَقَالَ (وَالشَّاذُّ الْمَمْنُوعُ) أَيْ الْمَرْدُودُ هُوَ (الْأَوَّلُ) أَيْ مَا انْفَرَدَ بِمَزِيدٍ فِي مَجْلِسٍ مُتَّحِدٍ لَهُ وَلَهُمْ وَالْمَزِيدُ (مَا لَا يَغْفُلُ مِثْلُهُمْ) أَيْ مَنْ مَعَهُ فِيهِ (عَنْهُ) أَيْ ذَلِكَ الْمَزِيدِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ قَبُولِ الزِّيَادَةِ الْمُعَارِضَةِ (جَعَلَ الْحَنَفِيَّةُ إيَّاهُ) أَيْ الْمَزِيدَ إذَا كَانَ هُوَ وَالْأَصْلُ (مِنْ اثْنَيْنِ خَبَرَيْنِ «كَنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ الْقَبْضِ» كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِلَفْظِ مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَفِي رِوَايَةٍ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ

«وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى أَهْلِ مَكَّةَ انْهَهُمْ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يَقْبِضُوا» رَوَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ بِلَفْظِ مَا لَمْ يَقْبِضْ وَفِي سَنَدِهِ مَا لَمْ يُسَمَّ (أَجْرَوْا) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ (الْمُعَارَضَةَ) بَيْنَهُمَا (وَرَجَّحُوا) قَوْلَهُ الْمَذْكُورَ لِعَتَّابٍ لِأَنَّ فِيهِ (زِيَادَةَ الْعُمُومِ) لِتَنَاوُلِهِ الطَّعَامَ وَغَيْرَهُ غَايَتُهُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَبَا يُوسُفَ لَمْ يَعْمَلَا بِهَا فِي حَقِّ الْعَقَارِ لِكَوْنِ النَّصِّ مَعْلُولًا بِغَرَرِ الِانْفِسَاخِ بِالْهَلَاكِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْعَقَارِ لِأَنَّ هَلَاكَهُ نَادِرٌ وَالنَّادِرُ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَلَا يُبْتَنَى الْفِقْهُ بِاعْتِبَارِهِ وَإِنَّمَا رَجَّحُوا قَوْلَهُ لِعَتَّابٍ عَلَى نَهْيِهِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِهِ (إذْ لَا يَحْمِلُونَ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ) فِي مِثْلِهِ كَمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ (وَالْوَجْهُ فِيهِ) أَيْ فِي حَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ (وَفِي تُرْبَتِهَا) أَيْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ (تَعَيُّنُ الْعَامِّ) وَهُوَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ وَالْأَرْضِ لِإِجْرَاءِ الْمُعَارَضَةِ ثُمَّ التَّرْجِيحُ بِالْعُمُومِ كَمَا يُرَجَّحُ الْعِلَّةُ بِزِيَادَةِ الْمَحَالِّ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ صَيَّرَتْ كُلًّا مِنْ قَبِيلِ إفْرَادِ فَرْدٍ مِنْ الْعَامِّ وَهُوَ لَيْسَ تَخْصِيصًا لِأَنَّ حَاصِلَهُ إثْبَاتُ عَيْنِ الْحُكْمِ الَّذِي أَثْبَتَهُ الْعَامُّ لِبَعْضِ أَفْرَادِهِ وَلَا مُنَافَاةَ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُمُومِ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْمَتْرُوكُ فَلَا يُعَارَضُ لِتَرَجُّحٍ فَإِنَّ التَّرْجِيحَ عِنْدَ الْمُعَارَضَةِ يَكُونُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَيَلْزَمُ الشَّافِعِيَّةَ مِثْلَهُ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ إفْرَادِ فَرْدٍ مِنْ الْعَامِّ) بِحُكْمِهِ (وَمِنْ الْوَاحِدِ) أَيْ وَجَعَلَ الْحَنَفِيَّةُ الزِّيَادَةَ وَالْأَصْلَ بِدُونِهَا إذَا كَانَ رَاوِيهِمَا وَاحِدًا خَبَرًا (وَاحِدًا وَلَزِمَ اعْتِبَارُهَا) أَيْ وَحَكَمُوا بِأَنَّهَا مُرَادَةٌ فِي الْأَصْلِ (كَابْنِ مَسْعُودٍ) أَيْ كَمَا فِي رِوَايَةٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ أَوْ يَتَرَادَّانِ» (وَفِي أُخْرَى) عَنْهُ (لَمْ تُذْكَرْ) السِّلْعَةُ رَوَاهُمَا أَبُو حَنِيفَةَ لَكِنْ بِلَفْظِ الْبَيِّعَانِ وَالْحَدِيثُ فِي السُّنَنِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ بِمَجْمُوعِ طُرُقِهِ حَسَنٌ يُحْتَجُّ بِهِ لَكِنْ فِي لَفْظِهِ اخْتِلَافٌ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي (فَقَيَّدُوا) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ جَرَيَانَ التَّحَالُفِ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ (بِهَا) أَيْ بِالزِّيَادَةِ الَّتِي فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ قِيَامُ السِّلْعَةِ (حَمْلًا عَلَى حَذْفِهَا فِي الْأُخْرَى نِسْيَانًا بِلَا ذَلِكَ التَّفْصِيلِ) الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَرَّاتُ تَرْكِ الزِّيَادَةِ أَقَلَّ مِنْ مَرَّاتِ رِوَايَتِهَا لَا تُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَقُولَ سَهَوْت فِي مَرَّاتِ الْحَذْفِ (وَهُوَ) أَيْ قَوْلُهُمْ هَذَا هُوَ (الْوَجْهُ) لِأَنَّ عَدَالَتَهُ وَثِقَتَهُ تُعَبِّرُ عَنْ الرَّاوِي بِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُفَصِّلُ شَرْطًا لِلْقَبُولِ بِلَا حَاجَةٍ إلَى أَنْ يُعَبِّرَ عَنْهُ بِلِسَانِهِ صَرِيحًا (فَلَيْسَ) هَذَا مِنْهُمْ (مِنْ حَمْلِ الْمُطْلَقِ) عَلَى الْمُقَيَّدِ

[مَسْأَلَةٌ خَبَرُ الْوَاحِدِ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى]

(مَسْأَلَةٌ خَبَرُ الْوَاحِدِ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى أَيْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْكُلُّ حَاجَةً مُتَأَكِّدَةً مَعَ كَثْرَةِ تَكَرُّرِهِ لَا يَثْبُتُ بِهِ وُجُوبٌ دُونَ اشْتِهَارٍ أَوْ تَلَقِّي الْأُمَّةِ بِالْقَبُولِ) لَهُ أَيْ مُقَابَلَتِهِ بِالتَّسْلِيمِ وَالْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ ثُمَّ حَيْثُ كَانَ هَذَا (عِنْدَ عَامَّةِ الْحَنَفِيَّةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>