تَكَلَّفَ صُورَةً مِنْ هَذَا يَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِهَا وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ ذَوِي التَّحْقِيقِ، وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا مِثَالٌ لِلْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ مَا لَا يُغَيَّرُ الْمَزِيدُ عَلَيْهِ بَلْ يَكُونُ عَلَى حِيَالِهِ وَلَا يَكُونُ نَسْخًا عِنْدَ الْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ وَقَدْ مَثَّلَ لَهُ الْآمِدِيُّ بِهِ وَبِزِيَادَةِ التَّغْرِيبِ عَلَى الْحَدِّ انْتَهَى. وَفِي الْقَوَاطِعِ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ إنْ غَيَّرَتْ الزِّيَادَةُ حُكْمَ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبِلِ كَانَتْ نَسْخًا كَزِيَادَةِ التَّغْرِيبِ فَإِنَّهَا تُوجِبُ تَغْيِيرَ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ فِي الْمُسْتَقْبِلِ مِنْ الْكُلِّ إلَى الْبَعْضِ، وَإِنْ لَمْ تُغَيِّرْ حُكْمَهُ فِي الْمُسْتَقْبِلِ بَلْ كَانَتْ مُقَارِنَةً لَهُ كَزِيَادَةِ سَتْرِ شَيْءٍ مِنْ الرُّكْبَةِ بَعْدَ وُجُوبِ سَتْرِ الْفَخْذِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ نَاسِخَةً لِوُجُوبِ سَتْرِ كُلِّ الْفَخْذِ؛ لِأَنَّ سَتْرَ الْكُلِّ لَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ سَتْرِ الْبَعْضِ بَلْ مُقَرَّرَةٌ
(وَالْأَصَحُّ فِي زِيَادَةِ صَلَاةٍ) عَلَى الْخَمْسِ لَوْ وَقَعَتْ (عَدَمُهُ) أَيْ النَّسْخِ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ (وَقِيلَ نَسْخٌ) وَعُزِيَ إلَى بَعْضِ مَشَايِخِنَا الْعِرَاقِيِّينَ (لِوُجُوبِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْوُسْطَى) بِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨] وَالزِّيَادَةُ تَخْرِيجُهَا عَنْ كَوْنِهَا وُسْطَى (وَالْجَوَابُ) أَنَّ الزِّيَادَةَ (لَا تُبْطِلُ وُجُوبَ مَا كَانَ مُسَمَّى الْوُسْطَى صَادِقًا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا بَطَلَ كَوْنُهَا وُسْطَى وَلَيْسَ) كَوْنُهَا وُسْطَى (حُكْمًا شَرْعِيًّا) بَلْ هُوَ أَمْرٌ حَقِيقِيٌّ فَلَا يَكُونُ رَفْعُهُ نَسْخًا وَهَذَا مَا قَالَ السُّبْكِيُّ إنْ كَانَتْ الْوُسْطَى عَلَمًا عَلَى صَلَاةٍ بِعَيْنِهَا إمَّا الصُّبْحُ أَوْ الْعَصْرُ أَوْ غَيْرُهُمَا وَلَيْسَتْ فُعْلَى مِنْ الْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ فَهُوَ أَيْضًا سَاقِطٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ زِيَادَةِ صَلَاةٍ ارْتِفَاعُ الْأَمْرِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى تِلْكَ الصَّلَاةِ الْفَاصِلَةِ لَكِنَّهُ قَالَ وَإِنْ كَانَتْ الْوُسْطَى الْمُتَوَسِّطَ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْأَمْرَ يَخْتَلِفُ بِمَا يُزَادُ فَإِنْ زِيدَتْ وَاحِدَةٌ فَهِيَ تَرْفَعُ الْوَسَطَ بِالْكُلِّيَّةِ وَيَتَّجِهُ بِمَا ذَكَرُوهُ؛ لِأَنَّ الْوَسَطَ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَ أَمْرًا حَقِيقًا إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ عَلَيْهِ وَقَرَّرَهُ فَيَكُونُ نَسْخًا لِلْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ، وَإِنْ زِيدَتْ ثِنْتَيْنِ وَنَحْوَهُمَا بِمَا لَا يَرْفَعُ الْوَسَطَ فَلَا نَسْخَ وَإِنَّمَا خَرَجَتْ الظُّهْرُ مَثَلًا عَنْ أَنْ تَكُونَ وُسْطَى وَكَوْنُهَا كَانَتْ الْوَسَطَ أَمْرٌ حَقِيقِيٌّ اتِّفَاقِيٌّ لَا يَرِدُ النَّسْخُ عَلَيْهِ وَالْأَمْرُ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الْوَسَطِ شَيْءٌ وَرَاءَ ذَلِكَ وَهُوَ لَمْ يَزُلْ بَلْ هُوَ بَاقٍ (وَأَمَّا نَقْصُ جُزْءٍ) مِنْ الْمَشْرُوعِ كَرَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ (أَوْ) نَقْصُ (شَرْطٍ) مِنْ شُرُوطِهِ كَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ لِلصَّلَاةِ (فَنَسْخٌ اتِّفَاقًا لِحُكْمِهِ) أَيْ ذَلِكَ الْجُزْءِ أَوْ الشَّرْطِ
