تِلْكَ الصَّلَاةُ وَسَقَطَتْ الْإِعَادَةُ وَحِينَئِذٍ لَا يَأْثَمُ إذَا صَلَّى بِظَنِّ الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ بِحَسَبِ الْوُسْعِ هَذَا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ الْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَلِمَنْ يُوجِبُ الْقَضَاءَ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ أَنْ يَجْعَلَ الْإِجْزَاءَ بِالِامْتِثَالِ مَشْرُوطًا بِعَدَمِ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ بِالْفَسَادِ أَمَّا مَعَ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ بِالْفَسَادِ فَلَيْسَ الْإِتْيَانُ بِالْمَأْمُورِ بِهِ دَلِيلَ الْإِجْزَاءِ اهـ مَشْرُوحًا وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تُفِيدُ أَنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ عِنْدَ ظُهُورِ عَدَمِ الطَّهَارَةِ اتِّفَاقٌ كَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ ثَمَّةَ كَمَا تُفِيدُ أَيْضًا أَنْ لَا وُجُوبَ لِلْقَضَاءِ اتِّفَاقًا عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ وَالظَّنِّ بِعَدَمِ الطَّهَارَةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ الْمُكَلَّفُ]
[مَسْأَلَةُ تَكْلِيفِ الْمَعْدُومِ]
(الْفَصْلُ الرَّابِعُ) فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ (الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْمُكَلَّفُ مَسْأَلَةُ تَكْلِيفِ الْمَعْدُومِ مَعْنَاهُ قِيَامُ الطَّلَبِ) لِلْفِعْلِ أَوْ التَّرْكِ (مِمَّنْ سَيُوجَدُ بِصِفَةِ التَّكْلِيفِ فَالتَّعْلِيقُ) لِلطَّلَبِ (بِهَذَا الْمَعْنَى) لِلْمَعْدُومِ فِي الْأَزَلِ (هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي التَّكْلِيفِ الْأَزَلِيِّ وَلَيْسَ) تَكْلِيفُ الْمَعْدُومِ بِهَذَا الْمَعْنَى (بِمُمْتَنِعِ) عِنْدَ الْأَشَاعِرَةِ وَحُكِيَ امْتِنَاعُ تَكْلِيفِ الْمَعْدُومِ عَنْ غَيْرِهِمْ (قَالُوا) ؛ لِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ (يَلْزَمُ أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَخَبَرٌ بِلَا مَأْمُورٍ) وَمَنْهِيٍّ (وَمُخَيَّرٍ وَهُوَ) أَيْ وَلُزُومُ ذَلِكَ (مُمْتَنِعٌ) فَيَمْتَنِعُ الْمَلْزُومُ (قُلْنَا) يَلْزَمُ ذَلِكَ (فِي اللَّفْظِيِّ ذِي التَّعَلُّقِ التَّنْجِيزِيِّ) مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ (وَالْخِطَابِ الشِّفَاهِيِّ فِي الْخَبَرِ أَمَّا) الطَّلَبُ (النَّفْسِيُّ فَتَعَلُّقُهُ بِذَلِكَ الْمَعْنَى) بِالْمَعْدُومِ (وَاقِعٌ نَجِدُهُ فِي طَلَبِ صَلَاحِ وَلَدٍ سَيُوجَدُ أَوْ إنْ وُجِدَ وَتَجِدُ مَعْنَى الْخَبَرِ فِي نَفْسِك مُتَرَدِّدًا لِلِاعْتِبَارِ وَغَيْرِهِ أَمَّا حَقِيقَةُ الْأَمْرِيَّةِ) وَالنَّهْيِيَّةِ (وَالْخَبَرِيَّةِ الْمُمْتَنِعَةِ بِلَا مُخَاطَبٍ مَوْجُودٍ فَبِعُرُوضِ التَّعَلُّقِ التَّنْجِيزِيِّ لِلنَّفْسِيِّ فَحَيْثُ نَفَوْا عَنْهُ التَّعَلُّقَ فَهُوَ) أَيْ نَفْيُهُمْ عَنْهُ (بِهَذَا) الْمَعْنَى (وَإِذَا أَثْبَتَ) لَهُ التَّعَلُّقَ (فَبِذَاكَ) الْمَعْنَى فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى لَكِنْ هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِالنَّفْسِيِّ كَمَا هُوَ الْحَقُّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (مَسْأَلَةٌ يَصِحُّ) عِنْدَ الْجُمْهُورِ (تَكْلِيفُهُ تَعَالَى بِمَا عَلِمَ انْتِفَاءَ شَرْطِ وُجُودِهِ) الَّذِي لَيْسَ بِمَقْدُورٍ لِلْمُكَلَّفِ (فِي الْوَقْتِ) أَيْ وَقْتِ الْفِعْلِ كَمَا لَوْ أَمَرَ اللَّهُ بِصِيَامِ غَدٍ مَنْ عُلِمَ مَوْتُهُ قَبْلَ الْغَدِ (خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالِاتِّفَاقُ) عَلَى صِحَّةِ التَّكْلِيفِ بِالْفِعْلِ (فِيمَنْ لَا يُعْلَمُ) انْتِفَاءُ شَرْطِ وُجُودِهِ الَّذِي لَيْسَ بِمَقْدُورٍ لِلْمُكَلَّفِ وَقْتَ فِعْلِهِ وَهُوَ مُنْحَصِرٌ فِي غَيْرِهِ تَعَالَى كَقَوْلِ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ صُمْ غَدًا غَيْرَ عَالِمٍ بِبَقَاءِ حَيَاتِهِ إلَى غَدٍ (لَنَا لَوْ شَرَطَ) لِصِحَّةِ التَّكْلِيفِ (الْعِلْمَ) لِلْمُكَلَّفِ (بِالْوُجُودِ) لِلشَّرْطِ الَّذِي لَيْسَ بِمَقْدُورٍ فِي وَقْتِ الْفِعْلِ (لَمْ يَعْصِ مُكَلَّفٌ بِالتَّرْكِ لِاسْتِلْزَامِهِ) أَيْ التَّرْكِ (انْتِفَاءَ إرَادَةِ الْفِعْلِ) ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُكَلَّفَ بِهِ مَشْرُوطٌ بِالْإِرَادَةِ (وَهُوَ) أَيْ انْتِفَاؤُهَا (مَعْلُومٌ لَهُ تَعَالَى فَلَا تَكْلِيفَ) بِهِ لِعِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِانْتِفَائِهَا (فَلَا مَعْصِيَةَ) ؛ لِأَنَّهَا مُخَالَفَةُ التَّكْلِيفِ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ بِالضَّرُورَةِ مِنْ الدِّينِ (وَيَلْزَمُ فِي غَيْرِهِ تَعَالَى انْتِفَاءُ الْعِلْمِ بِالتَّكْلِيفِ أَبَدًا) وَهَذَا دَلِيلٌ ثَانٍ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى لَمْ يَعْصِ (لِتَجْوِيزِ الِانْتِفَاءِ) أَيْ لِتَجْوِيزِ الْمُكَلَّفِ انْتِفَاءَ شَرْطِ الْوُجُودِ (فِي الْوَقْتِ وَإِجْزَائِهِ لَوْ) كَانَ الْوَقْتُ (مُوَسَّعًا لِغَيْبِهِ) أَيْ غَيْبِ وُجُودِ الشَّرْطِ بِتَجْوِيزِ مَوْتِهِ قَبْلَ فِعْلِهِ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الزَّمَانِ وَإِذَا جَوَّزَ فِي كُلِّ جُزْءٍ هُوَ فِيهِ انْتِفَاءُ شَرْطِ التَّكْلِيفِ فِي الْجُزْءِ الَّذِي بَعْدَهُ لَمْ يَجْزِمْ بِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فِي ذَلِكَ وَالْعِلْمُ بِالتَّكْلِيفِ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ سَابِقًا عَلَى الِامْتِثَالِ وَذَلِكَ بِالْعِلْمِ بِكَوْنِهِ يَبْقَى مَثَلًا بِصِفَةِ التَّكْلِيفِ إلَى وَقْتِ الِامْتِثَالِ.
فَإِذَا فُرِضَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ لَمْ يَعْلَمْ عِلْمَ شَرْطِ التَّكْلِيفِ وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالتَّكْلِيفِ إذْ مَا لَمْ يَعْلَمْ وُجُودَ شَرْطِ الشَّيْءِ لَمْ يَعْلَمْ وُجُودَهُ وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ التَّكْلِيفَ لَا يُتَصَوَّرُ الِامْتِثَالُ (فَيَمْتَنِعُ الِامْتِثَالُ) وَلَوْ فَعَلَ لِانْتِفَاءِ الْعِلْمِ بِالتَّكْلِيفِ (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ انْتِفَاءُ الْعِلْمِ بِالتَّكْلِيفِ (عَدَمُ إقْدَامِ الْخَلِيلِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى الذَّبْحِ) لِوَلَدِهِ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ حِلِّهِ عِنْدَ وَقْتِهِ وَهُوَ عَدَمُ النَّسْخِ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ أَقْدَمَ عَلَيْهِ قَطْعًا وَهَذَا دَلِيلٌ ثَالِثٌ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ أَوْ عَلَى مَا قَبْلَ قَبْلِهِ (وَالْإِجْمَاعُ عَلَى الْقَطْعِ) لِلْمُكَلَّفِ (بِتَحَقُّقِ الْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ قَبْلَ الْمَعْصِيَةِ) بِالْمُخَالَفَةِ (وَالتَّمَكُّنِ) مِنْ الْفِعْلِ (فَانْتَفَى) بِوَاسِطَةِ هَذَا الْإِجْمَاعِ (مَا يُخَالُ) أَيْ مَا اعْتَرَضَ عَلَى هَذَا مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute