للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلِاحْتِيَاجِ) أَيْ لِاحْتِيَاجِ الْمَجَازِ (إلَى عَلَاقَتِهِ) الْمُسَوِّغَةِ لِلتَّجَوُّزِ بِهِ عَنْ الْحَقِيقِيِّ بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى عَلَاقَةٍ فِي تَرْجِيحِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى الْمَجَازِ كَمَا ذَكَرُوهُ (بِقَلِيلٍ تَأَمَّلْ) لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِمَا بَعْدَ تَحَقُّقِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا تَحَقُّقَ لِلْمَجَازِ بِدُونِ عَلَاقَتِهِ الْمَذْكُورَةِ (وَبِأَنَّهُ يَطَّرِدُ) أَيْ وَيَتَرَجَّحُ الْمُشْتَرَكُ أَيْضًا بِاطِّرَادِهِ فِي كُلٍّ مِنْ مَعَانِيه لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِ فَيُطْلَقُ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ مَحَالِّهِ فَلَا يَضْطَرِبُ بِخِلَافِ الْمَجَازِ فَإِنَّ مِنْ عَلَامَاتِهِ أَنْ لَا يَطَّرِدَ فَيَضْطَرِبَ فِيهِ بِحَسَبِ مَحَالِّهِ وَمَا لَا يَضْطَرِبُ أَوْلَى لِأَنَّ الِاضْطِرَابَ يَكُونُ لِمَانِعٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ (وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ) فَإِنَّ الْمَجَازَ قَدْ يَطَّرِدُ كَالْأَسَدِ لِلشُّجَاعِ (وَبِالِاشْتِقَاقِ) أَيْ وَيَتَرَجَّحُ الْمُشْتَرَكُ أَيْضًا بِالِاشْتِقَاقِ (مِنْ مَفْهُومَيْهِ) إذَا كَانَ مِمَّا يُشْتَقُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ مِنْ خَوَاصِّهَا (فَيَتَّسِعُ) الْكَلَامُ وَتَكْثُرُ الْفَائِدَةُ وَالْمَجَازُ قَدْ لَا يُشْتَقُّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَصْلُحُ لَهُ

وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيِّ وَإِلْكِيَا مَانِعِي الِاشْتِقَاقِ مِنْ الْمَجَازِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى قَصْرِ الْمَجَازَاتِ كُلِّهَا عَلَى الْمَصَادِرِ فَلَا جَرَمَ أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهُ الْجُمْهُورُ هَذَا (وَالْحَقُّ أَنَّ الِاشْتِقَاقَ يَعْتَمِدُ الْمَصْدَرِيَّةَ حَقِيقَةً كَانَ) الْمَصْدَرُ (أَوْ مَجَازًا كَالْحَالِ نَاطِقَةٍ وَنَطَقَتْ) الْحَالُ مِنْ النُّطْقِ بِمَعْنَى الدَّلَالَةِ (وَقَدْ تَتَعَدَّدُ) الْمَعَانِي (الْمَجَازِيَّةُ لِلْمُنْفَرِدِ أَكْثَرَ مِنْ مُشْتَرَكٍ فَلَا يَلْزَمُ أَوْسَعِيَّتُهُ) أَيْ الْمُشْتَرَكُ عَلَى الْمَجَازِ (فَلَا يَنْضَبِطُ) الِاتِّسَاعُ الْمُقْتَضِي لِلتَّرْجِيحِ (وَعَدَمُهُ) أَيْ الِاشْتِقَاقِ (مِنْ الْأَمْرِ بِمَعْنَى الشَّأْنِ لِعَدَمِهَا) أَيْ الْمَصْدَرِيَّةِ لَا لِأَنَّهُ مَجَازٌ فِيهِ كَمَا قِيلَ (وَمِنْ فَإِنَّمَا هِيَ إقْبَالٌ وَإِدْبَارٌ) مَعَ وُجُودِ الْمَصْدَرِ (لِفَوْتِ غَرَضِ الْمُبَالَغَةِ) الْحَاصِلَةِ مِنْ حَمْلِ الْمَصْدَرِ عَلَى النَّاقَةِ الْمُفِيدِ جَعْلِهَا لِكَثْرَةِ مَا تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ كَأَنَّهَا تَجَسَّمَتْ مِنْ الْإِقْبَالِ وَالْإِدْبَارِ وَالتَّخَلُّفِ لِمَانِعٍ لَا يَقْدَحُ فِي اقْتِضَاءِ الْمُقْتَضِي كَمَا تَقَدَّمَ (وَتَرَجَّحَ أَكْثَرِيَّةُ الْمَجَازِ الْكُلِّ) أَيْ مُرَجِّحَاتُ الِاشْتِرَاكِ فَإِنَّ مَنْ تَتَبَّعَ كَلَامَ الْعَرَبِ عَلِمَ أَنَّ الْمَجَازَ فِيهِ أَغْلَبُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ حَتَّى ظَنَّ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ أَكْثَرَ اللُّغَةِ مَجَازٌ فَيَتَرَجَّحُ الْمَجَازُ عَلَيْهِ إلْحَاقًا لِلْفَرْدِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ.

[مَسْأَلَة يَعُمُّ الْمَجَازُ فِيمَا تَجُوزُ بِهِ فِيهِ]

(مَسْأَلَةٌ يَعُمُّ الْمَجَازُ فِيمَا تَجُوزُ بِهِ فِيهِ فَقَوْلُهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَبِيعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ وَلَا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَلَا الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ إنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ الرِّمَاءَ وَالرِّمَاءُ هُوَ الرِّبَا» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ (يَعُمُّ فِيمَا يُكَالُ بِهِ فَيَجْرِي الرِّبَا فِي نَحْوِ الْجَصِّ) مِمَّا لَيْسَ بِمَطْعُومٍ (وَيُفِيدُ مَنَاطُهُ) أَيْ الرِّبَا لِأَنَّ الْحُكْمَ عُلِّقَ بِالْمَكِيلِ فَيُفِيدُ عَلَيْهِ مَبْدَأَ الِاشْتِقَاقِ (وَعَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ لَا) يَعُمُّ وَعَزَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ إلَى الشَّافِعِيِّ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَجَازَ (ضَرُورِيٌّ) أَيْ لِضَرُورَةِ التَّوْسِعَةِ فِي الْكَلَامِ كَالرُّخَصِ الشَّرْعِيَّةِ الثَّابِتَةِ ضَرُورَةُ التَّوْسِعَةِ عَلَى النَّاسِ إذْ الْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ وَلِذَا تَتَرَجَّحُ عَلَى الْمَجَازِ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَالضَّرُورَةِ بِدُونِ إثْبَاتِ الْعُمُومِ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ (فَانْتَفَى) الرِّبَا (فِيهِ) أَيْ فِي نَحْوِ الْجَصِّ وَوَجْهُ تَرْتِيبِهِ عَلَى كَوْنِهِ ضَرُورِيًّا ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ حَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ لَا يَعُمُّ لِانْدِفَاعِ الضَّرُورَةِ بِبَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الطَّعَامُ مُرَادٌ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ إلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ» أَخْرَجَ مَعْنَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ فَلَمْ يَبْقَ غَيْرُهُ مُرَادًا فَصَارَ الْمُرَادُ بِالصَّاعِ الطَّعَامَ (فَسَلَّمَ عُمُومَ الطَّعَامِ لِانْتِفَاءِ عِلِّيَّةِ الْكَيْلِ) أَيْ فَتَعَيَّنَ الطَّعْمُ لِلْعِلِّيَّةِ وَبَطَلَ عِلِّيَّةُ الْكَيْلِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُعَلَّلْ بِعِلَّتَيْنِ فَسَلِمَ عِلِّيَّتُهُ عَنْ الْمُعَارِضِ وَعُمُومِهِ (فَامْتَنَعَ) أَنْ تُبَاعَ (الْحَفْنَةُ بِالْحَفْنَتَيْنِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الطَّعَامِ (وَلَزِمَتْ عِلِّيَّتُهُ) أَيْ الطَّعْمِ عِنْدَهُمْ (قِيلَ) أَيْ قَالَ الشَّيْخُ سَعْدُ الدِّينِ التَّفْتَازَانِيُّ مَا مَعْنَاهُ: (لَمْ يُعْرَفْ) نَفْيُ عُمُومِ الْمَجَازِ (عَنْ أَحَدٍ وَيَبْعُدُ) أَيْضًا نَفْيُهُ (لِأَنَّهَا) أَيْ الضَّرُورَةَ (بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُتَكَلِّمِ مَمْنُوعٌ) وُجُودُهَا (لِلْقَطْعِ بِتَجْوِيزِ الْعُدُولِ إلَيْهِ) أَيْ الْمَجَازِ (مَعَ قُدْرَةِ الْحَقِيقَةِ لِفَوَائِدِهِ) أَيْ الْمَجَازِ الَّتِي مِنْهَا لَطَائِفُ الِاعْتِبَارَاتِ وَمَحَاسِنُ الِاسْتِعَارَاتِ وَالْمُوجِبَةُ لِزِيَادَةِ بَلَاغَةِ الْكَلَامِ أَيْ عُلُوِّ دَرَجَتِهِ وَارْتِفَاعِ طَبَقَتِهِ عَلَى أَنَّ الْمَجَازَ وَاقِعٌ فِي كَلَامِ مَنْ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْعَجْزُ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةِ وَالِاضْطِرَارُ إلَى اسْتِعْمَالِ الْمَجَازِ وَبِالنِّسْبَةِ إلَى الْكَلَامِ (وَإِلَى السَّامِعِ أَيْ لِتَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِهَا وَجَبَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ ضَرُورَةً لِئَلَّا يَلْزَمَ إلْغَاءُ الْكَلَامِ وَإِخْلَاءُ اللَّفْظِ مِنْ الْمَرَامِ (لَا تَنْفِي الْعُمُومَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>