أَوْ مُسَاوٍ وَإِذْ بِمُجَرَّدِ الْمُعَارِضِ الْمُسَاوِي تَبْطُلُ ظَنِّيَّتُهُ فَكَيْفَ بِالرَّاجِحِ وَالْقِيَاسُ الظَّنِّيُّ رَاجِحٌ؛ لِأَنَّا فَرَضْنَاهُ نَاسِخًا فَيَبْطُلُ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِالظَّنِّيِّ الْمُتَقَدِّمِ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ فَلَا يَكُونُ الْقِيَاسُ نَاسِخًا لَهُ (لَيْسَ بِشَيْءٍ بَعْدَ فَرْضِ تَأَخُّرِهِ) أَيْ الْقِيَاسِ الثَّانِي (وَالْحُكْمُ بِصِحَّةِ الْحُكْمِ السَّابِقِ) بِالْقِيَاسِ الْأَوَّلِ (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَأَخِّرًا (فَلَا نَسْخَ وَإِنَّمَا ذَاكَ) أَيْ عَدَمُ النَّسْخِ (فِي الْمُعَارَضَةِ الْمَحْضَةِ) بَيْنَ الْقِيَاسَيْنِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا (وَأَمَّا نَسْخُهُ) أَيْ الْقِيَاسِ (قِيَاسًا آخَرَ بِنَسْخِ حُكْمِ أَصْلِهِ) أَيْ الْآخَرِ (مَعَ) وُجُودِ (عِلَّةِ الرَّفْعِ) لِلْحُكْمِ (الثَّابِتَةِ فِي الْفَرْعِ) أَيْ بِنَسْخِ حُكْمِ الْأَصْلِ بِنَصٍّ مُشْتَمِلٍ عَلَى عِلَّةٍ مُتَحَقِّقَةٍ فِي الْفَرْعِ فَيُنْسَخُ حُكْمُ الْفَرْعِ أَيْضًا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَصْلِ فَيَتَحَقَّقُ قِيَاسٌ نَاسِخٌ وَآخَرُ مَنْسُوخٌ مِثَالُهُ أَنْ تَثْبُتَ حُرْمَةُ الرِّبَا فِي الذُّرَةِ بِقِيَاسٍ عَلَى الْبُرِّ مَنْصُوصِ الْعِلَّةِ ثُمَّ تُنْسَخُ حُرْمَةُ الرِّبَا فِي الْبُرِّ تَنْصِيصًا عَلَى الْعِلَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الذُّرَةِ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ وَتُرْفَعُ حُرْمَةُ الرِّبَا فِيهَا فَيَكُونُ نَسْخًا لِلْقِيَاسِ بِالْقِيَاسِ (عَلَى مَا قِيلَ) وَقَائِلُهُ التَّفْتَازَانِيُّ (فَفِيهِ نَظَرٌ عِنْدَنَا) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (إذْ لَا نُجِيزُ الْقِيَاسَ لِعَدَمِ حُكْمٍ كَمَا سَيُعْلَمُ) فِي الْمَرْصَدِ الثَّانِي فِي شَرْطِ الْعِلَّةِ
(وَلَا يُعَلَّلُ النَّاسِخُ وَمَا فَرَضَهُ الْقَائِلُ) مِنْ وُجُودِ عِلَّةِ الرَّفْعِ فِي الْفَرْعِ (لَا يَكُونُ غَيْرَ بَيَانِ وَجْهِ انْتِهَاءِ الْمَصْلَحَةِ) الَّتِي شُرِعَ لَهَا الْحُكْمُ (وَهُوَ) أَيْ انْتِهَاءُ الْمَصْلَحَةِ (مَعْلُومٌ فِي كُلِّ نَسْخٍ فَلَوْ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ) أَيْ انْتِهَاؤُهَا نَاسِخًا (كَانَ) النَّاسِخُ (مُعَلَّلًا دَائِمًا) وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَأَمَّا الْمِثَالُ الْمَذْكُورُ فِي الشَّرْحِ وَهُوَ إذَا نُسِخَ حُكْمُ الْأَصْلِ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ عَلَى مَا سَيَجِيءُ مِنْ أَنَّهُ إذَا نُسِخَ حُكْمُ الْأَصْلِ هَلْ يَبْقَى مَعَهُ حُكْمُ الْفَرْعِ أَوْ لَا؟ وَعَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ بَقَائِهِ فَانْتِفَاؤُهُ لِرَفْعِ حُكْمِ الْأَصْلِ أَوْ لِأَنَّ نَسْخَ حُكْمِ الْأَصْلِ نَسْخٌ لَهُ بِأَنْ يُقَاسَ عَدَمُهُ عَلَى عَدَمِ حُكْمِ الْأَصْلِ فِيهِ خِلَافٌ (وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ) نَسْخُ الْقِيَاسِ بِالْقِيَاسِ (عِنْدَنَا بِشَرْعِيَّةِ بَدَلٍ) عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْأَصْلِ (يُضَادُّ) الْحُكْمَ (الْأَوَّلَ فَيَسْتَلْزِمُ) شَرْعُ ذَلِكَ (رَفْعَ حُكْمِهِ) الْأَوَّلِ وَحِينَئِذٍ (فَقَدْ يُقَالُ بِمُجَرَّدِ رَفْعِ حُكْمِ الْأَصْلِ أُهْدِرَ الْجَامِعُ) بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ (فَيَرْتَفِعُ حُكْمُ الْفَرْعِ بِالضَّرُورَةِ وَلَا أَثَرَ لِلْقِيَاسِ فِيهِ وَأَغْنَى هَذَا عَنْ مَسْأَلَتِهَا) أَيْ هَذِهِ الْجُزْئِيَّةِ الَّتِي هِيَ جَوَازُ نَسْخِ الْقِيَاسِ بِالْقِيَاسِ (وَتَمَامُهُ) أَيْ هَذَا الْبَحْثِ (فِي) الْمَسْأَلَةِ (الَّتِي تَلِيهَا) أَيْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَذَكَرَ الْأَبْهَرِيُّ أَنَّ مِثَالَ نَسْخِ الْقِيَاسِ بِالْقِيَاسِ اتِّفَاقًا أَنْ يَنُصَّ الشَّارِعِ عَلَى خِلَافِ حُكْمِ الْفَرْعِ فِي مَحَلٍّ يَكُونُ قِيَاسُ الْفَرْعِ عَلَيْهِ أَقْوَى
(وَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْسِيمِ الْقِيَاسِ إلَى قَطْعِيٍّ وَظَنِّيٍّ) كَمَا ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ (وَسَتَعْلَمُ) فِي ذَيْلِ الْكَلَامِ فِي أَرْكَانِ الْقِيَاسِ (أَنْ لَا قَطْعَ عَنْ قِيَاسٍ وَلَوْ قُطِعَ بِعِلَّتِهِ) أَيْ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ (وَوُجُودُهَا فِي الْفَرْعِ لِجَوَازِ شَرْطِيَّةِ الْأَصْلِ أَوْ مَانِعِيَّةِ الْفَرْعِ) مِنْهُ (وَلَوْ تَجَوَّزَ بِهِ) أَيْ بِالْقَطْعِيِّ (عَنْ كَوْنِهِ) أَيْ الْقِيَاسِ (جَلِيًّا فَفَرْضُ غَيْرِ الْمَسْأَلَةِ) الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِهَا (أَنْ عَنَى بِهِ) أَيْ بِالْجَلِيِّ (مَفْهُومَ الْمُوَافَقَةِ وَإِلَّا) إذَا لَمْ يَعْنِ بِهِ ذَلِكَ (فَمَا فَرَضْنَاهُ) مِنْ مَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ (عَامٌّ) لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ (لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى ذِكْرِ الْجَلِيِّ وَتَخْصِيصِهِ بِذَلِكَ (قَالُوا) أَيْ مُجِيزُو النَّسْخِ (تَخْصِيصُ الزَّمَانِ بِإِخْرَاجِ بَعْضِهِ) أَيْ الزَّمَانِ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مَشْرُوعًا فِيهِ (فَكَتَخْصِيصِ الْمُرَادِ) أَيْ فَهُوَ كَإِخْرَاجِ بَعْضِ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَامُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِالْحُكْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْعَامِّ، وَالْقِيَاسُ يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّصُ بِهِ الْمُرَادُ فَيَجُوزُ أَنْ يُنْسَخَ بِهِ وَالْمُلَخَّصُ أَنَّهُ يَجُوزُ النَّسْخُ بِالْقِيَاسِ قِيَاسًا عَلَى التَّخْصِيصِ بِهِ بِجَامِعِ كَوْنِهِمَا تَخْصِيصَيْنِ، وَكَوْنُ أَحَدِهِمَا فِي الْأَعْيَانِ وَالْآخَرُ فِي الزَّمَانِ لَا يَصْلُحُ فَارِقًا إذْ لَا أَثَرَ لَهُ (الْجَوَابُ مَنْعُ الْمُلَازَمَةِ إذْ لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِي الِانْتِهَاءِ) لِلْحُكْمِ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى (كَمَا تَقَدَّمَ) فِي الَّتِي قَبْلَهَا (وَلَوْ عُلِمَ) الْحُكْمُ (مَنُوطًا بِمَصْلَحَةٍ عُلِمَ ارْتِفَاعُهَا فَكَسَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ) أَيْ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ انْتِهَاءِ الْحُكْمِ لِانْتِهَاءِ عِلَّتِهِ كَسُقُوطِ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ الزَّكَاةِ وَلَيْسَ نَسْخًا.
[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فَحَوَى مَنْطُوقٍ]
(مَسْأَلَةٌ نَسْخُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فَحَوَى مَنْطُوقٍ) أَيْ هَلْ يُنْسَخُ الْفَحْوَى دُونَ الْمَنْطُوقِ وَبِالْعَكْسِ (وَهُوَ) أَيْ فَحْوَاهُ (الدَّلَالَةُ لِلْحَنَفِيَّةِ) وَمَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ لِغَيْرِهِمْ فِيهِ أَقْوَالٌ أَحَدُهَا: نَعَمْ وَعَلَيْهِ الْبَيْضَاوِيُّ، ثَانِيهَا لَا وَنُسِبَ إلَى الْأَكْثَرِينَ، (ثَالِثُهَا الْمُخْتَارُ لِلْآمِدِيِّ وَأَتْبَاعِهِ جَوَازُ) نَسْخِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute