هُوَ وُجُوبُ الْأَدَاءِ وَهُوَ ذَلِكَ الْمَذْهَبُ بِعَيْنِهِ وَبِاسْتِلْزَامِ عَكْسِ وَضْعِ الْعَلَامَةِ وَالسَّبَبُ صَارَ أَبْعَدَ مِنْهُ وَهَذَا هُوَ الْمَوْعُودُ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ السَّبَبِ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ عَيْنًا بِقَوْلِنَا فِيهِ مَا سَنَذْكُرُ (وَالْوَجْهُ أَنَّ مَا أَمْكَنَ فِيهِ اعْتِبَارُ وُجُودِ الْأَدَاءِ بِالسَّبَبِ مُوَسَّعًا اُعْتُبِرَ كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ يَثْبُتُ بِالشُّغْلِ) لِلذِّمَّةِ (وُجُوبُ الْأَدَاءِ مُوَسَّعًا أَيْ مُخَيَّرًا إلَى الْحُلُولِ أَوْ الطَّلَبِ بَعْدَهُ) أَيْ الْحُلُولِ (فَيَتَضَيَّقُ) وُجُوبُ الْأَدَاءِ حِينَئِذٍ (وَكَالثَّوْبِ الْمُطَارِ) أَيْ الَّذِي أَطَارَتْهُ الرِّيحُ (إلَى إنْسَانٍ يَجِبُ) أَدَاؤُهُ مُوَسَّعًا (إلَى طَلَبِ مَالِكِهِ) فَيَتَضَيَّقُ حِينَئِذٍ (وَمَا لَا) يُمْكِنُ فِيهِ اعْتِبَارُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ بِالسَّبَبِ مُوَسَّعًا (كَالزَّكَاةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُ لَوْ وَجَبَ الْأَدَاءُ بِمِلْكِ النِّصَابِ مُوَسَّعًا فَإِمَّا إلَى الْحَوْلِ فَيَتَضَيَّقُ وَإِمَّا إلَى آخِرِ الْعُمُرِ وَالْأَوَّلُ) أَيْ وُجُوبُ الْأَدَاءِ بِمِلْكِ النِّصَابِ مُوَسَّعًا إلَى الْحَوْلِ (فَيَتَضَيَّقُ مُنْتَفٍ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ وُجُوبَ الْأَدَاءِ (بَعْدَ الْحَوْلِ عَلَى التَّرَاخِي عَلَى مَا اخْتَارُوهُ) كَمَا أَسْلَفْنَاهُ (وَكَذَا الثَّانِي) أَيْ وُجُوبُ الْأَدَاءِ بِمِلْكِ النِّصَابِ مُوَسَّعًا إلَى آخِرِ الْعُمُرِ مُنْتَفٍ (لِأَنَّ حَاصِلَهُ وَاجِبٌ مُوَسَّعٌ مِنْ حِينِ الْمِلْكِ إلَى آخِرِ الْعُمُرِ فَيَضِيعُ مَعْنَى اشْتِرَاطِ الْحُلُولِ نَعَمْ يَتِمُّ) كَوْنُ الزَّكَاةِ وَاجِبَةَ الْأَدَاءِ بِمِلْكِ النِّصَابِ مُوَسَّعًا إلَى الْحَوْلِ (عَلَى) الْقَوْلِ (الْمُضَيِّقِ) لِلْوُجُوبِ (بِالْحَوْلِ وَالْمُصَرِّفِ) ثُمَّ قَوْلُهُ وَمَا لَا مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ (فَيَجِبُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ) أَيْ فِي هَذَا (إقَامَةُ السَّبَبِ مُقَامَ الْوُجُوبِ شَرْعًا فِي حَقِّ التَّعْجِيلِ) قَبْلَ حَقِيقَةِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ لِإِذْنِ الشَّارِعِ فِي ذَلِكَ (فَلَوْ لَمْ يُعَجِّلْ لَا يَتَحَقَّقُ هَذَا الِاعْتِبَارُ) وَهُوَ أَنَّ السَّبَبَ أُقِيمَ مُقَامَ الْوُجُوبِ شَرْعًا فِي حَقِّ التَّعْجِيلِ (أَوْ) يُعْتَبَرُ فِيهِ (أَنَّهُ بِالْمُبَادَرَةِ الْمَأْذُونِ فِيهَا شَرْعًا إلَى سَدِّ خَلَّةِ أَخِيهِ) الْفَقِيرِ (دَفَعَ عَنْهُ) أَيْ الْمُعَجِّلُ (الطَّلَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ) الطَّلَبُ (بِهِ شَرْعًا) وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ (أَلْزَمَ ذَلِكَ الدَّلِيلَ وَكَذَا فِي مُسْتَغْرِقِ الْوَقْتِ يَوْمًا) أُقِيمَ السَّبَبُ مُقَامَ وُجُوبِ الْأَدَاءِ فِي حَقِّهِ لِيَظْهَرَ أَثَرُهُ فِي ثُبُوتِ مَصْلَحَةِ الْقَضَاءِ وَمِنْ هَذَا يُؤْخَذُ الْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْمُعِينِ ثُمَّ الشَّيْخُ أَكْمَلُ الدِّينِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(وَلَوْ أَرَادَ الْحَنَفِيَّةُ هَذَا) أَيْ أَنَّهُ أُقِيمَ السَّبَبُ مُقَامَ الْوُجُوبِ شَرْعًا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ (لَمْ يَفْتَقِرُوا إلَى اعْتِبَارِ شَيْءٍ يُسَمَّى بِالْوُجُوبِ وَلَا طَلَبَ فِيهِ وَلَا تَكَلُّفَ كَلَامٍ زَائِدٍ وَلَا يَسْتَقِيمُ مَا ذَكَرُوا إلَّا عَلَى ذَلِكَ) .
[مَسْأَلَةٌ الْأَدَاءُ فِعْلُ الْوَاجِبِ فِي وَقْتِهِ الْمُقَيَّدِ بِهِ شَرْعًا]
(مَسْأَلَةٌ الْأَدَاءُ فِعْلُ الْوَاجِبِ فِي وَقْتِهِ الْمُقَيَّدِ بِهِ شَرْعًا) ثُمَّ أَوْضَحَ الْوَقْتَ الْمُقَيَّدَ بِهِ شَرْعًا بِاتِّبَاعِهِ بِقَوْلِهِ (الْعُمُرَ وَغَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الْعُمُرِ لِيَشْمَلَ الْوَاجِبَ الْمُطْلَقَ وَالْمُؤَقَّتَ (وَهُوَ) أَيْ فِعْلُ الْوَاجِبِ فِي وَقْتِهِ (تَسَاهُلٌ) بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُؤَقَّتِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِكَوْنِهِ أَدَاءً وُجُودُ جَمِيعِهِ فِي الْوَقْتِ بَلْ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (بَلْ) الشَّرْطُ (ابْتِدَاؤُهُ) أَيْ الْفِعْلِ (فِي غَيْرِ الْعُمُرِ كَالتَّحْرِيمَةِ لِلْحَنَفِيَّةِ) فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَإِنَّ بِإِدْرَاكِهَا فِي الْوَقْتِ يَكُونُ مُدْرِكًا لِلصَّلَاةِ أَدَاءً وَإِنْ كَانَ مَا سِوَاهَا مَفْعُولًا خَارِجَهُ عَلَى مَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ وَهُوَ مُطْلَقًا وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ تَبَعًا لِمَا فِي الْوَقْتِ (وَرَكْعَةٍ لِلشَّافِعِيَّةِ) فَإِنَّ بِإِدْرَاكِهَا فِي الْوَقْتِ يَكُونُ مُدْرِكًا لِلصَّلَاةِ أَدَاءً وَإِنْ كَانَ مَا سِوَاهَا مَفْعُولًا خَارِجَهُ عَلَى مَا هُوَ أَصَحُّ الْأَوْجَهُ عِنْدَهُمْ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَفِي الْمُحِيطِ الصَّلَاةُ الْوَاحِدَةُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا أَدَاءً وَبَعْضُهَا قَضَاءً كَمُصَلِّي الْعَصْرِ غَرَبَتْ الشَّمْسُ عَلَيْهِ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ يُتِمُّ الْبَاقِيَ قَضَاءً لَا أَدَاءً وَسَبَقَهُ إلَى هَذَا النَّاطِفِيُّ أَيْضًا، وَذَكَرَ أَبُو حَامِدٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ قَوْلُ عَامَّةِ الشَّافِعِيَّةِ قِيلَ وَهُوَ التَّحْقِيقُ اعْتِبَارًا لِكُلِّ جُزْءٍ بِوَفَائِهِ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ تَسَاهُلٌ.
(وَالْإِعَادَةُ فِعْلُ مِثْلِهِ) أَيْ الْوَاجِبِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْوَقْتِ مَرَّةً أُخْرَى (لِخَلَلٍ غَيْرِ الْفَسَادِ وَ) غَيْرِ (عَدَمِ صِحَّةِ الشُّرُوعِ) فِي نَفْسِ الْوَاجِبِ فَفِعْلُ مِثْلِهِ شَامِلٌ لِلْقَضَاءِ وَالْإِعَادَةِ وَفِيهِ مُخْرِجٌ لِفِعْلِ مِثْلِهِ بَعْدَهُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْبَعْضُ وَإِلَّا فَقَوْلُ الْمِيزَانِ الْإِعَادَةُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ إتْيَانُ مِثْلِ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ عَلَى صِفَةِ الْكَمَالِ بِأَنْ وَجَبَ عَلَى الْمُكَلَّفِ فِعْلٌ مَوْصُوفٌ بِصِفَةِ الْكَمَالِ فَأَدَّاهُ عَلَى وَجْهِ النُّقْصَانِ وَهُوَ نُقْصَانٌ فَاحِشٌ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَهِيَ إتْيَانُ مِثْلِ الْأَوَّلِ ذَاتًا مَعَ صِفَةِ الْكَمَالِ اهـ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا فَعَلَ ثَانِيًا فِي الْوَقْتِ أَوْ خَارِجَ الْوَقْتِ يَكُونُ إعَادَةً كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْكَشْفِ وَالْبَاقِي مُخْرِجٌ لِمَا يَفْعَلُ ثَانِيًا لِمُفْسِدٍ فِي الْأَوَّلِ كَتَرْكِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute