فِي الْعَالِمِ لِلْحَقِيقَةِ حَيْثُ قَالَ لِأَنَّهُ يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِنَا: الْعَالِمُ زَيْدٌ هَذِهِ الْحَقِيقَةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ زَيْدٌ فَيَنْحَصِرُ فِيهِ بِالضَّرُورَةِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ زَيْدًا ذَاتٌ مُعَيَّنَةٌ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ إلَّا بِكَوْنِهِ عَيْنَهَا فَكَانَتْ مَخْصُوصَةً بِهِ إذْ لَوْ وُجِدَ فِي غَيْرِهِ لَمَا كَانَ عَيْنَهَا بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَهُوَ زَيْدٌ الْعَالِمُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْعَالِمُ ثَابِتٌ لَهُ وَثُبُوتُهُ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ عَيْنَهُ لِجَوَازِ كَوْنِهِ صِفَةً لِغَيْرِهِ اهـ.
وَوَجْهُ عَدَمِ الْقَبُولِ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ (وَقَدْ حُكِيَ) فِي إفَادَةِ مِثْلِ: الْعَالِمُ زَيْدٌ الْحَصْرَ أَيْ جُزْأَهُ الَّذِي هُوَ النَّفْيُ عَنْ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ فِي ثُبُوتِ الْإِيجَابِ نُطْقًا كَمَا قُلْنَا مِثْلَهُ فِي إنَّمَا: ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ حَكَاهَا ابْنُ حَاجِبِ وَغَيْرُهُ أَحَدُهَا (نَفْيُهُ) أَيْ الْحَصْرِ وَعَزَاهُ صَاحِبُ الْبَدِيعِ إلَى الْمَذْهَبِ (وَإِثْبَاتُهُ مَفْهُومًا) أَيْ وَثَانِيهَا أَنَّهُ يُفِيدُهَا مَفْهُومَهُ (وَمَنْطُوقًا) أَيْ وَثَالِثُهَا أَنَّهُ يُفِيدُ مَنْطُوقًا (وَاسْتُبْعِدَ) هَذَا (لِعَدَمِ النُّطْقِ بِالنَّافِي) ذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُ التَّفْتَازَانِيُّ (وَعَلِمْت فِي إنَّمَا أَنْ لَا أَثَرَ لَهُ) أَيْ لِعَدَمِ النُّطْقِ بِالنَّافِي فِي كَوْنِ النَّفْيِ ثَابِتًا بِاللَّفْظِ مَنْطُوقًا فَلَا يَتِمُّ الِاسْتِبْعَادُ نَظَرًا إلَى هَذَا الْوَجْهِ (بَلْ وَجْهُهُ) أَيْ هَذَا الِاسْتِبْعَادِ (عَدَمُ لَفْظٍ يَتَبَادَرُ مِنْهُ) النَّفْيُ (لِأَنَّ اللَّامَ لِلْعُمُومِ فَقَطْ) أَوْ لِلْحَقِيقَةِ فَقَطْ، وَأَيًّا مَا كَانَ فَلَيْسَ النَّفْيُ جُزْأَهُ (فَإِنَّمَا يَثْبُتُ) النَّفْيُ عَنْ الْغَيْرِ فِيهِ (لَازِمًا لِإِثْبَاتِهِ) أَيْ الْعُمُومِ لِوَاحِدٍ لَا غَيْرُ أَوْ الْحَقِيقَةِ لَهُ وَهَذَا (بِخِلَافِ إنَّمَا) فَإِنَّهُ يَتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِهَا النَّفْيُ فَكَانَ جُزْءَ مَعْنَاهَا كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ لَمَّا كَانَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْحَصْرَ بِاللَّامِ لِلْعُمُومِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ مَظِنَّةَ أَنْ يُقَالَ أَنَّى يَكُونُ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ الْمُحَقِّقُ التَّفْتَازَانِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: وَأَمَّا الْمَنْطِقِيُّونَ فَيَأْخُذُونَ بِالْأَقَلِّ الْمُتَيَقَّنِ فَيَجْعَلُونَهُ فِي قُوَّةِ الْجُزْئِيَّةِ أَيْ: بَعْضُ الْمَنْطِقِ زِيدَ عَلَى مَا هُوَ قَانُونُ الِاسْتِدْلَالِ قَدَّرَهُ الْمُصَنِّفُ مُجِيبًا عَنْهُ بِقَوْلِهِ (وَمَا نُسِبَ إلَى الْمَنْطِقِيِّينَ مِنْ جَعْلِهِمْ إيَّاهُ) أَيْ ذَا اللَّازِمِ الَّتِي لِلْعُمُومِ (جُزْئِيًّا يَنْفِيهِ مَا حُقِّقَ مِنْ أَنَّ السُّورَ مَا دَلَّ عَلَى كَمْيَّةِ الْمَوْضُوعِ) إنْ كُلِّيًّا فَكُلِّيٌّ وَإِنْ جُزْئِيًّا فَجُزْئِيٌّ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْأَسْوَارِ لَمْ يَقْصِدُوا بِهِ الِانْحِصَارَ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ (فَذُو اللَّامِ) الَّتِي لِلْعُمُومِ (مُسَوَّرٌ بِسُوَرِ الْكُلِّيَّةِ) لِكَوْنِهِ دَالًّا عَلَى الْعُمُومِ الِاسْتِغْرَاقِيِّ، وَكُلُّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَهُوَ سُورُ الْكُلِّيَّةِ كَمَا أَفَادَهُ أَبُو عَلِيٍّ فِي الْإِشَارَاتِ
[التَّقْسِيمُ الثَّانِي فِي اللَّفْظِ الْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ ظُهُورِ دَلَالَتِهِ]
(التَّقْسِيمُ الثَّانِي) فِي اللَّفْظِ الْمُفْرَدِ (بِاعْتِبَارِ ظُهُورِ دَلَالَتِهِ إلَى ظَاهِرٍ وَنَصٍّ وَمُفَسَّرٍ وَمُحْكَمٍ فَمُتَأَخِّرٍ وَالْحَنَفِيَّةُ مَا) أَيْ اللَّفْظُ الَّذِي (ظَهَرَ مَعْنَاهُ الْوَضْعِيُّ) لِلسَّامِعِ (بِمُجَرَّدِهِ) أَيْ اللَّفْظِ أَيْ بِنَفْسِ سَمَاعِهِ بِلَا قَرِينَةٍ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ حَالَ كَوْنِهِ (مُحْتَمِلًا) لِغَيْرِ مَعْنَاهُ الظَّاهِرِ احْتِمَالًا مَرْجُوحًا (إنْ لَمْ يُسَقْ) الْكَلَامُ (لَهُ أَيْ لَيْسَ) سَوْقُ مَعْنَاهُ الْمَذْكُورِ (الْمَقْصُودَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ فَهُوَ) أَيْ اللَّفْظُ الْمُفْرَدُ (بِهَذَا الِاعْتِبَارِ) وَهُوَ كَوْنُ مَعْنَاهُ الْوَضْعِيِّ ظَاهِرًا لِلسَّامِعِ بِنَفْسِ سَمَاعِ اللَّفْظِ مَعَ احْتِمَالِهِ لِغَيْرِهِ احْتِمَالًا مَرْجُوحًا غَيْرَ مَسُوقٍ لَهُ هُوَ (الظَّاهِرُ) اصْطِلَاحًا مِنْ الظُّهُورِ وَهُوَ الْوُضُوحُ فَالْمَعْرُوفُ الِاصْطِلَاحِيُّ، وَمَا فِي التَّعْرِيفِ اللُّغَوِيِّ فَلَا يَلْزَمُ تَعْرِيفُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ، وَتَقْيِيدُ الظُّهُورِ بِنَفْسِ اللَّفْظِ احْتِرَازٌ عَمَّا ظَهَرَ الْمُرَادُ بِهِ لَا بِنَفْسِ اللَّفْظِ كَالْمُجْمَلِ إذَا لَحِقَهُ الْبَيَانُ (وَبِاعْتِبَارِ ظُهُورِ مَا سِيقَ لَهُ) أَيْ وَاللَّفْظُ الْمُفْرَدُ بِاعْتِبَارِ وُضُوحِ مَعْنَاهُ الْمَسُوقِ لَهُ بِوَاسِطَةِ السَّوْقِ لَهُ زِيَادَةً عَلَى ظُهُورِهِ بِمُجَرَّدِ سَمَاعِهِ (مَعَ احْتِمَالِ التَّخْصِيصِ) إنْ كَانَ عَامًّا (وَالتَّأْوِيلِ) إنْ كَانَ خَاصًّا (النَّصُّ) اصْطِلَاحًا، وَإِنَّمَا كَانَ السَّوْقُ مُفِيدًا لِزِيَادَةِ الْوُضُوحِ؛ لِأَنَّ اهْتِمَامَ الْمُتَكَلِّمِ بِبَيَانِ مَا قَصَدَهُ بِالسَّوْقِ أَتَمُّ، وَاحْتِرَازُهُ عَنْ الْغَلَطِ وَالسَّهْوِ فِيهِ أَكْمَلُ، وَمِنْ هُنَا نَاسَبَ أَنْ يُسَمَّى هَذَا نَصًّا إمَّا مِنْ نَصَصْت الشَّيْءَ رَفَعْته؛ لِأَنَّ فِي ظُهُورِهِ ارْتِفَاعًا عَلَى ظُهُورِ الظَّاهِرِ، أَوْ مِنْ نَصَصْت الدَّابَّةَ إذَا اسْتَخْرَجْت مِنْهَا بِالتَّكْلِيفِ سَيْرًا فَوْقَ سَيْرِهَا الْمُعْتَادِ؛ لِأَنَّ فِي ظُهُورِهِ زِيَادَةً حَصَلَتْ بِقَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ لَا بِنَفْسِ الصِّيغَةِ كَالزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ سَيْرِ الدَّابَّةِ بِتَكْلِيفِهَا إيَّاهَا لَا بِنَفْسِهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ (وَيُقَالُ) النَّصُّ (أَيْضًا لِكُلِّ سَمْعِيٍّ) كَائِنٍ مَا كَانَ قَوْلًا شَائِعًا وَالْمُمَيَّزُ بَيْنَ الْمُرَادَيْنِ مِنْ إطْلَاقِهِ الْقَرِينَةَ
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَخَصُّ مُطْلَقًا مِنْهُ بِالْمَعْنَى الثَّانِي (وَمَعَ عَدَمِ احْتِمَالِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute