للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آدَمَ وَمَا شَابَهَهَا قَوْله تَعَالَى {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا} [البقرة: ٣٦] كَمَا أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي نَحْوِ وَكْزِ مُوسَى لَا مُطْلَقًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ

[فَصْلٌ فِي حُجِّيَّةُ السُّنَّةِ]

(فَصْلٌ حُجِّيَّةُ السُّنَّةِ) أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهَا مُفِيدَةً الْفَرْضَ أَوْ الْوُجُوبَ أَوْ الِاسْتِنَانَ (ضَرُورِيَّةٌ دِينِيَّةٌ وَيَتَوَقَّفُ الْعِلْمُ بِتَحَقُّقِهَا) أَيْ حُجِّيَّتِهَا (وَهِيَ) أَيْ السُّنَّةُ (الْمَتْنُ عَلَى طَرِيقِهِ) أَيْ الْمَتْنُ وَقَوْلُهُ (السَّنَدُ) بَدَلٌ مِنْ طَرِيقِهِ وَقَوْلُهُ (الْإِخْبَارُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمَتْنِ (بِأَنَّهُ حَدَّثَ بِهِ) أَيْ بِالْمَتْنِ (فُلَانٌ أَوْ خَلْقٌ) بَدَلٌ مِنْ السَّنَدِ لِأَنَّ بِهِ يُعْرَفُ ثُبُوتُهَا وَعَدَمُهُ، ثُمَّ مَنَازِلُ الثُّبُوتِ ثُمَّ تَعْرِيفُ السَّنَدِ بِهَذَا. ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَعِنْدِي لَوْ قَالَ: طَرِيقُ الْمَتْنِ. كَانَ أَوْلَى وَهُوَ مَأْخُوذٌ إمَّا مِنْ السَّنَدِ مَا ارْتَفَعَ وَعَلَا مِنْ سَفْحِ الْجَبَلِ أَيْ أَسْفَلِهِ لِأَنَّ الْمُسْنَدَ يَرْفَعُهُ إلَى قَائِلِهِ أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ فُلَانٌ سَنَدٌ أَيْ مُعْتَمَدٌ لِاعْتِمَادِ الْحُفَّاظِ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَضَعْفِهِ عَلَيْهِ (وَهُوَ) أَيْ الْمَتْنُ (خَبَرٌ وَإِنْشَاءٌ) وَتَقَدَّمَ وَجْهُ حَصْرِهِ فِيهِمَا فِي أَوَائِلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى (فَالْخَبَرُ قِيلَ لَا يُحَدُّ لِعُسْرِهِ) أَيْ تَحْدِيدِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْحَقِيقِيِّ بِعِبَارَةٍ مُحَرَّرَةٍ جَامِعَةٍ لِلْجِنْسِ وَالْفَصْلِ الذَّاتِيِّ لِأَنَّ إدْرَاكَ ذَاتِيَّاتِ الْحَقِيقَةِ فِي غَايَةِ الْعُسْرِ كَمَا قِيلَ مِثْلُهُ فِي الْعِلْمِ (وَقِيلَ لِأَنَّ عِلْمَهُ) أَيْ الْخَبَرِ (ضَرُورِيٌّ) وَهُوَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ الرَّازِيّ وَالسَّكَّاكِيِّ (لِعِلْمِ كُلٍّ بِخَبَرٍ خَاصٍّ ضَرُورَةً وَهُوَ) أَيْ الْخَبَرُ الْخَاصُّ (أَنَّهُ مَوْجُودٌ وَتَمْيِيزُهُ) أَيْ وَلِتَمْيِيزِ كُلِّ الْخَبَرِ (عَنْ قَسِيمِهِ) الَّذِي هُوَ الْإِنْشَاءُ (ضَرُورَةً) وَلِذَا يُورَدُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَوْضِعِهِ وَيُجَابُ عَنْ كُلٍّ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ وَإِذَا كَانَ الْخَبَرُ الْمُقَيَّدُ الَّذِي هُوَ الْخَاصُّ ضَرُورِيًّا (فَالْمُطْلَقُ) أَيْ الْخَبَرُ الْمُطْلَقُ الَّذِي هُوَ جُزْؤُهُ (كَذَلِكَ) أَيْ ضَرُورِيٌّ بَلْ أَوْلَى لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِ تَصَوُّرِ الْكُلِّ ضَرُورِيًّا مَعَ كَوْنِ تَصَوُّرِ الْجُزْءِ مُكْتَسِبًا لِتَوَقُّفِ تَصَوُّرِ الْكُلِّ عَلَى تَصَوُّرِ الْجُزْءِ وَعَلَى مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ تَصَوُّرُ الْجُزْءِ.

(وَأَوْرَدَ) عَلَى أَصْحَابِ هَذَا الْقَوْلِ (الضَّرُورَةَ تُنَافِي الِاسْتِدْلَالَ) عَلَى كَوْنِهِ ضَرُورِيًّا لِأَنَّ الضَّرُورِيَّ لَا يَقْبَلُ الِاسْتِدْلَالَ (وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ) أَيْ كَوْنَ الضَّرُورِيِّ يُنَافِي الِاسْتِدْلَالَ إنَّمَا هُوَ (عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ) لِلضَّرُورَةِ وَالِاسْتِدْلَالِ (وَلَيْسَ) مَحَلُّهُمَا هُنَا مُتَّحِدًا (فَالضَّرُورِيُّ حُصُولُ الْعِلْمِ بِلَا نَظَرٍ وَكَوْنُهُ) أَيْ الْعِلْمِ (حَاصِلًا كَذَلِكَ) أَيْ عَلَى وَجْهِ الضَّرُورَةِ (غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ حُصُولِهِ بِلَا نَظَرٍ وَهُوَ النَّظَرِيُّ (وَلَوْ أَوْرَدَ كَذَا الْحَاصِلُ ضَرُورَةً يَلْزَمُهُ ضَرُورِيَّةُ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ ضَرُورِيًّا إذْ بَعْدَ حُصُولِهِ) أَيْ ذَلِكَ الْعِلْمِ الْحَاصِلِ ضَرُورَةً (لَا يَتَوَقَّفُ الْعِلْمُ الثَّانِي) وَهُوَ الْعِلْمُ بِكَوْنِ الْعِلْمِ الْحَاصِلِ ضَرُورِيًّا (بَعْدَ تَجْرِيدِ مَفْهُومِ الضَّرُورِيِّ سِوَى عَلَى الِالْتِفَاتِ) أَيْ اسْتِحْضَارِ مَفْهُومِ الضَّرُورِيِّ وَهُوَ مَا يَحْصُلُ بِلَا نَظَرٍ (وَتَطْبِيقِ) هَذَا (الْمَفْهُومِ) عَلَى الْعِلْمِ الْحَاصِلِ فَيَجِدُهُ حَصَلَ بِلَا نَظَرٍ فَيَعْلَمُ كَوْنَهُ ضَرُورِيًّا وَهُوَ الْعِلْمُ الثَّانِي (وَلَيْسَ) هَذَا (النَّظَرُ) فَإِنَّ تَجْرِيدَ الطَّرَفَيْنِ وَتَوَجُّهَ النَّفْسِ مِمَّا يَلْزَمُ فِي كُلٍّ ضَرُورِيٌّ (كَانَ) هَذَا الْإِيرَادُ (لَازِمًا فَالْحَقُّ أَنَّهُ) أَيْ الدَّلِيلُ الْمَذْكُورُ.

(تَنْبِيهٌ) عَلَى خَفَائِهِ ثُمَّ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ لَمَّا كَانَ مِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ الْجَوَابَ هُنَا كَالْجَوَابِ عَنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ الْعِلْمُ لَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ لِأَنَّ كُلًّا يَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ مَوْجُودٌ وَالْمُطْلَقُ جُزْءٌ إلَخْ وَهُوَ أَنَّ الْعِلْمَ حَاصِلٌ هُنَا مُتَعَلِّقًا بِغَيْرِهِ وَالْحُصُولُ لَا يَسْتَلْزِمُ تَصَوُّرَ الْحَاصِلِ فَيُعْرَفُ لِيَصِيرَ بِنَفْسِهِ مُتَصَوَّرًا فَأَجَابَ هُنَا كَذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ مَاهِيَّةَ الْخَبَرِ حَاصِلٌ فِيمَا ذَكَرْت مِنْ الْمِثَالِ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ فَيُحَدُّ لِيَصِيرَ مُتَصَوَّرًا وَرَأَى الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ هُنَا لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْخَبَرِ الَّذِي هُوَ مُتَعَلِّقُ الْعِلْمِ لَا فِي نَفْسِ الْعِلْمِ فَقَوْلُنَا يَعْلَمُ كُلٌّ أَنَّهُ مَوْجُودٌ يُبَيِّنُ أَنَّ مَضْمُونَ أَنَا مَوْجُودٌ وَهُوَ الْخَبَرُ تَعَلَّقَ بِهِ الْعِلْمُ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ إنَّهُ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ أَصْلًا بَعْدَ فَرْضِ أَنَّهُ مَعْلُومٌ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يُقَالَ تَعَلَّقَ بِهِ بِوَجْهٍ وَالْحَدُّ لِإِرَادَةِ الْعِلْمِ بِحَقِيقَتِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَالْجَوَابُ أَنَّ تَعَلُّقَ الْعِلْمِ بِهِ) أَيْ بِالْخَبَرِ (بِوَجْهٍ لَا يَسْتَلْزِمُ تَصَوُّرَ حَقِيقَتِهِ) أَيْ الْخَبَرِ (ضَرُورَةً) وَتَصَوُّرُ حَقِيقَتِهِ هُوَ الْمُرَادُ بِالتَّعْرِيفِ ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ اخْتَارَ أَنَّ الْخَبَرَ ضَرُورِيٌّ فَقَالَ (وَالظَّاهِرُ أَنَّ إعْطَاءَ اللَّوَازِمِ) أَيْ إعْطَاءَ كُلِّ أَحَدٍ لَازِمَ الْخَبَرِ لِلْخَبَرِ وَلَازِمَ الْإِنْشَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>