وَهِيَ الْعِتْقُ (عِنْدَ إمْكَانِهَا) أَيْ الْفَائِدَةِ الشَّرْعِيَّةِ (وَغَيْرِهَا) وَهُوَ الشَّفَقَةُ (مُعَارَضٌ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ الْمُحَقَّقِ مَعَ احْتِمَالِ عَدَمِهِ) أَيْ زَوَالِ الْمِلْكِ وَالْمُتَيَقَّنُ لَا يَزُولُ بِالِاحْتِمَالِ فَأَقَلُّ مَا فِي الْبَابِ أَنْ لَا يَتَعَيَّنَ أَحَدُ هَذَيْنِ الْمَجَازَيْنِ أَوْ يَتَعَيَّنُ هَذَا لِأَنَّهُ أَخَفُّ (وَعَدَمُهُ) أَيْ الْعِتْقِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (فِي هَذَا أَخِي بَنَوْهُ عَلَى اشْتِرَاكِهِ) أَيْ الْأَخِ (اسْتِعْمَالًا فَاشِيًا فِي الْمُشَارِكِ نَسَبًا وَدِينًا وَقَبِيلَةً وَنَصِيحَةً فَتَوَقَّفَ) الْعَمَلُ بِهِ (إلَى قَرِينَةٍ كَمِنْ أَبِي) أَوْ أُمِّي أَوْ مِنْ النَّسَبِ (فَيَعْتِقُ) لِكَوْنِهِ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ (وَعَلَى أَنَّ الْعِتْقَ بِعِلَّةِ الْوِلَادِ وَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ) لَهُ ذِكْرٌ لِيَكُونَ مَجَازًا عَنْ لَازِمِهِ فَامْتَنَعَ لِعَدَمِ طَرِيقِهِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ بِعِلَّةِ الْوِلَادِ (بُنِيَ عَدَمُهُ) أَيْ الْعِتْقِ (فِي جَدِّي لِعَبْدِهِ الصَّغِيرِ) فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا وُجُودَ لَهُ إلَّا بِوَاسِطَةِ الْأَبِ وَلَا وُجُودَ لَهُ فِي اللَّفْظِ
(وَيَرِدُ أَنَّهَا) أَيْ عِلَّةُ عِتْقِ الْقَرِيبِ (الْقَرَابَةُ الْمُحَرِّمَةُ) لَا خُصُوصُ الْوِلَادِ (وَلِذَا) أَيْ وَلِكَوْنِهَا الْعِلَّةَ فِيهِ عِتْقٌ (بِعَمِّي وَخَالِي) بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا (فَتُرَجَّحُ رِوَايَةُ الْحَسَنِ) الْعِتْقَ فِي جَدِّي (وَعَدَمِهِ) أَيْ الْعِتْقِ (بِيَا ابْنِي لِأَنَّهُ) أَيْ النِّدَاءَ (لِإِحْضَارِ الذَّاتِ وَلَمْ يَفْتَقِرْ هَذَا الْقَدْرُ لِتَحْقِيقِ الْمَعْنَى) أَيْ الْبُنُوَّةِ (فِيهَا) أَيْ فِي الذَّاتِ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ (حَقِيقِيًّا أَوْ مَجَازِيًّا) لِأَنَّ إعْلَامَ الْمُنَادِي بِمَطْلُوبِيَّةِ حُضُورِهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ فَانْتَفَى أَنْ يُقَالَ يَجِبُ أَنْ يَعْتِقَ بِهِ لِتَعَذُّرِ الْعَمَلِ بِالْحَقِيقَةِ وَتَعَيَّنَ الْمَجَازُ وَإِيضَاحُ انْتِفَائِهِ أَنَّ النِّدَاءَ وُضِعَ لِاسْتِحْضَارِ الْمُنَادِي وَطَلَبِ إقْبَالِهِ بِصُورَةِ الِاسْمِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إلَى مَعْنَاهُ فَلَا يُفْتَقَرُ إلَى تَصْحِيحِ الْكَلَامِ بِإِثْبَاتِ مُوجِبِهِ الْحَقِيقِيِّ أَوْ الْمَجَازِيِّ بِخِلَافِ الْخَبَرِ فَإِنَّهُ لِتَحْقِيقِ الْمُخْبَرِ بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْحِيحِهِ بِمَا أَمْكَنَ (بِخِلَافِ يَا حُرُّ) حَيْثُ يَعْتِقُ بِهِ (لِأَنَّ لَفْظَهُ صَرِيحٌ فِي الْمَعْنَى) لِأَنَّ الْحُرَّ مَوْضُوعٌ لِلْعِتْقِ وَعَلَمٌ لِإِسْقَاطِ الرِّقِّ فَيَقُومُ عَيْنُهُ مَقَامَ مَعْنَاهُ (فَيَثْبُتُ بِلَا قَصْدٍ) حَتَّى لَوْ قَصَدَ التَّسْبِيحَ فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ عَبْدِي حُرٌّ يَعْتِقُ (وَقِيلَ إذَا كَانَ الْوَصْفُ الْمُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الذَّاتِ يُمْكِنُ تَحْقِيقُهُ مِنْ جِهَتِهِ) أَيْ الْمُتَكَلِّمِ (بِاللَّفْظِ حُكِمَ بِتَحْقِيقِهِ) أَيْ الْوَصْفِ (مَعَ الِاسْتِحْضَارِ) تَصْدِيقًا لَهُ (كَيَا حُرُّ)
فَإِنَّ الْحُرِّيَّةَ يُمْكِنُ إثْبَاتُهَا مِنْ جِهَةِ التَّكَلُّمِ بِهَذَا اللَّفْظِ اللَّهُمَّ إلَّا إذَا كَانَ اسْمُهُ ذَلِكَ الْوَصْفَ فَنَادَاهُ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ لِأَنَّ الْمُرَادَ حِينَئِذٍ إعْلَامُهُ بِاسْمِهِ الْعَلَمِ لَا إثْبَاتَ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِأَنَّ الْأَعْلَامَ لَا يُرَاعَى فِيهَا الْمَعَانِي حَتَّى لَوْ نَادَاهُ بِلَفْظٍ آخَرَ بِمَعْنَاهُ كَعَتِيقٍ عَتَقَ لِأَنَّ الْأَعْلَامَ لَا تُغَيَّرُ (وَإِلَّا) لَوْ كَانَ الْوَصْفُ الْمُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الذَّاتِ لَا يُمْكِنُ تَحْقِيقُهُ مِنْ جِهَتِهِ بِاللَّفْظِ (لَغَا) ذَلِكَ الْوَصْفُ (ضَرُورَةً) وَتَجَرَّدَ لِلْأَعْلَامِ (كَيَا ابْنِي إذْ تَحَقُّقُ الْأَبْنِيَة غَيْرُ مُمْكِنٍ لَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ لِأَنَّهُ إنْ تَخَلَّقَ مِنْ مَاءِ غَيْرِهِ فَظَاهِرٌ وَكَذَا) إنْ تَخَلَّقَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَائِهِ (لِأَنَّ النَّسَبَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِهِ) أَيْ بِتَخَلُّقِهِ مِنْ مَائِهِ (لَا بِاللَّفْظِ وَأَمَّا إلْزَامُهُمَا) أَيْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ (الْمُنَاقَضَةَ بِالِانْعِقَادِ) أَيْ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّةِ انْعِقَادِ النِّكَاحِ (بِالْهِبَةِ فِي الْحُرَّةِ وَلَا يُتَصَوَّرُ الْحَقِيقِيُّ) الَّذِي هُوَ (الرِّقُّ) فِيهَا لِيَتَفَرَّعَ عَلَيْهِ تَمَلُّكُهَا بِهَذَا اللَّفْظِ لِأَنَّ الْحُرَّةَ لَا تَقْبَلُ ذَلِكَ مَا دَامَتْ حُرَّةً (فَلَا يَلْزَمُهُمَا إذْ لَمْ يَشْرِطَاهُ) أَيْ إمْكَانَ الْحَقِيقِيِّ (إلَّا عَقْلًا) وَهُوَ مُمْكِنٌ عَقْلًا وَكَيْفَ لَا وَقَدْ وَقَعَ فِي شَرِيعَةِ يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَفِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ (وَلَمْ تَذْكُرْ الشَّافِعِيَّةُ هَذَا الْأَصْلَ) وَهُوَ أَنَّ الْخَلْفِيَّةَ لِلْمَجَازِ فِي التَّكَلُّمِ أَوْ فِي الْحُكْمِ (وَمُوَافَقَتُهُمَا) أَيْ الشَّافِعِيَّةِ لَهُمَا (فِي الْفَرْعِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ الْأَكْبَرِ سِنًّا مِنْهُ أَنْتَ ابْنِي (لَا يُوجِبُهَا) أَيْ الْمُوَافَقَةَ (فِي؛ أَصْلِهِمَا) كَمَا هُوَ ظَاهِرُ صَنِيعِ صَاحِبِ الْكَشْفِ وَغَيْرِهِ وَمِنْ ثَمَّةَ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمَبْنِيَّ فِيهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَدَمُ ثُبُوتِ السَّبَبِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَة خَلْفِيَّةِ الْمَجَازِ عَنْ الْحَقِيقَةِ]
(مَسْأَلَةٌ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْخَلْفِيَّةِ) أَيْ خَلْفِيَّةِ الْمَجَازِ عَنْ الْحَقِيقَةِ (تَعَيُّنُهَا) أَيْ الْحَقِيقَةِ (إذَا أَمْكَنَا) أَيْ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ (بِلَا مُرَجِّحٍ) لِرُجْحَانِهَا فِي نَفْسِهَا عَلَيْهِ (فَيَتَعَيَّنُ الْوَطْءُ مِنْ {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: ٢٢] لِأَنَّهُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ لِلنِّكَاحِ عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَهُوَ هُنَا مُمْكِنٌ مَعَ مَجَازِيِّهِ الَّذِي هُوَ الْعَقْدُ (فَحَرُمَتْ مَزْنِيَّةُ الْأَبِ) عَلَى فُرُوعِهِ بِالنَّصِّ وَأَمَّا حُرْمَةُ الْمَعْقُودِ لَهُ عَلَيْهَا عَقْدًا صَحِيحًا عَلَيْهِمْ فَبِالْإِجْمَاعِ (وَتَعَلَّقَ بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ الْجَزَاءُ (فِي قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ إنْ نَكَحْتُك) فَأَنْتِ كَذَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (فَلَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ إبَانَةٍ) قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute