للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَعَ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ) بِخَبَرِ الْوَاحِدِ (فِيهَا) أَمَّا فِي الْعَقَائِدِ فَلِمَا تَقَدَّمَ مِنْ النَّصِّ السَّمْعِيِّ الْمُفِيدِ لِذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُخْتَارِ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ قَدْ يُفِيدُ الْعِلْمَ وَأَمَّا فِي نَقْلِ الْقُرْآنِ فَلِأَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْمُعْجِزَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالدَّوَاعِي مُتَوَفِّرَةٌ فَحَكَمَتْ الْعَادَةُ بِكَوْنِ إثْبَاتِهِ قَطْعِيًّا وَأَمَّا فِي ادِّعَاءِ النُّبُوَّةِ فَلِأَنَّ الْعَادَةَ تُحِيلُ صِدْقَ مُدَّعِيهَا بِغَيْرِ مُعْجِزَةٍ دَالَّةٍ عَلَى صِدْقِهِ لِأَنَّهَا أَمْرٌ فِي نِهَايَةِ الْعَظَمَةِ وَغَايَةِ النُّدْرَةِ وَالطِّبَاعُ مُسْتَبْعَدَةٌ لِوُقُوعِهِ بِخِلَافِ الْفُرُوعِ فَإِنَّهُ اُكْتُفِيَ فِيهَا بِالظَّنِّ.

[مَسْأَلَةٌ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْعَدْلِ]

(مَسْأَلَةٌ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْعَدْلِ وَاجِبٌ فِي الْعَمَلِيَّاتِ، وَمَنَعَهُ الرَّوَافِضُ وَشُذُوذٌ) مِنْهُمْ أَبُو دَاوُد (لَنَا تَوَاتُرُ) الْعَمَلِ بِهِ (عَنْ الصَّحَابَةِ فِي) آحَادِ (وَقَائِعَ خَرَجَتْ عَنْ الْإِحْصَاءِ لِلْمُسْتَقِرِّينَ يُفِيدُ مَجْمُوعَهَا) أَيْ آحَادِ الْوَقَائِعِ (إجْمَاعُهُمْ) أَيْ الصَّحَابَةِ (قَوْلًا أَوْ كَالْقَوْلِ عَلَى إيجَابِ الْعَمَلِ عَنْهَا) أَيْ أَخْبَارِ الْآحَادِ (فَبَطَلَ إلْزَامُ الدَّوْرِ و) إلْزَامُ (مُخَالَفَةٍ {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦] عَلَى تَقْدِيرِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ لِأَنَّا إنَّمَا أَثْبَتْنَاهُ بِتَوَاتُرِ الْعَمَلِ بِهَا لَا بِخَبَرِ وَاحِدٍ بِالْعَمَلِ بِهَا وَالْمُتَوَاتِرِ وَلَوْ مَعْنًى يُفِيدُ الْعِلْمَ (وَ) إلْزَامُ (كَوْنِ الْمُسْتَفَادِ) مِنْ هَذِهِ الْوَقَائِعِ (الْجَوَازَ) أَيْ جَوَازَ الِاسْتِدْلَالِ وَالْعَمَلِ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ. وَالنِّزَاعُ إنَّمَا هُوَ فِي الْوُجُوبِ لِأَنَّ إيجَابَهُمْ الْأَحْكَامَ بِهَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهَا (عَلَى أَنَّهُ لَا قَائِلَ بِهِ) أَيْ بِالْجَوَازِ (دُونَ وُجُوبٍ وَمِنْ مَشْهُورِهَا) أَيْ أَعْمَالِ الصَّحَابَةِ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ ( «عَمَلُ أَبِي بَكْرٍ بِخَبَرِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فِي تَوْرِيثِ الْجَدَّةِ السُّدُسَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» كَمَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ

(وَعُمَرَ بِخَبَرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي الْمَجُوسِ) وَهُوَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ» كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ (وَبِخَبَرِ حَمَلِ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ (ابْنِ مَالِكٍ فِي إيجَابِ الْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ) حَيْثُ قَالَ «كُنْت بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ فَضَرَبَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى فَقَتَلَتْهَا وَجَنِينَهَا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَنِينِهَا بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ وَأَنْ تُقْتَلَ بِهَا» كَمَا أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ (وَبِخَبَرِ الضَّحَّاكِ) بْنِ سُفْيَانَ (فِي مِيرَاثِ الزَّوْجَةِ مِنْ دِيَةِ الزَّوْجِ) حَيْثُ قَالَ «كَتَبَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضَّبَابِيَّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ (وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَبِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي دِيَةِ الْأَصَابِعِ) كَمَا أَفَادَهُ مَا أَسْنَدَهُ شَيْخُنَا الْحَافِظُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ قَضَى عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْإِبْهَامِ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ وَفِي الْخِنْصَرِ بِسِتٍّ حَتَّى وَجَدَ كِتَابًا عِنْدَ آلِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ يَذْكُرُونَ أَنَّهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ «وَفِيمَا هُنَالِكَ مِنْ الْأَصَابِعِ عَشْرٌ» ثُمَّ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ وَالنَّسَائِيُّ انْتَهَى قُلْت فَعَلَى هَذَا قَوْلُ السُّبْكِيّ وَأَمَّا رُجُوعُهُ إلَى كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ وَلَمْ يَثْبُتْ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَنَا أَنَّ كِتَابَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بَلَغَ عُمَرَ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ بَلَغَهُ لَصَارَ إلَيْهِ وَفِي هَذَا الْقَوْلِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ انْتَهَى مُتَعَقَّبٌ بِهَذَا فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ مِمَّنْ رَوَى كِتَابَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.

وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ لَا أَعْلَمُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ كِتَابًا أَصَحَّ مِنْ كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْجِعُونَ إلَيْهِ وَيَدَعُونَ آرَاءَهُمْ (وَ) عَمِلَ (عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ بِخَبَرِ فُرَيْعَةَ) بِنْتِ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ أُخْتِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (أَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ) كَذَا فِي شَرْحِ الْقَاضِي عَضُدِ الدِّينِ وَهُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ

وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِهِ (وَمَا لَا يُحْصَى كَثْرَةً مِنْ الْآحَادِ الَّتِي يَلْزَمُهَا الْعِلْمُ بِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى عَمَلِهِمْ بِهَا لَا بِغَيْرِهَا وَلَا بِخُصُوصِيَّاتٍ فِيهَا سِوَى حُصُولِ الظَّنِّ فَعَلِمْنَاهُ) أَيْ حُصُولَ الظَّنِّ (الْمَنَاطُ عِنْدَهُمْ مَعَ ثُبُوتِ إجْمَاعِهِمْ بِالِاسْتِقْلَالِ عَلَى خَبَرِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» ) وَقَدَّمْنَا فِي الْبَحْثِ الْأَوَّلِ مِنْ مَبَاحِثِ الْعُمُومِ أَنَّ شَيْخَنَا الْحَافِظَ قَالَ لَيْسَ هَذَا اللَّفْظُ مَوْجُودًا فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بَلْ مَعْنَاهُ «وَنَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ» ) وَقَدَّمْنَا ثَمَّةَ أَيْضًا أَنَّ الْمَحْفُوظَ؛ إنَّا؛ كَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ

«وَالْأَنْبِيَاءُ يُدْفَنُونَ حَيْثُ يَمُوتُونَ» ) رَوَاهُ بِمَعْنَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>