للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالِاسْتِثْنَاءِ فَقَالُوا كَانَ شَهِيدًا (إنْ شَاءَ اللَّهُ وَبَقِيَ مِنْ الْمُكْتَسَبَةِ الْجَهْلُ نَذْكُرُهُ فِي الِاجْتِهَادِ إنْ شَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) .

[الْبَابُ الثَّانِي مِنْ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ فِي أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ]

(الْبَابُ الثَّانِي) مِنْ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ فِي أَحْوَالِ الْمَوْضُوعِ فِي أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ (أَدِلَّةُ الْأَحْكَامِ) الشَّرْعِيَّةِ (الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ) بِحُكْمِ الِاسْتِقْرَاءِ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الدَّلِيلَ الشَّرْعِيَّ إمَّا وَحْيٌ أَوْ غَيْرُهُ وَالْوَحْيُ إمَّا مَتْلُوٌّ فَهُوَ الْكِتَابُ أَوْ غَيْرُ مَتْلُوٍّ فَهُوَ السُّنَّةُ، وَغَيْرُ الْوَحْيِ إمَّا قَوْلُ كُلِّ الْأُمَّةِ مِنْ عَصْرٍ فَهُوَ الْإِجْمَاعُ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ أَوْ أَنَّ الدَّلِيلَ إمَّا وَاصِلٌ إلَيْنَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَنْ غَيْرِهِ وَالْأَوَّلُ إمَّا مَتْلُوٌّ وَهُوَ الْكِتَابُ أَوْ غَيْرُ مَتْلُوٍّ وَهُوَ السُّنَّةُ وَيَنْدَرِجُ فِيهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِعْلُهُ وَتَقْرِيرُهُ وَالثَّانِي إمَّا وَاصِلٌ عَنْ مَعْصُومٍ عَنْ خَطَأٍ وَهُوَ الْإِجْمَاعُ أَوْ عَنْ غَيْرِ مَعْصُومٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ (وَمَنْعُ الْحَصْرِ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ عَلَى قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ وَشَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا وَالِاحْتِيَاطُ وَالِاسْتِصْحَابُ وَالتَّعَامُلُ مَرْدُودٌ بِرَدِّهَا) أَيْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ الْأَخِيرَةُ (إلَى أَحَدِهَا) أَيْ الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى (مُعَيَّنًا) كَقَوْلِ الصَّحَابِيِّ فَإِنَّهُ مَرْدُودٌ إلَى السُّنَّةِ وَشَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا فَإِنَّهُ مَرْدُودٌ إلَى الْكِتَابِ إذَا قَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ وَإِلَى السُّنَّةِ إذَا قَصَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَلِكَ وَالتَّعَامُلُ فَإِنَّهُ مَرْدُودٌ إلَى الْإِجْمَاعِ (وَمُخْتَلِفًا فِي الِاحْتِيَاطِ وَالِاسْتِصْحَابِ) كَمَا سَيَأْتِي فِي خَاتِمَةِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَمَعْنَى الْإِضَافَةِ) فِي أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ (أَنَّ الْأَحْكَامَ النِّسَبُ الْخَاصَّةُ النَّفْسِيَّةُ) بِالطَّلَبِ وَالتَّخْيِيرِ (وَالْأَرْبَعَةَ) أَيْ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَالْإِجْمَاعَ وَالْقِيَاسَ (أَدِلَّتُهَا) أَيْ النِّسَبُ الْمَذْكُورَةُ (وَبِذَلِكَ) أَيْ وَبِسَبَبِ كَوْنِهَا أَدِلَّةً (سُمِّيَتْ أُصُولًا) لِأَنَّ الْأَصْلَ مَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَالْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ (وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ (الْقِيَاسَ أَصْلًا مِنْ وَجْهٍ) لِإِسْنَادِ الْحُكْمِ إلَيْهِ ظَاهِرًا (فَرْعًا مِنْ وَجْهٍ لِثُبُوتِ حُجِّيَّتِهِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ) وَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ كَمَا يُصَرَّحُ بِهِ فِي مَوْضِعِهِ (يُوجِبُ مِثْلَهُ) أَيْ الْأَصَالَةَ مِنْ وَجْهٍ وَالْفَرْعِيَّةَ مِنْ وَجْهٍ (فِي السُّنَّةِ) لِإِسْنَادِ الْحُكْمِ إلَيْهَا ظَاهِرًا وَثُبُوتِ حُجِّيَّتِهَا بِالْكِتَابِ (وَالْإِجْمَاعِ) لِإِسْنَادِ الْحُكْمِ إلَيْهِ ظَاهِرًا وَثُبُوتُ حُجِّيَّتِهِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَلَا مُوجِبَ لِلِاقْتِصَارِ فِي ذَلِكَ عَلَى الْقِيَاسِ حَتَّى أَنَّهُ أَوْجَبَ إفْرَادَهُ بِالذِّكْرِ عَنْ الثَّلَاثَةِ فَقَالُوا أُصُولُ الشَّرْعِ ثَلَاثَةٌ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ، وَالْأَصْلُ الرَّابِعُ الْقِيَاسُ الْمُسْتَنْبَطُ مِنْهَا.

وَقِيلَ أُفْرِدَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَصْلٌ لِلْفِقْهِ فَقَطْ وَهِيَ أَصْلٌ لَهُ وَلِعِلْمِ الْكَلَامِ وَقِيلَ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ عَدَمُ الْقَطْعِ وَفِيهَا الْقَطْعُ (وَالْأَقْرَبُ) أَنَّ اخْتِصَاصَهُ بِالذِّكْرِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا (لِاحْتِيَاجِهِ فِي كُلِّ حَادِثَةٍ إلَى أَحَدِهَا) لِابْتِنَائِهِ عَلَى عِلَّةٍ مُسْتَنْبَطَةٍ مِنْ أَحَدِهَا وَعَدَمِ احْتِيَاجِهَا إلَيْهِ (وَلَا يَرِدُ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الْمُسْتَنِدِ) لَهُ بِأَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ فِيهِمْ عِلْمًا ضَرُورِيًّا وَيُوَفِّقَهُمْ لِاخْتِيَارِ الصَّوَابِ كَمَا هُوَ قَوْلُ شِرْذِمَةٍ عَلَى هَذَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ افْتِقَارِ الْإِجْمَاعِ إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ حِينَئِذٍ وَلُزُومِ افْتِقَارِ الْقِيَاسِ إلَى أَحَدِهِمَا (وَلَا) يَرِدُ (عَلَى لُزُومِهِ) أَيْ الْمُسْتَنَدِ لَهُ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ عَلَيْهِ أَيْضًا (لِأَنَّ الْمُحْتَاجَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمُسْتَنَدِ (قَوْلُ كُلٍّ) إلَّا فُرَادَى (وَلَيْسَ) قَوْلُ كُلٍّ إلَّا فُرَادَى (إجْمَاعًا بَلْ هُوَ) أَيْ الْإِجْمَاعُ (كُلُّهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ (الْمُتَوَقِّفُ عَلَى) قَوْلِ (كُلِّ وَاحِدٍ وَلَا يَحْتَاجُ) الْمَجْمُوعُ إلَى مُسْتَنَدٍ (وَإِلَّا) لَوْ احْتَاجَ الْمَجْمُوعُ إلَى مُسْتَنَدٍ (كَانَ الثَّابِتُ بِهِ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ (بِمَرْتَبَةِ الْمُسْتَنَدِ) أَيْ فِي رُتْبَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ قَدْ يُثْبِتُ أَمْرًا زَائِدًا لَا يُثْبِتُهُ الْمُسْتَنَدُ وَهُوَ قَطْعِيَّةُ الْحُكْمِ وَلَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ أَنَّ هَذَا أَوْلَى مِنْ الْجَوَابِ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى الْمُسْتَنَدِ فِي تَحَقُّقِهِ لَا فِي نَفْسِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْحُكْمِ فَإِنَّ الْمُسْتَدِلَّ بِهِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى مُلَاحَظَةِ الْمُسْتَنَدِ وَالِالْتِفَاتِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فَإِنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ لَا يُمْكِنُ بِدُونِ اعْتِبَارِ أَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَالْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنْهُ ثُمَّ الْكَلَامُ فِيهَا عَلَى الْوَجْهِ الْوَاقِعِ عَلَيْهِ تَرْتِيبُهَا الذِّكْرِيُّ تَقْدِيمًا لِلْأَقْدَمِ بِالذَّاتِ وَالشَّرَفِ فَالْأَقْدَمِ فَنَقُولُ (الْكِتَابُ) هُوَ (الْقُرْآنُ) تَعْرِيفًا (لَفْظِيًّا) فَإِنَّهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>