للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُجُودِ اللَّفْظِ) أَيْ إرَادَةِ إحْدَاثِ الصِّيغَةِ، لِأَنَّ الْآمِرَ هُوَ الْمُوجِدُ لِلْكَلَامِ عِنْدَهُمْ وَالْأَمْرَ مِنْ بَابِ الْكَلَامِ (وَدَلَالَتِهِ عَلَى الْأَمْرِ) أَيْ وَإِرَادَةِ كَوْنِ هَذِهِ الصِّيغَةِ أَمْرًا فَإِنَّ الْمُتَكَلِّمَ قَدْ يُرِيدُ بِهَا التَّهْدِيدَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي لَيْسَتْ بِأَمْرٍ (وَالِامْتِثَالِ) أَيْ وَإِرَادَةِ وُجُودِ الْمَأْمُورِ بِهِ (وَيُحْتَرَزُ بِالْأَخِيرِ) أَيْ الِامْتِثَالِ (عَنْهَا) أَيْ الصِّيغَةِ صَادِرَةً (مِنْ نَائِمٍ وَمُبَلِّغٍ وَمَا سِوَى الْوُجُوبِ) وَمِنْ تَهْدِيدٍ وَغَيْرِهِ (وَمَا قَبْلَهُ) أَيْ الْأَخِيرِ (تَنْصِيصٌ عَلَى الذَّاتِيِّ) كَمَا قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ: إنَّهُ الْأَوْلَى. (وَأُورِدَ: إنْ أُرِيدَ بِالْأَمْرِ الْمَحْدُودِ اللَّفْظُ أَفْسَدَهُ إرَادَةُ دَلَالَتِهَا عَلَى الْأَمْرِ) لِأَنَّ اللَّفْظَ غَيْرُ مَدْلُولٍ عَلَيْهِ (أَوْ) أُرِيدَ بِالْأَمْرِ الْمَحْدُودِ (الْمَعْنَى أَفْسَدَهُ جِنْسُهُ) أَيْ صِيغَتُهُ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَيْسَ صِيغَةً (وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ) أَيْ الْمُرَادَ بِالْمَحْدُودِ (اللَّفْظُ) وَبِمَا فِي الْحَدِّ الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ الطَّلَبُ (وَاسْتُعْمِلَ الْمُشْتَرَكُ) الَّذِي هُوَ الْأَمْرُ (فِي مَعْنَيَيْهِ بِالْقَرِينَةِ) الْعَقْلِيَّةِ. (وَقَالَ قَوْمٌ) آخَرُونَ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ (إرَادَةُ الْفِعْلِ، وَأُورِدَ غَيْرُ جَامِعٍ لِثُبُوتِ الْأَمْرِ وَلَا إرَادَةَ فِي أَمْرِ عَبْدِهِ بِحَضْرَةِ مَنْ تَوَعَّدَهُ) أَيْ السَّيِّدَ بِالْإِهْلَاكِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ (عَلَى ضَرْبِهِ) أَيْ بِسَبَبِ ضَرْبِهِ (فَاعْتَذَرَ) عَنْ ضَرْبِهِ (بِمُخَالَفَتِهِ) أَيْ الْعَبْدِ لَهُ فَإِنَّ فِي هَذَا أَمْرَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَظْهَرْ عُذْرُهُ وَهُوَ مُخَالَفَةُ أَمْرِهِ، وَلَمْ يُرِدْ مِنْهُ الْفِعْلَ لِأَنَّهُ لَا يُرِيدُ مَا يُفْضِي إلَى هَلَاكِ نَفْسِهِ وَإِلَّا لَكَانَ مَرِيدًا لِهَلَاكِ نَفْسِهِ، وَإِرَادَةُ الْعَاقِلِ ذَلِكَ مُحَالٌ (وَأَلْزَمَ تَعْرِيفَهُ) أَيْ الْأَمْرِ (بِالطَّلَبِ النَّفْسِيِّ لَهُ) أَيْ هَذَا الْإِيرَادِ، وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ الْأَمْرُ، وَلَا طَلَبَ فَإِنَّ الْعَاقِلَ كَمَا لَا يُرِيدُ هَلَاكَ نَفْسِهِ لَا يَطْلُبُهُ (وَدَفْعُهُ) أَيْ هَذَا الْإِلْزَامِ كَمَا قَالَ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ (بِتَجْوِيزِ طَلَبِهِ) أَيْ الْعَاقِلِ الْهَلَاكَ لِغَرَضٍ (إذَا عَلِمَ عَدَمَ وُقُوعِهِ) أَيْ الْهَلَاكِ (إنَّمَا يَصِحُّ فِي اللَّفْظِيِّ، أَمَّا النَّفْسِيُّ فَكَالْإِرَادَةِ لَا يَطْلُبُهُ أَيْ سَبَبَ هَلَاكِهِ بِقَلْبِهِ كَمَا لَا يُرِيدُهُ) وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ مِنْ الْعَاقِلِ طَلَبُ هَلَاكِهِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ، وَلَا يَجُوزُ إرَادَتُهُ أَصْلًا مَمْنُوعٌ (وَمَا قِيلَ) أَيْ وَمَا ذَكَرَ الْآمِدِيُّ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ إنَّهُ الْأَوْلَى

(لَوْ كَانَ) الْأَمْرُ (إرَادَةً لَوَقَعَتْ الْمَأْمُورَاتُ بِمُجَرَّدِهِ) أَيْ الْأَمْرِ (لِأَنَّهَا) أَيْ الْإِرَادَةَ (صِفَةٌ تُخَصِّصُ الْمَقْدُورَ بِوَقْتِ وُجُودِهِ) أَيْ الْمَقْدُورِ (فَوُجُودُهَا) أَيْ الْإِرَادَةِ (فَرْعٌ مُخَصِّصٌ) وَالتَّالِي بَاطِلٌ فَإِنَّ الْكَافِرَ الَّذِي عَلِمَ اللَّهُ مَوْتَهُ عَلَى الْكُفْرِ كَفِرْعَوْنَ مَأْمُورٌ بِالْإِيمَانِ اتِّفَاقًا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ (لَا يَلْزَمُهُمْ) أَيْ الْمُعْتَزِلَةَ (لِأَنَّهَا) أَيْ الْإِرَادَةَ (عِنْدَهُمْ) أَيْ الْمُعْتَزِلَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِبَادِ (مَيْلٌ يَتْبَعُ اعْتِقَادَ النَّفْعِ أَوْ دَفْعِ الضَّرَرِ وَبِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ - سُبْحَانَهُ - الْعِلْمُ بِمَا فِي الْفِعْلِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ) وَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَى مُحَقِّقِيهِمْ ثُمَّ كَمَا لَا يَلْزَمُهُمْ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى تَفْسِيرِهِمْ الْإِرَادَةَ بِهَذَا لَا يَلْزَمُهُمْ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَاقِي تَفَاسِيرِهِمْ إيَّاهَا أَيْضًا، وَاسْتِيفَاءُ الْكَلَامِ فِي هَذَا فِي الْكَلَامِ.

[مَسْأَلَةُ صِيغَةُ الْأَمْرِ]

(مَسْأَلَةٌ: صِيغَةُ الْأَمْرِ خَاصٌّ) أَيْ حَقِيقَةٌ عَلَى الْخُصُوصِ (فِي الْوُجُوبِ) فَقَطْ (عِنْدَ الْجُمْهُورِ) وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْبَيْضَاوِيُّ، وَقَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ إنَّهُ الْحَقُّ، وَذَكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْآمِدِيُّ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَقِيلَ وَهُوَ الَّذِي أَمْلَاهُ الْأَشْعَرِيُّ عَلَى أَصْحَابِ الْإسْفَرايِينِيّ (أَبُو هَاشِمٍ) فِي جَمَاعَةٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ مِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ وَعَامَّةُ الْمُعْتَزِلَةِ حَقِيقَةٌ (فِي النَّدْبِ) فَقَطْ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ - مِنْ الْمَالِكِيَّةِ -: أَمْرُهُ تَعَالَى وَأَمْرُ رَسُولِهِ الْمُوَافِقُ لَهُ أَوْ الْمُبَيِّنُ لَهُ لِلْوُجُوبِ وَالْمُبْتَدَأُ مِنْهُ لِلنَّدْبِ (وَتَوَقَّفَ الْأَشْعَرِيُّ وَالْقَاضِي فِي أَنَّهُ) مَوْضُوعٌ (لِأَيِّهِمَا) أَيْ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ (وَقِيلَ) تَوَقَّفَا فِيهِ (بِمَعْنًى لَا يُدْرَى مَفْهُومُهُ) أَصْلًا قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْآمِدِيِّ انْتَهَى.

قُلْت: وَلَا يُنَافِي هَذَا نَقْلَ ابْنِ بَرْهَانٍ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>