للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى الْقَلِيلِ الَّذِي هُوَ نِصْفُ صَاعٍ عَلَى مَا قَالُوا (وَلَا أَثَرَ لَهُ) أَيْ كَوْنُهَا أَكْثَرَ مَحَالَّ مِنْ مُعَارِضَتِهَا فِي تَأْثِيرِهَا وَقُوَّتِهَا الَّذِي بِهِ يَكُونُ التَّرْجِيحُ (بَلْ) الْأَثَرُ (لِدَلَالَةِ الدَّلِيلِ) أَيْ لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِ (عَلَى الْوَصْفِ) أَيْ كَوْنِهِ مُؤَثِّرًا فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ قَلَّتْ مَحَالُّهُ أَوْ كَثُرَتْ وَهَذَا ثَالِثُهَا (وَبِالْبَسَاطَةِ) أَيْ وَالتَّرْجِيحِ بِكَوْنِ إحْدَى الْعِلَّتَيْنِ وَصْفًا لَا جُزْءَ لَهُ عَلَى الْأُخْرَى الَّتِي هِيَ وَصْفٌ ذُو أَجْزَاءَ لِسُهُولَةِ إثْبَاتِهَا وَالِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّتِهَا (كَالطُّعْمِ) أَيْ كَتَرْجِيحِ كَوْنِهِ عِلَّةَ حُرْمَةِ الرِّبَا فِيمَا تَقَدَّمَ (عَلَى الْكَيْلِ وَالْجِنْسِ) أَيْ كَوْنُهُمَا عِلَّتَهُ.

(وَلَا أَثَرَ لَهُ) أَيْ كَوْنِهَا لَا جُزْءَ لَهَا فِي تَأْثِيرِهَا وَقُوَّتِهَا؛ لِلَّذِي بِهِ يَكُونُ التَّرْجِيحُ بَلْ لِقُوَّةِ دَلَالَةِ الدَّلِيلِ عَلَى عِلِّيَّتِهَا (كَمَا ذَكَرْنَا) آنِفًا فَالْمُرَكَّبُ وَالْبَسِيطُ سَوَاءٌ عِنْدَنَا لِأَنَّ ثُبُوتَ الْحُكْمِ بِالْعِلَّةِ فَرْعُ ثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ وَالنَّصُّ الْمُوجَزُ لَا يَتَرَجَّحُ عَلَى الْمُطَوَّلِ فِي الْبَيَانِ فَكَذَا الْعِلَّةُ وَكَيْفَ لَا وَالْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ صُورَةُ الْعِلَّةِ وَالتَّأْثِيرُ مَعْنَاهَا وَالتَّرْجِيحُ إنَّمَا يَقَعُ بِالْمَعَانِي بِزِيَادَةِ قُوَّتِهَا وَتَأْثِيرِهَا لَا بِالصُّورَةِ وَمِنْ ثَمَّةَ رُبَّمَا كَانَ الْمُرَكَّبُ أَرْجَحَ وَالْوَصْفُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ أَوْلَى لِكَوْنِهِ أَقْوَى تَأْثِيرًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةُ حُكْمِ الْقِيَاسِ الثُّبُوتُ]

(مَسْأَلَةُ حُكْمِ الْقِيَاسِ الثُّبُوتُ) لِحُكْمِ الْأَصْلِ (فِي الْفَرْعِ وَهُوَ) أَيْ ثُبُوتُهُ فِي الْفَرْعِ (التَّعَدِّيَةُ بِالِاصْطِلَاحِيَّةِ فَلَزِمَهُ) أَيْ الْقِيَاسُ (أَنْ لَا يَثْبُتَ الْحُكْمُ ابْتِدَاءً كَإِبَاحَةِ الرَّكْعَةِ) الْوَاحِدَةِ (وَحُرْمَةِ الْمَدِينَةِ) أَيْ أَنْ يَكُونَ لَهَا حَرَمٌ كَحَرَمِ مَكَّةَ (أَوْ وَصْفُهُ) أَيْ الْحُكْمُ (كَصِفَةِ الْوِتْرِ) مِنْ الْوُجُوبِ وَالِاسْتِنَانِ (بَعْدَ مَشْرُوعِيَّتِهِ) بَلْ إنَّمَا يَثْبُتُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالنَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ، وَلِذَا لَمْ يَسْتَنِدْ مَنْ قَالَ بِحُرْمَةِ الْمَدِينَةِ أَوْ كَوْنِ الْوِتْرِ وَاجِبًا أَوْ سُنَّةً إلَّا إلَى السَّمْعِ كَمَا عُرِفَ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ وَإِنَّمَا لَمْ يَثْبُتَا بِالْقِيَاسِ ابْتِدَاءً (لِانْتِفَاءِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ وَكَذَا) لَزِمَهُ أَنْ لَا يُثْبِتَ (الشَّرْطِيَّةَ وَالْعِلِّيَّةَ كَكَوْنِ الْجِنْسِ فَقَطْ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ) أَيْ الْبَيْعَ نَسِيئَةً (إلَّا) أَيْ لَكِنْ يَثْبُتُ كُلٌّ مِنْهُمَا (بِالنَّصِّ دَلَالَةً وَغَيْرَهَا) أَيْ عِبَارَةً أَوْ إشَارَةً أَوْ اقْتِضَاءً فَإِنَّ الثَّابِتَ بِهَذِهِ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ كَمَا عُرِفَ (وَكَذَا) لَزِمَهُ أَنْ لَا يُثْبِتَ (صِفَةَ السَّوْمِ) أَيْ اشْتِرَاطَهُ لِنَصْبِ الْأَنْعَامِ فِي وُجُوبِ زَكَاتِهَا (وَالْحِلِّ) أَيْ وَكَذَا لَزِمَهُ أَنْ لَا يُثْبِتَ اشْتِرَاطَ صِفَةِ الْحِلِّ (لِلْوَطْءِ الْمُوجِبِ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ) فِي ثُبُوتِ حُرْمَتِهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ (وَشَرْطِيَّةَ التَّسْمِيَةِ) أَيْ وَكَذَا لَزِمَهُ أَنْ لَا يُثْبِتَ اشْتِرَاطَ ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمَذْبُوحِ (لِلْحِلِّ) لَهُ (وَوَصْفِيَّةَ شَرْطِ النِّكَاحِ) أَيْ وَكَذَا لَزِمَهُ أَنْ لَا يُثْبِتَ اشْتِرَاطَ وَصْفِيَّةِ شَرْطِ النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ الشَّهَادَةُ (بِالْعَدَالَةِ) وَالذُّكُورَةِ فِي شُهُودِهِ بَلْ إنَّمَا تَثْبُتُ هَذِهِ الْأُمُورُ بِالنَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ فَلَا جَرَمَ أَنْ نَصَّ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ كَوْنَ الْجِنْسِ بِمُفْرَدِهِ مُحَرَّمًا لِلنَّسِيئَةِ وَأَنَّ اشْتِرَاطَ السَّوْمِ فِي نَصْبِ الْأَنْعَامِ لِلزَّكَاةِ وَذِكْرَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الذَّبِيحَةِ فِي حِلِّهَا إنَّمَا هِيَ بِالنُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ، وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ إبَاحَةَ الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ وَحُرْمَةَ الْمَدِينَةِ وَاشْتِرَاطَ وَصْفِ الْحِلِّ لِلْوَطْءِ فِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ وَالْعَدَالَةَ وَالذُّكُورَةَ فِي شُهُودِ النِّكَاحِ إنَّمَا هِيَ بِالنُّصُوصِ فِيهَا كَمَا ذَلِكَ كُلُّهُ مَسْطُورٌ فِي فُرُوعِ الْفَرِيقَيْنِ، وَإِنَّمَا الشَّأْنُ فِي التَّرْجِيحِ وَمَحَلِّ الْخَوْضِ فِيهِ كُتُبُ الْفُرُوعِ ثُمَّ الْحَاصِلُ أَنَّهُ لَزِمَ حُكْمُ الْقِيَاسِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِهِ مُفِيدَ الثُّبُوتِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مِنْ وُجُوبٍ أَوْ حُرْمَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فِي فَرْعٍ بِطَرِيقِ التَّعَدِّيَةِ إلَيْهِ مِنْ أَصْلٍ مَوْجُودٍ فِي الشَّرْعِ ثَابِتٍ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ عَدَمُ إثْبَاتِهِ ابْتِدَاءً لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ عِلَّةٍ أَوْ شَرْطٍ لَهُ أَوْ صِفَةٍ لِأَحَدِهَا لِانْتِفَاءِ تَحَقُّقِ الْقِيَاسِ بِانْتِفَاءِ الْأَصْلِ الْمُعَدَّى مِنْهُ إلَى الْمَحَلِّ الْمُدَّعَى فَرْعِيَّتُهُ لَهُ فَيَتَمَحَّضُ إثْبَاتُ هَذِهِ إمَّا نَصْبًا لِلشَّرْعِ بِالرَّأْيِ كَمَا فِيمَا عَدَا إثْبَاتِ الشَّرْطِ وَوَصْفِهِ ابْتِدَاءً وَإِمَّا إبْطَالًا وَنَسْخًا بِالرَّأْيِ كَمَا فِي الشَّرْطِ وَوَصْفِهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ كَانَ ثَابِتًا قَبْلَ الشَّرْطِ وَقَبْلَ وَصْفِهِ وَبَعْدَ مَا شُرِطَ لَهُ شَرْطٌ أَوْ أُثْبِتَ لَهُ وَصْفٌ صَارَ مُتَعَلِّقًا بِهِ وَمَعْدُومًا قَبْلَ وُجُودِهِ، فَالتَّعْلِيلُ ابْتِدَاءً بِهِ رَفْعٌ لِلْحُكْمِ الثَّابِتِ وَنَسْخٌ لَهُ بِالضَّرُورَةِ وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ لِأَنَّ ذَلِكَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا إلَى الْعِبَادِ (وَ) لَزِمَهُ (أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ) بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ (مَنَاطُ عِلِّيَّةِ أَمْرٍ) لِشَيْءٍ (أَوْ شَرْطِيَّتُهُ) أَيْ أَمْرٌ لِشَيْءٍ (أَوْ وَصْفُهُمَا) أَيْ الْعِلِّيَّةُ وَالشَّرْطِيَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>