مُتَرَاخِيًا عَنْهُ حَنِثَ (وَفِي الْمُقَيَّدِ بِوَقْتٍ يَلْزَمُ أَنْ لَا يُجَاوِزَهُ) أَيْ ذَلِكَ الْوَقْتَ (التَّرَاخِي كَإِنْ لَمْ آتِك الْيَوْمَ إلَى آخِرِهِ) أَيْ حَتَّى أَتَغَدَّى عِنْدَك فَكَذَا فَإِنْ قِيلَ: التَّرْتِيبُ الْأَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ بِمُهْلَةٍ أَوْ لَا لَمْ يُعْرَفْ مَدْلُولُ لَفْظٍ أَصْلًا وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ مَدْلُولُ لَفْظِ التَّرْتِيبِ بِلَا مُهْلَةٍ كَمَا لِلْفَاءِ أَوْ بِمُهْلَةٍ كَمَا لِثُمَّ فَكَيْفَ يَصِحُّ التَّجَوُّزُ عَنْهُ قُلْنَا لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الْمَجَازِ وُجُودُ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ الْمَعْنَى لِلَّفْظِ وَمَعْنًى آخَرَ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْآخَرِ وُضِعَ لَهُ لَفْظٌ أَصْلًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَإِذْ كَانَ التَّجَوُّزُ بِاللَّفْظِ) عَنْ مَعْنًى (لَا يَلْزَمُ كَوْنُهُ) أَيْ الْمَعْنَى الْمُتَجَوَّزِ فِيهِ (فِي مُطَابِقِي لَفْظٍ بَلْ وَلَا مَعْنَى لَفْظٍ أَصْلًا وَإِذْ لَمْ يُشْرَطْ فِي الْمَجَازِ نَقْلٌ جَازَ هَذَا) الْمَجَازُ أَعْنِي كَوْنَ حَتَّى لِعَطْفِ مُطْلَقِ التَّرْتِيبِ
(وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ وَبِاعْتِبَارِهِ) أَيْ هَذَا الْمَجَازِ (جَوَّزُوا) أَيْ الْفُقَهَاءُ (جَاءَ زَيْدٌ حَتَّى عَمْرٍو) إذَا جَاءَ عَمْرٌو وَبَعُدَ زَيْدٌ (وَإِنْ مَنَعَهُ النُّحَاةُ) بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ مَا بَعْدَهَا بَعْضَ مَا قَبْلَهَا أَوْ كَبَعْضِهِ (غَيْرَ أَنَّ الثَّابِتَ) عَلَاقَةٌ بَيْنَ هَذَا الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ وَالْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ (عِنْدَهُمْ) أَيْ الْمُجَوِّزِينَ (التَّرْتِيبَ) فَإِنَّهُ كَمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيِّ بَيْنَ الْغَايَةِ وَالْمُغَيَّا ثَابِتٌ هُنَا بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَتَعَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ (وَتَقَدَّمَ النَّظَرُ فِيهِ) أَيْ فِي ثُبُوتِ هَذَا كَمَا بَيْنَ الْغَايَةِ وَالْمُغَيَّا حَالَ كَوْنِهَا (عَاطِفَةً كَمَاتَ النَّاسُ حَتَّى الْأَنْبِيَاءُ وَحَتَّى آدَم وَأَنَّهُ لَا غَايَةَ يَلْزَمُ فِيهِ) أَيْ فِي الْعَطْفِ (بَلْ ذَلِكَ الْغَايَةُ) أَيْ التَّرْتِيبُ الْكَائِنُ بَيْنَ مَا بَعْدَهَا وَمَا قَبْلَهَا إنَّمَا هُوَ (فِي الرِّفْعَةِ وَالضَّعَةِ) بِأَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهَا أَقْوَى أَجْزَاءَ مَا قَبْلَهَا وَأَشْرَفَهَا أَوْ أَضْعَفَهَا وَأَدْنَاهَا (لَا) الْغَايَةَ (الِاصْطِلَاحِيَّةَ مُنْتَهَى الْحُكْمِ) وَهَذَا مَا قَالُوا لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَ حَتَّى آخِرَ أَجْزَاءِ مَا قَبْلَهَا حِسًّا وَلَا آخِرَهَا دُخُولًا فِي الْعَمَلِ بَلْ قَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ وَقَدْ لَا يَكُونُ لَكِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى الْأَجْزَاءِ إذَا ابْتَدَأْت مِنْ الْجَانِبِ الْأَضْعَفِ مُصَعِّدًا نَحْوَ مَاتَ النَّاسُ حَتَّى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ لَيْسَ آخِرَهُمْ حِسًّا وَلَا مَوْتًا بَلْ آخِرُهُمْ قُوَّةً وَشَرَفًا وَأَضْعَفُهَا إذَا ابْتَدَأْت بِعِنَايَتِك مِنْ الْجَانِبِ الْأَقْوَى مُنْحَدِرًا نَحْوَ قَدِمَ الْحَاجُّ حَتَّى الْمُشَاةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا قَادِمِينَ قَبْلَ الرُّكْبَانِ أَوْ مَعَهُمْ قَالَ نَجْمُ الدِّينِ الْإِسْتِرَابَاذِي: وَأَمَّا الْجَارَّةُ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهَا كَذَلِكَ وَأَنْ لَا يَكُونَ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَجَبَ كَوْنُهُ آخَرَ الْأَجْزَاءِ حِسًّا أَوْ مُلَاقِيًا لَهُ نَحْوُ قَرَأْت الْقُرْآنَ حَتَّى سُورَةِ النَّاسِ وَسِرْت النَّهَارَ حَتَّى اللَّيْلِ (وَلَمْ يَلْزَمْ الِاسْتِثْنَاءُ بِهَا) أَيْ بِحَتَّى أَيْ كَوْنِهَا بِمَعْنَى إلَّا أَنَّ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَابْنُ هِشَامٍ الْخَضْرَاوِيُّ وَنَقَلَهُ أَبُو الْبَقَاءِ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا} [البقرة: ١٠٢] بَلْ هِيَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِلْغَايَةِ كَمَا ذَكَرَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ أَبُو حَيَّانَ وَابْنُ هِشَامٍ الْمِصْرِيُّ وَالْمُصَنِّفُ حَيْثُ قَالَ: (وقَوْله تَعَالَى حَتَّى يَقُولَا صَحَّتْ غَايَةً لِلنَّفْيِ كَإِلَى وَكَذَا لَا أَفْعَلُ حَتَّى تَفْعَلَ) أَيْ إلَى أَنْ تَفْعَلَ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ هِشَامٍ الْمِصْرِيِّ عَنْ كَوْنِهَا بِمَعْنَى إلَّا ظَاهِرٌ فِيمَا أَنْشَدَهُ ابْنُ مَالِكٍ مِنْ قَوْلِهِ
لَيْسَ الْعَطَاءُ مِنْ الْفُضُولِ سَمَاحَةً ... حَتَّى تَجُودَ وَمَا لَدَيْك قَلِيلٌ
وَفِي قَوْلِهِ
وَاَللَّهِ لَا يَذْهَبُ شَيْخِي بَاطِلًا ... حَتَّى أُبِيرَ مَالِكًا وَكَاهِلًا
لِأَنَّ مَا بَعْدَهَا لَيْسَ غَايَةً لِمَا قَبْلَهَا وَلَا مُسَبَّبًا عَنْهُ فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى رَدِّهِ بِقَوْلِهِ (وَقَوْلُهُ
حَتَّى تَجُودَ وَمَا لَدَيْك قَلِيلٌ ... وَحَتَّى أُبِيرَ مَالِكًا وَكَاهِلًا
لِلسَّبَبِيَّةِ أَوْ لِلْغَايَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ مَعْنَى الْبَيْتِ الْأَوَّلِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَيْسَ إعْطَاءُ الْإِنْسَاءِ مِنْ الْفُضُولِ سَمَاحَةً حَتَّى يُعَدُّ بِهِ الْمُعْطِي سَمْحًا جَوَادًا إلَى أَنْ يَتَحَقَّقَ بِوَصْفِ الْإِعْطَاءِ وَمَا لَدَيْهِ قَلِيلٌ فَإِنَّ الَّذِي يَجُودُ وَمَا لَدَيْهِ قَلِيلٌ هُوَ الَّذِي إعْطَاؤُهُ مِنْ الْفُضُولِ إذَا كَانَتْ سَمَاحَةً وَأَمَّا الَّذِي لَمْ يَتَّصِفْ بِالْإِعْطَاءِ مِنْ قَلِيلٍ لَيْسَ لَهُ سِوَاهُ إذَا أَعْطَى مِنْ كَثِيرٍ لَا يُقَالُ فِيهِ سَمْحٌ وَسَمَاحَةٌ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا فِيهِ لِلْغَايَةِ فَلَا جَرَمَ أَنْ قَالَ الْمُرَادَى وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِإِمْكَانِ جَعْلِهَا فِيهِ بِمَعْنَى إلَى وَمَعْنَى الْبَيْتِ الثَّانِي لَا أَتْرُكُ أَخْذَ ثَأْرِ أَبِي إلَى أَنْ أُهْلِكَ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ مِنْ أَسَدٍ فَإِنَّهُمَا الْمُتَعَاضِدَانِ عَلَى قَتْلِهِ فَحِينَئِذٍ أَتَرْكُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي كَوْنِهَا فِيهِ لِلْغَايَةِ أَيْضًا أَوْ أَنَّ سَبَبَ إبَارَتِهِمْ أَنَّ أَبَاهُ لَا يَذْهَبُ بَاطِلًا فَإِبَارَتُهُمْ سَبَبُ عَدَمِ ذَهَابِهِ بَاطِلًا فِي الْخَارِجِ مُسَبِّبَةٌ لَهُ ذِهْنًا فَإِنْ تَعَقَّلَ عَدَمَ ذَهَابِهِ بَاطِلًا إذْ إبَارُهُمْ سَبَبٌ دَاعٍ لِإِبَارَتِهِمْ وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ التَّرْدِيدَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute