للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الْمَنْطُوقِ) بِدُونِ الْفَحْوَى (لَا) جَوَازُ (قَلْبِهِ) أَيْ يَمْتَنِعُ نَسْخُ الْفَحْوَى بِدُونِ الْمَنْطُوقِ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَنْطُوقَ كَتَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ (مَلْزُومٌ) لِفَحْوَاهُ كَتَحْرِيمِ الضَّرْبِ (فَلَا يَنْفَرِدُ) الْمَلْزُومُ (عَنْ لَازِمِهِ) أَيْ فَلَا يُوجَدُ تَحْرِيمُ التَّأْفِيفِ مَعَ عَدَمِ تَحْرِيمِ الضَّرْبِ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْمَلْزُومِ مَعَ عَدَمِ اللَّازِمِ مُحَالٌ (بِخِلَافِ نَسْخِ التَّأْفِيفِ فَقَطْ) أَيْ انْتِفَاءِ الْمَلْزُومِ مَعَ بَقَاءِ اللَّازِمِ وَهُوَ تَحْرِيمُ الضَّرْبِ فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ (لِأَنَّهُ) أَيْ نَسْخَ التَّأْفِيفِ لَا غَيْرُ (رَفْعٌ لِلْمَلْزُومِ) وَرَفْعُهُ مَعَ بَقَاءِ اللَّازِمِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ قَالَ (الْمُجِيزُونَ) النَّسْخَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِدُونِ الْآخَرِ (مَدْلُولَانِ) مُتَغَايِرَانِ أَحَدُهُمَا صَرِيحٌ وَالْآخَرُ غَيْرُ صَرِيحٍ (فَجَازَ رَفْعُ كُلٍّ دُونَ الْآخَرِ) ضَرُورَةً (أُجِيبُ) بِجَوَازِهِ (مَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا مَلْزُومًا لِلْآخَرِ فَإِذَا كَانَ) أَحَدُهُمَا مَلْزُومًا لِلْآخَرِ (فَمَا ذَكَرْنَا) أَيْ فَإِنَّمَا يَجُوزُ نَسْخُ الْمَنْطُوقِ بِدُونِ الْفَحْوَى لَا الْقَلْبُ.

قَالَ (الْمَانِعُونَ) لِنَسْخِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِدُونِ الْآخَرِ يَمْتَنِعُ نَسْخُ (الْفَحْوَى دُونَ الْأَصْلِ) الَّذِي هُوَ الْمَنْطُوقُ (لِمَا قُلْتُمْ) مِنْ لُزُومِ الْمَلْزُومِ مَعَ عَدَمِ اللَّازِمِ (وَقَلْبُهُ) أَيْ وَيَمْتَنِعُ نَسْخُ الْأَصْلِ دُونَ الْفَحْوَى (لِأَنَّهُ) أَيْ الْفَحْوَى (تَابِعٌ) لِلْأَصْلِ (فَلَا يَثْبُتُ) الْفَحْوَى (دُونَ الْمَتْبُوعِ) أَيْ الْأَصْلِ لِوُجُوبِ ارْتِفَاعِهِ بِارْتِفَاعِ مَتْبُوعِهِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ تَابِعًا لَهُ (أُجِيبُ بِأَنَّ التَّابِعِيَّةَ) أَيْ تَابِعِيَّةَ الْفَحْوَى لِلْأَصْلِ إنَّمَا هِيَ (فِي الدَّلَالَةِ) أَيْ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى الْأَصْلِ (وَلَا تَرْتَفِعُ) الدَّلَالَةُ إجْمَاعًا (لَا) أَنَّ الْفَحْوَى تَابِعٌ لِلْأَصْلِ فِي (الْحُكْمِ) أَيْ حُكْمِ الْأَصْلِ فَإِنْ فَهِمْنَا تَحْرِيمَ الضَّرْبِ مِنْ فَهْمِنَا لِتَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ لَا أَنَّ الضَّرْبَ إنَّمَا كَانَ حَرَامًا؛ لِأَنَّ التَّأْفِيفَ حَرَامٌ وَلَا أَنَّهُ لَوْلَا حُرْمَةُ التَّأْفِيفِ لَمَا كَانَ الضَّرْبُ حَرَامًا (وَهُوَ) أَيْ الْحُكْمُ الَّذِي هُوَ حُرْمَةُ التَّأْفِيفِ (الْمُرْتَفِعُ) فَالْمَتْبُوعُ لَمْ يَرْتَفِعْ وَالْمُرْتَفِعُ لَيْسَ بِمَتْبُوعٍ (وَاعْلَمْ أَنَّ تَحْقِيقَهُ أَنَّ الْفَحْوَى) إنَّمَا تَثْبُتُ (بِعِلَّةِ الْأَصْلِ مُتَبَادِرَةٌ) إلَى الْفَهْمِ بِمُجَرَّدِ فَهْمِ اللُّغَةِ (حَتَّى تُسَمَّى قِيَاسًا جَلِيًّا فَالتَّفْصِيلُ) الْمَذْكُورُ (حَتَّى عَلَى اشْتِرَاطِ الْأَوْلَوِيَّةِ) أَيْ أَوْلَوِيَّةِ الْمَسْكُوتِ بِالْحُكْمِ فِي الْفَحْوَى كَمَا هُوَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ (لِأَنَّ نَسْخَ الْأَصْلِ) يَكُونُ (بِرَفْعِ اعْتِبَارِ قَدْرِهِ) أَيْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَنْطُوقُهُ مِنْ الْمِقْدَارِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِيهِ (وَجَازَ بَقَاءُ الْمَفْهُومِ) الْمَذْكُورِ (بِقَدْرِ فَوْقِهَا) أَيْ الْعِلَّةِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا الْأَصْلُ فَيَبْقَى حُكْمُ الْمَفْهُومِ لِبَقَاءِ عِلَّتِهِ (بِخِلَافِ الْقَلْبِ) أَيْ نَسْخِ الْفَحْوَى دُونَ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ (إذْ لَا يُتَصَوَّرُ إهْدَارُ الْأَشَدِّ فِي التَّحْرِيمِ) كَالضَّرْبِ.

(وَاعْتِبَارُ مَا دُونَهُ) أَيْ مَا دُونَ الْأَشَدِّ فِي التَّحْرِيمِ وَهُوَ التَّأْفِيفُ (فِيهِ) أَيْ فِي التَّحْرِيمِ حَتَّى يَجُوزَ أَنْ يَنْسَخَ حُرْمَةَ الضَّرْبِ وَلَا يَنْسَخَ حُرْمَةَ التَّأْفِيفِ بَلْ الْأَمْرُ بِالْقَلْبِ فَإِنَّ الْحِكْمَةَ الْبَاعِثَةَ عَلَى تَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ غَايَةٌ فِي إيجَابِ التَّعْظِيمِ وَالْمَنْعِ مِنْ الْإِيذَاءِ حَتَّى يَسْتَتْبِعَ تَحْرِيمَ الشَّتْمِ وَالضَّرْبِ وَسَائِرَ أَنْوَاعِ الْإِيذَاءِ، بِخِلَافِ حِكْمَةِ تَحْرِيمِ الضَّرْبِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ فِي تِلْكَ الْغَايَةِ مِنْ التَّعْظِيمِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ارْتِفَاعِ التَّعْظِيمِ الْأَوَّلِ ارْتِفَاعُ التَّعْظِيمِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يَجِبُ أَنْ يُعَظِّمَ غَايَةَ التَّعْظِيمِ قَدْ يَجِبُ أَنْ يُعَظِّمَ تَعْظِيمًا مَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الرِّعَايَةَ وَالْعِنَايَةَ فِي تَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ فَوْقَهَا فِي تَحْرِيمِ الضَّرْبِ وَأَخَصُّ مِنْهَا وَانْتِفَاءُ الْأَعْلَى وَالْأَخَصِّ لَا يُوجِبُ انْتِفَاءَ الْأَدْنَى وَالْأَعَمِّ (وَنَحْوَ اُقْتُلْهُ وَلَا تُهِنْهُ) إنَّمَا جَازَ مَعَ أَنَّ الْقَتْلَ أَشَدُّ مِنْ الْإِهَانَةِ (لِعُرْفِ صَيْرِ الْإِهَانَةِ فَوْقَ الْقَتْلِ أَذًى) وَنَحْنُ قَائِلُونَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إهْدَارِ الْأَدْنَى إهْدَارُ الْأَعْلَى (وَتَقَدَّمَ) فِي التَّقْسِيمِ الْأَوَّلِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي فِي الدَّلَالَةِ (أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَكَثِيرًا مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ) فِي مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ (سِوَى التَّبَادُرِ) أَيْ تَبَادُرِ حُكْمِ الْمَذْكُورِ لِلْمَسْكُوتِ بِمُجَرَّدِ فَهْمِ اللُّغَةِ سَوَاءٌ (اتَّحَدَ كَمِّيَّةُ الْمُنَاطِ) لِلْحُكْمِ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ بِأَنْ تَسَاوَيَا فِي مِقْدَارِهِ (أَوْ تَفَاوَتَ) الْمُنَاطُ فِيهِمَا كَمْيَّةً بِأَنْ كَانَ فِي الْمَسْكُوتِ أَشَدُّ (فَيَلْزَمُهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةَ (التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الْأُولَى وَالْمَنْعُ فِيهِمَا) أَيْ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ (فِي الْمُسَاوَاةِ فَلَوْ نُسِخَ إيجَابُ الْكَفَّارَةِ لِلْجِمَاعِ) أَيْ جِمَاعِ الصَّحِيحِ الْمُقِيمِ الصَّائِمِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فِي أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ (لَانْتَفَى) إيجَابُهَا (لِلْأَكْلِ) أَيْ لِأَكْلِهِ عَمْدًا فِيهِ (وَمَبْنَاهُ) أَيْ عَدَمِ التَّفْصِيلِ فِي الْمُسَاوَاةِ (عَلَى الْمُخْتَارِ مِنْ أَنَّ نَسْخَ حُكْمِ الْأَصْلِ لَا يَبْقَى مَعَهُ حُكْمُ الْفَرْعِ) كَمَا خِلَافُهُ مَنْسُوبٌ إلَى الْحَنَفِيَّةِ

(وَكَوْنُهُ) أَيْ عَدَمِ بَقَاءِ حُكْمِ الْفَرْعِ (يُسَمَّى نَسْخًا أَوْ لَا) نِزَاعٌ (لَفْظِيٌّ أَوْ سَهْوُ

<<  <  ج: ص:  >  >>