للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى إحْدَاهُمَا، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ، وَمِنْ جِهَةِ الْبَرَاءَةِ وَالِاحْتِيَاطِ فَيَنْقُلُ كَمَا سَمِعَ.

(قُلْت) : ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا فِيهِ رِوَايَتَانِ لَا يَخْرُجُ عَنْ أَحَدِ هَذِهِ الْمَوَارِدِ لَا أَنَّ كُلًّا مِمَّا فِيهِ ذَلِكَ يَتَخَرَّجُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِعَدَمِ اطِّرَادِ كُلِّ مَا فِيهِ رِوَايَتَانِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ كُلَّ مَا فِيهِ رِوَايَتَانِ صَالِحٌ لِأَحَدِهِمَا، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ

[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ]

(مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ) أَيْ مَا كَانَ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ دَلِيلُهُ ظَنِّيٌّ فَخَرَجَ الْعَقْلِيُّ، وَاللُّغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَمَا دَلِيلُهُ قَطْعِيٌّ (صَحِيحٌ) فَخَرَجَ غَيْرُهُ ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّ الْوَجْهَ إسْقَاطٌ (إذَا لَمْ يُخَالِفْ مَا ذَكَرَ) أَيْ الْكِتَابَ، وَالسُّنَّةَ، وَالْإِجْمَاعَ، وَالْقِيَاسَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ صَحِيحًا مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِقَطْعِيٍّ مِنْهَا وَيُنْقَضُ إذَا خَالَفَ قَطْعِيًّا مِنْهَا اتِّفَاقًا، وَلَا يُنْقَضُ لِمُخَالَفَتِهِ لِظَنِّيٍّ مِنْهَا لِتَسَاوِيهِمَا فِي الرُّتْبَةِ ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حُكْمَ نَفْسِهِ بِأَنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ، أَوْ حُكْمَ غَيْرِهِ بِأَنْ خَالَفَ اجْتِهَادَهُ صَحَّ اجْتِهَادُهُ اتِّفَاقًا (وَإِلَّا) لَوْ نُقِضَ بِخِلَافِهِ (نُقِضَ) ذَلِكَ (النَّقْضُ) بِخِلَافِهِ أَيْضًا (وَتَسَلْسَلَ) إذْ يَجُوزُ نَقْضُ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ النَّقْضُ، وَهَكَذَا لَا إلَى نِهَايَةٍ (فَيَفُوتُ نَصْبُ الْحَاكِمِ مِنْ قَطْعِ الْمُنَازَعَاتِ) لِاضْطِرَابِ الْأَحْكَامِ وَعَدَمِ الْوُثُوقِ بِهَا ثُمَّ كَذَا حَكَى الِاتِّفَاقَ الْمَذْكُورَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُمَا فَلَا يَتِمُّ حِينَئِذٍ تَجْوِيزُ ابْنِ الْقَاسِمِ نَقْضَ مَا بَانَ أَنَّ غَيْرَهُ صَوَابٌ (وَفِي أُصُولِ الشَّافِعِيَّةِ لَوْ حَكَمَ) حَاكِمٌ مُجْتَهِدٌ (بِخِلَافِ اجْتِهَادِهِ، وَإِنْ) كَانَ الْحَاكِمُ الْمُجْتَهِدُ (مُقَلِّدًا فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ مُجْتَهِدًا آخَرَ (كَانَ) ذَلِكَ الْحُكْمُ (بَاطِلًا اتِّفَاقًا وَعُلِّلَ) كَمَا فِي شَرْحِ الْعَضُدِ (بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِظَنِّهِ وَعَدَمُ جَوَازِ تَقْلِيدِهِ) مَعَ اجْتِهَادِهِ (إجْمَاعًا إنَّمَا الْخِلَافُ) فِي جَوَازِ تَقْلِيدِهِ لِمُجْتَهِدٍ آخَرَ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ اجْتِهَادِهِ (عَلَى مَا مَرَّ) فِيمَا قِيلَ قَبْلَهَا (وَأَنْتَ عَلِمْت قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ بِنَفَاذِ قَضَائِهِ عَلَى خِلَافِ اجْتِهَادِهِ فَبَطَلَ) اتِّفَاقُ (عَدَمِ نَفَاذِهِ وَأَنَّ فِي التَّقْلِيدِ) لِغَيْرِهِ (بَعْدَ الِاجْتِهَادِ) مِنْهُ (رِوَايَتَيْنِ) عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا (ثُمَّ عَدَمُ حِلِّ التَّقْلِيدِ) عَلَى مَا قِيلَ: إنَّ الْخِلَافَ فِيهِ (لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ النَّفَاذِ لَوْ اُرْتُكِبَ) التَّقْلِيدُ (فَكَمْ تَصَرُّفٍ لَا يَحِلُّ يُبْتَنَى عَلَيْهِ صِحَّةُ وَنَفَاذُ الْآخَرِ) كَعِتْقِ الْمُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا (وَلِلشَّافِعِيَّةِ) فَرْعٌ لَوْ تَزَوَّجَ (مُجْتَهِدٌ) امْرَأَةً (بِلَا وَلِيٍّ) بِنَاءً عَلَى جَوَازِهِ فِي اجْتِهَادِهِ (فَتَغَيَّرَ) اجْتِهَادُهُ بِأَنْ رَآهُ غَيْرَ جَائِزٍ (فَالْمُخْتَارُ التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا) أَيْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالتَّحْرِيمِ أَمْ لَا (لِأَنَّهُ مُسْتَدِيمٌ لِمَا يَعْتَقِدُهُ حَرَامًا) ، وَهُوَ بَاطِلٌ.

