اسْتِعْمَالِهِ فِي مَعْنَى الِاقْتِصَارِ (ظَاهِرٌ بَلْ الِاقْتِصَارُ يَلْزَمُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْبَاقِي بِلَا زِيَادَةٍ فَهُوَ) أَيْ الِاقْتِصَارُ (لَازِمٌ لِوُجُودِهِ) أَيْ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْبَاقِي (لَا مُرَادِ إفَادَتِهِ) أَيْ الِاقْتِصَارِ (بِهِ) أَيْ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ (وَلَوْ أَرَادَ بِالِاقْتِصَارِ اسْتِعْمَالَهُ) أَيْ الْعَامِّ (فِي الْبَاقِي بِلَا زِيَادَةٍ فَهُوَ شِقُّهُ الْأَوَّلُ وَعُلِمَتْ مَجَازِيَّتُهُ) أَيْ الْعَامِّ (فِيهِ) أَيْ فِي الْبَاقِي وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ بِمُجْمَلٍ]
(مَسْأَلَةُ الْجُمْهُورِ الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ بِمُجْمَلٍ) أَيْ مُبْهَمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِنْ الْإِجْمَالِ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (لَيْسَ حُجَّةً كَلَا تَقْتُلُوا بَعْضَهُمْ) مَثَلًا مَعَ اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ، أَوْ هَذَا الْعَامُّ مَخْصُوصٌ أَوْ لَمْ يُرَدْ بِهِ كُلُّ مَا تَنَاوَلَهُ لَا أَنَّهُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا ذَكَرَ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ لِمَا سَيَأْتِي (وَبِمُبَيَّنٍ حُجَّةٌ فَخْرُ الْإِسْلَامِ حُجَّةٌ فِيهِمَا ظَنِّيَّةُ الدَّلَالَةِ بَعْدَ أَنْ كَانَ قَطْعِيَّهَا) أَيْ الدَّلَالَةِ لِمَا مَضَى وَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْعَامَّ عِنْدَهُ قَطْعِيُّ الدَّلَالَةِ كَالْخَاصِّ (وَقِيلَ يَسْقُطُ الْمُجْمَلُ، وَالْعَامُّ) يَبْقَى (كَمَا كَانَ) قَبْلَ لُحُوقِهِ بِهِ كَمَا عَلَيْهِ أَبُو الْمُعِينِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ بَرْهَانٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ (وَفِي الْمُبَيَّنِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ إنْ كَانَ الْعَامُّ مُنْبِئًا عَنْهُ) أَيْ الْبَاقِي بَعْدَ التَّخْصِيصِ (بِسُرْعَةٍ كَالْمُشْرِكِينَ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ) فَإِنَّ لَفْظَ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ التَّخْصِيصِ بِالذِّمِّيِّ مُنْبِئٌ عَنْ الْبَاقِي الَّذِي هُوَ الْحَرْبِيُّ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى تَأَمُّلٍ فَهُوَ حُجَّةٌ بَعْدَ التَّخْصِيصِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُنْبِئْ عَنْ الْبَاقِي بَعْدَ التَّخْصِيصِ (فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ كَالسَّارِقِ لَا يُنْبِئُ عَنْ سَارِقِ نِصَابٍ وَمِنْ حِرْزٍ لِعَدَمِ الِانْتِقَالِ) أَيْ انْتِقَالِ الذِّهْنِ (إلَيْهِمَا) أَيْ النِّصَابِ وَالْحِرْزِ مِنْ إطْلَاقِ السَّارِقِ قَبْلَ بَيَانِ الشَّارِعِ فَإِذَا بَطَلَ الْعَمَلُ بِهِ - أَعْنِي لَمْ يُحْكَمْ بِقَطْعِ الْيَدِ فِي صُوَرِ انْتِفَاءِ النِّصَابِ وَالْحِرْزِ أَوْ أَحَدِهِمَا إذْ لَا يَثْبُتُ الْقَطْعُ شَرْعًا عِنْدَ ذَلِكَ - لَمْ يُعْمَلْ بِمُقْتَضَاهُ أَيْضًا فِي صُورَةِ وُجُودِ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يُنْبِئُ عَنْ أَنَّ الْقَطْعَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ نِصَابًا مُحْرَزًا (عَبْدُ الْجَبَّارِ إنْ لَمْ يَكُنْ) الْعَامُّ (مُجْمَلًا) قَبْلَ التَّخْصِيصِ (فَهُوَ حُجَّةٌ) نَحْوُ اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ فَالْعَمَلُ بِهِ قَبْلَ التَّخْصِيصِ بِالذِّمِّيِّ مُمْكِنٌ بِتَعْمِيمِ الْقَتْلِ لِكُلِّ مُشْرِكٍ (بِخِلَافِ) الْمُجْمَلِ قَبْلَ التَّخْصِيصِ، مِثْلُ أَقِيمُوا (الصَّلَاةَ فَإِنَّهُ بَعْدَ تَخْصِيصِ الْحَائِضِ مِنْهُ يَفْتَقِرُ) إلَى الْبَيَانِ كَمَا كَانَ مُفْتَقِرًا إلَيْهِ قَبْلَهُ لِإِجْمَالِ الصَّلَاةِ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً (الْبَلْخِيُّ مِنْ مُجِيزِي التَّخْصِيصِ بِمُتَّصِلٍ) أَيْ غَيْرِ مُسْتَقِلٍّ كَالشَّرْطِ وَالصِّفَةِ (حُجَّةٌ إنْ خُصَّ بِهِ) أَيْ بِالْمُتَّصِلِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ إنْ خُصَّ بِمُنْفَصِلٍ كَالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ
(وَقِيلَ حُجَّةٌ فِي أَقَلِّ الْجَمْعِ) وَهُوَ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ عَلَى الْخِلَافِ لَا فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ (أَبُو ثَوْرٍ لَيْسَ حُجَّةً مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ خُصَّ بِمُتَّصِلٍ أَوْ بِمُنْفَصِلٍ أَنْبَأَ عَنْ الْبَاقِي أَوْ لَا احْتَاجَ إلَى الْبَيَانِ أَوْ لَا هَذَا مَا نَقَلَهُ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُمَا عَنْهُ (وَقِيلَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ لَيْسَ حُجَّةً (إلَّا فِي أَخَصِّ الْخُصُوصِ) أَيْ الْوَاحِدِ (إذَا عُلِمَ) أَيْ كَانَ الْمَخْصُوصُ مَعْلُومًا (كَالْكَرْخِيِّ وَالْجُرْجَانِيِّ وَعِيسَى بْنِ أَبَانَ أَيْ يَصِيرُ) الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ (مُجْمَلًا فِيمَا سِوَاهُ) أَيْ أَخَصِّ الْخُصُوصِ (إلَى الْبَيَانِ) فَفِي كَشْفِ الْبَزْدَوِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ هَؤُلَاءِ ذَهَبُوا إلَى أَنَّهُ لَا يَبْقَى حُجَّةً بَعْدَ التَّخْصِيصِ بَلْ يَجِبُ التَّوَقُّفُ إلَى الْبَيَانِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَخْصُوصُ مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ بِهِ أَخَصُّ الْخُصُوصِ إذَا كَانَ مَعْلُومًا، غَيْرَ أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى عِيسَى مُقَيَّدٌ بِرِوَايَةٍ وَفِي الْبَدِيعِ الْكَرْخِيُّ وَابْنُ أَبَانَ وَأَبُو ثَوْرٍ لَا يَبْقَى حُجَّةً مُطْلَقًا إلَّا فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمَعْلُومِ، انْتَهَى.
وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ أَكْثَرَ الْحَنَفِيَّةِ - وَمِنْهُمْ الْكَرْخِيُّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَيْسَ تَخْصِيصًا فَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا فِي الْكَشْفِ - بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ عَدَا أَبَا ثَوْرٍ - وَلَا قَوْلَ صَاحِبِ الْمَنَارِ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَغَيْرِهِمَا إنَّ مَذْهَبَ الْكَرْخِيِّ إذَا لَحِقَهُ خُصُوصٌ مَعْلُومٌ أَوْ مَجْهُولٌ لَا يَبْقَى حُجَّةً بَلْ يَجِبُ التَّوَقُّفُ فِيهِ إلَى الْبَيَانِ، انْتَهَى
وَلَعَلَّ هَؤُلَاءِ إنَّمَا لَمْ يَسْتَثْنُوا أَخَصَّ الْخُصُوصِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute