للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْبُرْمَةُ عَلَى النَّارِ فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأُتِيَ بِخُبْزٍ وَأُدُمٍ مِنْ أُدُمِ الْبَيْتِ فَقَالَ أَلَمْ أَرَ بُرْمَةً عَلَى النَّارِ فِيهَا لَحْمٌ فَقَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ فَكَرِهْنَا أَنْ نُطْعِمَكَ مِنْهُ فَقَالَ هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَهُوَ مِنْهَا لَنَا هَدِيَّةٌ.» وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُخْتَصَرًا فَكَانَتْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ مُصَادِفَةً مَحَلَّهَا فَيَنْفُذُ (وَ) قَسَّمُوا (الْقَضَاءَ إلَى مَا) أَيْ قَضَاءٍ (بِمِثْلٍ مَعْقُولٍ وَغَيْرِ مَعْقُولٍ كَالصَّوْمِ لِلصَّوْمِ وَالْفِدْيَةِ لَهُ) أَيْ لِلصَّوْمِ وَهِيَ الصَّدَقَةُ بِنِصْفِ صَاعٍ بُرٍّ أَوْ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ بَدَلًا مِنْهُ عِنْدَ الْعَجْزِ الْمُسْتَدَامِ عَنْهُ فَالْأَوَّلُ مِثَالُ الْمَعْقُولِ وَالثَّانِي مِثَالُ غَيْرِ الْمَعْقُولِ كَمَا تَقَدَّمَ وَكِلَاهُمَا ظَاهِرٌ (وَمَا) أَيْ وَإِلَى قَضَاءٍ (يُشْبِهُ الْأَدَاءَ كَقَضَاءِ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ فِي الرُّكُوعِ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِيهِ وَخَافَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِهَا يُكَبِّرُ لِلِافْتِتَاحِ ثُمَّ لِلرُّكُوعِ، ثُمَّ أَتَى فِيهِ بِهَا (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) حَيْثُ قَالَ لَا يَأْتِي بِهَا فِيهِ، وَفِي التَّقْرِيبِ وَرَوَى هِلَالُ الرَّأْيِ عَنْ يُوسُفَ السَّمْتِيِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِثْلَهُ لِفَوَاتِهَا عَنْ مَحَلِّهَا وَهُوَ الْقِيَامُ وَعَدَمُ قُدْرَتِهِ عَلَى مِثْلِ مَنْ عِنْدَهُ قُرْبَةٌ فِي الرُّكُوعِ كَمَا لَوْ نَسِيَ الْفَاتِحَةَ أَوْ السُّورَةَ أَوْ الْقُنُوتَ، ثُمَّ رَكَعَ، وَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الرُّكُوعَ لَمَّا أَشْبَهَ الْقِيَامَ حَقِيقَةً مِنْ حَيْثُ بَقَاءُ الِانْتِصَابِ وَالِاسْتِوَاءِ فِي النِّصْفِ الْأَسْفَلِ مِنْ الْبَدَنِ وَبِهِ فَارَقَ الْقِيَامُ الْقُعُودَ؛ لِأَنَّ اسْتِوَاءَ عَالِيهِ مَوْجُودٌ فِيهِمَا وَحُكْمًا.

لِأَنَّ الْمُدْرِكَ الْمُشَارِكَ لِلْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ مُدْرِكٌ لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْفَوَاتُ لِبَقَاءِ مَحَلِّ الْأَدَاءِ مِنْ وَجْهٍ وَقَدْ شَرَعَ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهَا وَهُوَ تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ فِيمَا لَهُ شَبَهُ الْقِيَامِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِهَا فِي حَالَةِ الِانْحِطَاطِ وَهِيَ مُحْتَسَبَةٌ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ مِنْ تَكْبِيرَاتِهَا وَالتَّكْبِيرُ عِبَادَةٌ وَهِيَ تَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ كَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي فِعْلِهَا لِبَقَاءِ جِهَةِ الْأَدَاءِ لَا بِبَقَاءِ الْمَحَلِّ مِنْ وَجْهٍ لَا بِاعْتِبَارِ جِهَةِ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ وَالْقُنُوتِ فَإِنَّ كُلًّا غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِيمَا لَهُ شَبَهُ الْقِيَامِ بِوَجْهٍ ثُمَّ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ وَوَضْعَ الْكَفِّ عَلَى الرُّكْبَةِ سُنَّتَانِ إلَّا أَنَّ الرَّفْعَ فَاتَ هُنَا عَنْ مَحَلِّهِ فِي الْجُمْلَةِ وَالْوَضْعَ لَمْ يَفُتْ فَكَانَ أَوْلَى، هَذَا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (وَفِي حُقُوقِ الْعِبَادِ ضَمَانُ الْمَغْصُوبِ) الْمِثْلِيِّ مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ مُتَقَارَبٍ (بِالْمِثْلِ صُورَةً) فَيَتْبَعُهَا الْمَعْنَى ضَرُورَةً كَالْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ بِالزَّيْتِ وَالْبَيْضَةِ بِالْبَيْضَةِ قَضَاءَ كَامِلٍ مِثْلٌ بِمِثْلٍ مَعْقُولٍ.

(ثُمَّ) ضَمَانُهُ بِالْمِثْلِ (مَعْنِيٌّ بِالْقِيمَةِ لِلْعَجْزِ) عَنْ الْمِثْلِ صُورَةً وَمَعْنًى لِانْقِطَاعِهِ بِأَنْ لَا يُوجَدَ فِي الْأَسْوَاقِ وَضَمَانِ الْقِيَمِيِّ كَالْحَيَوَانِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارَبِ كَالْبِطِّيخِ وَالرُّمَّانِ بِالْقِيمَةِ لِلْعَجْزِ عَنْ الْقَضَاءِ بِالْمِثْلِ صُورَةَ قَضَاءٍ قَاصِرٍ بِمِثْلٍ مَعْقُولٍ، أَمَّا كَوْنُهُ قَضَاءً فَظَاهِرٌ وَأَمَّا كَوْنُهُ قَاصِرًا فَلِانْتِقَاءِ الصُّورَةِ. وَأَمَّا كَوْنُهُ بِمِثْلٍ مَعْقُولٍ فَلِلْمُسَاوَاةِ فِي الْمَالِيَّةِ (وَبِغَيْرِ مَعْقُولٍ) أَيْ وَالْقَضَاءُ بِمِثْلِ قَاصِرٍ غَيْرِ مَعْقُولٍ (ضَمَانُ النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ بِالْمَالِ فِي) الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ (الْخَطَأِ) إذْ لَا مُمَاثَلَةَ صُورَةٍ بَيْنَ النَّفْسِ أَوْ الطَّرَفِ وَالْمَالِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا مَعْنًى؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ مَالِكٌ مُبْتَذِلٌ وَالْمَالَ مَمْلُوكٌ مُبْتَذَلٌ وَلِلْقُصُورِ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمِثْلِ الْكَامِلِ الْمَعْقُولِ وَهُوَ الْقِصَاصُ مُرَاعَاةً لِصِيَانَةِ نَفْسِ الْمَقْتُولِ أَوْ لِلطَّرَفِ عَنْ الْهَدْرِ وَلِلتَّخْفِيفِ عَنْ كُلٍّ مِنْ الْقَاتِلِ وَالْجَانِي لِعَدَمِ قَصْدِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا.

(وَإِعْطَاءُ قِيمَةِ عَبْدٍ سَمَّاهُ مَهْرًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ) قَضَاءً يُشْبِهُ الْأَدَاءَ (حَتَّى أُجْبِرَتْ) الزَّوْجَةُ (عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى قِيمَةِ عَبْدٍ وَسَطٍ أَيْ قَبُولِهَا إيَّاهَا إذَا أَتَاهَا بِهَا كَمَا تُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ عَبْدٍ وَسَطٍ إذَا أَتَاهَا بِهِ لِكَوْنِهِ عَيْنَ الْوَاجِبِ (وَإِنْ كَانَتْ) الْقِيمَةُ (قَضَاءً لِشَبَهِهِ) أَيْ هَذَا الْقَضَاءِ (بِالْأَدَاءِ لِمُزَاحِمَتِهَا) أَيْ الْقِيمَةِ (الْمُسَمَّى إذْ لَا يُعْرَفُ) هَذَا الْمُسَمَّى لِجَهَالَتِهِ وَصْفًا (إلَّا بِهَا) أَيْ بِالْقِيمَةِ إذْ لَا يُمْكِنُ تَعْيِينُهُ بِدُونِهَا وَلَا تَتَعَيَّنُ إلَّا بِالتَّقْوِيمِ فَصَارَتْ الْقِيمَةُ أَصْلًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُزَاحِمًا لِلْمُسَمَّى فَأَيُّهُمَا أَتَى بِهِ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ بِدُونِ التَّقْوِيمِ فَكَانَتْ قِيمَتُهُ قَضَاءً مَحْضًا فَلَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (وَفِيهِ) أَيْ هَذَا الْحُكْمِ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَرًا إلَى تَعْلِيلِهَا الْمَذْكُورِ.

(نَظَرٌ) وَلَعَلَّهُ أَمَّا مَا قِيلَ فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ تَتَعَيَّنَ الْقِيمَةُ وَلَا يُخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَبْدِ وَقَدْ أُجِيبَ بِأَنَّ الْعَبْدَ مَعْلُومُ الْجِنْسِ وَبِالنَّظَرِ إلَيْهِ يَجِبُ هُوَ كَمَا لَوْ أَمْهَرَ عَبْدًا بِعَيْنِهِ مَجْهُولَ الْوَصْفِ وَبِالنَّظَرِ إلَيْهِ تَجِبُ الْقِيمَةُ كَمَا لَوْ أَمْهَرَ عَبْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>