للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّمَاعِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَقَالَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْكَرِيمِ الْحَلَبِيُّ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ الْمُعَنْعَنَاتُ الَّتِي فِي الصَّحِيحَيْنِ مُنَزَّلَةٌ بِمَنْزِلَةِ السَّمَاعِ (وَيَجِبُ) سُقُوطُ الرَّاوِي بِتَدْلِيسِهِ (فِي الْمُتَّفِقِ) أَيْ بِمُتَّفِقٍ عَلَى ضَعْفِهِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ شَدِيدٌ فِي الدِّينِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إثْبَاتِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِمَا لَا يَجُوزُ إثْبَاتُهَا بِهِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ سِوَى تَكْبِيرِ شَيْخِهِ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ الضُّعَفَاءِ كَمَا كَانَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ يَفْعَلُهُ حَتَّى قَالَ لَهُ الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ: أَفْسَدْتَ حَدِيثَ الْأَوْزَاعِيِّ تَرْوِي عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ نَافِعٍ وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ. وَغَيْرُك يُدْخِلُ بَيْنَ الْأَوْزَاعِيِّ وَبَيْنَ نَافِعٍ. عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ الْأَسْلَمِيِّ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الزُّهْرِيِّ، إبْرَاهِيمَ بْنُ مُرَّةَ وَقُرَّةَ. فَقَالَ لَهُ أَنْبَلَ الْأَوْزَاعِيُّ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ مِثْلِ هَؤُلَاءِ فَقَالَ الْهَيْثَمُ قُلْت لَهُ فَإِذَا رَوَى عَنْ هَؤُلَاءِ وَهُمْ ضُعَفَاءُ أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ، فَأَسْقَطْتَهُمْ أَنْتَ وَصَيَّرْتَهَا مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ الثِّقَاتِ ضَعُفَ الْأَوْزَاعِيُّ فَلَمْ يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِي فَهَذَا مُسْتَلْزِمٌ لِلضَّرَرِ الدِّينِيِّ وَهَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ قِسْمَيْ تَدْلِيسِ التَّسْوِيَةِ.

وَالْمُرَادُ بِمَا عَنْ شُعْبَةَ التَّدْلِيسُ أَخُو الْكَذِبِ وَالتَّدْلِيسُ فِي الْحَدِيثِ أَشَدُّ مِنْ الزِّنَى وَلَأَنْ أَسْقُطَ مِنْ السَّمَاءِ إلَى الْأَرْضِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُدَلِّسَ وَلَأَنْ أَزْنِيَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُدَلِّسَ وَهَذَا مِنْ شُعْبَةَ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إفْرَاطٌ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ عَنْهُ وَالتَّنْفِيرِ مِنْهُ (وَتَحَقُّقُهُ) أَيْ هَذَا التَّدْلِيسِ الْكَائِنِ بِالْإِسْقَاطِ يَكُونُ (بِالْعِلْمِ بِمُعَاصَرَةِ الْمَوْصُولِينَ وَإِلَّا) إذَا انْتَفَى الْعِلْمُ بِمُعَاصَرَتِهِمَا (لَا تَدْلِيسَ) عَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ (وَيَقْضِي) تَدْلِيسُ الشُّيُوخِ (إلَى تَضْيِيعِ) الشَّيْخِ (الْمَوْصُولِ) أَيْ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ (وَحَدِيثِهِ) أَيْ الْمَرْوِيِّ أَيْضًا بِأَنْ لَا يُتَنَبَّهَ لَهُ فَيَصِيرُ بَعْضُ رُوَاتِهِ مَجْهُولًا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ تَدْلِيسِ الْإِسْنَادِ مَا تَقَدَّمَ هُوَ الْمَذْكُورُ لِابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ التَّدْلِيسُ يَخْتَصُّ بِمَنْ رَوَى عَمَّنْ عُرِفَ لِقَاؤُهُ إيَّاهُ فَأَمَّا إنْ عَاصَرَهُ وَلَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ لَقِيَهُ فَهُوَ الْمُرْسَلُ الْخَفِيُّ وَمَنْ أَدْخَلَ فِي تَعْرِيفِ التَّدْلِيسِ الْمُعَاصَرَةَ وَلَوْ بِغَيْرِ لُقًى لَزِمَهُ دُخُولُ الْمُرْسَلِ الْخَفِيِّ فِي تَعْرِيفِهِ وَالصَّوَابُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ اعْتِبَارَ اللِّقَاءِ فِي التَّدْلِيسِ دُونَ الْمُعَاصَرَةِ وَحْدَهَا لَا بُدَّ مِنْهُ إطْبَاقُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ رِوَايَةَ الْمُخَضْرَمِينَ كَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ وَقَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قَبِيلِ الْإِرْسَالِ لَا مِنْ قَبِيلِ التَّدْلِيسِ وَلَوْ كَانَ مُجَرَّدُ الْمُعَاصَرَةِ يَكْتَفِي بِهِ فِي التَّدْلِيسِ لَكَانَ هَؤُلَاءِ مُدَلِّسِينَ لِأَنَّهُمْ عَاصَرُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطْعًا وَلَكِنْ لَمْ يُعْرَفْ هَلْ لَقُوهُ أَمْ لَا وَمِمَّنْ قَالَ بِاشْتِرَاطِ اللِّقَاءِ فِي التَّدْلِيسِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ وَكَلَامُ الْخَطِيبِ فِي الْكِفَايَةِ يَقْتَضِيهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُعْرَفُ عَدَمُ الْمُلَاقَاةِ بِإِخْبَارِهِ عَنْ نَفْسِهِ بِذَلِكَ أَوْ بِجَزْمِ إمَامٍ مُطَّلِعٍ وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقَعَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ زِيَادَةُ رَاوٍ بَيْنَهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمَزِيدِ وَلَا يُحْكَمُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِحُكْمٍ كُلِّيٍّ لِتَعَارُضِ احْتِمَالِ الِاتِّصَالِ وَالِانْقِطَاعِ وَقَدْ صَنَّفَ فِيهِ الْخَطِيبُ كِتَابَ التَّفْصِيلِ لِمُبْهَمِ الْمَرَاسِيلِ وَكِتَابَ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ.

[مَسْأَلَةٌ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ يَثْبُتَانِ بِوَاحِدٍ فِي الرِّوَايَةِ وَبِاثْنَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ]

(مَسْأَلَةٌ) قَالَ (الْأَكْثَرُ) وَوَافَقَهُمْ الرَّازِيّ وَالْآمِدِيُّ (الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ) يَثْبُتَانِ (بِوَاحِدٍ فِي الرِّوَايَةِ وَبِاثْنَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ وَقِيلَ) يَثْبُتَانِ (بِاثْنَيْنِ فِيهِمَا) أَيْ الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ مُخْتَارُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ وَحَكَاهُ الْبَاقِلَّانِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ مِنْ. أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمْ (وَقِيلَ) يَثْبُتَانِ (بِوَاحِدٍ فِيهِمَا) أَيْ الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ مُخْتَارُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ (لِلْأَكْثَرِ لَا يَزِيدُ شَرْطٌ عَلَى مَشْرُوطِهِ بِالِاسْتِقْرَاءِ وَلَا يَنْقُصُ) شَرْطٌ عَنْ مَشْرُوطِهِ وَالْعَدَالَةُ شَرْطٌ لِقَبُولِ الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ وَالْجَرْحُ شَرْطٌ لِعَدَمِ قَبُولِهِمَا، وَالرِّوَايَةُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْعَدَدُ وَالشَّهَادَةُ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْعَدَدُ وَأَقَلُّهُ اثْنَانِ فَكَذَا التَّعْدِيلُ وَالْجَرْحُ فِيهِمَا (الْمُعَدِّدُ) أَيْ شَارِطُهُ فِيهِمَا قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا (شَهَادَةٌ) وَلِذَا يُرَدُّ بِمَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ (فَيَتَعَدَّدُ) أَيْ فَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْعَدَدُ كَمَا فِي سَائِرِ الشَّهَادَاتِ (عُورِضَ) لَا نُسَلِّمُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا شَهَادَةٌ بَلْ هُوَ (خَبَرٌ) عَنْ حَالِ الرَّاوِي (فَلَا) يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ بَلْ يُكْتَفَى فِيهِ بِالْوَاحِدِ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ (قَالُوا) أَيْ الْمُعِدُّونَ فِيهِمَا اشْتِرَاطَ الْعَدَدِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (أَحْوَطُ) لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الثِّقَةِ وَالْبُعْدِ عَنْ احْتِمَالِ الْعَمَلِ بِمَا لَيْسَ بِحَدِيثٍ فَكَانَ الْقَوْلُ بِهِ أَوْلَى (أُجِيبَ بِالْمُعَارَضَةِ) وَهِيَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ أَحْوَطُ حَذَرًا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>