(ثُمَّ قِيلَ وَنَسْخٌ لِمَا مِنْهُ) الْجُزْءُ وَلَهُ الشَّرْطُ أَيْضًا، ثُمَّ مِنْهُمْ كَالصَّفِيِّ الْهِنْدِيِّ مَنْ جَعَلَ الْخِلَافَ فِي الشَّرْطِ الْمُتَّصِلِ كَالْمِثَالِ الْمَذْكُورِ لَا الْمُنْفَصِلِ كَالطَّهَارَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ نَسْخًا إجْمَاعًا وَمِنْهُمْ مَنْ يُفِيدُ كَلَامُهُ إثْبَاتَ الْخِلَافِ فِي الْكُلِّ (وَعَبْدُ الْجَبَّارِ) قَالَ يَكُونُ ذَلِكَ النَّقْصُ نَسْخًا لِلْمَشْرُوعِ أَيْضًا (إنْ) كَانَ النَّاقِصُ (جُزْءًا) مِنْ الْمَشْرُوعِ وَلَا يَكُونُ نَسْخًا لِلْمَشْرُوعِ إنْ كَانَ شَرْطًا لَهُ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَسْخٍ لِلْمَشْرُوعِ مُطْلَقًا (لَنَا لَوْ كَانَ) نَقْصُ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ مَثَلًا أَوْ بَعْضُ شَرْطِهَا الَّذِي هُوَ الطَّهَارَةُ مَثَلًا (نَسْخًا لِوُجُوبِ الرَّكَعَاتِ الْبَاقِيَةِ افْتَقَرَتْ) الرَّكَعَاتُ الْبَاقِيَةُ بَعْدَ النَّقْصِ فِي وُجُوبِهَا (إلَى دَلِيلٍ آخَرَ لَهُ) أَيْ لِلْوُجُوبِ وَالتَّالِي بَاطِلٌ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْبَاقِيَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى دَلِيلٍ ثَانٍ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ وُجُوبَ الشَّرْعِ الَّذِي كَانَ ثَابِتًا قَبْلَ نُقْصَانِ الْجُزْءِ أَوْ الشَّرْطِ قَدْ ارْتَفَعَ بِالنُّقْصَانِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ النُّقْصَانَ نَسْخٌ لِلْوُجُوبِ فَوُجُوبُ الْمَشْرُوعِ بَعْدَ النُّقْصَانِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ. (قَالُوا) أَيْ الْقَائِلُونَ نُقْصَانُ الْجُزْءِ أَوْ الشَّرْطِ نَسْخٌ لِلْمَشْرُوعِ (حُرِّمَتْ) الصَّلَاةُ (بِلَا شَرْطِهَا) الَّذِي هُوَ الطَّهَارَةُ مَثَلًا (وَبَاقِيهَا) أَيْ بِدُونِ جُزْئِهَا الَّذِي هُوَ الرَّكْعَتَانِ مِنْ الظُّهْرِ مَثَلًا (وَارْتَفَعَتْ حُرْمَتُهُ) أَيْ الْمَشْرُوعِ الَّذِي هُوَ الصَّلَاةُ مَثَلًا الْمُؤَدَّى بِهَذَا النَّقْصِ قَبْلَ وُرُودِ النَّصِّ بِهِ (بِنَقْصِ الشَّرْطِ) الَّذِي هُوَ الطَّهَارَةُ مَثَلًا أَيْ بِوُرُودِ النَّصِّ بِهِ كَمَا يَنْقُصُ الْجُزْءُ الَّذِي هُوَ الرَّكْعَتَانِ مِنْ الظُّهْرِ مَثَلًا فَكَانَ نُقْصَانُ الشَّرْطِ أَوْ الْجُزْءُ نَسْخًا (وَإِذَنْ فَلَا مَعْنَى لِتَفْصِيلِ عَبْدِ الْجَبَّارِ) الْمَذْكُورِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي ارْتِفَاعِ تَحْرِيمِ الْمَشْرُوعِ بِدُونِهِمَا بَعْدَ أَنْ كَانَ مُحَرَّمًا (أُجِيبُ بِأَنَّ وُجُوبَ الْبَاقِي) بَعْدَ النَّقْصِ (عَيْنُ وُجُوبِهِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَتَجَدَّدْ وُجُوبٌ بَلْ) إنَّمَا تَجَدَّدَ (إبْطَالُ وُجُوبِ مَا نَقَصَ فَظَهَرَ أَنَّ حُكْمَهُمْ) أَيْ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ نَقْصَ الْجُزْءِ أَوْ الشَّرْطِ نَسْخٌ لِلْمَشْرُوعِ (بِهِ) أَيْ بِنَسْخِ الْمَشْرُوعِ إنَّمَا هُوَ (لِرَفْعِ حُرْمَةٍ لَهَا نِسْبَةٌ) أَيْ تَعَلُّقٌ (بِالْبَاقِي عَلَى تَقْدِيرِ الِاقْتِصَارِ) عَلَى مَا سِوَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute