للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَا هُوَ مُخَالِفٌ لِلْعُمُومِ (كَعِلْمِهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِفِعْلٍ مُخَالِفٍ لِلْعَامِّ وَلَمْ يُنْكِرْهُ يَكُونُ الْفَاعِلُ مُخَصَّصًا) مِنْ ذَلِكَ الْعَامِّ (فَوَاجِبٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ) وَمَنْ لَمْ يَشْرِطْ مُقَارَنَةَ الْمُخَصَّصِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِعْلُ الْفَاعِلِ عَقِبَ ذِكْرِ الْعَامِّ فِي مَجْلِسِ ذِكْرِهِ أَوْ لَا (لِأَنَّهُ) أَيْ التَّخْصِيصَ (أَسْهَلُ مِنْ النَّسْخِ وَأَكْثَرُ وَبِشَرْطِ كَوْنِ الْعِلْمِ) بِفِعْلِ الْفَاعِلِ الْمُخَالِفِ لِلْعُمُومِ (عَقِيبَ ذِكْرِ الْعَامِّ فِي مَجْلِسِهِ وَإِلَّا) فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِهِ (فَنَسْخٌ) لِذَلِكَ الْعُمُومِ (عِنْدَ شَارِطِي الْمُقَارَنَةِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ) لِلتَّخْصِيصِ لِتَرَاخِيهِ ثُمَّ عَلَى كَوْنِهِ مُخَصَّصًا (فَإِنْ عَلَّلَ ذَلِكَ) أَيْ تَخْصِيصَ الْفَاعِلِ مِنْ الْعَامِّ بِمَعْنًى (تَعَدَّى) ذَلِكَ التَّخْصِيصُ (إلَى غَيْرِ الْفَاعِلِ) أَيْضًا إمَّا بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ وَإِمَّا بِعُمُومٍ حُكْمِيٍّ عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمِيٍّ عَلَى الْجَمَاعَةِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَسْتَوْعِبَ ذَلِكَ الْمَعْنَى جَمِيعَ أَفْرَادِ الْعَامِّ وَإِلَّا يَكُونُ نَسْخًا وَإِنْ لَمْ يُعَلِّلْ فَالْمُخْتَارُ أَنْ لَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ إلَى غَيْرِهِ لِتَعَذُّرِ دَلِيلِ التَّعْدِيَةِ أَمَّا بِالْقِيَاسِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا بِحُكْمِيٍّ عَلَى الْوَاحِدِ فَلِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا عُلِمَ فِيهِ عَدَمُ الْفَارِقِ وَهُنَا لَمْ يُعْلَمْ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْأَحْكَامِ بِوَاسِطَةِ عُرُوضِ الْأَوْصَافِ وَالْأَعْذَارِ.

قَالَ السُّبْكِيُّ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إذَا ثَبَتَ حُكْمِيٌّ عَلَى الْوَاحِدِ لَمْ يُحْتَجْ إلَى الْعِلْمِ بِالْجَامِعِ بَلْ يَكْفِي عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْفَارِقِ، وَالْأَصْلُ بَعْدَ ثُبُوتِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْخَلْقَ فِي الشَّرْعِ شَرْعٌ فَالْمُخْتَارُ عِنْدَنَا التَّعْمِيمُ وَإِنَّمَا يَظْهَرْ الْمَعْنَى مَا لَمْ يَظْهَرْ مَا يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ ثُمَّ إنْ اسْتَوْعَبَ الْأَفْرَادَ كُلَّهَا فَهُوَ نَسْخٌ وَإِلَّا فَتَخْصِيصٌ، انْتَهَى.

(وَيَأْتِي تَمَامُهُ) فِي مَسْأَلَةٍ قَبْلَ فَصْلِ التَّعَارُضِ بِثَلَاثِ مَسَائِلَ.

(وَيُتَصَوَّرُ كَوْنُ فِعْلِ الصَّحَابِيِّ) الْمُخَالِفِ لِلْعُمُومِ (عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مُخَصِّصًا إذَا عُرِفَ عِلْمُهُ) أَيْ الصَّحَابِيِّ (بِالْعَامِّ إذْ قَالُوا) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ وَوَافَقَهُمْ الْحَنَابِلَةُ (بِحُجِّيَّتِهِ) أَيْ فِعْلِ الصَّحَابِيِّ (حَمْلًا عَلَى عَمَلِهِ) الصَّحَابِيِّ (بِالْمُقَارِنِ) أَيْ بِالْمُخَصَّصِ الْمُقَارِنِ لِلْعَامِّ (وَهُوَ) أَيْ حَمْلُ فِعْلِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى الْعِلْمِ بِالْمُخَصَّصِ (أَسْهَلُ مِنْ حَمْلِهِمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (مَرْوِيَّهُ) أَيْ الصَّحَابِيِّ إذَا فَعَلَ بِخِلَافِهِ (عَلَى عِلْمِهِ بِالنَّاسِخِ) لِأَنَّ التَّخْصِيصَ أَخَفُّ مِنْ النَّسْخِ فَيَتَعَيَّنُ حَيْثُ أَمْكَنَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةُ مُنْتَهَى التَّخْصِيصِ]

(مَسْأَلَةٌ الْأَكْثَرُ أَنَّ مُنْتَهَى التَّخْصِيصِ) جَمْعُ كَثِيرٍ سَوَاءٌ كَانَ الْعَامُّ جَمْعًا كَالرِّجَالِ أَوْ غَيْرَ جَمْعٍ كَمَنْ وَمَا، غَيْرَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِ فَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ وَهُوَ غَيْرُ الْمَحْصُورِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَخُصُوصًا إذَا كَانَ الْقَائِلُ بِهَذَا يَرَى الِاسْتِثْنَاءَ تَخْصِيصًا وَيُجِيزُ اسْتِثْنَاءَ الْأَكْثَرِ كَالْبَيْضَاوِيِّ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ مَا يَقْرُبُ مِنْ مَدْلُولِ الْعَامِّ وَقَالَ التَّفْتَازَانِيُّ قَدْ فَسَّرُوهُ بِمَا فَوْقَ النِّصْفِ، وَلَا خَفَاءَ فِي امْتِنَاعِ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ إلَّا فِيمَا يُعْلِمُ عَدَدَ أَفْرَادِ الْعَامِّ وَهَذَا مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فَقَالَ (جَمْعٌ يَزِيدُ عَلَى نِصْفِهِ وَلَا يَسْتَقِيمُ إلَّا فِي نَحْوِ عُلَمَاءِ الْبَلَدِ مِمَّا يَنْحَصِرُ) لَكِنْ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْإِطْلَاقُ عَلَى النِّصْفِ فِيمَا لَمْ يُعْلِمْ عَدَدَ أَفْرَادِ الْعَامِّ فَمُسَلَّمٌ لَكِنْ لَا جَدْوَى لَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا فَوْقَ النِّصْفِ فِيهِ فَظَاهِرُ الْبُطْلَانِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَهْلُ بَلَدٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ وَقِيلَ كُلُّ مَنْ فِي الْبَلَدِ مُؤْمِنٌ وَاسْتُثْنِيَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِهِ إلَى مِائَةٍ مَثَلًا عُلِمَ قَطْعًا أَنَّ مَا بَقِيَ بَعْدَ التَّخْصِيصِ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ (وَقِيلَ) مُنْتَهَى التَّخْصِيصِ (ثَلَاثَةٌ وَقِيلَ اثْنَانِ وَقِيلَ وَاحِدٌ) وَنَقَلَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ سَائِرِ الشَّافِعِيَّةِ (وَهُوَ مُخْتَارُ الْحَنَفِيَّةِ وَمَا قِيلَ) أَيْ وَأَمَّا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْهُمْ كَصَاحِبِ الْمَنَارِ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ (الْوَاحِدُ فِيمَا هُوَ جِنْسٌ وَالثَّلَاثَةُ فِيمَا هُوَ جَمْعٌ فَمُرَادُهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ بِالْجَمْعِ الْجَمْعُ (الْمُنَكَّرُ صَرَّحَ بِهِ) حَيْثُ قَالُوا كَالْعَبِيدِ وَنِسَاءٍ (وَبِإِرَادَةِ نَحْوِ الرَّجُلِ وَالْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ وَالطَّائِفَةِ بِالْجِنْسِ) وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>