للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلسَّبَبِيَّةِ وَالْغَايَةِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَيْتِ الثَّانِي لَا غَيْرُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ

[حُرُوفُ الْجَرِّ]

[مَسْأَلَةُ الْبَاءِ]

(حُرُوفُ الْجَرِّ) (مَسْأَلَةُ الْبَاءِ مُشَكِّكٌ لِلْإِلْصَاقِ) أَيْ تَعْلِيقِ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ وَإِيصَالِهِ بِهِ (الصَّادِقُ فِي أَصْنَافِ الِاسْتِعَانَةِ) أَيْ طَلَبِ الْمَعُونَةِ بِشَيْءٍ عَلَى شَيْءٍ وَهِيَ الدَّاخِلَةُ عَلَى آلَةِ الْفِعْلِ كَكَتَبْتُ بِالْقَلَمِ لِإِلْصَاقِك الْكِتَابَةَ بِالْقَلَمِ (وَالسَّبَبِيَّةِ) وَهِيَ الدَّاخِلَةُ عَلَى اسْمٍ لَوْ أُسْنِدَ الْفِعْلُ الْمُعَدَّى بِهَا إلَيْهِ صَلُحَ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ مَجَازًا نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ} [البقرة: ٢٢] إذْ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ فَاعِلًا لِأَخْرَجَ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ فَأَخْرَجَ هُوَ أَيْ الْمَاءُ فَيَنْدَرِجُ فِيهَا بَاءُ الِاسْتِعَانَةِ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ مَالِكٍ إذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ كَتَبَ الْقَلَمُ قَالَ: وَالنَّحْوِيُّونَ يُعَبِّرُونَ عَنْ هَذِهِ الْبَاءِ بِبَاءِ الِاسْتِعَانَةِ وَآثَرْت عَلَى ذَلِكَ بَاءَ السَّبَبِيَّةِ مِنْ أَجْلِ الْأَفْعَالِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ} [التوبة: ٤٠] فَإِنَّ اسْتِعْمَالَ السَّبَبِيَّةِ فِيهَا يَجُوزُ وَاسْتِعْمَالَ الِاسْتِعَانَةِ فِيهَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ (وَالظَّرْفِيَّةِ) مَكَانًا وَزَمَانًا وَهِيَ مَا يَحْسُنُ فِي مَوْضِعِهَا فِي كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ} [آل عمران: ١٢٣] {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} [القمر: ٣٤] (وَالْمُصَاحَبَةِ) وَهِيَ مَا يَحْسُنُ فِي مَوْضِعِهَا مَعَ وَالتَّعْبِيرُ عَنْهَا وَعَنْ مُصَاحِبِهَا بِالْحَالِ نَحْوُ {قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ} [النساء: ١٧٠] (فَإِنَّهُ) أَيْ الْإِلْصَاقَ (فِي الظَّرْفِيَّةِ مَثَلًا كَقُمْتُ بِالدَّارِ أَتَمُّ مِنْهُ) أَيْ الْإِلْصَاقِ (فِي مَرَرْت بِزَيْدٍ فَتَفْرِيعُ بَاءِ الثَّمَنِ عَلَيْهِ) أَيْ الْإِلْصَاقِ كَمَا فَعَلَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ تَفْرِيعٌ (عَلَى النَّوْعِ) أَيْ نَوْعِ الْإِلْصَاقِ الْأَعَمِّ (وَعَلَى الْخُصُوصِ الْإِلْصَاقِ الِاسْتِعَانَةِ) أَيْ وَأَمَّا تَفْرِيعُهَا عَلَى خُصُوصٍ مِنْ الْإِلْصَاقِ فَتَفْرِيعُهَا عَلَى الِاسْتِعَانَةِ (الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْوَسَائِلِ دُونَ الْمَقَاصِدِ الْأَصْلِيَّةِ) إذْ بِالْوَسَائِلِ يُسْتَعَانُ عَلَى الْمَقَاصِدِ وَالْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ الْبَيْعِ الِانْتِفَاعُ بِالْمَبِيعِ وَالثَّمَنُ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ مِنْ النُّقُودِ الَّتِي لَا يُنْتَفَعُ بِهَا بِالذَّاتِ بَلْ هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْآلَاتِ فِي قَضَاءِ الْحَاجَاتِ وَأَحْسِنْ بِقَوْلِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِئْسَ الرَّفِيقُ الدِّرْهَمُ وَالدِّينَارُ لَا يَنْفَعَانِك حَتَّى يُفَارِقَانِك (فَصَحَّ الِاسْتِبْدَالُ بِالْكُرِّ) مِنْ الْحِنْطَةِ (قَبْلَ الْقَبْضِ فِي اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ بِكُرِّ حِنْطَةٍ وَصَفَهُ) بِمَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْجَهَالَةِ مِنْ جَوْدَةٍ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ ثَمَنٌ لِدُخُولِ الْبَاءِ عَلَيْهِ فَكَانَ كَسَائِرِ الْأَثْمَانِ فِي صِحَّةِ الِاسْتِبْدَالِ وَالْوُجُوبِ فِي الذِّمَّةِ حَالًّا لِأَنَّ الْمَكِيلَ مِمَّا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ حَالًّا (دُونَ الْقَلْبِ) أَيْ بِعْت كُرًّا مِنْ الْحِنْطَةِ الْمَوْصُوفَةِ بِكَذَا عَلَى وَجْهٍ يُخْرِجُهَا مِنْ الْجَهَالَةِ بِهَذَا الْعَبْدِ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْقَلْبَ (سَلَّمَ) لِأَنَّ الْعَبْدَ حِينَئِذٍ ثَمَنٌ لِدُخُولِ الْبَاءِ عَلَيْهِ وَالْكُرُّ مَبِيعٌ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَالْمَبِيعُ الدَّيْنُ لَا يَكُونُ إلَّا سَلَمًا (يُوجِبُ الْأَجَلَ) الْمُعَيَّنَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْهُمْ أَصْحَابُنَا (وَغَيْرُهُ) كَقَبْضِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ فِي الْمَجْلِسِ (فَامْتَنَعَ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ) أَيْ بِالْكُرِّ (قَبْلَهُ) أَيْ الْقَبْضِ (وَإِثْبَاتُ الشَّافِعِيِّ كَوْنُهَا) أَيْ الْبَاءِ (لِلتَّبْعِيضِ فِي امْسَحُوا) بِرُءُوسِكُمْ (هُوَ الْإِلْصَاقُ مَعَ تَبْعِيضِ مَدْخُولِهَا وَأَنْكَرَهُ) أَيْ التَّبْعِيضَ (مُحَقِّقُو الْعَرَبِيَّةِ) مِنْهُمْ ابْنُ جِنِّي كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُذَيَّلِ بِهَا الْمُجْمَلِ بِاصْطِلَاحِ الشَّافِعِيَّةِ حَتَّى قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ النَّحْوِيُّ الْأُصُولِيُّ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْبَاءَ لِلتَّبْعِيضِ فَقَدْ أَتَى أَهْلَ الْعَرَبِيَّةِ بِمَا لَا يَعْرِفُونَهُ (وَشَرِبَتْ بِمَاءِ الدَّحْرَضَيْنِ) أَيْ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِ عَنْتَرَةَ إخْبَارًا عَنْ النَّاقَةِ

