للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجُزْءِ وَالشَّرْطِ الْمَنْسُوخَيْنِ قَبْلَ وُرُودِ النُّقْصَانِ بِأَحَدِهِمَا (وَعِنْدَنَا هُوَ) أَيْ نُقْصَانُ الْجُزْءِ وَالشَّرْطِ (يَرْفَعُ الْوُجُوبَ) لَهُمَا (لِأَنَّهُ) أَيْ رَفْعَ وُجُوبِهِمَا هُوَ (الْحُكْمُ الْآنَ) أَيْ بَعْدَ النُّقْصَانِ (وَذَاكَ) أَيْ حُكْمُهُمْ بِنَسْخِ الْمَشْرُوعِ بِوَاسِطَةِ النُّقْصَانِ الْمَذْكُورِ (كَالْمُضَافِ) إلَى مَا قَبْلَ وُرُودِ النُّقْصَانِ بِأَحَدِهِمَا وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى

(وَقِيلَ) أَيْ وَقَالَ التَّفْتَازَانِيُّ (الْخِلَافُ) إنَّمَا هُوَ (فِي) نَسْخِ (الْعِبَادَةِ وَهِيَ) أَيْ الْعِبَادَةُ (الْمَجْمُوعُ) مِنْ الْأَجْزَاءِ (لَا مُجَرَّدُ الْبَاقِي) مِنْهَا فَالنِّزَاعُ فِي نَسْخِهَا بِمَعْنَى ارْتِفَاعِ جَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَإِلَّا فَارْتِفَاعُ الْكُلِّ بِارْتِفَاعِ الْجُزْءِ ضَرُورِيٌّ (وَلَا شَكَّ فِي ارْتِفَاعِ وُجُوبِ الْأَرْبَعِ) بِارْتِفَاعِ وُجُوبِ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا.

(وَاتَّجَهَ تَفْصِيلُ عَبْدِ الْجَبَّارِ) بَيْنَ الْجُزْءِ وَالشَّرْطِ بَلْ قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادَ الْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَلَا شَكَّ فِي صِدْقِ ذَلِكَ) أَيْ ارْتِفَاعِ وُجُوبِ الْأَرْبَعِ (بِصِدْقِ كُلٍّ مِنْ نَسْخِ وُجُوبِ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ أَجْزَائِهَا (أَوْ) نَسْخِ (وُجُوبِ كُلٍّ) أَيْ كُلِّ جُزْءٍ (مِنْهَا وَالثَّانِي) نَسْخُ وُجُوبِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا (مَمْنُوعٌ وَالْأَوَّلُ) أَيْ نَسْخُ وُجُوبِ أَحَدِ أَجْزَائِهَا (مُرَادُنَا فَفِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا نَسْخُ وُجُوبِ) جُزْءٍ (وَاحِدٍ دُونَ الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ يَصْدُقُ ذَلِكَ) أَيْ ارْتِفَاعُ وُجُوبِ الْأَرْبَعِ (بِهِ) أَيْ بِنَسْخِ وُجُوبِ جُزْءٍ مِنْهَا (فَبِمَا) أَيْ فَالِاعْتِبَارُ بِاَلَّذِي هُوَ ثَابِتٌ (فِي التَّحْقِيقِ اعْتِبَارُنَا) فَكَانَ أَوْلَى (وَلِبَعْضِهِمْ هُنَا خَبْطٌ) وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ الْمُرَادُ بِالْبَعْضِ وَبِمَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْخَبْطِ.

ثُمَّ قَدْ عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُرَادَ نَقْصُ مَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْمَشْرُوعِ عَلَيْهِ دَاخِلًا كَانَ فِيهِ أَوْ خَارِجًا عَنْهُ أَمَّا نَقْصُ مَا لَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْمَشْرُوعِ عَلَيْهِ كَسُنَّةٍ مِنْ سُنَنِهَا وَمَثَّلَهُ الْغَزَالِيُّ بِالْوُقُوفِ عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ وَسَتْرِ الرَّأْسِ فَلَيْسَ نَسْخًا لِلْعِبَادَةِ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا نَقَلَهُ قَوْمٌ قَالَ السُّبْكِيُّ وَقَدْ يُقَال إنْ قُلْنَا إنَّ الْعِبَادَةَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ السُّنَنِ وَالْفَرَائِضِ كَانَ الْقَوْلُ بِأَنَّ نُقْصَانَ السُّنَنِ نَسْخٌ لَهَا كَالْقَوْلِ فِي نُقْصَانِ الْجُزْءِ، وَإِنْ قُلْنَا مُخْتَصَّةٌ بِالْفَرَائِضِ فَلَا وَصَنِيعُ الْفُقَهَاءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ جَمِيعًا حَيْثُ يَذْكُرُونَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ سُنَنَهَا وَحَيْثُ يَقُولُونَ بَابُ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا انْتَهَى.

قُلْت وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْعِبَادَةَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْأَجْزَاءِ الدَّاخِلَةِ الْمُقَوِّمَةِ لِمَاهِيَّتِهَا وَالسُّنَنُ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا مِنْ الْمُسْتَحَبَّاتِ وَالْآدَابِ إنَّمَا هِيَ أَوْصَافٌ خَارِجَةٌ عَنْ حَقِيقَتِهَا مُوجَبَةٌ مُرَاعَاتُهَا لَهَا صِفَةُ كَمَالٍ خَارِجِيٍّ، وَذِكْرُ السُّنَنِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ وَإِضَافَتُهَا إلَيْهَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْهَا وَمِنْ الْفَرَائِض؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ بِالصِّفَةِ كَيْفِيَّةُ إيقَاعِهَا فِي الْخَارِجِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ لَا بَيَانُ الْحَقِيقَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ وَالْإِضَافَةُ تَكُونُ بِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ نَسْخَ الْعِبَادَةِ بِنَسْخِ سُنَنِهَا بَعِيدٌ جِدًّا وَمِنْ ثَمَّةَ كَانَ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ نَسْخَهَا لَا يَكُونُ نَسْخًا لِلْعِبَادَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ يُعْرَفُ النَّاسِخُ بِنَصِّهِ عَلَيْهِ السَّلَام عَلَيْهِ وَضَبْطِ تَأَخُّرِهِ]

(مَسْأَلَةٌ يُعْرَفُ النَّاسِخُ بِنَصِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -) عَلَيْهِ (وَضَبْطِ تَأَخُّرِهِ) أَيْ النَّاسِخِ (وَمِنْهُ) أَيْ ضَبْطِ تَأَخُّرِهِ مَا قَدَّمْنَا مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورهَا» الْحَدِيثَ (وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ نَاسِخٌ أَمَّا) تَعْيِينُ النَّاسِخِ (بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ هَذَا نَاسِخٌ فَوَاجِبٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا الشَّافِعِيَّةِ) قَالُوا (لِجَوَازِ اجْتِهَادِهِ) أَيْ أَنْ يَكُونَ تَعْيِينُهُ عَنْ اجْتِهَادِهِ وَلَا يَجِبُ اتِّبَاعُ الْمُجْتَهِدِ لَهُ فِيهِ (وَتَقَدَّمَ) فِي مَسْأَلَةِ حَمْلِ الصَّحَابِيِّ مَرْوِيَّهُ الْمُشْتَرَكِ وَنَحْوِهِ عَلَى أَحَدِ مَا يَحْتَمِلُهُ (مَا يُفِيدُهُ) أَيْ وُجُوبُ قَبُولِهِ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَإِنَّ هَذَا التَّحْرِيرَ مَرْجُوحٌ فَلْيُرَاجَعْ مَا هُنَاكَ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ مُقَدَّمٌ أَيْضًا عَلَى تَفْصِيلِ الْكَرْخِيِّ إنْ عَيَّنَ النَّاسِخَ بِأَنْ قَالَ هَذَا نَاسِخٌ بِذَاكَ لَا يُقْبَلُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ بَلْ قَالَ مَنْسُوخٌ قَبْلُ؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا ظُهُورُ النَّسْخِ فِيهِ مَا أُطْلِقَ إطْلَاقًا

(وَفِي تَعَارُضِ مُتَوَاتِرَيْنِ) إذَا عَيَّنَ الصَّحَابِيُّ أَحَدَهُمَا (فَقَالَ هَذَا نَاسِخٌ) أَوْ النَّاسِخُ (لَهُمْ) أَيْ الشَّافِعِيَّةِ (احْتِمَالُ النَّفْيِ) لِقَبُولِ كَوْنِهِ النَّاسِخَ (لِرُجُوعِهِ) أَيْ قَبُولِهِ (إلَى نَسْخِ الْمُتَوَاتِرِ بِالْآحَادِ) أَيْ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ (أَوْ) نَسْخِ الْمُتَوَاتِرِ (بِهِ) أَيْ بِالْمُتَوَاتِرِ (وَالْآحَادُ دَلِيلُهُ) أَيْ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ دَلِيلُ كَوْنِهِ نَاسِخًا فَالنَّاسِخُ هُوَ الْمُتَوَاتِرُ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ أَحَدَهُمَا نَاسِخٌ لِلْآخَرِ، ثُمَّ غَيْرُ خَافٍ أَنَّ هَذَا وَجْهُ الْقَبُولِ لَا وَجْهُ نَفْيِ الْقَبُولِ فَالْوَجْهُ إمَّا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ احْتِمَالُ النَّفْيِ وَالْقَبُولِ وَيَسْقُطُ هُنَا قَوْلُهُ (وَالْقَبُولُ) وَإِمَّا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بَعْدَ قَوْلِهِ بِالْآحَادِ وَالْقَبُولِ لِرُجُوعِهِ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>