للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَارَضَا إذْ النَّصُّ عَلَى الْعِلَّةِ نَصٌّ عَلَى الْحُكْمِ فِي مَحَلِّهَا) وَهُوَ الْفَرْعُ (وَقَدْ قَطَعَ بِهَا) أَيْ بِالْعِلَّةِ (فِيهِ) أَيْ مَحَلِّهَا الَّذِي هُوَ الْفَرْعُ (وَالتَّوَقُّفُ) فِيمَا أَوْجَبْنَاهُ فِيهِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ بِنَصٍّ رَاجِحٍ وَوُجُودُهَا فِي الْفَرْعِ ظَنِّيًّا (لِتَعَارُضِ التَّرْجِيحَيْنِ خَبَرَ الْعِلَّةِ بِالْفَرْضِ) فَإِنَّ الْفَرْضَ رُجْحَانُهُ (وَالْآخَرُ) أَيْ وَالْخَبَرُ الْآخَرُ (بِقِلَّةِ الْمُقَدِّمَاتِ) لِعَدَمِ انْضِمَامِ الْقِيَاسِ إلَيْهِ (وَعَلِمْت مَا فِيهِ) فَإِنَّهُ ظَهَرَ بِالْبَحْثِ أَنَّ الْقِيَاسَ أَقَلُّ مَحَالَّ لِلِاجْتِهَادِ مِنْ الْخَبَرِ (هَذَا إذَا تَسَاوَيَا) أَيْ الْقِيَاسُ وَالْخَبَرُ الْمُتَعَارِضَانِ بِحَيْثُ لَا جَمْعَ بَيْنَهُمَا فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ (فَإِنْ كَانَا) أَيْ الْخَبَرُ وَالْقِيَاسُ الْمَذْكُورَانِ (عَامًّا) أَحَدُهُمَا (وَخَاصًّا) الْآخَرُ (فَعَلَى الْخِلَافِ فِي تَخْصِيصِ الْعَامِّ بِهِ) أَيْ بِالْقِيَاسِ (كَيْفَ اتَّفَقَ) أَيْ سَوَاءٌ خُصَّ بِغَيْرِهِ أَوْ لَا (وَعَدَمُهُ) أَيْ تَخْصِيصِ الْعَامِّ بِهِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ فِي مَسْأَلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ وَهِيَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ يَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِالْقِيَاسِ فَعَلَى الشَّافِعِيَّةِ يَخُصُّ الْخَاصُّ مُطْلَقًا وَيَجْرِي فِيهِ وَجْهَانِ الْأَوَّلُ اعْتِبَارُهُ بَيْنَ خَبَرِ الْعِلَّةِ وَالْخَبَرِ الْمُعَارِضِ لِمُقْتَضَى الْعِلَّةِ وَتَخْرُجُ الْمَسْأَلَةُ عَنْ كَوْنِهَا مِمَّا قُدِّمَ فِيهِ الْقِيَاسُ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ أَوْ قُدِّمَ خَبَرُ الْوَاحِدِ فَإِنْ كَانَ الْعَامُّ هُوَ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْمُعَارِضَ لِخَبَرِ الْعِلَّةِ يَكُونُ الْعَمَلُ فِيمَا سِوَى مَحَلِّ الْقِيَاسِ الَّذِي بِهِ وَقَعَ التَّخْصِيصُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَفِي الَّذِي أَخْرَجَهُ نَصُّ الْعِلَّةِ بِخَبَرِ الْعِلَّةِ وَإِنْ كَانَ الْعَامُّ خَبَرَ الْعِلَّةِ فَعَلَى الْقَلْبِ أَيْ يَكُونُ الْعَمَلُ بِمَا بِهِ التَّخْصِيصُ وَهُوَ الْمُخْرَجُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَفِي غَيْرِهِ بِخَبَرِ الْعِلَّةِ وَعَلَى الْحَنَفِيَّةِ يَتَعَارَضَانِ وَيُرَجَّحُ فَيَكُونُ إمَّا عَمَلًا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الْكُلِّ وَأُهْدِرَ خَبَرُ الْعِلَّةِ أَوْ بِخَبَرِ الْعِلَّةِ فِي الْكُلِّ وَأُهْدِرَ خَبَرُ الْوَاحِدِ وَالثَّانِي اعْتِبَارُهُ بَيْنَ الْقِيَاسِ وَالْخَبَرِ الْمُعَارِضِ لَهُ فَيَخُصُّ الْقِيَاسُ عُمُومَ ذَلِكَ الْخَبَرِ بِأَنْ يُعْمَلَ بِهِ فِي ذَلِكَ الْفَرْدِ وَبِالْقَلْبِ هَذَا وَفِي الْبَدِيعِ وَغَيْرِهِ إنْ كَانَ الْخَبَرُ أَعَمَّ مِنْ الْقِيَاسِ خَصَّهُ الْقِيَاسُ جَمْعًا بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ أَوْلَى مِنْ تَرْكِ الْقِيَاسِ وَإِنْ كَانَ الْخَبَرُ أَخَصَّ مِنْ الْقِيَاسِ فَعَلَى جَوَازِ تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ وَعَدَمِ بُطْلَانِهَا بِهِ يُعْمَلُ بِالْخَبَرِ فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ وَبِالْقِيَاسِ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَهُمَا لِكَوْنِهِ أَوْلَى مِنْ تَرْكِ أَحَدِهِمَا وَعَلَى بُطْلَانِ تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ هُمَا مُتَعَارِضَانِ فِي ذَلِكَ كَالْحُكْمِ فِيمَا إذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ وَهُوَ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ فِي أَفْعَالِهِ الْجِبِلِّيَّةِ الصَّادِرَةِ بِمُقْتَضَى طَبِيعَتِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْلِ خِلْقَتِهِ]

(مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ فِي أَفْعَالِهِ الْجِبِلِّيَّةِ) أَيْ الصَّادِرَةِ بِمُقْتَضَى طَبِيعَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَصْلِ خِلْقَتِهِ كَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَالنَّوْمِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ (الْإِبَاحَةُ لَنَا وَلَهُ وَفِيمَا ثَبَتَ خُصُوصُهُ) أَيْ كَوْنِهِ مِنْ خَصَائِصِهِ كَإِبَاحَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعٍ فِي النِّكَاحِ وَإِبَاحَةِ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ (اخْتِصَاصُهُ) بِهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ مُشَارَكَتُهُ فِيهِ (وَفِيمَا ظَهَرَ بَيَانًا بِقَوْلِهِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [البقرة: ٤٣] ( «وَخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» (فِي أَثْنَاءِ حَجِّهِ) أَيْ وَهُوَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ فَإِنَّهُ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٧] (أَوْ) بَيَانًا بِفِعْلٍ صَالِحٍ لِلْبَيَانِ (بِقَرِينَةِ حَالٍ كَصُدُورِهِ) أَيْ الْفِعْلِ (عِنْدَ الْحَاجَةِ) إلَى بَيَانِ لَفْظٍ مُجْمَلٍ (بَعْدَ تَقَدُّمِ إجْمَالٍ) لَهُ حَالَ كَوْنِ الْفِعْلِ (صَالِحًا لِبَيَانِهِ) يَكُونُ بَيَانًا لَا مَحَالَةَ وَإِلَّا لَزِمَ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ وَكَأَنَّهُ حَذَفَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ بَيَانًا (كَالْقَطْعِ مِنْ الْكُوعِ وَالتَّيَمُّمِ إلَى الْمَرْفِقَيْنِ أَنَّهُ بَيَانٌ لِآيَتَيْهِمَا) أَيْ السَّرِقَةِ وَالتَّيَمُّمِ إذْ قَدْ تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي تُذَيِّلُ بَحْثَ الْمُجْمَلِ أَنَّ الْإِجْمَالَ فِي آيَةِ الْقَطْعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَحَلِّ

وَأَمَّا أَنَّهُ فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ فِي الْيَدِ فَتَقَدَّمَ نَفْيُهُ ثَمَّةَ فَحِينَئِذٍ التَّمْثِيلُ بِهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى قَوْلِ الشِّرْذِمَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهَا مُجْمَلَةٌ أَوْ يُرَادُ بِكَوْنِهِ بَيَانًا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِمُجْمَلٍ أَوْ مَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ مُطْلَقٍ ثُمَّ قَدْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَدِيٍّ هُوَ ابْنُ عَدِيٍّ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ يَدَ سَارِقٍ مِنْ الْمَفْصِلِ» وَعَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا يَكُونُ قَطْعُهَا مِنْ الْكُوعِ بَيَانًا بِفِعْلِهِ لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ بَاشَرَ الْقَطْعَ بِنَفْسِهِ وَهُوَ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ غَيْرَهُ كَمَا فِيمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ «كَانَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ نَائِمًا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَثِيَابُهُ تَحْتَ رَأْسِهِ فَأَتَى سَارِقٌ فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>