شَرِبَتْ بِمَاءِ الدَّحْرَضَيْنِ فَأَصْبَحَتْ ... زَوْرَاءَ تَنْفِرُ عَنْ حِيَاضِ الدَّيْلَمِ

(لِلظَّرْفِيَّةِ) أَيْ شَرِبَتْ النَّاقَةُ فِي مَحَلِّ هَذَا الْمَاءِ قُلْت: أَوْ لِلْإِلْصَاقِ وَالشُّرْبُ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْ مُضَمَّنًا مَعْنَى رَوَيْت كَمَا مَشَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ فِي {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: ٦] وَلَعَلَّ هَذَا أَشْبَهَ كَمَا لَعَلَّ بَقِيَّةَ الْبَيْتِ شَاهِدَةٌ بِذَلِكَ وَالدَّحْرَضَانُ مَاءَانِ: يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا وَشِيعٌ وَلِلْآخَرِ الدَّحْرَضُ فَغَلَبَ فِي التَّثْنِيَةِ وَقِيلَ مَاءٌ لِبَنِي سَعْدٍ وَقِيلَ بَلَدٌ وَالزَّوْرَاءُ الْمَائِلَةُ وَالدَّيْلَمُ نَوْعٌ مِنْ التَّرْكِ ضَرَبَهُمْ مَثَلًا لِأَعْدَائِهِ يَقُولُ هَذِهِ النَّاقَةُ تَتَجَانَفُ عَنْ حِيَاضِ أَعْدَائِهِ وَلَا تَشْرَبُ مِنْهَا وَقِيلَ الدَّيْلَمُ: أَرْضٌ (وَشَرِبْنَ بِمَاءِ الْبَحْرِ) أَيْ وَالْبَاءُ فِي هَذَا الْبَيْتِ وَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>