للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ أَوْ كَوْنُهُ مُودَعًا فِي يَدِهِ فَمِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ لَا يَثْبُتُ أَحَدُهُمَا بِعَيْنِهِ بِإِطْلَاقِ الْعِنْدِيَّةِ (وَإِنَّمَا تَثْبُتُ) الْوَدِيعَةُ (بِإِطْلَاقِهَا) أَيْ عِنْدَ (كَعِنْدِي أَلْفٌ) لِمَعْنًى آخَرَ أَعَنَى (لِأَصْلِيَّةِ الْبَرَاءَةِ فَتَوَقَّفَ الدَّيْنُ عَلَى ذِكْرِهِ مَعَهَا) أَيْ عِنْدَ لِكَوْنِهِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَلَمْ يَتَوَقَّفْ كَوْنُهُ وَدِيعَةً عَلَى ذِكْرِهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى خِلَافِهِ وَهِيَ أَدْنَى مُؤَدَّى اللَّفْظِ فَتَعَيَّنَتْ حَيْثُ لَا مُعَيِّنَ قَطْعِيٌّ يُعَيِّنُ غَيْرَهَا

[مَسْأَلَةُ غَيْرُ اسْمٌ مُتَوَغِّلٌ فِي الْإِبْهَامِ]

(مَسْأَلَةٌ غَيْرُ) اسْمٌ مُتَوَغِّلٌ فِي الْإِبْهَامِ (صِفَةٌ) وَهُوَ الْأَصْلُ فِيهِ (فَلَا يُفِيدُ حَالَ مَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ كَجَاءَ رَجُلٌ غَيْرُ زَيْدٍ وَاسْتِثْنَاءٌ) وَهُوَ عَارِضٌ عَلَيْهِ (فَيُفِيدُهُ) أَيْ حَالَ مَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ (وَيَلْزَمُهَا) أَيْ غَيْرَ إذَا كَانَتْ اسْتِثْنَاءً (إعْرَابُ الْمُسْتَثْنَى كَجَاءُوا غَيْرَ زَيْدٍ أَفَادَتْ عَدَمَهُ) أَيْ الْمَجِيءِ (مِنْهُ) أَيْ زَيْدٍ وَتَعَيَّنَ نَصْبُهَا لِتَعَيُّنِهِ لِلْمُسْتَثْنَى لَوْ كَانَ بِإِلَّا وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي فَنِّهِ (فَلَهُ دِرْهَمٌ غَيْرُ دَانَقٍ) بِرَفْعِ غَيْرِ (يَلْزَمُهُ) الدِّرْهَمُ (تَامًّا) لِأَنَّ غَيْرًا حِينَئِذٍ صِفَةٌ لِدِرْهَمٍ فَالْمَعْنَى دِرْهَمٌ مُغَايِرٌ لِلدَّانَقِ وَهُوَ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ قِيرَاطَانِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ (وَبِالنَّصْبِ) يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ (بِنَقْصِهِ) أَيْ الدَّانَقِ مِنْهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ اسْتِثْنَاءٌ فَالْمَعْنَى دِرْهَمٌ إلَّا دَانَقًا (وَفِي دِينَارٍ غَيْرَ عَشَرَةٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ (بِالنَّصْبِ كَذَلِكَ) أَيْ بِنَقْصٍ مِنْ الدِّينَارِ قِيمَةَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَيَلْزَمُهُ الْبَاقِي هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ (وَتَامٌّ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ دِينَارٌ كَامِلٌ (عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِلِانْقِطَاعِ) أَيْ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ (لِشَرْطِهِ) أَيْ مُحَمَّدٍ (فِي الِاتِّصَالِ صُورَةً وَمَعْنًى) أَيْ التَّجَانُسُ الصُّورِيُّ وَالتَّجَانُسُ الْمَعْنَوِيُّ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَالْمُسْتَثْنَى وَالدِّرْهَمُ لَيْسَ بِمُجَانِسٍ لِلدِّينَارِ صُورَةً

(وَاقْتَصَرَا) أَيْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ (عَلَيْهِ) أَيْ التَّجَانُسِ الصُّورِيِّ بَيْنَهُمَا شَرْطًا فِي الِاتِّصَالِ (وَقَدْ جَمَعَهُمَا) أَيْ الدِّرْهَمَ وَالدِّينَارَ التَّجَانُسُ الْمَعْنَوِيُّ وَهُوَ (الثَّمَنِيَّةُ فَالْمَعْنَى مَا قِيمَتُهُ دِينَارٌ غَيْرُ عَشَرَةٍ) فَكَانَ مُتَّصِلًا فَلَزِمَهُ مِنْ قِيمَةِ الدِّينَارِ مَا سِوَى الْعَشَرَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَهَذَا آخِرُ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْكَلَامِ فِي شَرْحِ مَا تَضَمَّنَتْهُ الْمَقَالَةُ الْأُولَى وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمَسْئُولُ فِي تَيْسِيرِ شَرْحِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْمَقَالَةُ الثَّانِيَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوْجَهِ وَالْأَوْلَى وَأَنْ يُيَسِّرَنَا لِلْيُسْرَى وَيُجَنِّبَنَا الْعُسْرَى وَيَرْزُقَنَا الْعَافِيَةَ فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى آمِينَ

[الْمَقَالَةُ الثَّانِيَةُ فِي أَحْوَالِ الْمَوْضُوعِ]

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْأَحْكَامِ]

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْحُكْمِ]

(الْمَقَالَةُ الثَّانِيَةُ فِي أَحْوَالِ الْمَوْضُوعِ وَعَلِمْت) إجْمَالًا فِي الْمُقَدِّمَةِ (إدْخَالَ بَعْضِهِمْ) كَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ (الْأَحْكَامَ) فِي الْمَوْضُوعِ وَذَكَرْنَا ثَمَّةَ مَا ظَهَرَ لَنَا فِيهِ (فَانْكَسَرَتْ) أَيْ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْمَقَالَة بِسَبَبِ هَذَا الْإِدْخَالَ (عَلَى خَمْسَةِ أَبْوَابٍ) فِي الْأَحْكَامِ وَفِي أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ.

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْأَحْكَامِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ) فِي الْحُكْمِ وَالْحَاكِمِ وَالْمَحْكُومِ فِيهِ وَالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ) فِي الْحُكْمِ (لَفْظُ الْحُكْمِ) الشَّرْعِيِّ (يُقَالُ لِلْوَضْعِيِّ) أَيْ لِلْخِطَابِ الْوَضْعِيِّ (قَوْلُهُ) أَيْ اللَّهِ تَعَالَى (النَّفْسِيُّ جَعَلْتُهُ) أَيْ كَذَا كَكَشْفِ الْعَوْرَةِ فِي حَالَةِ السَّعَةِ (مَانِعًا) مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ (أَوْ) جَعَلْت كَذَا (عَلَامَةً عَلَى تَعَلُّقِ الطَّلَبِ) لِفِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ مِنْ الْمُكَلَّفِ وَقْتَئِذٍ (كَالدُّلُوكِ وَالتَّغَيُّرِ) فَإِنَّ دُلُوكَ الشَّمْسِ وَهُوَ زَوَالُهَا وَقِيلَ غُرُوبُهَا وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ كَمَا نَطَقَ بِهِ غَيْرُ مَا حَدِيثٍ دَلِيلٌ عَلَى طَلَبِ إقَامَةِ الصَّلَاةِ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ وَتَغَيُّرُهَا لِلْغُرُوبِ دَلِيلٌ عَلَى طَلَبِ تَرْكِ غَيْرِ الْوَقْتِيَّةِ مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ (أَوْ) عَلَامَةٌ عَلَى (الْمِلْكِ أَوْ زَوَالِهِ) كَالْبَيْعِ فَإِنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَالْبَائِعِ الثَّمَنَ وَعَلَى زَوَالِ مِلْكِ الْبَائِعِ عَنْ الْمَبِيعِ وَزَوَالِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ وَجْهُ تَسْمِيَةِ هَذَا الْقَسَمِ بِالْخِطَابِ الْوَضْعِيِّ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَهُ بِوَضْعِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ بِجَعْلِهِ (فَفِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْحُكْمُ) أَيْ الَّذِي وُضِعَ لِحُكْمٍ فَكَانَ ذَلِكَ الْحُكْمُ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ (مَعَ ظُهُورِ الْمُنَاسَبَةِ) بَيْنَ مَا وُضِعَ وَحُكْمُهُ (الْبَاعِثَةِ) لِشَرْعِيَّةِ الْحُكْمِ لِذَلِكَ الْمَوْضُوعِ (وَضْعِ الْعِلِّيَّةِ) كَالْقِصَاصِ لِلْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعَدُوَّانِ وَسَتَعْلَمُ الْمُرَادَ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ فِي بَحْثِ الْعِلَّةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُنَاسَبَةٌ ظَاهِرَةٌ (فَمَعَ الْإِفْضَاءِ فِي الْجُمْلَةِ) إلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ (وَضْعُ السَّبَبِ) كَمِلْكِ النِّصَابِ لِلزَّكَاةِ (وَمَعَهُ) أَيْ وَمَا كَانَ مَعَ الْحُكْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>