للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَالِاسْتِثْنَاءُ) كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ وَلَا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَالْحَالُ) كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ شَيْءٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَالْغَايَةُ) كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَوَاتِ الْمَقْصُودِ (وَقِيلَ لَا) يَجُوزُ مُطْلَقًا (وَقِيلَ إنْ رَوَى مَرَّةً عَلَى التَّمَامِ) هُوَ أَوْ غَيْرُهُ الْخَبَرَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَوَاهُ عَلَى التَّمَامِ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ لَمْ يَجُزْ (وَمَا قِيلَ يَمْنَعُ إنْ خَافَ تُهْمَةَ الْغَلَطِ) كَمَا ذَكَرَ الْخَطِيبُ حَيْثُ قَالَ مَنْ رَوَى حَدِيثًا عَلَى التَّمَامِ وَخَافَ إنْ رَوَاهُ مَرَّةً أُخْرَى عَلَى النُّقْصَانِ أَنْ يُتَّهَمَ بِأَنَّهُ زَادَ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ مَا لَمْ يَكُنْ سَمِعَهُ أَوْ أَنَّهُ نَسِيَ فِي الثَّانِي بَاقِيَ الْحَدِيثِ لِقِلَّةِ ضَبْطِهِ وَكَثْرَةِ غَلَطِهِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَنْفِيَ هَذِهِ الظِّنَّةَ عَنْ نَفْسِهِ (فَأَمَرُ آخَرُ) لَا دَخْلَ لَهُ فِي أَصْلِ الْجَوَازِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ (لَنَا إذَا انْقَطَعَ التَّعَلُّقُ) بَيْنَ الْمَذْكُورِ وَالْمَحْذُوفِ (فَكَخَبَرَيْنِ أَوْ أَخْبَارٍ وَشَاعَ مِنْ الْأَئِمَّةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَالْأَوْلَى الْكَمَالُ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» ) أَيْ تَتَسَاوَى فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ «لَا فَضْلَ لِشَرِيفٍ عَلَى وَضِيعٍ» (وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ) أَيْ بِأَمَانِهِمْ (أَدْنَاهُمْ) أَيْ أَقَلُّهُمْ (وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ) أَيْ يَرُدُّ الْأَبْعَدُ مِنْهُمْ التَّبِعَةَ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَسْكَرَ إذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَاقْتَطَعَ الْإِمَامُ مِنْهُمْ سَرَايَا وَجَّهَهَا لِلْإِغَارَةِ فَمَا غَنِمَتْهُ جَعَلَ لَهَا مَا سَمَّى وَيَرُدُّ مَا بَقِيَ لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ لِأَنَّ بِهِمْ قَدَرَتْ السَّرَايَا عَلَى التَّوَغُّلِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَأَخْذِ الْمَالِ (وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ) أَيْ كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ فِي اتِّحَادِ كَلِمَتِهِمْ وَنُصْرَتِهِمْ وَتَعَاوُنِهِمْ عَلَى جَمِيعِ الْمِلَلِ الْمُحَارِبَةِ لَهُمْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ إلَّا أَنَّهُ قَالَ مَكَانَ وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ وَيُجِير عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ فَفَسَّرَ الرَّدَّ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ بِالْإِجَارَةِ فَالْمَعْنَى يَرُدُّ الْإِجَارَةَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَكُونَ كُلُّهُمْ مُجِيرًا يُقَالُ أَجَرْتُ فُلَانًا عَلَى فُلَانٍ إذَا حَمَيْته مِنْهُ وَمَنَعْته

[مَسْأَلَةٌ خَبَرَ الْوَاحِدِ قَدْ يُفِيدُ الْعِلْمَ بِقَرَائِنِ غَيْرِ اللَّازِمَةِ]

(مَسْأَلَةٌ. الْمُخْتَارُ) كَمَا هُوَ مُخْتَارُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيِّ وَالْآمِدِيِّ وَالْإِمَامِ الرَّازِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَرِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ (أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ قَدْ يُفِيدُ الْعِلْمَ بِقَرَائِنِ غَيْرِ اللَّازِمَةِ لِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ مَا يَلْزَمُ الْخَبَرَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْمُخْبِرِ أَوْ لِلْمُخْبَرِ عَنْهُ (وَلَوْ كَانَ) الْمُخْبِرُ (غَيْرَ عَدْلٍ لَا) أَنَّهُ يُفِيدُهُ (مُجَرَّدًا) عَنْ الْقَرَائِنِ (وَقِيلَ إنْ كَانَ) الْمُخْبِرُ (عَدْلًا جَازَ) أَنْ يُفِيدَ الْعِلْمَ (مَعَ التَّجَرُّدِ) عَنْ الْقَرَائِنِ لَكِنْ لَا يَطَّرِدُ فِي خَبَرِ كُلِّ وَاحِدٍ عَدْلٍ بِمَعْنَى أَنَّ كُلَّمَا حَصَلَ خَبَرُ الْوَاحِدِ حَصَلَ الْعِلْمُ بِهِ بَلْ قَدْ يُوجَدُ خَبَرُ الْوَاحِدِ وَلَا يُوجَدُ الْعِلْمُ بِهِ وَهُوَ عَنْ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ (وَعَنْ أَحْمَدَ) فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ مَعَ التَّجَرُّدِ عَنْ الْقَرَائِنِ لَكِنْ (يَطَّرِدُ) فِي خَبَرِ كُلِّ وَاحِدٍ عَدْلٍ بِمَعْنَى أَنَّ كُلَّمَا حَصَلَ خَبَرُ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ حَصَلَ الْعِلْمُ بِهِ (وَأَوَّلُ) الْعِلْمُ الْمُفَادُ بِهِ مُطَّرِدًا (بِعِلْمِ وُجُوبِ الْعَمَلِ لَكِنَّ تَصْرِيحَ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي مَرْوِيِّهِمَا) أَيْ صَحِيحَيْ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ (بِأَنَّهُ مَقْطُوعٌ بِصِحَّتِهِ) وَسَبَقَهُ إلَى هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيُّ وَأَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ يُوسُفَ (يَنْفِيه) أَيْ هَذَا التَّأْوِيلَ ثُمَّ ابْنُ الصَّلَاحِ ذَهَبَ إلَى هَذَا (مُسْتَدِلًّا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى قَبُولِهِ وَإِنْ كَانَ) الْإِجْمَاعُ (عَنْ ظُنُونٍ) أَيْ ظَنِّ كُلٍّ مِنْ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ (فَظَنٌّ مَعْصُومٌ) مِنْ الْخَطَأِ وَظَنِّ مَنْ هُوَ مَعْصُومٌ مِنْهُ لَا يُخْطِئُ وَالْأُمَّةُ فِي إجْمَاعِهَا مَعْصُومَةٌ مِنْ الْخَطَأِ (وَالْأَكْثَرُ) مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ (لَا) يُفِيدُ الْعِلْمَ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِقَرَائِنَ أَوْ لَا (لَنَا) فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ إفَادَةُ الْعِلْمِ بِقَرَائِنَ (الْقَطْعُ بِهِ فِي نَحْوِ إخْبَارِ مَلِكٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْمَفْعُولِ أَيْ فِيمَا إذَا أَخْبَرَ وَاحِدٌ مَلِكًا (بِمَوْتِ وَلَدٍ) لَهُ (فِي النَّزْعِ مَعَ صُرَاخٍ وَانْتِهَاكِ حَرَمٍ) لِلْمَلِكِ (وَنَحْوِهِ) مِنْ خُرُوجِ الْمَلِكِ وَرَاءَ الْجِنَازَةِ عَلَى هَيْئَةٍ مُنْكَرَةٍ مِنْ تَمْزِيقِ ثَوْبٍ وَحَسْرِ رَأْسٍ وَاضْطِرَابِ بَالٍ وَتَشْوِيشِ حَالٍ إذْ كُلُّ عَاقِلٍ سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ وَشَاهَدَ هَذِهِ الْقَرَائِنَ قَاطِعٌ بِصِحَّةِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ وَحَاصِلٌ لَهُ الْعِلْمُ بِهِ كَمَا يَعْلَمُ صِدْقَ الْمُتَوَاتِرِ

(وَفِي الثَّانِي) وَهُوَ عَدَمُ إفَادَةِ الْعِلْمِ مَعَ عَدَمِ الْقَرَائِنِ (لَوْ كَانَ) خَبَرُ الْوَاحِدِ مُفِيدًا الْعِلْمَ بِالْقَرَائِنِ (فَبِالْعَادَةِ) إذْ لَا عِلِّيَّةَ وَلَا تَرْتِيبَ إلَّا بِإِجْرَاءِ اللَّهِ عَادَتَهُ بِخَلْقِ شَيْءٍ عَقِبَ آخَرَ (فَيُطْرَدُ) لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْحُصُولُ دَائِمًا مِنْ غَيْرِ اقْتِضَاءٍ عَقْلِيٍّ وَهُوَ مَعْنَى الِاطِّرَادِ وَانْتِفَاءُ اللَّازِمِ ضَرُورِيٌّ بِالْوِجْدَانِ إذْ كَثِيرًا مَا نَسْمَعُ خَبَرَ الْعَدْلِ وَلَا يَحْصُلُ لَنَا الْعِلْمُ الْقَطْعِيُّ (وَاجْتَمَعَ النَّقِيضَانِ فِي الْإِخْبَارِ بِهِمَا) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>