(وَقِيلَ) يَحْرُمُ (بِقَيْدِ أَنْ لَا يَحْكُمَ بِهِ) أَيْ بِالْجَوَازِ، فَإِنْ حَكَمَ بِهِ لَا يَحْرُمُ (وَإِلَّا) لَوْ حُرِّمَ بَعْدَ حُكْمِ حَاكِمٍ بِجَوَازِهِ (نُقِضَ الْحُكْمُ) الْجَوَازُ (بِالِاجْتِهَادِ) الْمُؤَدِّي إلَى التَّحْرِيمِ، وَالْحُكْمُ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ (وَلَوْلَا مَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ) مَا سَيَأْتِي (لِحُكْمٍ بِأَنَّ) هَذَا (الْخِلَافَ خَطَأٌ وَأَنَّ الْقَيْدَ) أَيْ عَدَمَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْجَوَازِ (مُرَادُ الْمُطْلِقِ) لِلتَّحْرِيمِ (إذْ لَمْ يُنْقَلْ خِلَافٌ فِي) الْمَسْأَلَتَيْنِ (السَّابِقَتَيْنِ) فِي مَسْأَلَةِ الْجُبَّائِيِّ وَنُسِبَ إلَى الْمُعْتَزِلَةِ لَا حُكْمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الِاجْتِهَادِيَّةِ إلَخْ يَعْنِي فِي لُزُومِ حِلِّ (الْمُجْتَهِدَةِ) الْحَنَفِيَّةِ (زَوْجَةِ الْمُجْتَهِدِ) الشَّافِعِيِّ لَهُ وَحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ بَائِنٌ ثُمَّ رَاجَعَهَا (وَحِلُّهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ الَّتِي تَزَوَّجَهَا مُجْتَهِدٌ بِلَا وَلِيٍّ ثُمَّ مُجْتَهِدٌ بِوَلِيٍّ (لِلِاثْنَيْنِ) أَيْ الْمُجْتَهِدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ يَرْفَعُ حُكْمَ الْخِلَافِ لَكِنْ عِنْدَهُ) أَيْ أَبِي يُوسُفَ (فِي مُجْتَهِدٍ طَلَّقَ أَلْبَتَّةَ وَنَوَى وَاحِدَةً فَقَضَى) عَلَيْهِ (بِثَلَاثٍ) بِهَا (إنْ كَانَ) الْمُجْتَهِدُ (مَقْضِيًّا عَلَيْهِ لَزِمَ) أَيْ وَقَعَ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ (أَوْ) كَانَ مَقْضِيًّا (لَهُ أَخَذَ بِأَشَدِّ الْأَمْرَيْنِ فَلَوْ قَضَى بِالرَّجْعَةِ) لَهُ (وَمُعْتَقَدُهُ الْبَيْنُونَةُ يُؤْخَذُ بِهَا) أَيْ بِالْبَيْنُونَةِ (فَلَمْ يُرْفَعْ حُكْمُ رَأْيِهِ بِالْقَضَاءِ مُطْلَقًا كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ) ، فَإِنَّهُ قَالَ يُرْفَعُ مُطْلَقًا (وَلَوْ أَنَّ الْمُتَزَوِّجَ مُقَلِّدٌ ثُمَّ عَلِمَ تَغَيُّرَ اجْتِهَادِ إمَامِهِ فَالْمُخْتَارُ كَذَلِكَ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَإِمَامِهِ (وَلَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ عَمِلَ فِي الْبَاقِي) مِنْ صَلَاتِهِ (بِهِ) أَيْ بِاجْتِهَادِهِ الثَّانِي (وَالْأَصْلُ أَنَّ تَغَيُّرَهُ) أَيْ الِاجْتِهَادِ (كَحُدُوثِ النَّاسِخِ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَالْمَاضِي عَلَى الصِّحَّةِ) ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُكْمَ التَّغْيِيرِ بِالِاجْتِهَادِ فِي الْعِبَادَةِ، وَالْمُعَامَلَةِ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنَّهُ شَبَهُ النَّاسِخِ وَابْتَنَى عَلَيْهِ فِي الْعِبَادَةِ الصِّحَّةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَفِي الْمُعَامَلَةِ فَسَادُهُ ذَكَرَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>