للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِلَا وِلَايَةٍ) لِلْآمِرِ عَلَيْهِ.

[مَسْأَلَةٌ الْآمِرُ لِشَخْصٍ بِالْأَمْرِ لِغَيْرِهِ بِالشَّيْءِ لَيْسَ آمِرًا لِذَلِكَ الْمَأْمُورِ]

(مَسْأَلَةٌ الْآمِرُ) لِشَخْصٍ (بِالْأَمْرِ) لِغَيْرِهِ (بِالشَّيْءِ لَيْسَ آمِرًا بِهِ) أَيْ بِالشَّيْءِ (لِذَلِكَ الْمَأْمُورِ، وَإِلَّا) لَوْ كَانَ آمِرًا بِهِ لِذَلِكَ (كَأَنْ " مُرْ عَبْدَك بِبَيْعِ ثَوْبِي " تَعَدِّيًا) عَلَى الْمُخَاطَبِ بِالتَّصَرُّفِ فِي عَبْدٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ (وَنَاقَضَ قَوْلَك لِلْعَبْدِ لَا تَبِعْهُ) لِنَهْيِهِ عَنْ بَيْعِ مَا أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ.

قَالُوا: وَاللَّازِمُ مُنْتَفٍ فِيهِمَا قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْأَوَّلِ إنَّمَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا لَوْ كَانَ أَمْرُهُ لِعَبْدِ الْغَيْرِ غَيْرَ لَازِمٍ لِأَمْرِ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ بِذَلِكَ لَكِنَّهُ لَازِمٌ لَهُ هُنَا لِدَلَالَةِ " مُرْ عَبْدَك بِكَذَا " عَلَى أَمْرِ السَّيِّدِ بِأَمْرِ عَبْدِهِ بِذَلِكَ وَعَلَى أَمْرِهِ هُوَ الْعَبْدَ بِذَلِكَ وَهَذَا لَازِمٌ لِلْأَوَّلِ بِمَعْنَى أَنَّ أَمْرَ الْقَائِلِ لِلْعَبْدِ بِذَلِكَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى أَمْرِ السَّيِّدِ إيَّاهُ بِهِ لَازِمٌ لَهُ، وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ أَمْرُهُ لِلْعَبْدِ تَعَدِّيًا لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِأَمْرِ السَّيِّدِ لَهُ بِذَلِكَ فَهُوَ آمِرٌ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ سَيِّدُهُ.

سَلَّمْنَاهُ لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّعَدِّيَ لِأَجْلِ أَنَّ الصِّيغَةَ لَمْ تَقْتَضِهِ بَلْ لِوُجُودِ الْمَانِعِ مِنْ ذَلِكَ - وَهُوَ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ سُلْطَانٍ عَلَيْهِ - وَهَذَا الْمَانِعُ مَفْقُودٌ فِي أَوَامِرِ الشَّرْعِ لِوُجُودِ سُلْطَانِ التَّكْلِيفِ لَهُ عَلَيْنَا فَلَا تَعَدِّيَ حِينَئِذٍ.

وَعَلَى الثَّانِي إنَّمَا يَلْزَمُ التَّنَاقُضُ لَوْ كَانَ اللَّازِمُ مُسْتَلْزِمًا لِلْإِرَادَةِ، وَجَازَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ غَيْرَ مُرَادٍ فَلَا تَنَاقُضَ، انْتَهَى.

وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا تَدَافُعٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ بَلْ بَيْنَ أَمْرٍ وَنَهْيٍ فَالْأَوْلَى قَوْلُ الْمُصَنِّفِ (وَلَا يَخْفَى مَنْعُ بُطْلَانِ) اللَّازِمِ (الثَّانِي) الَّذِي هُوَ التَّنَاقُضُ (إذْ لَا يُرَادُ بِالْمُنَاقَضَةِ هُنَا إلَّا مَنْعُهُ) أَيْ الْمَأْمُورِ مِنْ الْبَيْعِ (بَعْدَ طَلَبِهِ) أَيْ الْبَيْعِ (مِنْهُ) أَيْ الْمَأْمُورِ بِهِ (وَهُوَ) أَيْ مَنْعُهُ مِنْهُ بَعْدَ طَلَبِهِ مِنْهُ (نَسْخٌ) لِطَلَبِهِ هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَقِيلَ أَمْرٌ بِهِ.

(قَالُوا فُهِمَ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ - تَعَالَى - رَسُولَهُ بِأَنْ يَأْمُرَنَا) فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْآمِرَ هُوَ اللَّهُ - تَعَالَى - (وَ) أَمْرِ (الْمَلِكِ وَزِيرَهُ) بِأَنْ يَأْمُرَ فُلَانًا بِكَذَا فَإِنَّهُ يُفْهِمُ أَنَّ الْآمِرَ الْمَلِكُ.

(أُجِيبَ بِأَنَّهُ) أَيْ فَهْمَ ذَلِكَ فِي كِلَيْهِمَا (مِنْ قَرِينَةِ أَنَّهُ) أَيْ الْمَأْمُورَ أَوَّلًا (رَسُولٌ) وَمُبَلِّغٌ عَنْ اللَّهِ كَمَا فِي الْأَوَّلِ، وَعَنْ الْمَلِكِ كَمَا فِي الثَّانِي (لَا مِنْ لَفْظِ الْأَمْرِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ) أَيْ بِالْمَأْمُورِ بِهِ ثَانِيًا، وَمَحَلُّ النِّزَاعِ إنَّمَا هُوَ هَذَا ثُمَّ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمَحَلُّ النِّزَاعِ قَوْلُ الْقَائِلِ: مُرْ فُلَانًا بِكَذَا، أَمَّا لَوْ قَالَ: قُلْ لِفُلَانٍ افْعَلْ كَذَا فَالْأَوَّلُ آمِرٌ وَالثَّانِي مُبَلِّغٌ بِلَا نِزَاعٍ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الْمُنْتَهَى وَسَوَّى التَّفْتَازَانِيُّ بَيْنَهُمَا فِي الْإِرَادَةِ بِمَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ، ثُمَّ قَالَ وَقَدْ سَبَقَ إلَى بَعْضِ الْأَوْهَامِ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلُ فَقَطْ، يَعْنِي مَا كَانَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ فَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا هُوَ الثَّبْتُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ إذَا تَعَاقَبَ أَمْرَانِ غَيْرُ مُتَعَاطِفَيْنِ بِمُتَمَاثِلَيْنِ فِي مَأْمُورٍ بِهِ]

(مَسْأَلَةٌ إذَا تَعَاقَبَ أَمْرَانِ) غَيْرُ مُتَعَاطِفَيْنِ (بِمُتَمَاثِلَيْنِ فِي) مَأْمُورٍ بِهِ (قَابِلٍ لِلتَّكْرَارِ) كَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ (بِخِلَافِ) أَمْرَيْنِ مُتَعَاقِبَيْنِ غَيْرِ مُتَعَاطِفَيْنِ بِمُتَمَاثِلَيْنِ فِي مَأْمُورٍ بِهِ غَيْرِ قَابِلٍ لِلتَّكْرَارِ، نَحْوُ صُمْ الْيَوْمَ (صُمْ الْيَوْمَ وَلَا صَارِفَ عَنْهُ) أَيْ التَّكْرَارِ (مِنْ تَعْرِيفٍ) لِلْمَأْمُورِ بِهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ مُنَكَّرًا (كَ صَلِّ الرَّكْعَتَيْنِ) بَعْدَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ (أَوْ) مِنْ (عَادَةٍ كَ اسْقِنِي مَاءً) اسْقِنِي مَاءً (فَإِنَّهُ) أَيْ كَوْنَ الثَّانِي مُؤَكِّدًا الْأَوَّلَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (اتِّفَاقٌ) أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ لِعَدَمِ الْقَابِلِيَّةِ لِلتَّكْرَارِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الْأَصْلَ الْأَكْثَرِيَّ أَنَّ النَّكِرَةَ إذَا أُعِيدَتْ مُعَرَّفَةً كَانَتْ عَيْنَ الْأُولَى، وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَلِأَنَّ دَفْعَ الْحَاجَةِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ غَالِبًا يَمْنَعُ تَكْرَارَ السَّقْيِ، وَسَيُعْلِمُ فَائِدَةَ مَا بَقِيَ مِنْ الْقُيُودِ (قِيلَ بِالْوَقْفِ) فِي كَوْنِهِ تَأْسِيسًا أَوْ تَأْكِيدًا، وَهُوَ لِأَبِي بَكْرٍ الصَّيْرَفِيِّ وَأَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ.

(وَقِيلَ: تَأْكِيدٌ) وَهُوَ لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْجُبَّائِيِّ (وَقِيلَ: تَأْسِيسٌ) وَهُوَ لِلْأَكْثَرِينَ عَلَى مَا ذَكَرَ السُّبْكِيُّ وَلِعَبْدِ الْجَبَّارِ عَلَى مَا فِي الْبَدِيعِ (لِأَنَّهُ أَفْوَدُ، وَوُضِعَ الْكَلَامُ لِلْإِفَادَةِ وَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَالْأَوَّلُ) وَهُوَ لِأَنَّهُ أَفْوَدُ وَوَضْعُ الْكَلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>