للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُخْبِرِ عَلَيْهَا قَالُوا وَلَوْ قُدِّرَ عَدَمُ جَمِيعِ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ فَالصَّغِيرَةُ غَيْرُ مُمْتَنِعَةٍ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الصَّغَائِرِ وَمَعَ الِاحْتِمَالِ لَا قَطْعَ بِصِدْقِهِ.

[مَسْأَلَةٌ حَمْلُ الصَّحَابِيِّ مَرْوِيَّهُ الْمُشْتَرَكَ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى]

(مَسْأَلَةٌ حَمْلُ الصَّحَابِيِّ مَرْوِيَّهُ الْمُشْتَرَكَ) لَفْظًا أَوْ مَعْنًى (وَنَحْوَهُ) كَالْمُجْمَلِ وَالْمُشْكِلِ وَالْخَفِيِّ (عَلَى أَحَدٍ مَا يَحْتَمِلُهُ) مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ (وَهُوَ) أَيْ الْحَمْلُ الْمَذْكُورُ (تَأْوِيلُهُ) أَيْ الصَّحَابِيِّ لِذَلِكَ (وَاجِبُ الْقَبُولِ) عِنْدَ الْجُمْهُورِ (خِلَافًا لِمَشْهُورِي الْحَنَفِيَّةِ) وَوَجَبَ الْقَبُولُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (لِظُهُورِ أَنَّهُ) أَيْ حَمْلَهُ الْمَذْكُورَ (لِمُوجِبٍ هُوَ بِهِ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَا يَنْطِقُ بِاللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ لِقَصْدِ التَّشْرِيعِ إلَّا وَمَعَهُ قَرِينَةٌ حَالِيَّةٌ أَوْ مَقَالِيَّةٌ مُعَيَّنَةً مُرَادُهُ وَالصَّحَابِيُّ الرَّاوِي الْحَاضِرُ لِمَقَالِهِ الشَّاهِدُ لِأَحْوَالِهِ أَعْرَفُ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ (وَهُوَ) أَيْ وُجُوبُ قَبُولِ تَأْوِيلِهِ (مِثْلُ تَقْلِيدِهِ فِي اللَّازِمِ) يَعْنِيَ لَازِمَ وُجُوبِ تَقْلِيدِهِ فِي حُكْمِهِ بِالْحُكْمِ وَلَازِمُ وُجُوبِ الرُّجُوعِ إلَى تَأْوِيلِهِ وَاحِدٌ فَالْفَرْقُ بِلَا فَارِقٍ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ اللَّازِمِ ظُهُورُ أَنَّهُ أَخَذَهُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ جَازَ خِلَافُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ غَالِبُ أَحْوَالِهِمْ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَرَجَّحَ خِلَافُهُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَ) حَمْلُ الصَّحَابِيِّ مَرْوِيَّهُ (الظَّاهِرَ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الظَّاهِرِ حُكْمُهُ مَا يُذْكَرُ: (فَالْأَكْثَرُ) مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ وَالْكَرْخِيُّ الْمَعْمُولُ بِهِ هُوَ (الظَّاهِرُ) دُونَ مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الرَّاوِي مِنْ تَأْوِيلِهِ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كَيْفَ أَتْرُكُ الْحَدِيثَ لِقَوْلِ مَنْ لَوْ عَاصَرْته لَحَاجَجْته) أَيْ الصَّحَابِيَّ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَقِيلَ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا عَيَّنَهُ الرَّاوِي وَفِي شَرْحِ الْبَدِيعِ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا انْتَهَى وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ

وَقَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ إنْ عَلِمَ أَنَّ الصَّحَابِيَّ إنَّمَا صَارَ إلَى تَأْوِيلِهِ الْمَذْكُورِ لِعِلْمِهِ بِقَصْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ وَإِنْ جَهِلَ أَنَّهُ لِذَلِكَ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِدَلِيلٍ ظَهَرَ لَهُ مِنْ نَصٍّ أَوْ قِيَاسٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَجَبَ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ الدَّلِيلِ فَإِنْ اقْتَضَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ صِيرَ إلَيْهِ وَإِلَّا وَجَبَ الْعَمَلُ بِظَاهِرِ الْخَبَرِ لِأَنَّ الْحُجَّةَ كَلَامُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ تَأْوِيلِ الصَّحَابِيِّ وَاخْتَارَ الْآمِدِيُّ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ مَأْخَذَ الرَّاوِي فِي الْمُخَالَفَةِ وَكَانَ الْمَأْخَذُ مِمَّا يُوجِبُ حَمْلَ الْخَبَرِ عَلَى ذَلِكَ الْمَحْمَلِ وَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ اتِّبَاعًا لِذَلِكَ الدَّلِيلِ لَا لِحَمْلِ الرَّاوِي عَلَيْهِ وَعَمَلِهِ بِهِ لِأَنَّ عَمَلَ أَحَدِ الْمُجْتَهِدِينَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى الْبَاقِي وَإِنْ جَهِلَ مَأْخَذَهُ عَمِلَ بِالظَّاهِرِ لِأَنَّ الرَّاوِيَ عَدْلٌ وَقَدْ جَزَمَ بِالرِّوَايَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَصْلُ فِي خَبَرِ الْعَدْلِ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِهِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ أَقْوَى مِنْهُ يُوجِبُ تَرْكَ الْعَمَلِ بِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ إذْ كَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ مُرَادُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِنِسْيَانٍ طَرَأَ عَلَيْهِ أَوْ لِدَلِيلٍ اجْتَهَدَ فِيهِ وَهُوَ مُخْطِئٌ فَلَا يَتْرُكُ الظَّاهِرَ بِالشَّكِّ أَثِمَ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَا يَفْسُقُ الرَّاوِي بَلْ تَبْقَى رِوَايَتُهُ مَقْبُولَةً فِي هَذَا الْخَبَرِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ عَامِلٌ بِاجْتِهَادِهِ الَّذِي يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ وَلَا فِسْقَ بِإِتْيَانِ الْوَاجِبِ فَإِنْ قِيلَ مُخَالَفَةُ الظَّاهِرِ حَرَامٌ فَكَيْفَ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى خِلَافِهِ كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ (قُلْنَا لَيْسَ يَخْفَى عَلَيْهِ) أَيْ الصَّحَابِيِّ الرَّاوِي (تَحْرِيمُ تَرْكِ الظَّاهِرِ إلَّا لِمَا يُوجِبُهُ) أَيْ تَرْكَهُ (فَلَوْلَا تَيَقُّنُهُ) أَيْ الرَّاوِي (بِهِ) أَيْ بِمَا يُوجِبُ تَرْكَهُ (لَمْ يَتْرُكْهُ وَلَوْ سُلِّمَ) انْتِفَاءُ تَيَقُّنِهِ بِهِ (فَلَوْلَا أَغْلَبِيَّتُهُ) أَيْ أَغْلَبِيَّةُ الظَّنِّ بِمَا يُوجِبُ تَرْكَهُ لَمْ يَتْرُكْهُ (وَلَوْ سُلِّمَ) انْتِفَاءُ أَغْلَبِيَّةِ الظَّنِّ بَلْ إنَّمَا ظَنَّ ذَلِكَ ظَنًّا لَا غَيْرُ (فَشُهُودُهُ) أَيْ الرَّاوِي (مَا هُنَاكَ) أَيْ لِحَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ مَقَالِهِ (يُرَجِّحُ ظَنَّهُ) بِالْمُرَادِ لِقِيَامِ قَرِينَةٍ حَالِيَّةٍ أَوْ مَقَالِيَّةٍ عِنْدَهُ بِذَلِكَ (فَيَجِبُ الرَّاجِحُ وَبِهِ) أَيْ وَبِشُهُودِهِ ذَلِكَ (يَنْدَفِعُ تَجْوِيزُ خَطَئِهِ بِظَنِّ مَا لَيْسَ دَلِيلًا دَلِيلًا) فَإِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْهُ ذَلِكَ مَعَ عَدَالَتِهِ وَعِلْمِهِ بِالْمَوْضُوعَاتِ اللُّغَوِيَّةِ وَمَوَاقِعِ اسْتِعْمَالِهَا وَحَالَةِ مَنْ صَدَرَ عَنْهُ ذَلِكَ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ الدَّلِيلُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْجَبَ ذَلِكَ وَقَدْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ (وَمِنْهُ) أَيْ تَرْكِ الظَّاهِرِ لِدَلِيلٍ (لَا مِنْ الْعَمَلِ بِبَعْضِ الْمُحْتَمَلَاتِ تَخْصِيصُ الْعَامِّ) مِنْ الصَّحَابِيِّ (يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى سَمَاعِ الْمُخَصِّصِ كَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ) مَرْفُوعًا «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ

(وَأَسْنَدَ أَبُو حَنِيفَةَ) عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ أَبِي رَزِينٍ (عَنْهُ) أَيْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا مَعْنَاهُ (لَا تُقْتَلُ الْمُرْتَدَّةُ) إذْ لَفْظُهُ لَا تُقْتَلُ النِّسَاءُ إذَا هُنَّ ارْتَدَدْنَ عَنْ الْإِسْلَامِ لَكِنْ يُحْبَسْنَ وَيُدْعَيْنَ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>