(بِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ ظُهُورُ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْحُكْمِ) الْأَوَّلِ (بِإِلْهَامِهِ تَعَالَى لِلْمُجْتَهِدِينَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلرَّأْيِ دَخْلٌ فِي مَعْرِفَةِ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْحُكْمِ وَزَمَانِ نَسْخِ مَا ثَبَتَ بِالْوَحْيِ وَإِنْ انْتَهَى بِوَفَاتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِامْتِنَاعِ نَسْخِ الْوَحْيِ بَعْدَهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (لَكِنَّ زَمَانَ نَسْخِ مَا ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ لَمْ يَنْتَهِ بِهِ) أَيْ بِمَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (لِبَقَاءِ زَمَانِ انْعِقَادِهِ) أَيْ الْإِجْمَاعِ وَحُدُوثِهِ (فَجَازَ أَنْ يُجْمَعَ عَلَى خِلَافِ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ) إذْ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَنْعَقِدَ إجْمَاعٌ لِمَصْلَحَةٍ ثُمَّ تَتَبَدَّلُ تِلْكَ الْمَصْلَحَةُ فَيَنْعَقِدُ إجْمَاعٌ نَاسِخٌ لَهُ (فَيَظْهَرُ بِالْإِجْمَاعِ الْمُتَأَخِّرِ انْتِهَاءُ مُدَّةِ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ السَّابِقِ إلَّا أَنَّ شَرْطَهُ) أَيْ نَسْخِ الْإِجْمَاعِ الْإِجْمَاعَ (الْمُمَاثَلَةُ) بَيْنَهُمَا فِي الْقُوَّةِ (فَلَا يَنْسَخُ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ إجْمَاعٌ) مِنْ غَيْرِهِمْ (بَعْدَهُ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ إجْمَاعِهِمْ لِانْتِفَاءِ الْمُمَاثَلَةِ قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا) التَّوْجِيهَ (لَا يَتَأَتَّى إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الْإِجْمَاعِ لَا عَنْ مُسْتَنَدٍ وَلَيْسَ) هَذَا الْقَوْلُ الْقَوْلَ (السَّدِيدَ ثُمَّ نَاقَضَ) فَخْرُ الْإِسْلَامِ هَذَا (قَوْلَهُ فِي النَّسْخِ وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ يَجُوزُ النَّسْخُ بِهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ النَّسْخَ بِهِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْإِجْمَاعُ لَيْسَ حُجَّةً فِي حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا إجْمَاعَ بِدُونِ رَأْيِهِ وَالرُّجُوعُ إلَيْهِ فَرْضٌ وَإِذَا وُجِدَ مِنْهُ الْبَيَانُ فَالْمُوجِبُ لِلْعِلْمِ هُوَ الْبَيَانُ الْمَسْمُوعُ مِنْهُ وَإِذَا صَارَ الْإِجْمَاعُ وَاجِبَ الْعَمَلِ بِهِ) بَعْدَهُ (لَمْ يَبْقَ النَّسْخُ مَشْرُوعًا) بَعْدَهُ (وَجُوِّزَ أَنْ يُرِيدَ) فَخْرُ الْإِسْلَامِ بِالصَّحِيحِ الْمَذْكُورِ كَمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي الْكَشْفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ (لَا يُنْسَخُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ بِالْإِجْمَاعِ أَمَّا نَسْخُ الْإِجْمَاعِ بِالْإِجْمَاعِ فَيَجُوزُ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَنْعَقِدُ بِخِلَافِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَنْسَخَهُمَا وَيُتَصَوَّرُ أَنْ يَنْعَقِدَ إجْمَاعٌ بِمَصْلَحَةٍ ثُمَّ تَتَبَدَّلَ تِلْكَ الْمَصْلَحَةُ فَيَنْعَقِدَ إجْمَاعٌ آخَرُ عَلَى خِلَافِ الْإِجْمَاعِ الْأَوَّلِ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الْمُرَادُ إذَا كَانَ (لِمُجَرَّدِ دَفْعِ الْمُنَاقَضَةِ لَا يَقْوَى اخْتِيَارُهُ لِلضَّعِيفِ) وَهُوَ أَنَّ النَّسْخَ يَكُونُ بِالْإِجْمَاعِ
(ثُمَّ هُوَ) أَيْ هَذَا الْمُرَادُ (مُنَافٍ لِقَوْلِهِ النَّسْخُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي حَيَاتِهِ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُنَافَاةِ (وَمَا قِيلَ) كَمَا هُوَ مُحَصَّلُ بَحْثٍ فِي التَّلْوِيحِ (جَازَ وُقُوعُ الْإِجْمَاعِ الثَّانِي عَنْ نَصٍّ رَاجِحٍ عَلَى مُسْتَنَدِ الْإِجْمَاعِ الْأَوَّلِ وَلَا يُعْلَمُ تَأَخُّرُهُ) أَيْ النَّصِّ الرَّاجِحِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ مُسْتَنَدِ الْأَوَّلِ (كَيْ لَا يُنْسَبَ النَّسْخُ إلَى النَّصِّ فَيَقَعَ الْإِجْمَاعُ الثَّانِي مُتَأَخِّرًا) عَنْ الْأَوَّلِ (فَيَكُونَ نَاسِخًا) لِلْأَوَّلِ (لَمْ يَزِدْ عَلَى اشْتِرَاطِ تَأَخُّرِ النَّاسِخِ) عَنْ الْمَنْسُوخِ (ثُمَّ لَا يُفِيدُ) تَوَجُّهُ نَسْخِ الْإِجْمَاعِ الْمُتَأَخِّرِ بِسَبَبِ كَوْنِ مُسْتَنَدِهِ أَقْوَى (لِأَنَّهُ إذَا فُرِضَ تَحَقُّقُ الْإِجْمَاعِ عَنْ نَصٍّ امْتَنَعَ مُخَالَفَتُهُ) أَيْ ذَلِكَ الْإِجْمَاعِ (وَلَوْ ظَهَرَ نَصٌّ أَرْجَحُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ نَصِّ الْإِجْمَاعِ الْمَذْكُورِ (لِصَيْرُورَةِ ذَلِكَ الْحُكْمِ) الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ (قَطْعِيًّا بِالْإِجْمَاعِ فَلَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْإِجْمَاعُ بِخِلَافِهِ) .
[مَسْأَلَةٌ إذَا رُجِّحَ قِيَاسٌ مُتَأَخِّرٌ لِتَأَخُّرِ شَرْعِيَّةِ حُكْمِ أَصْلِهِ عَنْ نَصٍّ عَلَى نَقِيضِ حُكْمِهِ]
(مَسْأَلَةٌ إذَا رُجِّحَ قِيَاسٌ مُتَأَخِّرٌ لِتَأَخُّرِ شَرْعِيَّةِ حُكْمِ أَصْلِهِ عَنْ نَصٍّ عَلَى نَقِيضِ حُكْمِهِ) أَيْ حُكْمِ الْأَصْلِ (فِي الْفَرْعِ) فَلِتَأَخُّرِ بَيَانِ وَجْهِ كَوْنِهِ مُتَأَخِّرًا. وَ " عَنْ نَصٍّ " مُتَعَلِّقٌ بِ " تَأَخُّرِ " بَيَانٌ لِلْمُتَأَخِّرِ عَنْهُ، وَ " عَلَى نَقِيضٍ " مُتَعَلِّقٌ بِ " نَصٍّ " أَيْ عَنْ نَصٍّ عَلَى نَقِيضِ حُكْمِ ذَلِكَ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ سَابِقِ ذَلِكَ النَّصِّ عَلَى حُكْمِ أَصْلِ ذَلِكَ الْقِيَاسِ مِمَّا بِحَيْثُ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ الْقِيَاسُ إذَا عَارَضَهُ مِمَّا لَيْسَ بِقِيَاسٍ أَوْ سَاوَاهُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فَإِنَّ النَّاسِخَ عِنْدَنَا لَا يَلْزَمُ رُجْحَانُهُ بَلْ يَنْسَخُ الْمُسَاوِيَ لِغَيْرِهِ الْمُعَارِضَ لَهُ إذَا تَأَخَّرَ عَنْهُ وَجَوَابُ إذَا (وَجَبَ نَسْخُهُ) أَيْ الْقِيَاسِ (إيَّاهُ) أَيْ النَّصِّ السَّابِقِ (لِمَنْ يُجِيزُ تَقْدِيمَهُ) أَيْ الْقِيَاسِ (عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ بِشُرُوطِهِ) أَيْ النَّسْخِ (دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَنْ يُجِيزُ تَقْدِيمَهُ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ
(وَكَذَا) الْمُعَارِضُ (الْمُسَاوِي) مِثَالُهُ نَصَّ الشَّارِعُ عَلَى عَدَمِ رِبَوِيَّةِ الذُّرَةِ ثُمَّ نَصَّ بَعْدَهُ عَلَى رِبَوِيَّةِ الْقَمْحِ وَهُوَ أَصْلُ قِيَاسِ رِبَوِيَّةِ الذُّرَةِ عَلَى الْقَمْحِ فَقَدْ اقْتَضَى الْقِيَاسُ الْمُتَأَخِّرُ لِتَأَخُّرِ شَرْعِيَّةِ حُكْمِ أَصْلِهِ فِي الذُّرَةِ الرِّبَوِيَّةَ وَالنَّصُّ عَدَمُهَا فِيهَا مَعَ عِلْمِ تَأَخُّرِ أَحَدِ الْمُتَعَارِضَيْنِ وَهُوَ النَّسْخُ إنْ كَمُلَتْ شُرُوطُهُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (وَمَا قِيلَ فِي نَفْيِهِ) أَيْ النَّسْخِ (فِي) الْقِيَاسَيْنِ (الظَّنِّيَّيْنِ) كَمَا فِي أُصُولِ ابْنِ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ (بَيَّنَ الْقِيَاسَ) الثَّانِيَ الْمَظْنُونَ (زَوَالُ شَرْطِ الْعَمَلِ بِهِ) أَيْ بِالْقِيَاسِ الْأَوَّلِ الْمَظْنُونِ (وَهُوَ) أَيْ شَرْطُ عَمَلِهِ (رُجْحَانُهُ) أَيْ الْأَوَّلِ الْمَظْنُونِ بِأَنْ لَا يَظْهَرَ لَهُ مُعَارِضٌ رَاجِحٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute