لِلْإِفَادَةِ (يُغْنِي عَنْ هَذَا) أَيْ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَالْكُلُّ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْهُمَا (لَا يُقَاوِمُ الْأَكْثَرِيَّةَ) لِلتَّكْرِيرِ فِي التَّأْكِيدِ لِأَنَّهُ كَثُرَ التَّكْرِيرُ فِي التَّأْكِيدِ مَا لَمْ يَكْثُرْ فِي التَّأْسِيسِ فَيُحْمَلُ عَلَى التَّأْكِيدِ حَمْلًا لِلْفَرْدِ عَلَى الْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ (وَمُعَارَضٌ بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ) أَيْ وَالتَّأْسِيسُ مُعَارَضٌ بِمَا فِي التَّأْكِيدِ مِنْ الْمُوَافَقَةِ لِلْأَصْلِ، الَّذِي هُوَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْمُكَلَّفِ مِنْ تَعَلُّقِ التَّكَلُّفِ بِهَا مَرَّةً ثَانِيَةً إذْ لَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلَيْهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ (بَعْدَ مَنْعِ الْأَصَالَةِ) أَيْ كَوْنِ الْأَصْلِ فِي الْكَلَامِ الْإِفَادَةَ (فِي التَّكْرَارَ) إنَّمَا ذَاكَ فِي غَيْرِ التَّكْرَارِ بِشَهَادَةِ الْكَثْرَةِ (فَيَتَرَجَّحُ) التَّأْكِيدُ (وَإِذْ مُنِعَ كَوْنُ التَّأْسِيسِ أَكْثَرَ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ) وَهُوَ تَوَالِي أَمْرَيْنِ بِمُتَمَاثِلَيْنِ فِي قَابِلٍ لِلتَّكْرَارِ لَا صَارِفَ عَنْهُ (سَقَطَ مَا قِيلَ) أَيْ مَا قَالَهُ الْوَاقِفُ (تَعَارَضَ التَّرْجِيحُ) فِي التَّأْسِيسِ وَالتَّأْكِيدِ (فَالْوَقْفُ) لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَرْجَحِيَّةُ التَّأْكِيدِ عَلَيْهِ فَلَا وَقْفَ هَذَا فِي التَّعَاقُبِ بِلَا عَطْفٍ (وَفِي الْعَطْفِ كَ وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ) بَعْدَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ (يُعْمَلُ بِهِمَا) أَيْ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ بِوَاوِ الْعَطْفِ لَمْ يُعْهَدْ أَوْ يَقِلُّ قَالَ الْقَرَافِيُّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ الَّذِي يَجِيءُ عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا، وَقِيلَ: يَكُونُ الثَّانِي عَيْنَ الْأَوَّلِ، انْتَهَى.
وَالْأَوَّلُ هُوَ الْوَجْهُ (إلَّا إنْ تَرَجُّحَ التَّأْكِيدِ) فِي الْمَعْطُوفِ بِمُرَجِّحٍ عَادِيٍّ مِنْ تَعْرِيفٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا مُعَارِضَ يَمْنَعُ مِنْهُ (فِيهِ) أَيْ فَيُعْمَلُ بِالتَّأْكِيدِ (أَوْ) يُوجَدُ (التَّعَادُلُ) بَيْنَ تَرَاجِيحِ كَوْنِهِ تَأْسِيسًا وَتَأْكِيدًا (فَبِمُقْتَضًى خَارِجٍ) أَيْ فَالْعَمَلُ بِمُقْتَضًى خَارِجٍ عَنْهُمَا إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا فَالْوَقْفُ كَ اسْقِنِي مَاءً، وَاسْقِنِي الْمَاءَ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ وَالتَّعْرِيفَ فِي مُقَابَلَةِ الْعَطْفِ وَالتَّأْسِيسِ، فَإِنْ قِيلَ بَلْ يَتَرَجَّحُ التَّأْسِيسُ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ لِاحْتِمَالِ الْوُجُوبِ مَرَّةً ثَانِيَةً، أُجِيبَ: قَدْ يَكُونُ الِاحْتِيَاطُ فِي الْحَمْلِ عَلَى التَّأْكِيدِ لِاحْتِمَالِ الْحُرْمَةِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، هَذَا كُلُّهُ فِي الْأَمْرَيْنِ بِمُتَمَاثِلَيْنِ فَإِنْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ عُمِلَ بِهِمَا اتِّفَاقًا مُتَعَاطِفَيْنِ كَانَا كَ صُمْ وَصَلِّ أَوْ غَيْرَ مُتَعَاطِفَيْنِ كَ صُمْ صَلِّ ذَكَرَهُ فِي الْبَدِيعِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ أَنَّ الثَّانِيَ إذَا كَانَ ضِدَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ فِي وَقْتَيْنِ، نَحْوُ أَكْرِمْ زَيْدًا وَأَهِنْهُ فَإِنْ اتَّحَدَ الْوَقْتُ حُمِلَ عَلَى التَّخْيِيرِ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى النَّسْخِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ التَّرَاخِيَ حَتَّى يَسْتَقِرَّ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ وَيَقَعَ التَّكْلِيفُ وَالِامْتِحَانُ بِهِ وَيَكُونَ الْوَاوُ حِينَئِذٍ بِمَعْنَى أَوْ حَتَّى يَحْصُلَ التَّخْيِيرُ.
وَفِي الْمَحْصُولِ: فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَامًّا وَالْآخَرُ خَاصًّا، نَحْوُ صُمْ كُلَّ يَوْمٍ صُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنْ كَانَ الثَّانِي غَيْرَ مَعْطُوفٍ كَانَ تَأْكِيدًا، وَإِنْ كَانَ مَعْطُوفًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ لِيَصِحَّ الْعَطْفُ، وَالْأَشْبَهُ الْوَقْفُ لِلتَّعَارُضِ بَيْنَ ظَاهِرِ الْعُمُومِ وَظَاهِرِ الْعَطْفِ، وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَسْبِقُ لِلْوَهْمِ عِنْدَ السَّمَاعِ مِنْ التَّفْخِيمِ وَالتَّعْظِيمِ لِلِاسْمِ الْمَذْكُورِ اهْتِمَامًا بِهِ بِذِكْرِهِ ثَانِيًا عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مُؤَخَّرًا، وَبِذِكْرِهِ أَوَّلًا عَلَى تَقْدِيرِ الْبُدَاءَةِ بِهِ، ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ فِي الْمُتَعَاقِبَيْنِ فَإِنْ تَرَاخَى أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ عُمِلَ بِهَا، سَوَاءٌ تَمَاثَلَا أَوْ اخْتَلَفَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّانِي مَعْطُوفًا أَوْ غَيْرَ مَعْطُوفٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالنَّفْسِيِّ]
(مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالنَّفْسِيِّ فَاخْتِيَارُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ فَوْرًا لَيْسَ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ) أَيْ ذَلِكَ الشَّيْءِ (وَلَا يَقْتَضِيهِ) أَيْ النَّهْيَ عَنْ ضِدِّهِ (عَقْلًا، وَالْمَنْسُوبُ إلَى الْعَامَّةِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَالْمُحَدِّثِينَ أَنَّهُ نَهْيٌ عَنْهُ إنْ كَانَ) الضِّدُّ (وَاحِدًا) فَالْأَمْرُ بِالْإِيمَانِ نَهْيٌ عَنْ الْكُفْرِ (وَإِلَّا) فَإِنْ كَانَ لَهُ أَضْدَادٌ (فَعَنْ الْكُلِّ) أَيْ فَهُوَ يَنْهَى عَنْ كُلِّهَا فَالْأَمْرُ بِالْقِيَامِ نَهْيٌ عَنْ الْقُعُودِ وَالِاضْطِجَاعِ وَالسُّجُودِ وَغَيْرِهَا، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكَشْفِ وَغَيْرُهُ.
(وَقِيلَ) نَهْيٌ (عَنْ وَاحِدٍ غَيْرِ عَيْنٍ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute