الْأُصُولِيِّينَ لِمَا سَنَذْكُرُ (وَكَانَ) أَيْ الْعُمُومُ فِي الْمَعْنَى (مَجَازًا كَفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَظْهَرْ طَرِيقُهُ) أَيْ الْمَجَازِ (لِلْآخَرِ) الْقَائِلِ لَا يَتَّصِفُ بِهِ الْمَعْنَى لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا (فَمَنَعَهُ) أَيْ وَصْفَهَا بِهِ (وَمُطْلَقًا. وَمَنْ فَهِمَ مِنْ اللُّغَةِ أَنَّهُ)
أَيْ الْأَمْرَ الْوَاحِدَ (أَعَمُّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الشَّخْصِيِّ (وَمِنْ النَّوْعِيِّ وَهُوَ) أَيْ كَوْنُهُ أَعَمَّ مِنْهُمَا (الْحَقُّ لِقَوْلِهِمْ مَطَرٌ عَامٌّ) فِي الْأَعْيَانِ (وَخِصْبٌ عَامٌّ) فِي الْأَعْرَاضِ (فِي النَّوْعِيِّ) فَإِنَّ الْأَفْرَادَ وَإِنْ كَثُرَتْ تُعَدُّ وَاحِدًا بِاتِّحَادِ نَوْعِهَا وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْ الْمَطَرِ مَثَلًا فِي مَكَان لَيْسَ إلَّا فَرْدًا مِنْ الْمَطَرِ يُبَايِنُ الْمَوْجُودَ فِي مَكَان آخَرَ بِالشَّخْصِ، وَيُمَاثِلُهُ بِالنَّوْعِ، وَالْكُلُّ يُطْلَقُ عَلَيْهِ مَطَرٌ حَقِيقَةً لِاشْتِرَاكِ لَفْظِ مَطَرٍ بَيْنَ الْكُلِّيِّ وَالْأَفْرَادِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ مَطَرٍ فِي قَوْلِنَا: مَطَرٌ عَامٌّ لَيْسَ الْمَطَرَ الْكُلِّيَّ بَلْ الدَّاخِلَ فِي الْوُجُودِ مِنْهُ أَخْبَرَ عَنْهُ بِالْعُمُومِ فَالْمُرَادُ بِالضَّرُورَةِ بِمَطَرٍ عَامٍّ أَفْرَادُ مَفْهُومِ مَطَرٍ وُجِدَتْ فِي أَمَاكِنَ مُتَعَدِّدَةٍ كُلُّ فَرْدٍ فِي مَكَانِ كَذَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَصَوْتٌ عَامٌّ فِي الشَّخْصِيِّ بِمَعْنَى كَوْنِهِ مَسْمُوعًا) لِلسَّامِعِينَ فَإِنَّهُ أَمْرٌ وَاحِدٌ مُتَعَلِّقٌ لِلِاسْتِمَاعَاتِ (أَجَازَهُ) أَيْ وَصْفَ الْمَعَانِي بِهِ (حَقِيقَةً) نَعَمْ قِيلَ: فِي هَذَا تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ الْحَامِلَ لِلصَّوْتِ إذَا صَادَمَ الْهَوَاءَ الْمُجَاوِرَ لَهُ حَدَثَ فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ الصَّوْتِ فَالْمَسْمُوعُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ اسْتِمَاعُ زَيْدٍ مِثْلُ الْمَسْمُوعِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ اسْتِمَاعُ عَمْرٍو لَا عَيْنُهُ (وَكَوْنُهُ) أَيْ الشُّمُولِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْعُمُومِ (مُقْتَصِرًا عَلَى الذِّهْنِيِّ وَهُوَ) أَيْ الذِّهْنِيُّ (مُنْتَفٍ فَيَنْتَفِي الْإِطْلَاقُ) مُطْلَقًا عَلَيْهِ (مَمْنُوعٌ بَلْ الْمُرَادُ) بِالشُّمُولِ (التَّعْلِيقُ الْأَعَمُّ مِنْ الْمُطَابَقَةِ كَمَا فِي الْمَعْنَى الذِّهْنِيِّ وَالْحُلُولِ كَمَا فِي الْمَطَرِ وَالْخِصْبِ. وَكَوْنُهُ مَسْمُوعًا كَالصَّوْتِ عَلَى أَنَّ نَفْيَ الذِّهْنِيِّ لَفْظِيٌّ كَمَا يُفِيدُهُ اسْتِدْلَالُهُمْ)
أَيْ النَّافِينَ لِلْوُجُودِ الذِّهْنِيِّ وَهُمْ جُمْهُورُ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ لَاقْتَضَى تَصَوُّرُ الشَّيْءِ حُصُولَهُ فِي الذِّهْنِ فَيَلْزَمُ كَوْنَ الذِّهْنِ حَارًّا إذَا تَصَوَّرَ الْحَرَارَةَ ضَرُورَةُ حُصُولِهَا فِي الذِّهْنِ حِينَئِذٍ، وَلَا مَعْنَى لِلْحَارِّ إلَّا مَا قَامَتْ بِهِ الْحَرَارَةُ وَكَذَا الْحَالُ فِي الْبُرُودَةِ وَالِاعْوِجَاجِ وَالِاسْتِقَامَةِ وَاجْتِمَاعِ الضِّدَّيْنِ إذَا تَصَوَّرَهُمَا مَعًا وَحَكَمَ عَلَيْهِمَا بِالتَّضَادِّ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا مِنْهُمْ يُفِيدُ الْقَوْلَ بِنَفْيِ عَيْنِ الْمُتَصَوَّرِ بِمَا لَهُ مِنْ الْآثَارِ وَالْأَحْكَامِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فِي الذِّهْنِ وَهَذَا مِمَّا لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ
وَإِنَّمَا الْحَاصِلُ فِي الذِّهْنِ مُجَرَّدُ صُورَةٍ لِلْمُتَصَوَّرِ مَوْجُودَةٍ فِيهِ بِوُجُودٍ ظِلِّيٍّ مُطَابِقَةٍ لِعَيْنِ الْمُتَصَوَّرِ الْخَارِجِيَّةِ حَيْثُ كَانَ لَهُ وُجُودٌ خَارِجِيٌّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ أَيْضًا، وَإِلَّا امْتَنَعَتْ التَّعَقُّلَاتُ (وَقَدْ اُسْتُبْعِدَ هَذَا الْخِلَافُ؛ لِأَنَّ شُمُولَ بَعْضِ الْمَعَانِي لِمُتَعَدِّدٍ أَكْثَرُ وَأَظْهَرُ مِنْ أَنْ يَقَعَ فِيهِ نِزَاعٌ إنَّمَا هُوَ) أَيْ الْخِلَافُ (فِي أَنَّهُ هَلْ يَصِحُّ تَخْصِيصُ الْمَعْنَى الْعَامِّ كَاللَّفْظِ وَهُوَ) أَيْ هَذَا الِاسْتِبْعَادُ (اسْتِبْعَادٌ يَتَعَذَّرُ فِيهِ الْقَوْلُ الثَّانِي؛ إذْ لَا مَعْنَى لِجَوَازِ التَّخْصِيصِ مَجَازًا نَعَمْ صَرَّحَ مَانِعُو تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ بِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يُخَصُّ وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ) أَيْ نَفَى تَخْصِيصَهُ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَعْنَى (لَا يُعَمُّ وَهُوَ) أَيْ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يُعَمُّ (يُنَافِي مَا ذَكَرَ) الْمُسْتَبْعِدُ (وَيَتَعَذَّرُ إرَادَةُ أَنَّهُ) أَيْ الْمَعْنَى (يُعَمُّ وَلَا يُخَصُّ مِنْ قَوْلِهِ لَا يُعَمُّ) وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يَتَأَتَّى الْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلِهِ وَقَوْلِ الْمُسْتَبْعِدِ بِهَذِهِ الْإِرَادَةِ لِيُرْتَكَبَ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ - أَعْلَمُ
[الْبَحْثُ الثَّانِي هَلْ الصِّيَغُ مِنْ أَسْمَاءِ الشَّرْطِ وَالِاسْتِفْهَامِ]
(الْبَحْثُ الثَّانِي هَلْ الصِّيَغُ مِنْ أَسْمَاءِ الشَّرْطِ وَالِاسْتِفْهَامِ وَالْمَوْصُولَاتِ وَ) الْمُفْرَدِ (الْمُحَلَّى) بِاللَّامِ الْجِنْسِيَّةِ (وَ) النَّكِرَةِ (الْمَنْفِيَّةِ وَالْجَمْعِ) الْمُحَلَّى (بِاللَّامِ) الْجِنْسِيَّةِ (وَالْإِضَافَةِ مَوْضُوعَةٌ لِلْعُمُومِ عَلَى الْخُصُوصِ أَوْ) لِلْخُصُوصِ عَلَى الْخُصُوصِ (مَجَازٌ فِيهِ) أَيْ فِي الْعُمُومِ (أَوْ مُشْتَرَكَةٌ) بَيْنَ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ (وَتَوَقَّفَ الْأَشْعَرِيُّ مَرَّةً كَالْقَاضِي) أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ (وَ) قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute