الْإِسْلَامِ وَيُجْبَرْنَ عَلَيْهِ (فَلَزِمَ) تَخْصِيصُهُ الْمُبَدَّلَ بِكَوْنِهِ مِنْ الرِّجَالِ لِسَمَاعِهِ مُخَصَّصًا لَهُ وَهُوَ إمَّا «نَهْيُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ» كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَإِمَّا سَمَاعُهُ خُصُوصَ ذَلِكَ فَقَدْ أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُقْتَلْ الْمُرْتَدَّةُ إذَا ارْتَدَّتْ» وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْسٍ الْجَزَرِيُّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ كَذَّابٌ يَضَعُ الْحَدِيثَ أَوْ ثُبُوتُ ذَلِكَ عِنْدَهُ بِوَجْهٍ غَيْرِ سَمَاعِهِ نَفْسِهِ لَهُ فَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ هَذَا مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا (خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ فَقَالُوا يُقْتَلُ عَمَلًا بِالْعُمُومِ الظَّاهِرِ (فَلَوْ كَانَ) الْمَرْوِيُّ (مُفَسَّرًا وَتُسَمِّيهِ الشَّافِعِيَّةُ نَصًّا عَلَى مَا سَلَفَ) فِي التَّقْسِيمِ الثَّانِي لِلْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ دَلَالَتِهِ أَوَائِلَ الْكِتَابِ (وَتَرْكُهُ) أَيْ الصَّحَابِيِّ (بَعْدَ رِوَايَتِهِ لَا إنْ لَمْ يُعْرَفْ تَارِيخٌ) لِتَرْكِهِ وَرِوَايَتِهِ لَهُ (تَعَيَّنَ كَوْنُ تَرْكِهِ لِعَمَلِهِ بِالنَّاسِخِ) لِأَنَّهُ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُخَالِفَ النَّصَّ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَلَا وَجْهَ لِمُخَالَفَتِهِ لَهُ سِوَى اطِّلَاعِهِ عَلَى نَاسِخٍ لَهُ فَيَتَعَيَّنُ. (فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ) فِي تَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (وَبِهِ) أَيْ كَوْنِ تَرْكِ الرَّاوِي الْمَرْوِيَّ الْمُفَسَّرَ وَعَمَلِهِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ رِوَايَتِهِ لَهُ إنَّمَا يَكُونُ لِعِلْمِهِ بِالنَّاسِخِ (يَتَبَيَّنُ نَسْخُ حَدِيثُ السَّبْعِ مِنْ الْوُلُوغِ) أَيْ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» (إذْ صَحَّ اكْتِفَاءً) رِوَايَةُ (أَبِي هُرَيْرَةَ بِالثَّلَاثِ) كَمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ (فَيَقْوَى بِهِ) أَيْ بِاكْتِفَائِهِ بِالثَّلَاثِ (حَدِيثُ اغْسِلُوهُ ثَلَاثًا وَمِمَّنْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ) وَلَكِنْ لَفْظُهُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي «الْكَلْبِ يَلَغُ فِي الْإِنَاءِ يُغْسَلُ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا» ثُمَّ قَالَ تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ إسْمَاعِيلَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ ثُمَّ إنَّمَا يَقْوَى بِهِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا (لِمُوَافَقَتِهِ الدَّلِيلَ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ الدَّلِيلَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى ذِكْرِ الثَّلَاثِ فِي تَطْهِيرِ النَّجَاسَةِ
(وَلَا خَفَاءَ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ الضَّعْفِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فِي مُسَمَّاهُ) أَيْ الضَّعِيفِ (بَلْ) إنَّمَا يُعْتَبَرُ (ظَاهِرًا فَإِذَا اعْتَضَدَ) الضَّعِيفُ بِمُؤَيِّدٍ لَهُ (ظَهَرَ أَنَّ مَا ظَهَرَ غَيْرُ الْوَاقِعِ كَمَا يَضْعُفُ ظَاهِرُ الصِّحَّةِ بِعِلَّةٍ بَاطِنَةٍ وَاحْتِمَالُ ظَنِّ الصَّحَابِيِّ مَا لَيْسَ نَاسِخًا نَاسِخًا لَا يَخْفَى بُعْدُهُ فَوَجَبَ نَفْيُهُ) أَيْ هَذَا الِاحْتِمَالِ لِانْتِفَاءِ الدَّلِيلِ الْمُلْجِئِ إلَى اعْتِبَارِهِ (قَالُوا النَّصُّ وَاجِبُ الِاتِّبَاعِ قُلْنَا نَعَمْ وَهُوَ النَّاسِخُ الَّذِي لِأَجْلِهِ تَرَكَ) الْمَرْوِيُّ الْمُفَسَّرُ لَا نَفْسُ الْمُفَسِّرِ (وَمِنْهُ) أَيْ تَرْكِ الصَّحَابِيِّ مَرْوِيَّهُ بَعْدَ رِوَايَتِهِ لَهُ حَتَّى يَكُونَ تَرْكُهُ نَسْخًا لِمَرْوِيِّهِ (تَرْكُ ابْنِ عُمَرَ الرَّفْعَ) لِلْيَدَيْنِ فِيمَا عَدَا تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ مِنْ الصَّلَاةِ (عَلَى مَا صَحَّ عَنْ مُجَاهِدٍ صَحِبْت ابْنَ عُمَرَ سِنِينَ فَلَمْ أَرَهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَّا فِي تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ) أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِلَفْظِ مَا رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَّا فِي أَوَّلِ مَا يَفْتَتِحُ وَالطَّحَاوِيُّ بِلَفْظِ صَلَّيْت خَلْفَ ابْنِ عُمَرَ فَلَمْ يَكُنْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَّا فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ مَا أَخْرَجَ السِّتَّةُ عَنْهُ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ كَبَّرَ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ وَإِذَا رَفَعَ مِنْ الرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ» وَإِنْ جُهِلَ تَارِيخُ الْمُخَالَفَةِ لِلْمَرْوِيِّ لَمْ يُرَدَّ بِهَا الْحَدِيثُ لِأَنَّ الْحَدِيثَ حُجَّةٌ بِيَقِينٍ فِي الْأَصْلِ وَوَقَعَ الشَّكُّ فِي سُقُوطِهِ فَلَا يَسْقُطُ بِالشَّكِّ وَحُمِلَتْ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ الرِّوَايَةِ حَمْلًا لِأَمْرِهِ عَلَى أَحْسَنِ الْوَجْهَيْنِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ وَقَدْ عُرِفَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ مُخَالَفَتُهُ قَبْلَ الرِّوَايَةِ بِيَقِينٍ لَا تَكُونُ مُخَالَفَتُهُ جَرْحًا فِي الْحَدِيثِ إذْ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْعَدْلِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْحُكْمُ الْمُخَالِفُ لِلْحَدِيثِ مَذْهَبًا لَهُ ثُمَّ بَلَغَهُ الْحَدِيثُ أَنَّهُ يَتْرُكُ مَذْهَبَهُ وَيَرْجِعُ إلَى الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ.
(وَكَتَخْصِيصِهِ) أَيْ الصَّحَابِيِّ الرَّاوِي (الْعَامَّ تَقْيِيدُهُ لِلْمُطْلَقِ) فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى سَمَاعِ الْمُقَيِّدِ لِإِطْلَاقِهِ (فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَمَلَهُ) أَيْ الصَّحَابِيِّ الرَّاوِي لَهُ (وَعَلِمَ عَمَلَ الْأَكْثَرِ بِخِلَافِهِ) أَيْ الْخَبَرِ (اتَّبَعَ الْخَبَرَ) لِأَنَّ غَيْرَ الرَّاوِي جَازَ أَنْ لَا يَكُونَ عَالِمًا بِذَلِكَ الْمَرْوِيِّ ثُمَّ لَيْسَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ حُجَّةً فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ رَاجِحًا يُتْرَكُ بِهِ الْخَبَرُ (وَمَنْ يَرَى حُجِّيَّةَ إجْمَاعِ) أَهْلِ (الْمَدِينَةِ) كَمَالِكٍ (يَسْتَثْنِيهِ) فَيَقُولُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ إجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَالْعَمَلُ بِإِجْمَاعِهِمْ (كَإِجْمَاعِ الْكُلِّ) لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْحَنَفِيَّةُ لَمْ يَذْكُرُوا هَذَا الْقِسْمَ.
وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وَمُوَافِقُوهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَصَاحِبِ الْبَدِيعِ فَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ غَيْرِ حِكَايَةِ خِلَافٍ لِلْحَنَفِيَّةِ فِيهِ حُكْمًا مِنْهُ بِأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ يُوَافِقُ قَوْلَ الْحَنَفِيَّةِ أَخْذًا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute