فَثَبَتَ) جَوَازُ الِاقْتِدَاءِ فِيهِ (مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ خُصُوصٌ) لَهُ فِيهِ (وَهُوَ) أَيْ الْخُصُوصُ (نَادِرٌ لَا يَمْنَعُ احْتِمَالُهُ) جَوَازَ الِاقْتِدَاءِ (الْوَاقِفِ صِفَتُهُ) أَيْ الْفِعْلِ (غَيْرُ مَعْلُومَةٍ) بِالْفَرْضِ (وَالْمُتَابَعَةُ) إنَّمَا تَكُونُ (بِعِلْمِهَا) أَيْ صِفَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (فَالْحُكْمُ بِأَنَّ الْمَجْهُولَ كَذَا) أَيْ وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ أَوْ مُبَاحٌ (بِعَيْنِهِ فِي حَقِّهِ كَالْكَرْخِيِّ وَمَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَنَاقِلِ الْوُجُوبِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ) مِنْ وُجُوبِهِ وَهُوَ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: ٧] ثُمَّ قَوْلُهُ فَالْحُكْمُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ (تَحَكُّمٌ بَاطِلٌ يَجِبُ التَّوَقُّفُ عَنْهُ وَنَصَّ عَلَى إطْلَاقِهِمْ) أَيْ الْوَاقِفِيَّةِ (الْفِعْلَ) لِلْأُمَّةِ وَالنَّاصُّ الشَّيْخُ سَعْدُ الدِّينِ فِي التَّلْوِيحِ (وَلَا يُنَافِي) إطْلَاقُهُمْ الْفِعْلَ لِلْأُمَّةِ (الْوَقْفَ) فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَقِّنَا (لِأَنَّهُ) أَيْ مُجَرَّدَ الْإِذْنِ فِي الْفِعْلِ لَيْسَ الْحُكْمَ الَّذِي هُوَ الْإِبَاحَةُ وَإِنَّمَا هُوَ (جُزْءُ الْحُكْمِ) الَّذِي هُوَ الْإِبَاحَةُ إذْ تَمَامُهَا إطْلَاقُ الْفِعْلِ وَإِطْلَاقُ التَّرْكِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ لِأَنَّ الدَّلِيلَ عَلَى مُجَرَّدِ إطْلَاقِ الْفِعْلِ لَا يَدُلُّ عَلَى إطْلَاقِ التَّرْكِ لِجَوَازِ كَوْنِ الثَّابِتِ مَعَ إطْلَاقِ الْفِعْلِ حُرْمَتَهُ أَوْ كَرَاهَتَهُ تَنْزِيهًا فَإِثْبَاتُ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ مِنْهُمَا فِي التَّرْكِ تَحَكُّمٌ (فَلَمْ يُحْكَمْ فِي حَقِّهِ وَلَا حَقِّ الْأُمَّةِ بِحُكْمٍ وَهُوَ) أَيْ إطْلَاقُهُمْ الْفِعْلَ فِي حَقِّهِ وَحَقِّنَا (مُقْتَضَى الدَّلِيلِ لِمَنْعِ شَرْطِ الْعِلْمِ) بِحَالِ الْفِعْلِ (فِي الْمُتَابَعَةِ) فِي جَانِبِ الْفِعْلِ (وَالتَّحَكُّمُ) أَيْ وَمَنْعُ التَّحَكُّمِ فِي جَانِبِ التَّرْكِ
(وَيَجِبُ حَمْلُ الْإِبَاحَةِ عَلَيْهِ) أَيْ إطْلَاقِ الْفِعْلِ (لَا) عَلَى الْمَعْنَى (الْمُصْطَلَحِ) لَهَا وَهُوَ جَوَازُ الْفِعْلِ مَعَ جَوَازِ التَّرْكِ (لِانْتِفَاءِ التَّيَقُّنِ فِيهِ) أَيْ الْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ (وَمِثْلُهُ) أَيْ هَذَا بِعَيْنِهِ (النَّدْبُ) أَيْ جَازَ فِيهِ فَهُوَ (فِي الْقُرْبَةِ عَلَى مُجَرَّدِ تَرْجِيحِ الْفِعْلِ لِنَفْيِ التَّحَكُّمِ) فَإِنَّ الْقُرْبَةَ لَيْسَ مُقْتَضَاهَا إلَّا أَنْ يُرَجَّحَ الْفِعْلُ عَلَى التَّرْكِ وَذَلِكَ يُصَدَّقُ مَعَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ الْمُصْطَلَحِ فَإِثْبَاتُ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ فِي التَّرْكِ تَحَكُّمٌ (وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ كَانَ الْوَقْفُ مَا ذَكَرْنَا انْتَفَى دَفَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِنَا الْمُنْصَبِّ لِلِاقْتِدَاءِ إلَخْ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْوَاقِفَ لَا يَمْنَعُ الِاتِّبَاعَ مُطْلَقًا بَلْ يُجِيزُ الْفِعْلَ وَحِينَئِذٍ (فَدَلِيلُهُمْ) أَيْ الْوَاقِفِيَّةِ (مِنْ غَيْرِهِمْ) جَارٍ (عَلَى لِسَانِهِمْ) لَا لَهُمْ (وَإِنَّمَا) الْمُنَاسِبُ لَهُمْ عَلَى هَذَا أَنْ يُقَالَ (هُوَ) أَيْ دَلِيلُهُمْ (احْتِمَالَاتٌ مُتَسَاوِيَةٌ فَلَا يَتَحَكَّمُ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَمُجَرَّدُ إطْلَاقِ الْفِعْلِ ثَابِتٌ بِمَا ذَكَرْنَا) فَيَجِبُ الْقَوْلُ بِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ
[مَسْأَلَةٌ إذَا عَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه علية وَسَلَّمَ بِفِعْلٍ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ]
(مَسْأَلَةٌ إذَا عَلِمَ) النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِفِعْلٍ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ) أَيْ ذَلِكَ الْفِعْلَ (فَسَكَتَ) عَنْ إنْكَارِهِ حَالَ كَوْنِهِ (قَادِرًا عَلَى إنْكَارِهِ فَإِنْ) كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ (مُعْتَقَدَ كَافِرٍ) أَيْ مِمَّا عُلِمَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنْكِرٌ لَهُ وَتَرَكَ إنْكَارَهُ فِي الْحَالِ لِعِلْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ الْكَافِرَ عَلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ وَبِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ فِي الْحَالِ (فَلَا أَثَرَ لِسُكُوتِهِ) وَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى الْجَوَازِ اتِّفَاقًا (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَقَدَ كَافِرٍ (فَإِنْ سَبَقَ تَحْرِيمُهُ بِعَامٍّ فَنَسْخٌ) لِتَحْرِيمِهِ مِنْهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (أَوْ تَخْصِيصٌ) لَهُ بِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (عَلَى الْخِلَافِ) بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ نَسْخٌ أَوْ تَخْصِيصٌ (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَسْبِقْ تَحْرِيمُهُ (فَدَلِيلُ الْجَوَازِ) لَهُ (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَكُنْ دَلِيلُ الْجَوَازِ لَهُ (كَانَ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ) وَهُوَ غَيْرُ وَاقِعٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي فَصْلِ الْبَيَانِ
(فَإِنْ اسْتَبْشَرَ) النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْفِعْلِ (فَأَوْضَحَ) فِي أَنَّهُ دَلِيلُ الْجَوَازِ (إلَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ اسْتِبْشَارَهُ (عِنْدَهُ) أَيْ الْفِعْلِ (لِأَمْرٍ آخَرَ لَا بِهِ) أَيْ الْفِعْلِ (قَدْ يُخْتَلَفُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي الِاسْتِبْشَارِ (فِي الْمَوَارِدِ وَمِنْهُ) أَيْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ مِنْ الْمَوَارِدِ (إظْهَارُ الْبِشْرِ) أَيْ إظْهَارُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السُّرُورَ (عِنْدَ قَوْلِ) مُجَزِّزٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَزَايَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ الْأُولَى مُشَدَّدَةٌ مَكْسُورَةٌ (الْمُدْلِجِيِّ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ بَنِي مُدْلِجِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ لَهُ صُحْبَةٌ وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ أَنَّهُ شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ لَمَّا «دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ عَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ لَهُ أَقْدَامُ زَيْدٍ وَأُسَامَةَ إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» كَمَا فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ.
قَالَ أَبُو دَاوُد وَكَانَ أُسَامَةُ أَسْوَدَ وَكَانَ زَيْدٌ أَبْيَضَ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ كَانَ أُسَامَةُ مِثْلَ اللَّيْلِ وَكَانَ زَيْدٌ أَبْيَضَ أَحْمَرَ أَشْقَرَ (فَاعْتَبَرَهُ) أَيْ بِشْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ) أَيْ الْمُدْلِجِيِّ (فَأَثْبَتَ) الشَّافِعِيُّ (النَّسَبَ بِالْقِيَافَةِ وَنَفَاهُ) أَيْ ثُبُوتَهَا بِهِ (الْحَنَفِيَّةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute