للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَتْبَاعِهِ عُرْفًا) لَا مَدْلُولًا وَضْعِيًّا لِذَلِكَ اللَّفْظِ (كَمَا إذَا قِيلَ لِأَمِيرٍ ارْكَبْ لِلْمُنَاجَزَةِ) ، وَهِيَ بِالْجِيمِ وَالزَّايِ الْمُحَارَبَةُ وَبِالْحَاءِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمُقَاتَلَةُ (غَيْرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ مَنْصِبُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا بِدَلِيلٍ) يُفِيدُ اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِهِ (لِأَنَّهُ بُعِثَ لِيُؤْتَسَى بِهِ فَكُلُّ حُكْمٍ خُوطِبَ هُوَ بِهِ عَمَّ عُرْفًا، وَإِنْ كَانَ فِعْلُهُ) أَيْ ذَلِكَ الْحُكْمَ (لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أَعْوَانٍ كَالْمُنَاجَزَةِ، وَإِذَا) أَيْ، وَإِذَا كَانَ عُمُومُهُ عُرْفًا (يَلْتَزِمُونَ) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ (أَنَّ إخْرَاجَهُمْ) أَيْ الْأُمَّةِ مِنْ خِطَابِهِ بِخُصُوصِهِ (تَخْصِيصٌ فَإِنَّهُ) أَيْ التَّخْصِيصَ (كَمَا يَرِدُ عَلَى الْعَامِّ لُغَةً يَرِدُ عَلَى الْعَامِّ عُرْفًا وَاسْتِدْلَالُهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ لِعُمُومِ ذِكْرِ الْمَتْبُوعِ بِخُصُوصِهِ الْأَتْبَاعَ (بِنَحْوِ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] فَأَفْرَدَهُ بِالْخِطَابِ وَأَمَرَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَالْعُمُومِ فَدَلَّ أَنَّ مِثْلَهُ خِطَابٌ عَامٌّ لَهُ وَلِلْأُمَّةِ (وَبِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعُمَّهُمْ لَكَانَ خَالِصَةً لَك) بَعْدَ قَوْلِهِ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} [الأحزاب: ٥٠] إلَى قَوْلِهِ {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} [الأحزاب: ٥٠] (غَيْرُ مُفِيدٍ) ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْعُمُومِ وَكَوْنَهُ خَاصًّا بِهِ ثَابِتٌ بِتَخْصِيصِهِ بِالْخِطَابِ وَالتَّالِي مُنْتَفٍ (وَ {زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ} [الأحزاب: ٣٧] فَأَخْبَرَ أَنَّهُ إنَّمَا أَبَاحَ تَزْوِيجَهُ إيَّاهَا لِيَكُونَ شَامِلًا لِلْأُمَّةِ، وَلَوْ كَانَ خِطَابُهُ خَاصًّا بِهِ وَلَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ إلَى الْأُمَّةِ لَمَا حَصَلَ الْغَرَضُ (لِبَيَانِ التَّنَاوُلِ الْعُرْفِيِّ) لَهُمْ (لَا اللُّغَوِيِّ) فَاسْتِدْلَالُهُمْ مُبْتَدَأٌ، وَهَذَا خَبَرُهُ.

وَحِينَئِذٍ (فَأَجْوِبَتُهُمْ) أَيْ الشَّافِعِيَّةِ عَنْ هَذِهِ الِاسْتِدْلَالَاتِ (الَّتِي حَاصِلُهَا أَنَّ الْفَهْمَ) أَيْ فَهْمَ الْأُمَّةِ مِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ (بِغَيْرِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ طَائِحَةٌ) أَيْ سَاقِطَةٌ؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّةَ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُ لَا يَعُمُّ غَيْرَهُ لُغَةً فَكَوْنُ الْعُمُومِ بِخَارِجٍ لَا يَضُرُّهُمْ ثُمَّ ذَكَرَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ بِقَوْلِهِ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ} [الأحزاب: ٥٠] الْآيَةَ، فَقَالَ: (غَيْرَ أَنَّ نَفْيَ الْفَائِدَةِ مُطْلَقًا) عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ (مِمَّا يُمْنَعُ لِجَوَازِ كَوْنِهَا) أَيْ الْفَائِدَةِ (مَنْعَ الْإِلْحَاقِ) أَيْ إلْحَاقِ الْأُمَّةِ بِهِ فِي ذَلِكَ قِيَاسًا كَمَا كَانَ يُلْحَقُ بِهِ لَوْ لَمْ يُرِدْ خَالِصًا ثُمَّ أَفَادَ بِأَنَّ هَذَا الْمَنْعَ غَيْرُ ضَائِرٍ، فَقَالَ: (وَلَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى نَفْيِ الْفَائِدَةِ مُطْلَقًا (فِي الْوَجْهِ) أَيْ وَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ لَهُمْ (وَيَكْفِي) فِي الِاسْتِدْلَالِ لَهُمْ بِهَا (أَنَّ {خَالِصَةً لَكَ} [الأحزاب: ٥٠] ظَاهِرٌ فِي فَهْمِ الْعُمُومِ) لَهُمْ مِنْ قَوْلِهِ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ} [الأحزاب: ٥٠] (لَوْلَاهُ) أَيْ لَفْظُ خَالِصَةً ثُمَّ لَمَّا كَانَ اسْتِدْلَالُهُمْ بِمِثْلِ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق: ١] قَدْ دُفِعَ أَيْضًا بِأَنَّ ذِكْرَ النَّبِيِّ لِلتَّشْرِيفِ وَالْخِطَابَ بِمَا بَعْدَهُ لِلْجَمِيعِ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُقَالَ يَا فُلَانُ افْعَلْ أَنْتَ وَأَتْبَاعُك كَذَا إنَّمَا النِّزَاعُ فِيمَا يُقَالُ افْعَلْ وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلْأَتْبَاعِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى دَفْعِهِ أَيْضًا، فَقَالَ (وَكَوْنُ إفْرَادِهِ بِالذِّكْرِ لِلتَّشْرِيفِ لَا يُنَافِي الْمَطْلُوبَ) ، وَهُوَ عُمُومُهُمْ عُرْفًا (فَمِنْ التَّشْرِيفِ أَنْ خَصَّهُ) أَيْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِهِ) أَيْ بِالْخِطَابِ (وَالْمُرَادُ أَتْبَاعُهُ مَعَهُ) عَلَى أَنَّ إبْطَالَ الدَّلِيلِ الْمُعَيَّنِ لَا يُبْطِلُ الْمُدَّعَى (وَعُرِفَ) مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ (أَنَّ وَضْعَهَا) أَيْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (الْخِطَابَ لِوَاحِدٍ مِنْ الْأُمَّةِ هَلْ يَعُمُّ لَيْسَ بِجَيِّدٍ) ؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّةَ لَا يَقُولُونَ خِطَابُ وَاحِدٌ مِنْ آحَادِ الْأُمَّةِ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ مَنْصِبُ الِاقْتِدَاءِ يَعُمُّ سَائِرَهُمْ عُرْفًا بَلْ هَذَا مَوْضُوعُ الَّتِي تَلِي هَذِهِ.

[مَسْأَلَةُ خِطَابِ الْوَاحِدِ لَا يَعُمُّ غَيْرَهُ لُغَةً]

(مَسْأَلَةُ خِطَابِ الْوَاحِدِ لَا يَعُمُّ غَيْرَهُ لُغَةً وَنُقِلَ عَنْ الْحَنَابِلَةِ عُمُومُهُ، وَمُرَادُهُمْ خِطَابُ الشَّارِعِ لِوَاحِدٍ بِحُكْمٍ يُعْلَمُ عِنْدَهُ) أَيْ خِطَابِهِ (تَعَلُّقُهُ) أَيْ ذَلِكَ الْحُكْمِ (بِالْكُلِّ إلَّا بِدَلِيلٍ) يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ قَالُوا (كَقَوْلِهِ حُكْمِي عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمِي عَلَى الْجَمَاعَةِ) وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْبَحْثِ الثَّانِي مِنْ مَبَاحِثِ الْعَامِّ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْحُفَّاظِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَمَا يَسُدُّ مَسَدَّهُ (وَفَهِمَ الصَّحَابَةُ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّ حُكْمَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>