كَمَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُ حَدِيثٍ لِأَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ لَكِنْ لَا (لِرِوَايَةِ عَائِشَةَ فِعْلُهُ) بَلْ لِقَوْلِهَا «إذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ وَجَبَ الْغُسْلُ» وَإِنْ كَانَ فِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ عَنْهَا بِغَيْرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ بَعْدَ هَذَا اللَّفْظِ «فَعَلْته أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاغْتَسَلْنَا» (أُجِيبَ بِأَنَّ فِيهِ قَوْلًا «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَتَوَارَتْ الْحَشَفَةُ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ وَهْبٍ (وَإِنَّمَا يُفِيدُ) هَذَا الْجَوَابَ (إذَا رَوَتْهُ) أَيْ عَائِشَةُ هَذَا أَوْ مَعْنَاهُ (لَهُمْ) أَيْ لِلصَّحَابَةِ وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ (أَوْ هُوَ) أَيْ الْفِعْلُ الَّذِي رَوَتْهُ عَائِشَةُ مِنْ وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ (بَيَانُ) قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦] وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ أَيْ فَلَمْ يَرْجِعُوا إلَى الْفِعْلِ مِنْ حَيْثُ هُوَ فِعْلُهُ بَلْ إلَى أَمْرِهِ تَعَالَى بِالِاطِّهَارِ لِلْجُنُبِ وَبِالْفِعْلِ ظَهَرَ أَنَّ الْجَنَابَةَ تَثْبُتُ بِهِ كَمَا تَثْبُتُ بِالْإِنْزَالِ فَثَبَتَ بِهِ حُكْمُ الْكِتَابِ وَهُوَ إيجَابُ الْغُسْلِ فَإِذَنْ لَيْسَ هُوَ مِنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ قِسْمِ الْأَفْعَالِ الْبَيَانِيَّةِ (أَوْ تَنَاوُلِهِ) أَيْ وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (إذْ هُوَ) أَيْ الْغُسْلُ (شَرْطُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ وَهُوَ إنَّمَا صَلَّى بَعْدَ الِالْتِقَاءِ بِالْغُسْلِ (أَوْ لِفَهْمِ الْوُجُوبِ مِنْهَا) أَيْ عَائِشَةَ حَيْثُ حَكَتْ فِعْلَهُ وَالِاغْتِسَالَ مِنْهُ (إذْ كَانَ خِلَافُهُمْ فِيهِ) أَيْ فِي وُجُوبِهِ أَيْ أَوْ لِفَهْمِ الْوُجُوبِ مِنْ حِكَايَتِهَا بِقَرِينَةٍ وَهِيَ سُؤَالُهُمْ لَهَا بَعْدَ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْوُجُوبِ إذْ لَوْلَا إشْعَارُ الْجَوَابِ بِهِ لَمَا تَطَابَقَ السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ مِمَّا عُلِمَ صِفَتُهُ فَلَا يَكُونُ مِنْ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ
(قَالُوا) سَابِعًا الْوُجُوبُ (أَحْوَطُ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَمْنِ مِنْ الْإِثْمِ قَطْعًا فَيَجِبُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ (أُجِيبَ بِأَنَّهُ) أَيْ الِاحْتِيَاطَ (فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ التَّحْرِيمَ) عَلَى الْأُمَّةِ (وَفِعْلُهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (يَحْتَمِلُهُ) أَيْ التَّحْرِيمَ عَلَى الْأُمَّةِ (وَرُدَّ) هَذَا (بِوُجُوبِ صَوْمِ) يَوْمِ (الثَّلَاثِينَ) مِنْ رَمَضَانَ (إذَا غُمَّ الْهِلَالُ) لِشَوَّالٍ بِالِاحْتِيَاطِ وَإِنْ احْتَمَلَ كَوْنُهُ حَرَامًا لِكَوْنِهِ يَوْمَ الْعِيدِ (بَلْ الْجَوَابُ) عَنْ أَصْلِ الدَّلِيلِ (أَنَّهُ) أَيْ الِاحْتِيَاطَ إنَّمَا شُرِعَ (فِيمَا ثَبَتَ وُجُوبُهُ كَصَلَاةٍ نُسِيَتْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ) فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْخُمُسُ احْتِيَاطًا (أَوْ كَانَ) ثُبُوتُ الْوُجُوبِ (الْأَصْلَ كَصَوْمِ) يَوْمِ (الثَّلَاثِينَ) مِنْ رَمَضَانَ إذْ الْأَصْلُ بَقَاؤُهُ (النَّدْبُ الْوُجُوبُ يَسْتَلْزِمُ التَّبْلِيغَ) دَفْعًا لِلتَّكْلِيفِ بِمَا لَا يُطَاقُ (وَهُوَ) أَيْ التَّبْلِيغُ (مُنْتَفٍ بِالْفَرْضِ) إذْ الْكَلَامُ فِيمَا وُجِدَ فِيهِ مُجَرَّدُ الْفِعْلِ (وَأُسْوَةٌ حَسَنَةٌ تَنْفِي الْمُبَاحَ) لِأَنَّهَا فِي مَعْرِضِ الْمَدْحِ وَلَا مَدْحَ عَلَى الْمُبَاحِ (فَتَعَيَّنَ النَّدْبُ أُجِيبَ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ) الشَّرْعِيَّةَ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا أَوْ إبَاحَةً (تَسْتَلْزِمُهُ) أَيْ التَّبْلِيغَ فَإِنَّ وُجُوبَ التَّبْلِيغِ يَعُمُّهَا (فَلَوْ انْتَفَى) التَّبْلِيغُ (انْتَفَى النَّدْبُ أَيْضًا وَالْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ حُسْنُ الِائْتِسَاءِ وَيَصْدُقُ) حُسْنُهُ (مَعَ الْمُبَاحِ) لِأَنَّ الْمُبَاحَ حَسَنٌ (قَالُوا) أَيْ النَّادِبُونَ ثَانِيًا (هُوَ) أَيْ النَّدْبُ (الْغَالِبُ مِنْ أَفْعَالِهِ أُجِيبَ بِالْمَنْعِ الْإِبَاحَةُ هُوَ) أَيْ الْمُبَاحُ (الْمُتَيَقَّنُ) لِانْتِفَاءِ الْمَعْصِيَةِ وَالْوُجُوبِ (فَيَنْتَفِي الزَّائِدُ) عَلَيْهَا (لِنَفْيِ الدَّلِيلِ) لَهُ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا (وَجْهُ) قَوْلِ (الْآمِدِيِّ إذَا لَمْ تَظْهَرْ الْقُرْبَةُ) أَيْ قَصْدُهَا فِيهِ (وَإِلَّا) إذَا ظَهَرَ قَصْدُهَا فِيهِ (فَالنَّدْبُ) لِظُهُورِ الرُّجْحَانِ فِيهِ (وَيَجِبُ كَوْنُهُ) أَيْ الْقَوْلُ بِالْإِبَاحَةِ (كَذَا) أَيْ نَدْبًا عِنْدَ ظُهُورِ قَصْدِ الْقُرْبَةِ (لِمَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الْحَنَفِيَّةِ) أَنَّهُمْ قَائِلُونَ بِالْإِبَاحَةِ (بِمِثْلِهِ) أَيْ هَذَا التَّوْجِيهِ (وَهُوَ) أَيْ النَّدْبُ (أَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ مَعَهَا) أَيْ الْقُرْبَةِ (إلَّا أَنْ لَا يُتْرَكَ) ذَلِكَ الْفِعْلُ (مَرَّةً عَلَى أُصُولِهِمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (فَالْوُجُوبُ) يَكُونُ حُكْمَ ذَلِكَ الْفِعْلِ حِينَئِذٍ
(وَالْحَاصِلُ أَنَّ عِنْدَ عَدَمِ ظُهُورِ الْقَرِينَةِ) لِلْقُرْبَةِ (الْمُتَيَقَّنِ الْإِبَاحَةِ وَعِنْدَ ظُهُورِهَا) أَيْ الْقَرِينَةِ لِلْقُرْبَةِ (وُجِدَ دَلِيلُ الزِّيَادَةِ) عَلَى الْإِبَاحَةِ (وَالنَّدْبُ مُتَيَقَّنٌ فَيَنْتَفِي الزَّائِدُ) وَهُوَ الْوُجُوبُ (وَعَدَمُ التَّرْكِ مَرَّةً دَلِيلُ حَامِلِ الْوُجُوبِ الْكَرْخِيُّ جَازَتْ الْخُصُوصِيَّةُ) أَيْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ خَوَاصِّهِ كَمَا جَازَ مُشَارَكَةُ الْأُمَّةِ لَهُ فِيهِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ اخْتِصَاصُهُ بِالْبَعْضِ وَمُشَارَكَةُ الْأُمَّةِ لَهُ فِي الْبَعْضِ (فَاحْتَمَلَ فِعْلُهُ التَّحْرِيمَ) عَلَى الْأُمَّةِ كَمَا احْتَمَلَ الْإِطْلَاقَ لَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ (فَيَمْنَعُ) فِعْلُهُ لَهُمْ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ يُرَجِّحُ أَحَدَ هَذَيْنِ الْجَائِزَيْنِ (الْجَوَابُ أَنَّ وَضْعَ مَقَامِ النُّبُوَّةِ لِلِاقْتِدَاءِ قَالَ تَعَالَى لِإِبْرَاهِيمَ {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: ١٢٤]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute