للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لِأَنَّهُ) أَيْ الْحَجْرَ عَلَيْهِ (نَظَرٌ لِلْغُرَمَاءِ فَتَوَقَّفَ عَلَى طَلَبِهِمْ) وَيَتِمُّ بِالْقَضَاءِ بِخِلَافِ الْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ لِلنَّظَرِ لَهُ وَهُوَ غَيْرُ مَوْقُوفٍ عَلَى طَلَبِ أَحَدٍ فَيَثْبُتُ حُكْمُهُ بِلَا طَلَبٍ (فَلَا يَتَصَرَّفُ) الْمَدْيُونُ (فِي مَالِهِ إلَّا مَعَهُمْ) أَيْ الْغُرَمَاءِ (فِيمَا فِي يَدِهِ وَقْتَ الْحَجْرِ) مِنْ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فِيهِ رِعَايَةٌ لِحَقِّهِمْ (أَمَّا فِيمَا كَسَبَهُ بَعْدَهُ) أَيْ الْحَجْرِ مِنْ الْمَالِ (فَعُمُومٌ) أَيْ فَيَنْفُذُ فِيهِ تَصَرُّفُهُ مَعَ كُلِّ أَحَدٍ لِعَدَمِ لُحُوقِ الْحَجْرِ لَهُ فِيهِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ (وَ) يَكُونُ (لِامْتِنَاعِ الْمَدْيُونِ عَنْ صَرْفِ مَالِهِ إلَى دَيْنِهِ) الْمُسْتَغْرِقِ لَهُ (فَيَبِيعُهُ الْقَاضِي وَلَوْ) كَانَ مَالُهُ (عَقَارًا كَبَيْعِهِ) أَيْ الْقَاضِي (عَبْدَ الذِّمِّيِّ إذَا أَبَى) الذِّمِّيُّ (بَيْعَهُ) أَيْ عَبْدِهِ (بَعْدَ إسْلَامِهِ) أَيْ عَبْدِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ إيفَاءِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ وَهُوَ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ نَابَ الْقَاضِي مَنَابَهُ فِيهِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي هَذَا كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ.

[السَّفَرُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةِ]

(وَمِنْهَا) أَيْ الْمُكْتَسَبَةِ مِنْ نَفْسِهِ (السَّفَرُ) وَهُوَ لُغَةً قَطْعُ الْمَسَافَةِ وَشَرْعًا فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا خُرُوجٌ عَنْ مَحَلِّ الْإِقَامَةِ بِقَصْدِ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِسَيْرٍ وَسَطٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَهُوَ (لَا يُنَافِي أَهْلِيَّةَ الْأَحْكَامِ) وُجُوبًا وَأَدَاءً مِنْ الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا لِبَقَاءِ الْقُدْرَةِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ (بَلْ جُعِلَ سَبَبًا لِلتَّخْفِيفِ) ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْمَشَقَّةِ (فَشُرِعَتْ رُبَاعِيَّتُهُ) مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ (رَكْعَتَيْنِ ابْتِدَاءً) كَمَا تَقَدَّمَ وَجْهُهُ فِي الرُّخْصَةِ (وَلَمَّا كَانَ) السَّفَرُ (اخْتِيَارِيًّا دُونَ الْمَرَضِ) وَهُوَ مِنْ أَسْبَابِ التَّخْفِيفِ (فَارَقَهُ) أَيْ السَّفَرَ الْمَرَضُ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ (فَالْمُرَخِّصُ إذَا كَانَ) أَيْ وُجِدَ (أَوَّلَ الْيَوْمِ) مِنْ أَيَّامِ رَمَضَانَ (فَتَرَكَ) مَنْ وُجِدَ فِي حَقِّهِ الْمُرَخِّصُ (الصَّوْمَ) ذَلِكَ الْيَوْمَ (فَلَهُ) التَّرْكُ (أَوْ صَامَ) صَحَّ صِيَامُهُ، فَإِنْ أَرَادَ الْفِطْرَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ (فَإِنْ كَانَ) الْمُرَخِّصُ (الْمَرَضَ حَلَّ الْفِطْرُ أَوْ) كَانَ الْمُرَخِّصُ (السَّفَرَ فَلَا) يَحِلُّ لَهُ الْفِطْرُ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي الْمَرَضِ مِمَّا لَا مَدْفَعَ لَهُ فَرُبَّمَا يَتَوَهَّمُ قَبْلَ الشُّرُوعِ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الضَّرَرُ وَبَعْدَ الشُّرُوعِ عَلِمَ لُحُوقَ الضَّرَرِ مِنْ حَيْثُ لَا مَدْفَعَ لَهُ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ فَإِنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ الدَّاعِي إلَى الْإِفْطَارِ بِأَنْ لَا يُسَافِرَ (إلَّا أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ) عَلَيْهِ (لَوْ أَفْطَرَ) لِتَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ فِي وُجُوبِهَا بِاقْتِرَانِ صُورَةِ السَّفَرِ بِالْفِطْرِ (وَإِنْ وُجِدَ) الْمُرَخِّصُ (فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ الْيَوْمِ (وَقَدْ شَرَعَ) فِي صَوْمِهِ إذْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ لِعَدَمِ الْمُرَخِّصِ لَهُ حِينَئِذٍ (فَإِنْ طَرَأَ الْعُذْرُ ثُمَّ الْفِطْرُ فَفِي الْمَرَضِ حَلَّ الْفِطْرُ لَا) فِي (السَّفَرِ) ؛ لِأَنَّ بِعُرُوضِ الْمَرَضِ تَبَيَّنَ أَنَّ الصَّوْمَ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ بِخِلَافِ عُرُوضِ السَّفَرِ فَإِنَّهُ أَمْرٌ اخْتِيَارِيٌّ وَالْمَرَضُ ضَرُورِيٌّ وَلَكِنْ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِمَا ذَكَرْنَا (وَفِي قَلْبِهِ) أَيْ فِطْرُهُ قَبْلَ الْعُذْرِ ثُمَّ عُرُوضُ الْعُذْرِ (لَا يَحِلُّ) الْإِفْطَارُ لِعَدَمِ الْعُذْرِ عِنْدَهُ (لَكِنْ لَا كَفَّارَةَ إذَا كَانَ الطَّارِئُ الْمَرَضَ؛ لِأَنَّهُ سَمَاوِيٌّ تَبَيَّنَ بِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ. وَتَجِبُ)

الْكَفَّارَةُ (فِي السَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ بِاخْتِيَارِهِ وَتَقَرَّرَتْ) الْكَفَّارَةُ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ السَّفَرِ بِإِفْطَارِ صَوْمٍ وَاجِبٍ مِنْ غَيْرِ اقْتِرَانِ شُبْهَةٍ حَتَّى لَوْ كَانَ السَّفَرُ خَارِجًا عَنْ اخْتِيَارِهِ بِأَنْ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ عَلَى السَّفَرِ فِيهِ سَقَطَتْ عَنْهُ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ (وَيَخْتَصُّ ثُبُوتُ رُخَصِهِ) أَيْ السَّفَرِ مِنْ قَصْرِ الرُّبَاعِيَّةِ وَفِطْرِ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِمَا (بِالشُّرُوعِ فِيهِ) أَيْ فِي السَّفَرِ (قَبْلَ تَحَقُّقِهِ) أَيْ السَّفَرِ (لِأَنَّهُ) أَيْ تَحَقُّقَهُ (بِامْتِدَادِهِ) أَيْ السَّفَرِ (ثَلَاثَةً) مِنْ الْأَيَّامِ بِلَيَالِيِهَا وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَثْبُتَ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهَا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْعِلَّةِ لَا يَثْبُتُ قَبْلَهَا فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ «صَلَّيْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ» إلَى غَيْرِ ذَلِكَ (غَيْرَ أَنَّهُ) أَيْ الْمُسَافِرَ (لَوْ أَقَامَ) أَيْ نَوَى الْإِقَامَةَ (قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (صَحَّ) مُقَامُهُ (وَلَزِمَتْ أَحْكَامُ الْإِقَامَةِ وَلَوْ) كَانَ (فِي الْمَفَازَةِ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ مُقَامَهُ (دُفِعَ لَهُ) أَيْ لِلسَّفَرِ قَبْلَ تَحَقُّقِهِ فَتَعُودُ الْإِقَامَةُ الْأُولَى (وَبَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (لَا) يَصِحُّ مُقَامُهُ (إلَّا فِيمَا يَصِحُّ فِيهِ) الْمُقَامُ مِنْ مِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُقَامَ حِينَئِذٍ (رُفِعَ بَعْدَ تَحَقُّقِهِ) أَيْ السَّفَرِ فَكَانَتْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ ابْتِدَاءَ إيجَابٍ فَلَا تَصِحُّ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ لِاسْتِحَالَةِ إيجَابِ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَالْمَفَازَةُ لَيْسَتْ بِمَحَلٍّ لِإِثْبَاتِ الْإِقَامَةِ ابْتِدَاءً فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ الْإِقَامَةُ فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>