للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مُتَعَلِّقًا بِاغْسِلُوا مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ) أَيْ اغْسِلُوا (الْإِسْقَاطُ) عَمَّا وَرَاءِ الْمِرْفَقِ (لَا يُوجِبُهُ) أَيْ الْإِسْقَاطُ (عَمَّا فَوْقَ الْمَرَافِقِ بَلْ) إنَّمَا يُوجِبُ الْإِسْقَاطَ (عَمَّا قَبْلَهُ) أَيْ الْمَرَافِقِ (بِاللَّفْظِ مَعَ أَنَّهُ) أَيْ هَذَا التَّوْجِيهَ (بِلَا قَاعِدَةٍ وَالْأَقْرَبُ) مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ لُزُومَ غَسْلِهَا (الِاحْتِيَاطُ لِثُبُوتِ الدُّخُولِ وَعَدَمِهِ) أَيْ الدُّخُولِ (كَثِيرًا وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطُّ تَرْكُهُ) أَيْ غَسْلِ الْمَرَافِقِ (فَقَامَتْ قَرِينَةُ إرَادَتِهِ) أَيْ الدُّخُولِ (مِنْ النَّصِّ ظَنًّا فَأَوْجَبَ) هَذَا التَّوْجِيهُ (لِلِاحْتِيَاطِ) بِالْغَسْلِ (إلَّا أَنَّ مُقْتَضَاهُ) أَيْ هَذَا التَّوْجِيهِ (وُجُوبُ إدْخَالِهِمَا) أَيْ الْمِرْفَقَيْنِ فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ (عَلَى أَصْلِهِمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ لَا افْتِرَاضِ دُخُولِهِمَا وَلَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ الِافْتِرَاضُ وَإِنْ أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ الْوُجُوبَ عَلَيْهِ

وَالْحَقُّ أَنَّ إطْلَاقَ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِالْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ الِاصْطِلَاحِيِّ لَهُ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ إطْلَاقِ الْفَرْضِ عَلَيْهِ لَا بِالْقَلْبِ وَمِنْ ثَمَّةَ لَمْ يُكَفِّرُوا هُمْ وَلَا غَيْرُهُمْ الْمُخَالِفَ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (أَوْ يَثْبُتُ اسْتِقْرَاءُ التَّفْصِيلِ) بَيْنَ مَا كَانَ جُزْءًا فَيَدْخُلُ وَإِلَّا فَلَا (فَيَحْمِلُ) الْغَايَةَ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى التَّفْصِيلِ (عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ فِي الْآيَةِ) فَتَدْخُلُ افْتِرَاضًا إنْ كَانَ الِاسْتِقْرَاءُ تَامًّا قَطْعِيًّا وَالشَّأْنُ فِي ذَلِكَ

[مَسْأَلَةُ فِي لِلظَّرْفِيَّةِ]

(مَسْأَلَةٌ فِي لِلظَّرْفِيَّةِ) بِأَنْ يَشْتَمِلَ الْمَجْرُورُ عَلَى مُتَعَلِّقِهِ اشْتِمَالًا مَكَانِيًّا أَوْ زَمَانِيًّا (حَقِيقَةً) كَالْمَاءِ فِي الْكُوزِ وَالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ (فَلَزِمَا) أَيْ الظَّرْفُ وَالْمَظْرُوفُ (فِي غَصَبْتُهُ ثَوْبًا فِي مَنْدِيلٍ) لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِغَصْبِ مَظْرُوفٍ فِي ظَرْفٍ وَغَصْبُ الشَّيْءِ وَهُوَ مَظْرُوفٌ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الظَّرْفِ (وَمَجَازًا كَالدَّارِ فِي يَدِهِ وَ) هُوَ (فِي نِعْمَةٍ) جُعِلَتْ يَدُهُ ظَرْفًا لِلدَّارِ لِاخْتِصَاصِهَا بِهَا مَنْفَعَةً وَتَصَرُّفًا وَالنِّعْمَةُ ظَرْفًا لَهُ لِغَمْرِهَا إيَّاهُ (وَعَمَّ مُتَعَلِّقُهَا مَدْخُولَهَا) حَالَ كَوْنِهَا (مُقَدَّرَةً لَا مَلْفُوظَةً) وَهَذَا الْعُمُومُ ثَابِتٌ (لُغَةً لِلْفَرْقِ) لُغَةً وَعُرْفًا (بَيْنَ صُمْت سَنَةً وَفِي سَنَةٍ) فَإِنَّ الْأَوَّلَ يُفِيدُ اسْتِيعَابَ السَّنَةِ بِالصَّوْمِ وَالثَّانِي يُفِيدُ وُقُوعَهُ فِيهَا وَهُوَ يَصْدُقُ بِوُقُوعِهِ فِي بَعْضِ يَوْمٍ مِنْهَا إذْ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الظَّرْفِيَّةِ الِاسْتِيعَابُ وَمِمَّا يُرْشِدُ إلَى هَذَا قَوْله تَعَالَى {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غافر: ٥١] فَإِنَّهُ لَا اسْتِيعَابَ فِيمَا فِيهِ الْحَرْفُ وَهُوَ ثَابِتٌ فِيمَا لَا حَرْفَ فِيهِ وَالنُّكْتَةُ فِيهِ أَنَّ نُصْرَةَ اللَّهِ إيَّاهُمْ فِي الْعُقْبَى دَائِمَةٌ بِخِلَافِ النُّصْرَةِ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهَا إنَّمَا هِيَ فِي أَوْقَاتٍ لِأَنَّهَا دَارُ ابْتِلَاءٍ (فَلَمْ يَصْدُقْ قَضَاءً فِي نِيَّتِهِ آخِرَ النَّهَارِ فِي طَالِقٌ غَدًا) وَصَدَقَ دِيَانَةً عِنْدَ الْكُلِّ (وَصَدَقَ فِي) طَالِقٌ (فِي غَدٍ) قَضَاءً وَدِيَانَةً فِي نِيَّتِهِ آخِرَ النَّهَارِ عِنْدَهُ (خِلَافًا لَهُمَا) فَقَالَا: يَصْدُقُ دِيَانَةً لَا غَيْرَ لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِالطَّلَاقِ فِي جَمِيعِ الْغَدِ كَالْأَوَّلِ لِأَنَّ حَذْفَ لَفْظَةِ مَعَ إرَادَتِهَا وَإِثْبَاتِهَا سَوَاءٌ

وَحَيْثُ كَانَ حَذْفُهَا يُفِيدُ عُمُومَ الزَّمَانِ فَإِثْبَاتُهَا كَذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّةَ يَقَعُ فِي إثْبَاتِهَا فِي أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الْغَدِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ اتِّفَاقًا وَلَهُ أَنَّ ذِكْرَهَا يُفِيدُ وَصْلَ مُتَعَلِّقِهَا بِجُزْءٍ مِنْ مَدْخُولِهَا أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ مُتَّصِلًا بِجُزْءٍ آخَرَ أَوْ كُلِّهِ أَوْ لَا وَإِنَّمَا يُعْرَفُ أَحَدُهَا مِنْ خَارِجٍ لَا مَدْلُولَ اللَّفْظِ فَإِذَا نَوَى جُزْءًا مِنْ الزَّمَانِ خَاصًّا فَقَدْ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْجُزْءَ مِنْ أَفْرَادِ الْمُتَوَاطِئِ (وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ أَوَّلُ أَجْزَائِهِ) أَيْ الْغَدِ (مَعَ عَدَمِهَا) أَيْ النِّيَّةِ (لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ) لِسَبْقِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ وَوَصَلَ الْفِعْلَ إلَى الْغَدِ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ الْمُفَادَ حِينَئِذٍ الْعُمُومُ مِنْ اللُّغَةِ قَطْعًا كَمَا ذَكَرْنَا فَنِيَّةُ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ فِيهِ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَفِيهِ تَخْفِيفٌ عَلَيْهِ فَلَا يَصْدُقُ قَضَاءً (وَتَنَجَّزَ نَحْوُ طَالِقٌ فِي الدَّارِ وَالشَّمْسِ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الدَّارِ وَالشَّمْسِ (لِلْإِضَافَةِ) أَيْ إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ مَعْنَى وَالتَّعْلِيقُ إنَّمَا يَكُونُ بِمَعْدُومٍ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ وَالْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الثَّابِتَةِ لَيْسَ كَذَلِكَ وَإِذَا بَطَلَ التَّعْلِيقُ فَقَدْ خَلَا اللَّفْظُ فِي الْمَعْنَى عَنْهُ فَيَقَعُ فِي الْحَالِ (إلَّا أَنْ يُرَادَ) بِقَوْلِهِ فِي الدَّارِ (نَحْوُ دُخُولُكَهَا) أَيْ فِي دُخُولِك الدَّارَ حَالَ كَوْنِ الدُّخُولِ (مُضَافًا) إلَى الدَّارِ وَحُذِفَ اخْتِصَارًا (أَوْ) يُرَادُ بِهِ (الْمَحَلُّ فِي الْحَالِ) الَّذِي هُوَ الدُّخُولُ مَجَازًا (أَوْ) يُرَادُ بِهِ (اسْتِعْمَالُهَا) أَيْ فِي (فِي الْمُقَارَنَةِ) أَيْ بِمَعْنَى مَعَ لِأَنَّ فِي الظَّرْفِ مَعْنَى الْمُقَارَنَةِ لِلْمَظْرُوفِ إذْ مِنْ قَضِيَّتِهِ الِاحْتِوَاءُ عَلَيْهِ فَهُوَ حِينَئِذٍ (كَالتَّعْلِيقِ تَوَقُّفًا) كَمَا لِلْمُقَارِنِ مَعَ مُقَارِنِهِ (لَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>