للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ الشَّيْءِ (إلَيْهِ) أَيْ الْآخَرِ (بِرُمَّتِهِ) أَيْ جُمْلَتِهِ (لَوْلَا الِاصْطِلَاحُ) لِأَنَّ التَّعَدِّيَ لُغَةً هُوَ التَّجَاوُزُ عَنْ الشَّيْءِ بِمَعْنَى عَدَمِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُتَبَادِرٍ مِنْ مَوَارِدِ الِاسْتِعْمَالَاتِ اللُّغَوِيَّةِ مَعَ عَدَمِ دَلَالَةِ قَرِينَةٍ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ إلَّا فِي الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ اللُّغَوِيِّ لَهُ (وَتَقْسِيمُ الْمَحْصُولِ الْقِيَاسَ إلَى قَطْعِيٍّ وَظَنِّيٍّ لَا يُخَالِفُهُ) أَيْ قَوْلَنَا، حُكْمُ الْقِيَاسِ ظَنُّ حُكْمِ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ (إذْ قَطْعِيَّتُهُ) أَيْ الْقِيَاسِ (بِقَطْعِيَّةِ الْعِلَّةِ وَ) بِقَطْعِ (وُجُودِهَا) أَيْ الْعِلَّةِ (فِي الْفَرْعِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ) كَوْنُ الْقِيَاسِ قَطْعِيًّا (قَطْعِيَّةَ حُكْمِهِ) أَيْ الْفَرْعِ (لِمَا تَقَدَّمَ) مِنْ جَوَازِ كَوْنِ خُصُوصِ الْأَصْلِ شَرْطًا وَخُصُوصِ الْفَرْعِ مَانِعًا بَلْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقِيَاسُ قَطْعِيًّا وَحُكْمُهُ الْمُسْتَفَادُ مِنْهُ ظَنِّيًّا وَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّا قَطَعْنَا بِإِلْحَاقِ فَرْعٍ لِأَصْلٍ فِي حُكْمِهِ الْمَظْنُونِ (غَيْرَ أَنَّ تَمْثِيلَهُ) أَيْ الْمَحْصُولَ لِهَذَا (بِمَا هُوَ مَدْلُولُ النَّصِّ أَعْنِي الْفَحْوَى) أَيْ فَحْوَى الْخِطَابِ كَقِيَاسِ تَحْرِيمِ الضَّرْبِ عَلَى تَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ فَإِنَّهُ قِيَاسٌ قَطْعِيٌّ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ الْأَذَى وَنَعْلَمُ وُجُودَهَا فِي الضَّرْبِ وَلَكِنَّ الْحُكْمَ هُنَا ظَنِّيٌّ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْأَلْفَاظِ عِنْدَهُ لَا تُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ (مُنَاقَضَةً) لِأَنَّ كَوْنَهُ مِنْ بَابِ الْقِيَاسِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ هُوَ فِي التَّقْسِيمِ الْأَوَّلِ لِلْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ دَلَالَتِهِ يَقْتَضِي أَنَّ اللَّفْظَ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقِيَاسَ إلْحَاقُ مَسْكُوتٍ عَنْهُ بِمَلْفُوظٍ وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ اللَّفْظَ يَدُلُّ عَلَيْهِ بِالِالْتِزَامِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[فِي الشُّرُوطِ]

(فَصْلٌ فِي الشُّرُوطِ مِنْهَا لِحُكْمِ الْأَصْلِ أَنْ لَا يَكُونَ) حُكْمُ الْأَصْلِ (مَعْدُولًا) بِهِ وَحَذَفَهُ مَعَ أَنَّ الْعُدُولَ وَهُوَ الْمَيْلُ عَنْ الطَّرِيقِ لَازِمٌ فَلَا يُبْنَى مِنْهُ الْمَجْهُولُ وَالْمَفْعُولُ إلَّا بِالْبَاءِ مُسَامَحَةً لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِ أَنْ لَا يَكُونَ حُكْمُهُ مَائِلًا أَوْ كَمَا فِي التَّلْوِيحِ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُجْعَلَ مِنْ الْعَدْلِ وَهُوَ الضَّرْبُ فَيَكُونُ مُتَعَدِّيًا فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ وَالِاعْتِذَارُ عَنْ حَذْفِهِ أَيْ أَنْ لَا يَكُونَ حُكْمُهُ مَصْرُوفًا (عَنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ) أَيْ طَرِيقَةً لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ عَادِلًا عَنْهُ لَمْ يَكُنْ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ عِلَّةً لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ حُكْمِ الْأَصْلِ إثْبَاتُ ذَلِكَ الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَصْلِ وَمَتَى كَانَ ثُبُوتُهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ كَانَ الْقِيَاسُ رَدًّا لِذَلِكَ الْحُكْمِ وَدَفْعًا لَهُ فَلَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُهُ بِهِ إذْ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ الشَّيْءِ بِمَا يَقْتَضِي عَدَمَ ثُبُوتِهِ وَحُكْمُ الْأَصْلِ الْجَارِي عَلَى سُنَنِ الْقِيَاسِ (أَنْ يَعْقِلَ مَعْنَاهُ) أَيْ حُكْمَ الْأَصْلِ (وَيُوجَدُ) مَعْنَاهُ (فِي آخَرَ فَمَا لَمْ يُعْقَلْ) مَعْنَاهُ (كَأَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ) فِي الصَّلَوَاتِ مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالْمَنْدُوبَاتِ (وَالْأَطْوِفَةِ) أَيْ وَكَأَعْدَادِ الْأَشْوَاطِ وَهِيَ سَبْعَةٌ فِي أَصْنَافِ الْأَطْوِفَةِ الْمَشْرُوعَاتِ (وَمَقَادِيرُ الزَّكَاةِ) مِنْ رُبْعِ الْعُشْرِ فِي النَّقْدَيْنِ وَغَيْرِهِ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ أَنْوَاعِ الْأَمْوَالِ كَمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّاتِ (وَبَعْضُ مَا خُصَّ بِحُكْمِهِ) أَيْ مَا يَكُونُ حُكْمُ الْأَصْلِ مَخْصُوصًا بِهِ (كَالْأَعْرَابِيِّ بِإِطْعَامِ كَفَّارَتِهِ أَهْلَهُ) وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى مَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ هَلَكْت يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَمَا أَهْلَكَك قَالَ وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِي فِي رَمَضَانَ فَقَالَ هَلْ تَجِدُ مَا تَعْتِقُ رَقَبَةً قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ لَا ثُمَّ جَلَسَ فَأَتَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعِرْقٍ فِيهِ تَمْرٌ فَقَالَ تَصَدَّقْ بِهَذَا فَقَالَ أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا فَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إلَيْهِ مِنَّا فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَك» رَوَاهُ السِّتَّةُ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد «كُلْهُ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِك وَصُمْ يَوْمًا وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ» .

لَكِنَّ هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْكَفَّارَةَ لَا تَسْقُطُ بِالْعُسْرَةِ الْمُقَارِنَةِ لِوُجُوبِهَا كَمَا هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ هُوَ ظَاهِرَ مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَأَحَدَ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَجَزَمَ بِهِ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَأَنَّ تَنَاوُلَهُ وَعِيَالِهِ مِنْ التَّمْرِ الْمَذْكُورِ كَانَ بَعْدَ تَعَيُّنِهِ لِلْكَفَّارَةِ وَأَنَّهَا سَقَطَتْ عَنْهُ بِذَلِكَ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ السِّيَاقِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ أَطْعِمْ هَذَا عَنْك وَابْنِ إِسْحَاقَ عِنْدَ الْبَزَّارِ «فَتَصَدَّقْ بِهِ عَنْ نَفْسِك» وَالثَّانِي احْتِمَالٌ يُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلرَّجُلِ انْطَلِقْ فَكُلْهُ أَنْتَ وَعِيَالُك فَقَدْ كَفَّرَ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>