للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِسْحَاقُ وَعَنْ أَحْمَدَ فِيهِ الْقَوْلَانِ انْتَهَى وَيُعَكِّرُهُ مَا فِي الْكَشَّافِ فَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ أَنَّهُ إسْمَاعِيلُ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَالْعَبَّاسِ وَعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ أَنَّهُ إِسْحَاقُ وَعَزَى الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثُ الْأَوَّلَ إلَى مُجَاهِدٍ وَابْنِ عُمَرَ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ وَالثَّانِي إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ وَهَكَذَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ وَذَكَرَ كَوْنَهُ إِسْحَاقَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَكَوْنُهُ إسْمَاعِيلَ عَنْهُمْ النَّوَوِيُّ وَصَحَّحَ الْقَرَافِيُّ أَنَّهُ إِسْحَاقُ وَابْنُ كَثِيرٍ أَنَّهُ إسْمَاعِيلُ وَزَادَ وَمَنْ قَالَ إنَّهُ إِسْحَاقَ فَإِنَّهُ تَلَقَّاهُ مِمَّا حَرَّفَهُ النَّقَلَةُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ انْتَهَى.

وَذَكَرَ الْفَاكِهِيُّ أَنَّهُ أَثْبَتُ وَالْبَيْضَاوِيُّ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ وَهُوَ كَذَلِكَ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ فِي مَسْأَلَةِ يَجُوزُ بِأَثْقَلَ، وَالْحُجَجُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ لَهَا مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا (قَالُوا) أَيْ الْمُعْتَزِلَةُ (إنْ كَانَ) أَيْ الْمَنْسُوخُ (وَاجِبًا وَقْتَ الرَّفْعِ اجْتَمَعَ الْأَمْرَانِ بِالنَّقِيضَيْنِ فِي وَقْتٍ) وَاحِدٍ وَتَوَارُدُ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ مُحَالٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا وَقْتَ الرَّفْعِ (فَلَا نَسْخَ) لِعَدَمِ الرَّفْعِ (أُجِيبَ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي) وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا وَقْتَ الرَّفْعِ لِانْتِهَاءِ التَّكْلِيفِ بِهِ وَانْقِطَاعِهِ بِالنَّاسِخِ وَقْتَ وُرُودِهِ مُتَّصِلًا بِهِ؛ لِأَنَّ النَّسْخَ بَيَانُ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْحُكْمِ فَيَكُونُ عَقِبَهَا بِالضَّرُورَةِ كَمَا أَنَّ الْمُكَلَّفَ مُكَلَّفٌ قَبْلَ الْمَوْتِ وَيَنْقَطِعُ عَنْهُ التَّكْلِيفُ بِالْمَوْتِ عَقِبَهُ مُتَّصِلًا بِهِ (وَالْمَعْنَى رَفْعُ إيجَابِهِ) أَيْ إيجَابِ الْمَنْسُوخِ (حُكْمَهُ) الثَّابِتَ لَهُ (عِنْدَ حُضُورِ وَقْتِهِ) الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا (لَوْلَاهُ) أَيْ النَّاسِخُ (وَهُوَ) أَيْ رَفْعُ النَّاسِخِ حُكْمَ الْمَنْسُوخِ عِنْدَ حُضُورِ وَقْتِ الْمَنْسُوخِ الْمُقَدَّرِ لَهُ (مَمْنُوعُكُمْ) أَيُّهَا الْمُعْتَزِلَةُ حَيْثُ قُلْتُمْ تَعَلُّقُ الْوُجُوبِ بِالْمُسْتَقْبَلِ مَانِعٌ مِنْ نَسْخِهِ (فَإِنْ أَجَزْتُمُوهُ) أَيْ رَفْعَ النَّاسِخِ حُكْمَ الْمَنْسُوخِ الْوَاجِبِ فِي الِاسْتِقْبَالِ (وَلَمْ تُسَمُّوهُ نَسْخًا فَلَفْظِيَّةٌ) أَيْ فَالْمُنَازَعَةُ لَفْظِيَّةٌ غَيْرُ ظَاهِرَةِ الْوَجْهِ (وَقَدْ وَافَقْتُمْ) عَلَى جَوَازِ النَّسْخِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْفِعْلِ (وَأَيْضًا لَوْ صَحَّ) كَوْنُ تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالْمُسْتَقْبَلِ مَانِعًا مِنْ نَسْخِهِ (انْتَفَى النَّسْخُ) مُطْلَقًا وَلَوْ بَعْدَ حُضُورِ زَمَنٍ مِنْ وَقْتِهِ يَسَعُ الْفِعْلَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَبْقَ لِتَحَقُّقِهِ مَسَاغٌ إلَّا بَعْدَ مُبَاشَرَةِ الْفِعْلِ أَوْ مَعَهُ وَتَقَدَّمَ انْتِفَاءُ تَحَقُّقِهِ فِيهِمَا.

(ثُمَّ اُسْتُبْعِدَ) هَذَا (عَنْهُمْ) أَيْ الْمُعْتَزِلَةِ (لِذَلِكَ الرَّفْعِ مِنْهُمْ) أَيْ قَوْلِهِمْ فِي قِصَّةِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - جَازَ التَّأْخِيرُ؛ لِأَنَّهُ مُوَسَّعٌ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنْ تَعَلُّقَ الْوُجُوبِ بِالْمُسْتَقْبَلِ لَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ النَّسْخِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا (وَلِلتَّعَارُضِ) فِي الْجُمْلَةِ بَيْنَ قَوْلِهِمْ لَا يَجُوزُ النَّسْخُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْفِعْلِ وَقَوْلِهِمْ تَعَلُّقُ الْوُجُوبِ بِالْمُسْتَقْبَلِ مَانِعٌ مِنْ نَسْخِهِ (يَجِبُ نِسْبَةُ ذَاكَ) الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُونَ عَنْهُمْ إلَيْهِمْ لِسَلَامَتِهِ عَنْ التَّعَارُضِ حَمْلًا لِكَلَامِ الْعُقَلَاءِ عَلَى عَدَمِ الْمُنَاقَضَةِ مَا أَمْكَنَ وَإِنَّمَا قُلْت فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَظْهَرُ التَّعَارُضُ بَيْنَهُمَا فِي صُورَةِ مَا إذَا مَضَى زَمَنٌ مِنْ وَقْتِ الْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا يَسَعُ مُبَاشَرَةَ الْفِعْلِ، وَلَمْ يُبَاشِرْهُ فَإِنَّ مُقْتَضَى تَمَكُّنِهِ مِنْ الْفِعْلِ يُجَوِّزُ النَّسْخَ وَمُقْتَضَى كَوْنِهِ لَمْ يَفْعَلْ وَوُجُوبُ الْأَدَاءِ بَاقٍ عَلَيْهِ فِي بَاقِي الْوَقْتِ يَمْنَعُ مِنْ النَّسْخِ وَمَعْلُومٌ أَنْ لَيْسَ كُلُّ نَسْخٍ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ مِنْ وَقْتِ الْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا وَقَبْلَ مُبَاشَرَةِ الْفِعْلِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِلْعَبْدِ الضَّعِيفِ غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ فِي شَرْحِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَأَيْضًا لَوْ صَحَّ إلَخْ عَلَى مَا كَانَتْ النُّسْخَةُ عَلَيْهِ أَوَّلًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ حُكْمِ فِعْلٍ لَا يَقْبَلُ حُسْنُهُ وَقُبْحُهُ السُّقُوطَ]

(مَسْأَلَةٌ. الْحَنَفِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ لَا يَجُوزُ نَسْخُ حُكْمِ فِعْلٍ لَا يَقْبَلُ حُسْنُهُ وَقُبْحُهُ السُّقُوطَ كَوُجُوبِ الْإِيمَانِ وَحُرْمَةِ الْكُفْرِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الِارْتِفَاعَ وَالْعَدَمَ بِحَالٍ لِقِيَامِ دَلِيلِهِ وَهُوَ الْعَقْلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا يَحْتَمِلُ النَّسْخَ (وَالشَّافِعِيَّةُ يَجُوزُ) وَالْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ الْوُقُوعِ (وَهِيَ) أَيْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ (فَرْعُ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ) الْعَقْلِيَّيْنِ فَلَمَّا قَالَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ قَالُوا يُمْنَعُ جَوَازُ نَسْخِهِمَا وَلَمَّا لَمْ يَقُلْ بِهِ الْأَشَاعِرَةُ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ قَالُوا يَجُوزُ نَسْخُهُمَا عَقْلًا وَقَدْ تَقَدَّمَ اسْتِيفَاءُ الْكَلَامِ فِيهِمَا فِي فَصْلِ الْحَاكِمِ (وَلَا) يَجُوزُ نَسْخُ حُكْمِ (نَحْوِ: الصَّوْمُ عَلَيْكُمْ وَاجِبٌ مُسْتَمِرٌّ أَبَدًا اتِّفَاقًا) فَعِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ (لِلنُّصُوصِيَّةِ) عَلَى تَأْيِيدِ الْحُكْمِ بِذِكْرِهِ قَيْدًا لِلْحُكْمِ لَا لِلْفِعْلِ الَّذِي هُوَ الصَّوْمُ (وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لِذَلِكَ) التَّنْصِيصِ (عَلَى رَأْيٍ) فِي النَّصِّ وَهُوَ اللَّفْظُ الْمَسُوقُ لِلْمُرَادِ الظَّاهِرِ مِنْهُ كَمَا هُوَ قَوْلُ مُتَقَدِّمِيهِمْ فَإِنَّ أَبَدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>