إسْكَارُ الْخَمْرِ بِحَيْثُ يَكُونُ قَيْدُ الْإِضَافَةِ إلَى الْخَمْرِ مُعْتَبَرًا فِي الْعِلَّةِ لِجَوَازِ اخْتِصَاصِ إسْكَارِهَا بِتَرَتُّبِ مَفْسَدَةٍ عَلَيْهِ دُونَ إسْكَارِ غَيْرِهَا لَا أَنَّ الْعِلَّةَ الْإِسْكَارُ مُطْلَقًا احْتِمَالٌ (لَا يَقْدَحُ فِي الظُّهُورِ كَاحْتِمَالِ خُصُوصِ الْعَامِّ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْ الْمُخَصِّصِ) وَعَدَمِ الْعُثُورِ عَلَيْهِ (فَإِنَّهُ) أَيْ الْعَامَّ (حِينَئِذٍ) أَيْ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْ الْمُخَصِّصِ وَعَدَمِ الْعُثُورِ عَلَيْهِ (ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ التَّخْصِيصِ) فَإِنَّ الظُّهُورَ لَا يَدْفَعُ بِالِاحْتِمَالِ الْغَيْرَ الظَّاهِرَ وَكَيْفَ وَهُوَ لَازِمُهُ (فَبَطَلَ مَنْعُهُ) أَيْ كَوْنُ النَّصِّ عَلَى الْعِلَّةِ مُوجِبًا لِتَعَدِّيَةِ الْحُكْمِ بِهَا (بِتَجْوِيزِ كَوْنِهِ) أَيْ النَّصِّ عَلَى الْعِلَّةِ (لِتُعْقَلَ فَائِدَةُ شَرْعِيَّتِهِ) أَيْ الْحُكْمِ (فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ مَعَ قَصْرِهِ) أَيْ الْحُكْمِ (عَلَيْهِ) أَيْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَإِنَّمَا بَطَلَ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ (وَأَبْعَدُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّجْوِيزِ الْمَذْكُورِ (تَعْلِيلُ كَوْنِهِ) أَيْ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ (بِإِسْكَارِهَا بِأَنَّ حُرْمَةَ الْخَمْرِ لَا تُعَلَّلُ بِكُلِّ إسْكَارٍ) بَلْ بِالْإِسْكَارِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهَا كَمَا ذَكَرَهُ عَضُدُ الدِّينِ وَإِنَّمَا كَانَ أَبْعَدَ (لِأَنَّ الْمُدَّعَى ظُهُورُ) نَحْوِ (حُرْمَتِهَا لِأَنَّهَا مُسْكِرَةٌ فِي التَّعْلِيلِ بِالْإِسْكَارِ الدَّائِرِ فِي كُلِّ إسْكَارٍ دُونَ الْإِسْكَارِ الْمُقَيَّدِ بِالْإِضَافَةِ الْخَاصَّةِ) وَهِيَ الْإِضَافَةُ إلَى الْخَمْرِ (لِتَبَادُرِ الْغَايَةِ) أَيْ خُصُوصِ الْإِضَافَةِ (إلَى عَقْلِ كُلِّ مَنْ فَهِمَ مَعْنَى السُّكْرِ وَاعْتَرَفَ هَذَا الْقَائِلُ) يَعْنِي عَضُدَ الدِّينِ (بِإِفَادَةِ قَوْلِ الطَّبِيبِ لَا تَأْكُلْهُ لِبَرْدِهِ التَّعْمِيمَ) أَيْ الْمَنْعَ مِنْ أَكْلِ كُلِّ بَارِدٍ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ.
(وَهُوَ) أَيْ وَحُرْمَةُ الْخَمْرِ لِأَنَّهَا مُسْكِرَةٌ (مِثْلُهُ) فَيَكُونُ مُفِيدًا مَنْعَ شُرْبِ كُلِّ مُسْكِرٍ (دُونَ) أَنْ يَقُولَ (إنَّ الْمَنْعَ) فِيهِ إنَّمَا هُوَ (مِنْ ذَلِكَ الْبَارِدِ) بِخُصُوصِهِ (وَلَا يُعَلَّلُ) الْمَنْعُ مِنْهُ (بِكُلِّ بُرُودَةٍ) كَمَا قَالَ فِي حُرْمَةِ الْخَمْرِ لِإِسْكَارِهَا لَا تَعْلِيلَ بِكُلِّ إسْكَارٍ بَلْ بِالْإِسْكَارِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهَا (وَفَرَّقَ الْبَصْرِيُّ بِأَنَّ تَرْكَ الْمَنْهِيِّ مُوجِبٌ ضَرَرًا) لِأَنَّ النَّهْيَ الشَّرْعِيَّ الْمُفِيدُ لِلتَّحْرِيمِ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ مُضِرٍّ (فَيُفِيدُ) النَّهْيُ عَنْهُ (الْعُمُومَ) فِي عِلَّتِهِ فَالنَّهْيُ عَنْ أَكْلِ شَيْءٍ لِأَذَاهُ دَالٌّ عَلَى طَلَبِ تَرْكِ أَكْلِ كُلِّ مُؤْذٍ كَقَوْلِ الطَّبِيبِ الْمَذْكُورِ (وَالْفِعْلُ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ) كَالتَّصَدُّقِ عَلَى فَقِيرٍ لِلْمَثُوبَةِ (لَا يُوجِبُ كُلَّ تَحْصِيلٍ) لِكُلِّ مَثُوبَةٍ (لَا يُفِيدُ) مَطْلُوبَهُ (بَعْدَ ظُهُورِ أَنَّهُ) أَيْ النَّصَّ عَلَى الْعِلَّةِ (مِنْ الشَّارِعِ يُفِيدُ إيجَابَ اعْتِبَارِ الْوَصْفِ) لِذَلِكَ الْحُكْمِ (وَيَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ) لِذَلِكَ الْحُكْمِ عَلَى ذَلِكَ الْوَصْفِ (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَكُنْ مُفِيدًا لِاعْتِبَارِهِ وَمُسْتَلْزِمًا لِوُجُوبِ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ (لَزِمَتْ مُخَالَفَةُ اعْتِبَارِهِ) أَيْ الْوَصْفِ (وَهُوَ) أَيْ خِلَافُ اعْتِبَارِهِ (مُضِرٌّ كَالنَّهْيِ وَهَذَا) الْجَوَابُ (تَفْصِيلُ رَدِّ دَلِيلِهِمْ) أَيْ الْجُمْهُورِ وَالظَّاهِرُ رَدُّ تَفْصِيلِ دَلِيلِهِمْ (الْأَوَّلِ) وَهُوَ انْتِفَاءُ الْأَمْرِ بِالتَّعَدِّيَةِ وَالْإِخْبَارِ بِوُجُوبِهَا بِهَا فَإِنَّ إفَادَةَ اعْتِبَارِ الْوَصْفِ بِحَيْثُ يَجِبُ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ إخْبَارُ مَعْنَى بِوُجُوبِهَا.
(وَأَمَّا مَا ذُكِرَ) فِي أُصُولِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ (مِنْ مَسْأَلَةٍ لَا يَجْرِي الْخِلَافُ) فِي جَرَيَانِ الْقِيَاسِ (فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ) بِمَعْنَى أَنَّ ثَمَّ قَائِلًا بِجَرَيَانِهِ فِي جَمِيعِهَا وَقَائِلًا بِامْتِنَاعِهِ فِي بَعْضِهَا (فَمَعْلُومَةٌ مِنْ الشُّرُوطِ) لَهُ لِكَوْنِ حُكْمِ الْأَصْلِ مَعْقُولَ الْمَعْنَى وَكَوْنِ الْفَرْعِ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ حُكْمُ نَصٍّ وَإِجْمَاعٍ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إلَى إفْرَادِ مَسْأَلَةٍ فِيهِ ثُمَّ الَّذِي فِي أُصُولِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَشُرُوحِهِ وَغَيْرِهَا لَا يَجْرِي الْقِيَاسُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ خِلَافًا لِشُذُوذِ الْمُرَادِ وَاحِدٌ (وَيَجِبُ الْحُكْمُ عَلَى الْخِلَافِ الْمَنْقُولِ عَلَى الْإِطْلَاقِ) فِي هَذَا (بِالْخَطَأِ) إذْ لَا خِلَافَ يُنْقَلُ بَلْ وَلَا يُعْقَلُ فِي امْتِنَاعِ جَرَيَانِ الْقِيَاسِ فِي حُكْمٍ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ وَاَلَّذِي فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فِي امْتِنَاعِ جَرَيَانِهِ فِي بَعْضِهَا اتِّفَاقًا عَلَى مَا فِي بَعْضِهَا مِنْ خِلَافٍ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَمَا حَكَى مِنْ شُبْهَةِ الْمُخَالِفِ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ مُتَمَاثِلَةٌ لِشُمُولِ حَدِّ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لَهَا وَقَدْ جَرَى الْقِيَاسُ فِي الْبَعْضِ فَلْيَجْرِ فِي الْكُلِّ لِأَنَّ الْمُتَمَاثِلَاتِ بِحَسَبِ اشْتِرَاكِهَا فِيمَا يَجُوزُ عَلَيْهَا فَسَاقِطٌ لِأَنَّ شُمُولَ الْحَدِّ الْوَاجِبِ لَا يُوجِبُ تَمَاثُلَهَا عَلَى أَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ مُوجِبًا التَّمَاثُلَ لَكَانَ مُسَوِّغًا لِقِيَاسِ كُلِّ شَيْءٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ مَعْلُومُ الْبُطْلَانِ ثُمَّ هَذَا.
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاعْتِرَاضَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقِيَاسِ]
(فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاعْتِرَاضَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقِيَاسِ) وَنَذْكُرُ فِي طَيِّهَا مَا يَرِدُ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا (يَرِدُ عَلَى الْقِيَاسِ أَسْئِلَةٌ مَرْجِعُ مَا سِوَى الِاسْتِفْسَارِ إلَى الْمَنْعِ أَوْ الْمُعَارَضَةِ) لَا جَمِيعِهَا كَمَا أَطْلَقَ غَيْرُ وَاحِدٍ ثُمَّ هَذَا عَلَى مَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْجَدَلِيِّينَ وَوَافَقَهُمْ ابْنُ الْحَاجِبِ لِأَنَّ غَرَضَ الْمُسْتَدِلِّ مِنْ إثْبَاتِ مُدَّعَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute