للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقَائِلُ صَدْرُ الْإِسْلَامِ (وَالْحَقُّ الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِهِ) أَيْ الْإِكْفَارِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ (لِآحَادِيَّةِ أَصْلِهِ فَلَمْ يَكُنْ) جَحْدُهُ (تَكْذِيبًا لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَلْ ضَلَالَةً لِتَخْطِئَةِ الْمُجْتَهِدِينَ) فِي الْقَبُولِ وَاتِّهَامِهِمْ بِعَدَمِ التَّأَمُّلِ فِي كَوْنِهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَايَةَ التَّأَمُّلِ (وَلِأَنَّ الْإِفَادَةَ) لِلْعِلْمِ (إذَا كَانَتْ نَظَرِيَّةً تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِ) أَيْ النَّظَرِ (وَقَدْ يَعْجِزُ السَّامِعُ لِلْمَشْهُورِ عَنْهُ) أَيْ النَّظَرِ (أَوْ يَذْهَلُ عَنْهُ وَحَاصِلُ ذَلِكَ النَّظَرِ) الَّذِي هُوَ وَصْفُ الْعِلْمِ الْمُفَادِ بِالْمَشْهُورِ عَلَى قَوْلِ الْجَصَّاصِ (الْإِجْمَاعُ الْمُتَأَخِّرُ) عَلَى (أَنَّهُ) أَيْ الْمَشْهُورُ (صَحَّ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَيَلْزَمُ الْقَطْعُ بِهِ) أَيْ بِالْمَشْهُورِ (قُلْنَا اللَّازِمُ) مِنْ إجْمَاعِهِمْ (الْقَطْعُ بِصِحَّةِ الرِّوَايَةِ) لَهُ (بِمَعْنَى اجْتِمَاعِ شَرَائِطِ الْقَبُولِ لَا الْقَطْعِ بِأَنَّهُ) أَيْ الْمَشْهُورُ (قَالَهُ) النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَلَوْ كَانَ) الْإِجْمَاعُ الْمُتَأَخِّرُ (عَلَى الْعَمَلِ بِهِ) أَيْ بِالْمَشْهُورِ (فَكَذَلِكَ) أَيْ لَا يُكْفَرُ (لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ مَعْنَى الْخَفَاءِ) فِيهِ وَهُوَ الْعَجْزُ وَالذُّهُولُ بِخِلَافِ إنْكَارِ الْمُتَوَاتِرِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَكْذِيبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ كَالْمَسْمُوعِ مِنْهُ وَتَكْذِيبُهُ كُفْرٌ وَعَلَى هَذَا فَلَا تَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي الْأَحْكَامِ (ثُمَّ يُوجِبُ) الْمَشْهُورُ عِنْدَ عَامَّةِ الْحَنَفِيَّةِ (ظَنًّا فَوْقَ) ظَنِّ خَبَرِ (الْآحَادِ قَرِيبًا مِنْ الْيَقِينِ) وَهُوَ مَا سَمَّاهُ الْقَوْمُ عِلْمَ طُمَأْنِينَةٍ إذْ هِيَ زِيَادَةُ تَوْطِينٍ وَتَسْكِينٍ يَحْصُلُ لِلنَّفْسِ عَلَى مَا أَدْرَكَتْهُ فَإِنْ كَانَ الْمُدْرَكُ يَقِينًا فَاطْمِئْنَانُهَا زِيَادَةُ الْيَقِينِ وَكَمَالُهُ كَمَا يَحْصُلُ لِلْمُتَيَقِّنِ بِوُجُودِ مَكَّةَ بَعْدَمَا يُشَاهِدُهَا وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠] وَإِنْ كَانَ ظَنِّيًّا فَاطْمِئْنَانُهَا رُجْحَانُ جَانِبِ الظَّنِّ بِحَيْثُ يَكَادُ يَدْخُلُ فِي حَدِّ الْيَقِينِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَحَاصِلُهُ سُكُونُ النَّفْسِ عَنْ الِاضْطِرَابِ بِشُبْهَةٍ إلَّا عِنْدَ مُلَاحَظَةِ كَوْنِهِ آحَادِ الْأَصْلِ (لِمَقُولِيَّةِ الظَّنِّ) عَلَى أَفْرَادِهِ (بِالتَّشْكِيكِ) فَبَعْضُهَا أَقْوَى مِنْ بَعْضٍ فِي مَعْنَاهُ (فَوَجَبَ تَقْيِيدُ مُطْلَقِ الْكِتَابِ بِهِ) أَيْ بِالْمَشْهُورِ (كَتَقْيِيدِ) مُطْلَقِ (آيَةِ جَلْدِ الزَّانِي) الشَّامِلِ لِلْمُحْصَنِ وَغَيْرِ الْمُحْصَنِ (بِكَوْنِهِ غَيْرَ مُحْصَنٍ بِرَجْمِ مَاعِزٍ) مِنْ غَيْرِ جَلْدِ الثَّابِتِ جُمْلَةُ هَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا.

(وَقَوْلُهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَرَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ بَلْ تَقْيِيدُهُ بِهِ مِنْ قَبِيلِ التَّقْيِيدِ بِمَا هُوَ مُتَوَاتِرُ الْمَعْنَى (وَ) تَقْيِيدُ مُطْلَقِ (صَوْمِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ) الشَّامِلِ لِلْمُتَتَابِعِ وَغَيْرِهِ (بِالتَّتَابُعِ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ) فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ كَمَا تَقَدَّمَ (لِشُهْرَتِهَا) أَيْ قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ (فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَهُوَ) أَيْ الشُّهْرَةُ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ (الشَّرْطُ) فِي وُجُوبِ تَقْيِيدِ مُطْلَقِ الْكِتَابِ بِهِ (وَ) تَقْيِيدُ (آيَةِ غَسْلِ الرَّجُلِ) فِي الْوُضُوءِ (بِعَدَمِ التَّخَفُّفِ) أَيْ لُبْسِ الْخُفِّ عَلَيْهَا (بِحَدِيثِ الْمَسْحِ) عَلَى الْخُفِّ الْمُخْرَجِ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ وَغَيْرِهَا (إنْ لَمْ يَكُنْ) حَدِيثُهُ (مُتَوَاتِرًا) وَعَلَيْهِ مَا فِي الِاخْتِيَارِ وَغَيْرِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَنْ أَنْكَرَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ يُخَافُ عَلَيْهِ الْكُفْرُ فَإِنَّهُ وَرَدَ فِيهِ مِنْ الْأَخْبَارِ مَا يُشْبِهُ الْمُتَوَاتِرَ وَمَا فِي النِّهَايَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ خَبَرُ الْمَسْحِ يَجُوزُ نَسْخُ الْكِتَابِ بِهِ لِشُهْرَتِهِ وَمَا فِي الْمَبْسُوطِ جَوَازُ الْمَسْحِ بِآثَارٍ مَشْهُورَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ التَّوَاتُرِ وَإِلَّا فَقَدْ نَصَّ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَلَى أَنَّهُ مُتَوَاتِرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ مَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ قَالَ الْكَرْخِيُّ أَثْبَتْنَا الْكُفْرَ عَلَى مَنْ لَا يَرَى الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي شَرَائِطِ الرَّاوِي]

(فَصْلٌ فِي شَرَائِطِ الرَّاوِي مِنْهَا كَوْنُهُ بَالِغًا حِينَ الْأَدَاءِ) وَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ وَقْتَ التَّحَمُّلِ (لِاتِّفَاقِهِمْ) أَيْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ (عَلَى) قَبُولِ رِوَايَةِ (ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَأَنَسٍ بِلَا اسْتِفْسَارٍ) عَنْ الْوَقْتِ الَّذِي تَحَمَّلُوا فِيهِ مَا يَرْوُونَهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُصُوصًا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَالنُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ وَسِنُّ كُلٍّ مِنْهُمَا دُونَ الْعَشْرِ فَقَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ السِّيَرِ وَالْأَخْبَارِ وَمَنْ صَنَّفَ فِي الصَّحَابَةِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَوَّلُ مَوْلُودٍ فِي الْإِسْلَامِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ قُرَيْشٍ وَأَنَّهُ وُلِدَ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ وَمِمَّا حَفِظَهُ فِي الصِّغَرِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ «لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ كُنْت أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي الْأُطُمِ الَّذِي فِيهِ نِسَاءُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ يَرْفَعُنِي وَأَرْفَعُهُ فَإِذَا رَفَعَنِي رَأَيْت أَبِي حِينَ يَمُرُّ إلَى بَنِي قُرَيْظَةَ وَكَانَ يُقَاتِلُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>