لَا يَتَأَدَّى بَعْدُ بِوَاجِبٍ آخَرَ كَمَا لَوْ نَذَرَهُ مُطْلَقًا أَوْ مُضَافًا إلَى غَيْرِ رَمَضَانَ (سِوَى قَضَاءِ) الرَّمَضَانِ (الْأَوَّلِ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ (لِلْخَلْفِيَّةِ) أَيْ لِخَلْفِيَّةِ صَوْمِ الشَّهْرِ الْمُقْضَى عَنْ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ إذْ امْتِنَاعُ وُجُوبِ الصَّوْمِ فِي هَذَا الِاعْتِكَافِ كَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ لِشَرَفِ الْوَقْتِ وَقَدْ زَالَ جَازَ أَنْ يَكُونَ لِاتِّصَالِهِ بِصَوْمِ الشَّهْرِ وَهُوَ بَاقٍ لِبَقَاءِ الْخَلْفِ فَيَجُوزُ لِبَقَاءِ إحْدَى الْعِلَّتَيْنِ وَنَظَرَ فِيهِ صَاحِبُ الْكَشْفِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الِاتِّصَالَ بِالْقَضَاءِ غَيْرُ الِاتِّصَالِ بِالْأَدَاءِ لِكَوْنِهِمَا غِيَرَيْنِ وَلَئِنْ سَلِمَ أَنَّ الِاتِّصَالَ عِلَّةٌ فَهُوَ بِاعْتِبَارِ شَرَفِ الْوَقْتِ وَقَدْ فَاتَ وَمَنَعَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ الِاتِّصَالُ بِصَوْمِ الشَّهْرِ مُطْلَقًا وَهُوَ مَوْجُودٌ.
[تَذْنِيبٌ لِهَذَا الْبَحْثِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ]
(تَذْنِيبٌ) لِهَذَا الْبَحْثِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ يَشْتَمِلُ عَلَى أَقْسَامٍ لَهُمَا بِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ (قَسَّمَ الْحَنَفِيَّةُ الْأَدَاءَ مُعَمِّمِينَ) التَّقْسِيمَ لَهُ (فِي الْمُعَامَلَاتِ) كَمَا فِي الْعِبَادَاتِ (إلَى كَامِلٍ) وَهُوَ الْمُسْتَجْمِعُ لِجَمِيعِ الْأَوْصَافِ الْمَشْرُوعَةِ (كَالصَّلَاةِ) الْمَشْرُوعِ فِيهَا الْجَمَاعَةُ مِثْلُ الْمَكْتُوبَةِ وَالْعِيدِ وَالْوِتْرِ فِي رَمَضَانَ وَالتَّرَاوِيحِ (بِجَمَاعَةٍ) وَإِلَّا فَهِيَ صِفَةُ قُصُورٍ كَالْإِصْبَعِ الزَّائِدِ (وَقَاصِرٍ) وَهُوَ مَا لَيْسَ بِمُسْتَجْمِعٍ لِجَمِيعِ الْأَوْصَافِ الْمَشْرُوعَةِ فِيهِ (كَالصَّلَاةِ) الْمَكْتُوبَةِ إذَا صَلَّاهَا (مُنْفَرِدًا) وَكَيْفَ لَا، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، وَفِي رِوَايَةٍ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ ضِعْفًا» وَلَا مُنَافَاةَ فَإِنَّ الْقَلِيلَ لَا يَنْفِي الْكَثِيرَ أَوْ أَخْبَرَ أَوَّلًا بِالْقَلِيلِ، ثُمَّ أَعْلَمَهُ اللَّهُ بِزِيَادَةِ الْفَضْلِ.
(وَمَا) أَيْ وَأَدَاءٍ (فِي مَعْنَى الْقَضَاءِ كَفِعْلِ اللَّاحِقِ) وَهُوَ مَنْ فَاتَهُ بَعْدَمَا دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ بَعْضُ صَلَاةِ الْإِمَامِ لِنَوْمٍ أَوْ سَبْقِ حَدَثٍ فَمَا فَاتَهُ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ (بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ) فَهُوَ أَدَاءٌ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ فِي الْوَقْتِ قَضَاءٌ بِاعْتِبَارِ فَوَاتِهِ مَعَ الْإِمَامِ بِفَرَاغِهِ إذْ هُوَ مِثْلُ مَا انْعَقَدَ لَهُ إحْرَامُ الْإِمَامِ مِنْ الْمُتَابَعَةِ لَهُ وَالْمُشَارَكَةِ مَعَهُ لَا عَيْنُهُ لِعَدَمِ كَوْنِهِ خَلْفَ الْإِمَامِ حَقِيقَةً إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْعَزِيمَةُ فِي حَقِّهِ الْأَدَاءَ مَعَ الْإِمَامِ مُقَيَّدًا بِهِ وَقَدْ فَاتَهُ ذَلِكَ تَعَذَّرَ جَعْلُ الشَّارِعِ ذَلِكَ أَدَاءً فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالْأَدَاءِ مَعَ الْإِمَامِ فَصَارَ كَأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ فَصَحَّ اجْتِمَاعُهُمَا فِي فِعْلٍ وَاحِدٍ مَعَ تَنَافِيهِمَا لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ، ثُمَّ لَمَّا كَانَ أَدَاءً بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ قَضَاءً بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ جَعَلَ أَدَاءً شَبِيهًا بِالْقَضَاءِ لَا قَضَاءً شَبِيهًا بِالْأَدَاءِ (وَلِذَا) أَيْ كَوْنُهُ فِي مَعْنَى الْقَضَاءِ (لَا يَقْرَأُ فِيهِ وَلَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ وَلَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ) مِنْ الثُّنَائِيَّةِ إلَى الرُّبَاعِيَّةِ لَوْ كَانَ مُسَافِرًا (بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ) فِيهِ فِي مَوْضِعٍ صَالِحٍ لَهَا وَالْوَقْتُ بَاقٍ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَتَغَيَّرُ بِالْمُغَيَّرِ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهَا لِانْقِضَائِهِ وَالْخَلَفُ لَا يُفَارِقُ الْأَصْلَ فِي الْحُكْمِ فَكَذَا مَا فِي مَعْنَى الْقَضَاءِ خِلَافًا لِزُفَرَ فِي هَذَا.
ثُمَّ هُوَ كَالْمُقْتَدِي حُكْمًا وَالْمُقْتَدِي لَا يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَلَا يَسْجُدُ لِسَهْوِ نَفْسِهِ فَكَذَا مَا هُوَ مِثْلُهُ حُكْمًا بِخِلَافِ فِعْلِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ إذَا وُجِدَ الْمُغَيَّرُ فِيهِ وَالْوَقْتُ بَاقٍ يَصِيرُ فَرْضُهُ بِهِ أَرْبَعًا لِانْتِقَاءِ شَبَهِ الْقَضَاءِ فِيهِ وَقَبُولِ صَلَاةِ الْإِمَامِ لِلتَّغَيُّرِ بِالْمُتَغَيِّرِ فَكَذَا التَّبَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفَارِقُ الْأَصْلَ فِي حُكْمِهِ هَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (وَفِي حُقُوقِ الْعِبَادِ رَدُّ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ سَالِمًا) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي غَصَبَهُ أَدَاءٌ كَامِلٌ لِكَوْنِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَجَبَ (وَرَدُّهُ مَشْغُولًا بِجِنَايَةٍ) فِي يَدِهِ يَسْتَحِقُّ بِهَا رَقَبَتَهُ أَوْ طَرَفَهُ أَوْ بِدَيْنٍ بِاسْتِهْلَاكِهِ مَالَ إنْسَانٍ فِي يَدِهِ أَدَاءَ قَاصِرٍ لِكَوْنِهِ رَدًّا لَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَجَبَ وَلِأَصْلِ الْأَدَاءِ لَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمَالِكِ قَبْلَ الدَّفْعِ أَوْ الْبَيْعِ فِي الدَّيْنِ بَرِئَ الْغَاصِبُ وَلِقُصُورِهِ إذَا دَفَعَ أَوْ قَتَلَ بِذَلِكَ السَّبَبِ أَوْ بَيْعٌ فِي ذَلِكَ الدَّيْنِ رَجَعَ الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ كَأَنَّ الرَّدَّ لَمْ يُوجَدْ (وَتَسْلِيمُ عَبْدِ غَيْرِهِ الْمُسَمَّى مَهْرًا بَعْدَ شِرَائِهِ) لِزَوْجَتِهِ الَّتِي سَمَّاهُ لَهَا أَدَاءً يُشْبِهُ الْقَضَاءَ فَكَوْنُهُ أَدَاءً؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِالتَّسْمِيَةِ (فَتُجْبَرُ) الزَّوْجَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ قَبُولِهِ كَمَا لَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ مَنْعَهَا مِنْهُ.
(وَيُشْبِهُ الْقَضَاءَ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ مَلَكَهُ حَتَّى نَفَذَ عِتْقُهُ) وَبَيْعُهُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ فِيهِ (مِنْهُ) أَيْ الزَّوْجِ (لَا مِنْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ تَبَدُّلَ الْمِلْكِ بِمَنْزِلَةِ تَبَدُّلِ الْعَيْنِ شَرْعًا لِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «عَنْ عَائِشَةَ وَأُهْدِيَ لِبَرِيرَةَ لَحْمٌ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute