للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى نَقْلِهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْجَبْ حَادِثٍ فِي الْعَالَمِ وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يَحْصُلُ الدَّاعِيَةُ عَلَى إشَاعَتِهِ إذْ لَيْسَ يَظْهَرُ لِلْكِتْمَانِ سَبَبٌ سِوَى ذَلِكَ (وَنُقِلَ اشْتِقَاقُ الْقَمَرِ وَتَسْبِيحُ الْحَصَى وَالطَّعَامِ وَحُنَيْنُ الْجِذْعِ وَسَعْيُ الشَّجَرَةِ وَتَسْلِيمُ الْحَجَرِ وَالْغَزَالَةِ) لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (آحَادًا) مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهَا مِمَّا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ (أُجِيبَ بِإِحَالَةِ الْعَادَةِ وَشُمُولِ حَامِلٍ) عَلَى الْكِتْمَانِ (لِلْكُلِّ) كَمَا تُحِيلُ اتِّفَاقُهُمْ فِي دَاعٍ لَا كْلِ طَعَامٍ وَاحِدٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ

(وَالظَّاهِرُ عَدَمُ حُضُورِ عِيسَى) وَقْتَ كَلَامِهِ فِي الْمَهْدِ (إلَّا الْآحَادَ) مِنْ الْأَهْلِ الَّذِينَ أَتَتْ بِهِ تَحْمِلُهُ إلَيْهِمْ (وَإِلَّا) لَوْ حَضَرَهُ الْجَمُّ الْغَفِيرُ (وَجَبَ الْقَطْعُ بِتَوَاتُرِهِ وَإِنْ انْقَطَعَ) التَّوَاتُرُ (لِحَامِلِ الْمُبَدِّلِينَ عَلَى إخْفَاءِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ) وَقْتَئِذٍ وَهُوَ قَوْلُهُ {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} [مريم: ٣٠] وَالْحَامِلُ عَلَى إخْفَائِهِمْ إيَّاهُ ادِّعَاؤُهُمْ أَنَّهُ إلَهٌ وَأَنَّهُ ابْنٌ فَإِنَّ كَلَامَهُ هَذَا الَّذِي بَدَأَ بِهِ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ اعْتِرَافُهُ بِالْعَبْدِيَّةِ لِلَّهِ وَهُوَ مُسَجَّلٌ عَلَيْهِمْ بِتَكْذِيبِهِمْ (وَهُوَ) أَيْ حُضُورُ الْجَمِّ الْغَفِيرِ إيَّاهُ مَعَ عَدَمِ نَقْلِهِ مُتَوَاتِرًا (إنْ جَازَ) عَقْلًا (فَخِلَافُ الظَّاهِرِ) الْمَقْطُوعِ بِهِ عَادَةً فَلَا يَقْدَحُ فِي الْقَطْعِ الْعَادِيِّ (وَمَا ذُكِرَ) مِمَّا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ مِنْ الْمُعْجِزَاتِ الْمَذْكُورَةِ (حَضَرَهُ الْآحَادُ وَلَازِمُهُ) أَيْ حُضُورَهُمْ إيَّاهُ (الشُّهْرَةُ) فَإِنَّ التَّوَاتُرَ يَمْتَنِعُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الطَّبَقَةَ الْأُولَى آحَادٌ فَبَقِيَ أَنْ يَتَوَاتَرَ فِي حَالِ الْبَقَاءِ وَهُوَ الشُّهْرَةُ (وَقَدْ تَحَقَّقَتْ) فِي ذَلِكَ فَأُخِذَ كَوْنُهَا مِمَّا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ مُقْتَضَاهُ (عَلَى أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ عَدَدُ التَّوَاتُرِ) فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (وَتَخَلَّفَ) تَوَاتُرُهُ (فَلِاكْتِفَاءِ الْبَعْضِ) مِنْ النَّاقِلِينَ لِذَلِكَ (بِأَعْظَمِهَا) أَيْ الْمُعْجِزَاتِ (الْقُرْآنِ) فَإِنَّهُ الْمُعْجِزَةُ الْمُسْتَمِرَّةُ الْبَاقِيَةُ فِي مُسْتَقْبَلِ الْأَزْمِنَةِ الدَّائِرَةِ عَلَى الْأَلْسِنَةِ فِي غَالِبِ الْأَمْكِنَةِ هَذَا وَقَدْ يُقَالُ كُلٌّ مِنْ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ وَحُنَيْنِ الْجِذْعِ مُتَوَاتِرٌ أَمَّا انْشِقَاقُ الْقَمَرِ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: ١] الْآيَةَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فَذَكَرَ الِانْشِقَاقَ بِلَفْظِ الْمَاضِي وَأَخْبَرَ أَنَّ الْكُفَّارَ أَعْرَضُوا عَنْ آيَتِهِ وَزَعَمُوا أَنَّهَا سِحْرٌ قَالَ وَأَجْمَع الْمُفَسِّرُونَ وَأَهْلُ السِّيَرِ عَلَى وُقُوعِهِ وَرَوَاهُ مِنْ الصَّحَابَةِ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةُ وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعَمٍ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَسٌ وَبَيَّنَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ مُخْرِجِي أَحَادِيثِهِمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ إلَّا حَدِيثَ عَلِيٍّ

قَالَ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ رَوَاهُ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَنَقَلَهُ عَنْهُمْ الْجَمُّ الْغَفِيرُ مِنْ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَأَمَّا حُنَيْنُ الْجِذْعِ فَإِنَّ طُرُقَهُ كَثِيرَةٌ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَمْرُهُ ظَاهِرٌ نَقَلَهُ الْخَلَفُ عَنْ السَّلَفِ وَإِيرَادُ الْأَحَادِيثِ فِيهِ كَالتَّكَلُّفِ قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ يَعْنِي لِشِدَّةِ شُهْرَتِهِ وَهُوَ كَمَا قَالَ فَقَدْ وَقَعَ لَنَا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَجَابِرٍ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَأَبِي وَأَبِي سَعِيدٍ وَبُرَيْدَةَ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَبَيَّنَ مُخْرِجِي أَحَادِيثِهِمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ فَلَا جَرَمَ أَنْ قَالَ السُّبْكِيُّ الصَّحِيحُ عِنْدِي فِي الْجَوَابِ الْتِزَامُ أَنَّ الِانْشِقَاقَ وَالْحَنِينَ مُتَوَاتِرَانِ اهـ ثُمَّ «تَسْبِيحُ الْحَصَى بِيَدِهِ» أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ «وَتَسْبِيحُ الطَّعَامِ وَهُمْ يَأْكُلُونَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمْ وَسَعْيُ الشَّجَرَةِ إلَيْهِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمَا وَتَسْلِيمُ الْحَجَرِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ فَخَرَجْنَا مَعَهُ فِي بَعْضِ نَوَاحِيهَا فَمَرَرْنَا بَيْنَ الْجِبَالِ وَالشَّجَرِ فَلَمْ نَمُرَّ بِجَبَلٍ وَلَا شَجَرٍ إلَّا قَالَ السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ» وَأَمَّا تَسْلِيمُ الْغَزَالَةِ فَقَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ فَمُشْتَهِرٌ فِي الْأَلْسِنَةِ وَفِي الْمَدَائِحِ النَّبَوِيَّةِ وَلَمْ أَقِفْ لِخُصُوصِ السَّلَامِ عَلَى سَنَدٍ وَإِنَّمَا وَرَدَ الْكَلَامُ فِي الْجُمْلَةِ ثُمَّ سَاقَ ذَلِكَ بِسَنَدِهِ وَأَفَادَ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْإِكْلِيلِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ

[مَسْأَلَةٌ تَعَارَضَ خَبَرُ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسُ]

(مَسْأَلَةٌ إذَا تَعَارَضَ خَبَرُ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسُ بِحَيْثُ لَا جَمْعَ) بَيْنَهُمَا مُمْكِنٌ (قُدِّمَ الْخَبَرُ مُطْلَقًا عِنْدَ الْأَكْثَرِ) مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ

(وَقِيلَ) قُدِّمَ (الْقِيَاسُ) وَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَى مَالِكٍ إلَّا أَنَّهُ اسْتَثْنَى أَرْبَعَ أَحَادِيثَ فَقَدَّمَهَا عَلَى الْقِيَاسِ حَدِيثَ غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ وَحَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ وَحَدِيثَ الْعَرَايَا وَحَدِيثَ الْقُرْعَةِ (وَأَبُو الْحُسَيْنِ) قَالَ قُدِّمَ الْقِيَاسُ (إنْ كَانَ ثُبُوتُ الْعِلَّةِ بِقَاطِعٍ) لِأَنَّ النَّصَّ عَلَى الْعِلَّةِ كَالنَّصِّ عَلَى حُكْمِهَا فَحِينَئِذٍ الْقِيَاسُ قَطْعِيٌّ وَالْخَبَرُ ظَنِّيٌّ وَالْقَطْعِيُّ مُقَدَّمٌ قَطْعًا (فَإِنْ لَمْ يُقْطَعْ) بِشَيْءٍ (سِوَى بِالْأَصْلِ) أَيْ بِحُكْمِهِ (وَجَبَ الِاجْتِهَادُ

<<  <  ج: ص:  >  >>