مَعْنَاهُ يَتَوَقَّفُ إلَخْ لَكِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي الْمَجْهُولِ مَا يُفِيدُ هَذَا
وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ فِيهِ لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ مَا يُفِيدُ كَوْنَهُ حُجَّةً ظَنِّيَّةً مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ وَلِلْمُصَنِّفِ مَا يُفِيدُ خُرُوجَهُ عَنْ الْحُجِّيَّةِ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ ثُمَّ لَمْ يَظْهَرْ لِي مَا يُتَّجَهُ أَنْ يُعْطَفَ عَلَيْهِ (وَزِيَادَةُ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ الْمُخَصِّصِ أَعْنِي الْقِيَاسَ الَّذِي حُكِمَ بِهِ) أَيْ الَّذِي تَضَمَّنَهُ الْمُخَصِّصُ (لِلْحُكْمِ بِمَعْلُولِيَّةِ التَّخْصِيصِ) نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ يُرِيدُ يُتَوَقَّفُ فِيهِ فَلَا يُعْمَلُ بِهِ إلَى الْبَيَانِ لِجَهَالَةِ قَدْرِ الْمُتَعَدَّى إلَيْهِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِجَهَالَةِ الْبَاقِي وَلِعَدَمِ جَوَازِ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ الْمُخَصِّصِ وَلَكِنْ فِي إفَادَةِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ لِهَذَا مَا تَرَى (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الْقَوْلُ مُرَادًا بِهِ هَذَا الْمَعْنَى (حَسَنٌ) لَكِنْ لَا خَفَاءَ فِي أَنَّهُ لَيْسَ بِمُرَادِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ حُجَّةً، وَالْفَرْضُ خِلَافُهُ وَإِنَّمَا حَاصِلُ مُرَادِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُحَقِّقُ التَّفْتَازَانِيُّ أَنَّ الْمُخَصِّصَ الْمَجْهُولَ بِاعْتِبَارِ الصِّيغَةِ لَا يُبْطِلُ الْعَامَّ وَبِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ يُبْطِلُهُ، وَالْمَعْلُومُ بِالْعَكْسِ فَيَقَعُ الشَّكُّ فِي بُطْلَانِهِ وَالشَّكُّ لَا يَرْفَعُ أَصْلَ الْيَقِينِ بَلْ وَصْفَ كَوْنِهِ يَقِينًا فَيَكُونُ حُجَّةً فِيهِ شُبْهَةٌ ثُمَّ يَطْرُقُهُ مَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ شَبَهَهُ بِالنَّاسِخِ طَرْدٌ لَا أَثَرَ لَهُ وَأَنَّ شَبَهَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ هُوَ الْمُعْتَبَرُ فَيُتَوَجَّهُ حِينَئِذٍ إبْطَالُهُ فِي الْمَجْهُولِ وَظَنِّيَّتُهُ فِي الْمَعْلُومِ، وَأَنَّ احْتِمَالَ جَهَالَةِ قَدْرِ الْمُتَعَدَّى إلَيْهِ فِي الْمَعْلُومِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الظَّنِّيَّةِ لِعَدَمِ الظُّهُورِ وَقَدْ عُرِفَ فِيمَا سَلَفَ مَا فِي وُجُوبِ الْبَحْثِ عَنْ الْمُخَصِّصِ قَبْلَ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ مِنْ الْمَقَالِ وَأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ مَشَايِخِنَا عَدَمُهُ (وَقَوْلُ الْإِسْقَاطِ) لِلْعَامِّ الْمَخْصُوصِ (مُطْلَقًا) أَيْ فِي أَخَصِّ الْخُصُوصِ وَغَيْرِهِ (إنْ صَحَّ) أَنَّ أَحَدًا ذَهَبَ إلَيْهِ (وَهُوَ) أَيْ وَالْقَوْلُ بِهِ (بَعِيدٌ) وَإِنْ نَقَلَهُ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ (سَاقِطٌ لِقَطْعِيَّتِهِ) أَيْ الْعَامِّ (فِي أَخَصِّ الْخُصُوصِ) مَعْلُومًا كَانَ الْمُخَصِّصُ أَوْ مَجْهُولًا لِأَنَّ تَنَاوُلَ الْعَامِّ لِأَخَصِّ الْخُصُوصِ بَعْدَ التَّخْصِيصِ قَطْعِيٌّ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ احْتِمَالُ خُرُوجِهِ وَهُوَ الْمُسْقَطُ (وَإِلَّا) لَوْ جَازَ خُرُوجُهُ أَيْضًا (كَانَ نَسْخًا) لَا تَخْصِيصًا فَيَخْرُجُ الْبَحْثُ مِنْ الْكَلَامِ فِي تَخْصِيصِ الْعَامِّ الَّذِي هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ إلَى نَسْخِ الْعَامِّ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ بِسُقُوطِهِ مُطْلَقًا.
هَذَا وَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ: الْقَاصِرُ لِلْعَامِّ عَلَى بَعْضِهِ إنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ سُمِّيَ تَخْصِيصًا أَوْ لَمْ يُسَمَّ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخْرَجُ بِهِ مَعْلُومًا فَالْعَامُّ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَصْرِ مِنْ قَطْعٍ أَوْ ظَنٍّ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِيهِ لِعَدَمِ مُورِثِ الشُّبْهَةِ مِنْ جَهَالَةِ الْمُخْرِجِ وَاحْتِمَالِ التَّعْلِيلِ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُسْتَقِلِّ لَا يَحْتَمِلُهُ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخْرَجُ بِهِ مَجْهُولًا فَهُوَ غَيْرُ حُجَّةٍ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ تَبَيُّنَ الْمُرَادِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَقِلًّا وَكَانَ عَقْلًا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَخْصُوصُ مَعْلُومًا كَمَا فِي الْخِطَابَاتِ الَّتِي خُصَّ مِنْهَا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَالْعَامُّ قَطْعِيٌّ فِي الْبَاقِي لِعَدَمِ مُورِثِ الشُّبْهَةِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا فَهُوَ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً إلَى بَيَانِ الْمُرَادِ مِنْهُ لِأَنَّ جَهَالَةَ الْمُخْرِجِ أَوْرَثَتْ جَهَالَةً فِي الْبَاقِي لَا أَنَّ الْمَخْصُوصَ بِالْعَقْلِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَقْلِيًّا كَمَا أَطْلَقَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَلَا أَنَّهُ يَكُونُ ظَنِّيًّا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ كَثِيرٍ، وَإِنْ كَانَ كَلَامًا فَقَدْ عَرَفْت مَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الْعَقْلِ وَالْكَلَامِ فَفِي التَّلْوِيحِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَبْقَى قَطْعِيًّا لِاخْتِلَافِ الْعَادَاتِ وَخَفَاءِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَعَدَمِ اطِّلَاعِ الْحِسِّ عَلَى تَفَاصِيلِ الْأَشْيَاءِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ الْقَدْرُ الْمَخْصُوصُ قَطْعًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ الْقَائِلُونَ بِالْمَفْهُومِ الْمُخَالِفِ خَصُّوا بِهِ الْعَامَّ]
(مَسْأَلَةٌ الْقَائِلُونَ بِالْمَفْهُومِ) الْمُخَالِفِ (خَصُّوا بِهِ الْعَامَّ كَفِي الْغَنَمِ الزَّكَاةُ مَعَ فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ) الزَّكَاةُ فَخَصُّوا عُمُومَ الْأَوَّلِ بِالْمَفْهُومِ الْمُخَالِفِ لِلثَّانِي وَهُوَ لَيْسَ فِي غَيْرِ السَّائِمَةِ الزَّكَاةُ فَلَا يَجِبُ فِي الْمَعْلُوفَةِ جَمْعًا بَيْنَهُمَا (لِجَمْعِ الظَّنِّيَّةِ إيَّاهُمَا) أَيْ الْعَامَّ وَالْمَفْهُومَ الْمُخَالِفَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ظَنِّيُّ الدَّلَالَةِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ (وَمُسَاوَاتِهِمَا) أَيْ الْمَخْصُوصِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute